قالت ألمانيا على لسان رئيسها إنها لن تهنئ فلادمير بوتين على فوزه بولاية رئاسية جديدة في روسيا، فيما تباينت ردود الفعل الغربية والدولية بشأن هذا الفوز "الساحق" لبوتين، فوز سيعزز بلا شك من قبضته الحديدية على البلاد.
إعلان
قال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إنه لن يهنئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إعادة انتخابه بولاية رئاسية جديدة، حسبما ذكرت المتحدثة باسمه لصحيفة "تاغشبيغل" الصادرة في برلين. ونقلت الصحيفة عن المتحدثة سيرستن غاملين قولها أمس (الأحد 17 مارس / آذار 2024) "لن تكون هناك رسالة إلى بوتين". وقال شتاينماير في منشور عبر منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، تويتر سابقا "أنا أفكر اليوم في المواطنين في روسيا الذين يناضلون من أجل الحرية والديمقراطية والذين يعيشون في خطر مستمر بسبب نظام بوتين. لن ننسى هؤلاء الأشخاص الشجعان". وكان شتاينماير قد هنأ بوتين في الانتخابات الرئاسية الروسية السابقة عام 2018.
وكانت وزارة الخارجية الألمانية قد أفادت في وقت سابق عبر منصة إكس: "الانتخابات الزائفة في روسيا ليست حرة ولا نزيهة، والنتيجة لن تكون مفاجئة لأحد، وذكرت أنالينا بيربوك الاثنين أن إعادة انتخاب فلاديمير بوتين تمت في عملية اقتراع "دون خيار" آخر بعد قمع كل أشكال المعارضة.
بالنسبة لبوتين، الضابط السابق بجهاز المخابرات السوفيتية، الذي صعد إلى السلطة لأول مرة في عام 1999، فإن فوزه في الانتخابات الرئاسية يؤكد أنه ينبغي لزعماء الغرب أن ينتبهوا إلى أن روسيا ستكون أكثر جرأة سواء في السلم أو الحرب لسنوات عديدة مقبلة. وتعني النتائج أن بوتين (71 عاما) سيضمن بسهولة فترة رئاسية جديدة مدتها ست سنوات ستجعله يتفوق على جوزيف ستالين ليصبح أطول زعماء روسيا بقاء في المنصب منذ أكثر من 200 عام.
روسيا تحث المناطق المحتلة على التصويت
01:38
وذكر استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أجرته مؤسسة الرأي العام (إف.أوه.إم) أن بوتين فاز بنسبة 87.8 بالمئة من الأصوات وهي أعلى نتيجة على الإطلاق في روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي. ومنح مركز أبحاث الرأي العام الروسي بوتين 87 بالمئة من الأصوات. وتشير النتائج الأولية الرسمية إلى دقة نتائج استطلاعات الرأي.
غياب الحرية والنزاهة
قالت الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وغيرها من البلدان الغربية إن الانتخابات لم تكن حرة ولا نزيهة بسبب سجن المعارضين السياسيين والرقابة. واعتبر جوزيب بوريل مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن إعادة انتخاب بوتين استندت الى "القمع والترهيب"، فيما اتهم وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس، بوتين، بالتصرف مثل "ستالين العصر الحديث". أما فرنسا فقالت إن "الظروف لانتخابات حرة" لم تكن متوافرة في روسيا في غياب أي معارضة جدية. وحيّت باريس "شجاعة العديد من المواطنين الروس الذين عبّروا سلميا عن معارضتهم للمسّ بحقوقهم السياسية الأساسية".
وأظهرت النتائج أن المرشح الشيوعي نيكولاي خاريتونوف جاء في المركز الثاني بنسبة تقل قليلا عن أربعة بالمئة بينما حل الوافد الجديد فلاديسلاف دافانكوف في المركز الثالث، وجاء المرشح القومي المتطرف ليونيد سلوتسكي في المركز الرابع.
