برلين تعلن فشل الوساطة.. وأردوغان يتهم الأوروبيين بـ"العمى"
٧ ديسمبر ٢٠٢٠
فيما أعلنت برلين فشل جهود الوساطة، دعا الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي إلى التخلي عن "العمى الاستراتيجي" بشأن شرق البحر المتوسط، عارضا "صيغة رابحة للجميع". يأتي ذلك في وقت يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على أنقرة.
إعلان
أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن الجهود الألمانية لتخفيف التوتر في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا باءت بالفشل حتى الآن. وقال ماس اليوم الاثنين (السابع من ديسمبر/كانون الأول 2020) على هامش محادثات مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، والذي سيتطرق إلى التوترات المستمرة مع تركيا،: "في الأشهر القليلة الماضية، حاولت ألمانيا جاهدة إيجاد طريقة لدفع الحوار مع تركيا"، مضيفا أنهبسبب التوترات بين تركيا وقبرص واليونان لم يكن من الممكن للأسف بدء محادثات مباشرة. وقال ماس: "كانت هناك استفزازات كثيرةللغاية"، مضيفا أنه سيُجرى لذلك مناقشة العواقب. ومن المتوقع اتخاذ قرار بشأن كيفية المضي قدما مع تركيا خلال قمة الاتحاد الأوروبي يومي الخميس والجمعة المقبلين. وقرر قادة الاتحاد مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي إجراء تقييم لسياسة الاتحاد تجاه تركيا.
وفي الوقت نفسه، تم الاتفاق على استخدام جميع الأدوات والخيارات الممكنة في حالة اتخاذ تركيا إجراءات منفردة جديدة - والتي يمكن أن تشمل أيضا عقوبات جديدة. ومن أجل منع تركيا من القيام بذلك، فقد وعد الاتحاد أيضا بتعاون أوثق مع تركيا في حالة هدوء نزاعها مع دولتي الاتحاد، اليونان وقبرص.
أردوغان يدعو للتخلي عن "العمى الاستراتيجي"
من ناحيته دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الاتحاد الأوروبي "أن يتخلص بسرعة من العمى الاستراتيجي وألّا يتصرف حيال شرق المتوسط حسب أهواء اليونان وقبرص"، وفقا لوكالة "الأناضول" التركية. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده "لن ترضخ للتهديدات أو الابتزاز" لكنه كرر دعوته لتفاوض على المطالبات المتعارضة بشأن الجرف القاري والحقوق في موارد الطاقة.
وأوضح أردوغان أن "تركيا التي تمتلك أطول شريط ساحلي على البحر المتوسط لا يمكنها أن تكتفي بمقعد المتفرج على تطورات المنطقة". وأضاف أن بلاده "ذكرت بكل وضوح أنها لن تعترف بالمخططات والخرائط الرامية إلى حبسها بسواحل أنطاليا". وأشار إلى أن تركيا لا تسعى للتصعيد في شرق المتوسط، بل تعمل على حل الخلافات بالتعاون وبشكل عادل. وأردف: "حل قضايا البحر المتوسط لا يكون بإقصاء بعضنا وإنما بجمع كافة الفاعلين في المنطقة على طاولة المفاوضات".
بيد أن الرئيس التركي يرىإمكانية للتوصل إلى "صيغة تكون رابحة للجميع" في الخلاف الدائر مع اليونان حول ثروات المتوسط. وأضاف " اعتقد أنه يمكننا التوصل إلى صيغة تحفظ حق الجميع". وجدد اردوغان الدعوة لـ"جمع كافة الأطراف حول طاولة المفاوضات" بما في ذلك "جمهورية شمال قبرص التركية" التي لا تعترف بها سوى أنقرة. وقال "أدعو كل دول الجوار في المتوسط وخصوصا اليونان لكي لا ترى هذه المسألة لعبة خاسرة".
ويدور خلاف بين اليونان وتركيا البلدين الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بشأن المنطقة البحرية شرق المتوسط الغنية بموارد الطاقة بما في ذلك الغاز الطبيعي. وأثارت تركيا غضب اليونان بإرسال سفينة استكشاف وزوارق من البحرية إلى مياه متنازع عليها.
لكن اليونان أصرت على ضرورة وقف تركيا عمليات الاستكشاف قبل بدء التفاوض.
ولا يتفق جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي على جدوى العقوبات، إذ يخشى البعض من أن تصعيد المواجهة قد يحمل حكومة اردوغان مجددا على السماح لطالبي اللجوء بمغادرة تركيا لدخول الاتحاد الأوروبي.
ع.ج.م/ (د ب أ، أ ف ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP