تسعى ولاية برلين من خلال تأسيس دائرة حكومية جديدة إلى تخفيف التعقيدات البيروقراطية من أجل جذب المهاجرين ذوي الكفاءات، في خطوة يراها خبراء أنها قد تخفف العبء عن كاهل الأجانب الذين يواجهون صعوبات أكبر في دخول سوق العمل.
إعلان
أصبحت برلين واحدة من أولى الولايات الألمانية التي تعزز جهودها في جذب العمال الأجانب المهرة، وذلك من خلال إنشاء دائرة جديدة للهجرة، في خطوة تأتي بالتزامن مع تحضير قانون الهجرة الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ مع بداية عام 2020.
ومن المقرر أن تحل الدائرة الجديدة، التي ستحمل اسم "دائرة الهجرة في الولاية" محلّ "دائرة الأجانب" التي تتولى مسؤولية كل شيء يتعلق بالأجانب من تصاريح الإقامة إلى شؤون الزواج وغيرها.
وقال وزير داخلية ولاية برلين أندرياس غايزل، يوم الاثنين (25 شباط/فبراير)، متحدثاً عن الخطوة الجديدة التي تريد ولايته أن تتخذها، إن إنشاء دائرة للهجرة سيعزز من إمكانيات الأجانب في ظل ثقافة ترحيب حقيقية.
وكرّر غايزل ما تؤكده دراسات في ألمانيا، وهو أنه لا يمكن سدّ النقص الحاد في بعض قطاعات العمل في البلاد (وخاصة في مجال الرعاية الصحية والهندسة وتكنولوجيا المعلومات) من قبل الألمان العاطلين عن العمل والمهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي.
لكن خطة حكومة ولاية برلين ما تزال غامضة، فهي لم تعلن عن موعد فتح الدائرة الجديدة، ولم توضح فيما إذا كانت ستخصص ميزانية إضافية لذلك.
تسهيلات لأرباب العمل من أجل إيجاد عمال
وفكرة تأسيس مكتب للهجرة في ألمانيا ليس جديداً تماماً، فولايتا هامبورغ وبريمن لديهما بالفعل ما يسمى بـ"مراكز الترحيب"، وهي دوائر منفصلة عن الدوائر الأخرى، بحيث تكون مهمتها مساعدة المهاجرين على الاستقرار في ألمانيا.
وقد أنشأت برلين نفسها قبل بضع سنوات "مكتب خدمات الهجرة التجارية" (BIS) داخل دائرة الأجانب، وذلك لمساعدة أصحاب العمل في الحصول على تصاريح إقامة للعمال المهرة، لتفصل بين هجرة الأيدي العاملة المهاجرة واللجوء.
تقول بيتينا أوفر، وهي محامية مختصة بشؤون الهجرة، لـDW إنها تعتقد أن الخطة الجديدة لولاية برلين إشارة إلى أنهم يقومون بشيء في سياسة الهجرة.
وتضيف أوفر أن مكتب خدمات الهجرة التجارية أدى بالفعل إلى تحسين الخدمات في برلين بالنسبة للمهاجرين المهرة، وتتابع: "كما أصبح الأمر أكثر سهولة لأرباب العمل أيضاً".
وترى أوفر أن جعل دائرة الهجرة الجديدة في برلين دائرة مستقلة سيحدث فرقاً، وتتابع: "أعتقد أن هذا سيسهّل على هذه الدائرة إيجاد عاملين".
المهاجرون دعم للاقتصاد أم "تهديد"؟
ويعتبر توماس غروس، خبير قانون الهجرة في جامعة أوسنابروك، أن الخطوة الجديدة لولاية برلين "جديرة بالثناء طالما أنها تعني ذلك بجدية"، مضيفاً أنه "إذا كانت الخطوة الجديدة مجرد تغيير في التسمية، فهذا لن يحدث فرقاً كبيراً".
ويتابع غروس: "التصنيف القديم لقانون الأجانب يأتي من فكرة أنه يجب أن يُنظر للأجانب على أنهم خطر".