وفي استلهام للزعيم المعارض ألكسي نافالني، الذي توفي في أحد السجون بمنطقة القطب الشمالي الشهر الماضي، احتج الآلاف من المعارضين وقت الظهيرة ضد بوتين في مراكز التصويت داخل روسيا وخارجها. وصرح بوتين للصحفيين بأنه يعتبر الانتخابات الروسية ديمقراطية، وقال إن الاحتجاج المستلهم من نافالني ضده لم يكن له أي تأثير على نتيجة الانتخابات.
وفي أول تعليقاته على وفاته، قال أيضا إن وفاة نافالني كانت "حدثا حزينا"، وأكد أنه كان مستعدا لعملية تبادل سجناء تشمل السياسي المعارض.
نافالني.. محطات من النضال ضد بوتين
توفي المعارض الروسي أليكسي نافالني في سجنه بالقطب الشمالي، في ما يأتي محطّات توثّق نضال أحد أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث عانى من السجن والمحاكمات والملاحقة المستمرة.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
الكشف عن ثروات نخب الكرملين
في عام 2011 أنشأ المعارض الروسي أليكسي نافالني مؤسسة مناهضة للفساد استقطبت أعدادا كبيرة من المناصرين مع كشفها عن الثروات الكبرى للنخب الموالية للكرملين. وفي شتاء 2011-2012 قاد نافالني تحرّكات احتجاجية كبرى على إثر انتخابات برلمانية فاز فيها حزب "روسيا الموحدة" بزعامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في استحقاق شابته اتّهامات بالتزوير. وتم اعتقاله وسجنه لمدة 15 يوماً بتهمة "تحدي مسؤول حكومي".
صورة من: dapd
احتجاجات حاشدة
في مارس/ آذار 2012 شارك نافالني في الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في موسكو ومناطق أخرى من روسيا في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين. واتهم نافالني شخصيات رئيسية، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء آنذاك إيغور شوفالوف والزعيم الشيشاني القوي رمضان قديروف، بالفساد.
صورة من: Reuters
انتخابات بلدية موسكو
وفي 2013 حلّ نافالني ثانيا في انتخابات رئاسة بلدية موسكو خلف رئيسها المنتهية ولايته والمدعوم من الكرملين سيرغي سوبيانين. واتّهم نافالني سوبيانين بتزوير الانتخابات في عدد من مراكز الاقتراع، لكن مطالباته بإعادة فرز الأصوات رفضت.
صورة من: picture-alliance/dpa
اعتقال بتهمة الاحتيال
في يوليو/ تموز 2013 أيضاً أدين نافالني بتهمة الاحتيال على السلطات في قضية كيروفليس بمنطقة كيروف في صفقة أخشاب بقيمة 16 مليون روبل (500 ألف دولار)، أثناء عمله مستشارا للحاكم. ونفى نافالني صحّة هذه الاتهامات وقال إنها محاولة لإسكاته.
وحكمت عليه محكمة كيروف بخمس سنوات، لكن النيابة طلبت إطلاق سراحه من الحبس بانتظار استئناف الحكم، ومواصلة حملته الانتخابية.
صورة من: Reuters
إقامة جبرية
في شباط/ فبراير 2014 وضعت السلطات الروسية نافالني تحت الإقامة الجبرية فيما يتعلق بقضية شركة "إيف روشيه" ومنعه من استخدام الإنترنت. لكنه استمر في تحديث مدونته بانتظام، من خلال فريقه على الأرجح، حيث عمل على نشر تفاصيل الفساد المزعوم للعديد من المسؤولين الروس.
صورة من: Reuters
اسئتناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
في كانون الأول/ ديسمبر 2014 أُدين نافالني وشقيقه أوليغ بتهمة الاحتيال في قضية "إيف روشيه". وتلقى نافالني حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ، بينما حُكم على شقيقه بالسجن. وقام كلاهما بالاستئناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
صورة من: Reuters/M. Zmeyev
تشايكا.. النورس
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 نشرت مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد أول فيديو طويل لها، وهو فيلم وثائقي على موقع يوتيوب بعنوان "تشايكا"، وهو ما يعني "النورس" بالروسية ولكنه أيضاً الاسم الأخير للمدعي العام آنذاك يوري تشايكا. ويتهمه الفيديو الذي تبلغ مدته 44 دقيقة، بالفساد وارتباطاته المزعومة بجماعة إجرامية سيئة السمعة، وحصد 26 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب. ونفى تشايكا ومسؤولون روس آخرون هذه الاتهامات.
صورة من: chaika.navalny.com
انتهاك الحق في محاكمة عادلة
في شباط/ فبراير 2016 أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً ينص على أن روسيا انتهكت حق نافالني في محاكمة عادلة في قضية "كيروفليس"، وأمرت الحكومة بدفع التكاليف القانونية والتعويضات.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
خمس سنوات سجن مع وقف التنفيذ
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ألغت المحكمة العليا في روسيا الحكم على نافالني وأعادت القضية إلى المحكمة الأصلية في مدينة كيروف للمراجعة. لكن في شباط/ فبراير 2017 أعادت محكمة كيروف محاكمة نافالني لتؤيد في النهاية الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع وقف التنفيذ اعتبارا من عام 2013.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
حياة مترفة
في آذار/ مارس 2017 نشر نافالني مقطع فيديو تناول فيه الحياة المترفة التي يعيشها رئيس الوزراء حينها ديمتري مدفيديف، وثروته العقارية متطرقا إلى منزل فخم يملكه وفيه مزرعة للبط وسط بحيرة، ما أدى إلى تظاهرات مندّدة. ومُنع نافالني من الترشحّ للرئاسة في مواجهة بوتين بسبب إدانته بتهمة الاختلاس. وحضّ نافالني الروس على مقاطعة الانتخابات التي أفضت، رغم جهود المعارض، إلى فوز بوتين بولاية رابعة.
صورة من: picture-alliance/AP/Sputnik/A. Astafyev
تصويت ذكي
في تموز/ يوليو 2019 مُنع أعضاء فريق نافالني، إلى جانب نشطاء معارضين آخرين، من الترشح لمجلس مدينة موسكو، مما أثار احتجاجات تم تفريقها بعنف، مع اعتقال الآلاف. واستجاب فريق نافالني من خلال الترويج لاستراتيجية "التصويت الذكي"، وتشجيع انتخاب أي مرشح باستثناء مرشحي حزب "روسيا الموحدة" التابع للكرملين. وقد نجحت هذه الاستراتيجية، حيث خسر الحزب أغلبيته.
صورة من: Imago Images/TASS/S. Bobylev
تسمم على متن طائرة!
20 آب/ أغسطس 2020 أُصيب نافالني حين كان مسافراً على متن رحلة جوية من مدينة تومسك مع نشطاء محليين، بوعكة صحية وقامت الطائرة بهبوط اضطراري في أومسك القريبة. دخل المستشفى في غيبوبة، واشتبه فريق نافالني في أنه تعرض للتسمم.
صورة من: picture-alliance/AP/E. Sofiychuk
غاز أعصاب سوفييتي
في 22 من آب/ أغسطس 2020 نُقل نافالني في غيبوبة إلى مستشفى في برلين. وأكدت السلطات الألمانية بعدها بقليل تعرض نافالني للتسمم بغاز أعصاب يعود إلى الحقبة السوفيتية. وبعد أن تعافى من آثاره وجه المعارض الروسي الاتهام إلى الكرملين، ما نفاه مسؤولون روس.
صورة من: picture-alliance/AP/Gluchinskiy
الاعتقال مجدداً
بعد خمسة أشهر من العلاج والإقامة في ألمانيا قرر نافالني العودة إلى بلاده حيث أُلقي عليه القبض منتصف كانون الثاني/ يناير 2021 فور عودته. وزعمت السلطات أن رحلته للعلاج خارج روسيا انتهكت شروط عقوبته مع وقف التنفيذ في قضية "إيف روشيه". وأثار اعتقاله واحدة من أكبر الاحتجاجات في روسيا منذ سنوات، حيث تم القبض على الآلاف.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
إضراب عن الطعام
في مطلع شباط/ فبراير 2021 أمرت محكمة في موسكو بسجن نافالني لعامين ونصف العام بسبب انتهاكه للإفراج المشروط. أثناء وجوده في السجن، بدأ نافالني إضراباً عن الطعام لمدة ثلاثة أسابيع احتجاجاً على نقص العلاج الطبي والحرمان من النوم.
صورة من: Moscow City Court Press Service/TASS/dpa/picture alliance
تسمم ببطء
في عام 2023 وقع أكثر من 400 طبيب روسي رسالة مفتوحة إلى بوتين، يحثون فيها على إنهاء ما يسمونه إساءة معاملة نافالني، بعد تقارير تفيد بحرمانه من الأدوية الأساسية بعد إصابته بالأنفلونزا. وقال فريقه إن نافالني عانى من آلام حادة في المعدة وسط شبهات في تعرضه للتسمم ببطء.
صورة من: Yulia Morozova/REUTERS
16 صورة1 | 16
ظلال الحرب في أوكرانيا
وتأتي الانتخابات بعد ما يزيد قليلا على عامين منذ أطلق بوتين شرارة أعنف صراع أوروبي منذ الحرب العالمية الثانية عندما أمر بغزو أوكرانيا. وخيمت أجواء الحرب على الانتخابات التي استمرت ثلاثة أيام وجهت خلالها أوكرانيا هجمات متكررة على مصاف روسية للنفط، وقصفت مناطق روسية أخرى، وسعت عبر وكلاء لاختراق الحدود الروسية في تطور قال بوتين إنه لن يمر دون عقاب.
ورغم أن إعادة انتخاب بوتين لم تكن موضع شك نظرا لسيطرته على روسيا وغياب أي منافسين حقيقيين، فإن رجل المخابرات السابق أراد أن يُظهر أنه يحظى بدعم ساحق من الروس. وقال مسؤولو الانتخابات إن نسبة المشاركة على مستوى البلاد بلغت 74.22 بالمئة بحلول الساعة 18.00 بتوقيت غرينتش عندما أغلقت مراكز الاقتراع، متجاوزة مستويات 2018 البالغة 67.5 بالمئة.
ولم يتسن الحصول على إحصاء مستقل لعدد المشاركين في الاحتجاجات في ظل إجراءات أمنية مشددة للغاية شملت عشرات الآلاف من أفراد الشرطة. ويصل عدد الناخبين المؤهلين للتصويت في روسيا إلى 114 مليون. وذكرت جماعة أو.في.دي-إنفو، التي تراقب حملات القمع ضد المعارضة، أنه تم اعتقال ما لا يقل عن 74 شخصا أمس الأحد في جميع أنحاء روسيا.
ويصور الغرب بوتين على أنه مستبد وقاتل. قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأحد إن بوتين يريد أن يحكم إلى الأبد وإن الانتخابات غير قانونية. وتأتي الانتخابات الروسية في وقت يقول رؤساء مخابرات غربية إنه مفترق طرق بالنسبة للحرب الأوكرانية والغرب بشكل عام.
دعم صيني وإيراني لبوتين
اعتبر الرئيس الصيني شي جينبينغ أن فوز بوتين "يظهر بشكل كامل" دعم الشعب الروسي له. وهنّأت بكين الحليفة لموسكو اليوم (الإثنين 18 أبريل 2024)، فلاديمير بوتين على فوزه بولاية جديدة من ستة أعوام. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان خلال مؤتمر صحافي، ردّا على سؤال بشأن عملية الاقتراع التي اختتمت الأحد، إن "الصين تتقدم بتهانيها على هذا الأمر". وأكد لين جيان أن بكين تؤمن "بأنه في ظل التوجيه الاستراتيجي للرئيس شي جينبينغ والرئيس بوتين، ستواصل العلاقات بين الصين وروسيا المضي قدما"، لافتا الى أن البلدين يحييان هذا العام الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية.
من جهته، هنّأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نظيره الروسي على فوزه "الحاسم" في الانتخابات الرئاسية وفق ما أفاد الإعلام الرسمي في طهران. وأوردت وكالة "إرنا" أن "رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعث في رسالة، بخالص تهانيه لفلاديمير بوتين على فوزه الحاسم وإعادة انتخابه رئيسا لروسيا الاتحادية".
كما ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون أرسل رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هنأه فيها بفوزه في الانتخابات الرئاسة.