برلين تلجأ لـ"لعدل الأوروبية" حول إعادة المهاجرين على الحدود
محي الدين حسين د ب أ، ك ن أ
٧ يونيو ٢٠٢٥
بعد حكم قضائي ألماني بعدم قانونية إجراءات الحكومة برفض دخول طالبي اللجوء على الحدود، أكد وزير الداخلية سعي الحكومة للحصول على حكم من محكمة العدل الأوروبية، مجددًا التأكيد على عزم برلين "الحد" من الهجرة غير النظامية.
محكمة في برلين قضت بأن رفض دخول طالبي اللجوء على الحدود غير قانونيصورة من: Florian Wiegand/Eibner-Pressefoto/picture alliance
إعلان
قال وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت إن برلين ستسعى للحصول على حكم من محكمة العدل الأوروبية بشأن قانونية إعادة المهاجرين عند حدود ألمانيا، حيث تواصل حكومته الدفاع عن ضوابط الهجرة الأكثر صرامة.
وصرح دوبريندت لصحف مجموعة "فونكه" الإعلامية في تصريحات نشرت اليوم السبت (السابع من حزيران/يونيو 2025) أن ألمانيا ستقدم مبررات إضافية لتفعيل المادة (72) -وهي عبارة عن بند خاص بموجب قانون الاتحاد الأوروبي يسمح باستثناءات من قواعد اللجوء في حالات الطوارئ- بعدما شككت محكمة في برلين في الأساس القانوني لرفض الحكومة دخول مهاجرين عند الحدود.
وقال دوبريندت: "سنقدم تبريرًا كافيًا، لكن يجب على محكمة العدل الأوروبية أن تقرر في المسألة"، مضيفًا "أنا مقتنع بأن أفعالنا تتوافق مع القانون الأوروبي". وأشار دوبريندت إلى ضرورة "إحداث تحول في سياسة الهجرة" لوقف استغلال هذا الملف من قبل حزب البديل اليميني المصنف متطرفًا من قبل الاستخبارات الداخلية الألمانية.
وجدد الوزير تأكيده أنه لن يطرح أي مقترح "لإلغاء حق اللجوء الفردي"، مضيفًا أن هدفه هو التمكن قريبًا من إلغاء ضوابط الحدود الداخلية في أوروبا تمامًا، وقال: "الشرط الأساسي هو حماية فعالة للحدود الخارجية لأوروبا".
وقضت المحكمة الإدارية في برلين يوم الاثنين الماضي بأن إعادة ثلاثة مواطنين صوماليين عند نقطة تفتيش حدودية في "فرانكفورت آن دير أودر" في التاسع من أيار/مايو كان غير قانوني، حيث لم تقم السلطات ببدء إجراءات اللجوء المناسبة وبدلًا من ذلك أعادتهم إلى بولندا دون اتباع ما يسمى بنظام دبلن للاتحاد الأوروبي.
برلين مصرة على تعليق لم شمل عوائل لاجئين
وفي أول مداولات البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاغ) بشأن خطط تعليق لم شمل العائلات للأشخاص الحاصلين على حماية ثانوية، أكد دوبريندت تمسكه بالحد من الهجرة غير النظامية. وقال الوزير المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري أمس الجمعة: "لا يمكن حل مشكلة الهجرة غير النظامية بضغطة زر واحدة"، مؤكدًا أن الأمر يتطلب اتخاذ العديد من التدابير على المستويين الوطني والأوروبي، والتي تطبقها الحكومة الألمانية حاليًا تدريجيًا.
إعلان
وأثارت تصريحات الوزير انتقادات من قبل حزبي الخضر واليسار. وقالت النائبة البرلمانية عن الخضر، شاهينا غامبر، إن لم شمل العائلات ليس هجرة غير شرعية، بل عملية منظمة تحدد من يأتي إلى ألمانيا، مضيفة أن من يسد الطرق القانونية يعزز أعمال المهربين، منتقدة خطط الإصلاح قائلة: "العائلات مكانها أن تكون سويًا".
ووصفت النائبة من الحزب "اليسار"، كلارا بونغر، مشروع القانون الذي قدمه الائتلاف الحاكم، المكون من التحالف المسيحي المحافظ والحزب الاشتراكي الديمقراطي، بأنه "معاد للمسيحية" و"معاد للأسرة"، مضيفة أنه يدفع الناس إلى الهجرة غير الشرعية بدلًا من إيجاد مسارات قانونية.
وتجدر الإشارة إلى أن لم شمل العائلات للأشخاص ذوي الحماية الثانوية مقيد بالفعل باستقبال ألف قريب إجمالًا شهريًا، على عكس اللاجئين الآخرين الحاصلين على حق اللجوء التام. ووفقًا لمشروع قانون الائتلاف الحاكم، سيجرى تعليق لم الشمل لهذه الفئة من اللاجئين بالكامل لمدة عامين. وفقط في "حالات العسر"، يسمح لمن حصلوا على الحماية الفرعية - ويندرج العديد من السوريين ضمن هذه الفئة - بإحضار أزواجهم وأطفالهم القصر، أو إحضار والديهم في حالة القصر غير المصحوبين بذويهم.
ويقترح مشروع القانون، الذي لا يزال قيد المناقشة في البرلمان، إعادة إدراج هدف "الحد" من الهجرة في القانون. وكانت الحكومة الألمانية السابقة قد ألغت هذا المصطلح من قانون الإقامة.
تحرير: خ.س
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.