برلين تحذر من "حرب تجارية" مع واشنطن وباريس تسعى لحل الخلاف
٣ ديسمبر ٢٠٢٢
حذر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر من حرب تجارية مع واشنطن بسبب قانون "مكافحة التضخم" الأمريكي، في حين أكد ماكرون من واشنطن رغبة الأوروبيين في "تسوية" الخلاف مع الأمريكيين، عقب وصف خطوات واشنطن بـ"شديدة العدائية".
إعلان
انتقد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر السياسة الاقتصادية الأمريكية على خلفية قانون مكافحة التضخم الأمريكي، محذرًا في الوقت نفسه من اندلاع حرب تجارية مع الولايات المتحدة.
وقال ليندنر في تصريحات لصحيفة "فيلت آم زونتاغ" الألمانية، تنشرها في عددها غدًا الأحد (الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2022): "الولايات المتحدة شريكنا في القيم، ولكن في نفس الوقت هناك سياسة اقتصادية حمائية ضخمة"، مضيفًا أنه يتعين لذلك على الحكومة الألمانية أن تمثل المصالح الألمانية في واشنطن وأن تشير إلى العواقب السلبية على ألمانيا جراء هذه السياسة.
وذكر ليندنر أنه، على عكس الاقتصاد الفرنسي، يرتبط الاقتصاد الألماني ارتباطًا وثيقًا بالسوق الأمريكية، وقال: "لهذا السبب لا يمكن لألمانيا أن تكون لديها أي مصلحة في حرب تجارية، ولكن عليها أن تعتمد على الدبلوماسية الاقتصادية".
وينص قانون مكافحة التضخم الأمريكي على استثمارات بالمليارات في حماية المناخ. وترتبط الإعانات والإعفاءات الضريبية بالشركات التي تستخدم المنتجات الأمريكية أو تنتج في الولايات المتحدة. وهناك انتقادات كثيرة لهذا الأمر في أوروبا.
وفي المقابل، دعا ليندنر إلى اتخاذ القانون كفرصة لتحسين القدرات التنافسية، وقال: "إذا نظرت إلى الأمر بوضوح ستدرك أن المتطلبات المتزايدة باستمرار من الاتحاد الأوروبي للاقتصاد فيما يتعلق بأسعار الطاقة لا تقل خطورة عن تشويه الولايات المتحدة للمنافسة". وأعلن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك عن "رد قوي" من قبل الاتحاد الأوروبي على القانون الأمريكي.
ماكرون يأمل في حل الخلاف
وأثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القضية خلال زيارته الرسمية للولايات المتحدة، وحذر من أن القانون سيخلق فوارق كبيرة لن تدفع العديد من الشركات للاستثمار في أوروبا، ما يهدد بانقسام الغرب. وأعرب ماكرون الجمعة عن رغبته في "تسوية" مسألة "الإعفاءات" التجارية التي يطلب الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة إدراجها في خطتها الخاصة بالمناخ بحلول الربع الأول من عام 2023.
وقال ماكرون للصحافة في نيو أورلينز غداة لقائه نظيره الأمريكي جو بايدن في واشنطن: "بالنسبة لي، بحلول بداية العام المقبل، يجب أن نكون قد تمكنا من تسوية هذا الموضوع". وكان ماكرون قد اعتبر عشية زيارته البيت الأبيض أن الإعانات الضخمة والإعفاءات الضريبية المقدمة للسيارات الكهربائية والبطاريات ومشاريع الطاقة المتجددة المصنوعة في الولايات المتحدة "شديدة العدائية".
وتبلغ قيمة الإجراءات الواردة في قانون الحد من التضخم الذي اقترحه بايدن وأقر في الصيف الماضي 420 مليار دولار. وسبق أن أبدت فرنسا أملها في الحصول على إعفاءات.
وأبدى الرئيس الأمريكي الخميس استعداده لتصحيح "عيوب" في القانون، دون أن يذكر بوضوح أي استثناءات أو تنازلات. واعتبر ماكرون أن "خطابه الصادق مع الرئيس بايدن" قد أتى بثماره، وقال: "كان من واجبي أن أقول (هذا الخطاب) باسم أوروبا، ليس فقط باسم فرنسا"، مشيرًا إلى أن واشنطن لم تناقش القانون مع الاتحاد الأوروبي قبل سنّه.
بروكسل تهدد بالتوجه إلى منظمة التجارة العالمية!
وأعربت العديد من الأصوات الأوروبية عن القلق بشأن تداعيات قانون خفض التضخم الأمريكي على الصناعة الأوروبية. ومن بين القلقين المفوض الأوروبي للسوق الداخلية تييري بروتون الذي كان قد هدد في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر "بالتوجه إلى منظمة التجارة العالمية".
وتابع ماكرون: "الآن يتحدث الجميع عن الأمر، إنه أمر جيد. الهدف هو أن يكون لدى الاتحاد الأوروبي (...) إعفاءات. ما حاولت إظهاره للرئيس (بايدن)، أن ذلك مفيد للولايات المتحدة الأمريكية ومفيد لنا". ورأى أن النقاشات تتجه نحو إقرار "إعفاءات" لصالح "ما تُنتِجه" الصناعة الأوروبية "على غرار تلك التي حصلت عليها دولتان من المنطقة"، في إشارة إلى كندا والمكسيك.
شبح التضحم في الاقتصاد الأمريكي
07:47
واختتم ماكرون الجمعة زيارة دولة للولايات المتحدة استمرت ثلاثة أيام، بجولة في مدينة نيو أورلينز التي تُشكّل رمزًا للعلاقات الفرنسيّة الأمريكيّة التاريخيّة وروّج فيها للفرنكوفونيّة. وغداة استقبال حافل في البيت الأبيض كرّس "صداقة" الرئيس الفرنسي مع نظيره الأمريكي جو بايدن، أمضى ماكرون أقل من 24 ساعة في المدينة الواقعة قي ولاية لويزيانا بجنوب شرق البلاد.
وازدادت التوترات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعد تمرير الكونغرس في الصيف خطة المناخ التي وضعها بايدن وتنص على استثمار 420 مليار دولار، جزء كبير منها في شكل إعانات وتخفيضات ضريبية لا سيما على السيارات الكهربائية والبطاريات ومشاريع الطاقة المتجددة التي تحبذ كل ما هو مصنوع في الولايات المتحدة.
وأثارت هذه الخطة غضب بروكسل والعواصم الأوروبية التي ترى في هذه الإعانات المختلفة إجراءات "تمييزية" و"مخالفة لقواعد منظمة التجارة العالمية". وهي لهجة "هجومية" اعتبرت أوساط الرئيس الفرنسي أنه "لا بد منها"، لأن الأمريكيين لا يدركون أن هذه الاستثمارات يمكن أن تضعف الصناعات الأوروبية.
م.ع.ح/ع.ج.م (د ب أ ، أ ف ب)
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.