وتعاني دوائر الأجانب في ألمانيا من بيروقراطية شديدة، فالكثير من الناس لديهم حكايات عن انتظار لأشهر من أجل موعد واحد، أو عن قصص انتظار منذ الساعة الخامسة صباحاً وهم واقفون لساعات في الخارج في أشهر الشتاء ليحصلوا على موعد مبكر، كما أنهم يضطرون غالباً للتعامل مع حراس أمن متشددين في بعض الأحيان.
يقول غروس: "إذا تم إطلاق تسميات إيجابية على هذه الدوائر، مثل مراكز الترحيب، يمكن أن يؤثر ذلك على كيفية رؤية الناس لأدوارهم في المجتمع"، ويضيف: "بالطبع يجب أن يكون هناك موظفون يستوعبون التسميات الجديدة".
ومازالت ولاية برلين في مرتبة متوسطة على قائمة المدن الألمانية الجذابة للمهاجرين، حيث يكون الطلب أكثر على الولايات الأخرى في الجنوب، حيث تتركز صناعة السيارات.
لم يكن السوري حيدر درويش يتخيل، في عام 2016 ، أنه سيعيش بعد عامين من هذا التاريخ في برلين وأنه سيؤدي هناك عروضا راقصة. في هذه الصور نعرض قصة ثلاثة لاجئين وجدوا ضالتهم في برلين.
صورة من: Reuters/A. Cocca
كأنه رجل أعمال
عندما يمشي يوسف صليبا في شوارع برلين، قد يعتقد المرء أنه رجل أعمال. وبالفعل كان رجل أعمال قبل مجيئه إلى ألمانيا. وعندما كان في التاسعة من عمره، أرسله والده إلى دمشق للعمل عند صديق في معالجة الخشب. وهذا ما جلب له متعة كبيرة، مما جعله يستقل في عمله، الذي ازدهر إلى حين تفجرت الحرب في سوريا في عام 2011.
صورة من: Reuters/F. Bensch
فنان يصعد إلى المنبر
يوسف صليبا كان يخشى أن يساق إلى الجيش السوري ـ وهكذا فر قبل ثلاث سنوات إلى أوروبا. وعندما ـ لاحقا في ألمانيا ـ قام ضمن دروس تعلم الألمانية برحلة استكشافية في كاتدرائية برلين شعر فورا بارتباط ما بالمكان. وعرض أن يساعد بشكل تطوعي في أعمال الترميم. وبعدها بسنة عرضت عليه الكنيسة عملا.
صورة من: Reuters/F. Bensch
الكنيسة كوطن
وتحولت كاتدرائية برلين بسرعة إلى موطن صليبا بخلاف ألمانيا. ولا تريد سلطات برلين إصدار هوية شخصية له وتحيله على السفارة السورية في برلين. لكنه يرفض دخول سفارة البلد الذي هرب من حكومته، ولهذا قدم شكوى ضد ألمانيا. ولا يُعرف كيف سيستمر الوضع بالنسبة إليه في ألمانيا.
صورة من: Reuters/F. Bensch
طلب اللجوء يوم مصيري
علي محمد رضائي لا يعرف تاريخ ميلاده. لكن الشاب البالغ من العمر 26 عاما يعرف تاريخا آخر: الـ 15 من أكتوبر 2015 حين وصل الأفغاني إلى برلين وقدم طلب لجوء. وبرلين كانت وجهة سفره، الذي استمر شهرين من أفغانستان عبر البلقان إلى ألمانيا حيث عمل أشياء كثيرة منها عزف الموسيقى.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
الموسيقى والدراجات النارية
علي محمد رضائي التحق بفرقة موسيقية تعرف فيها على كريس فاخهولتس، التي استضافته في منزلها للطبخ هناك مع زوجها وتعلم الألمانية. وتبين أن علي محمد رضائي وزوج كريس لهما نفس الشغف ـ الدراجات النارية. وارتبط علي بالزوجين اللذين يعتبرهما كأمه ووالده.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
مقهى اللغة
في ألمانيا قام علي محمد رضائي ببعض الدورات التدريبية، لكنه لم يحصل على عمل ـ في دار عجزة وفي مخبزة وفي فنادق ومطاعم. وفي وقت الفراغ يحاول تحسين لغته الألمانية مثلا داخل مقهى برليني يقدم دروسا في هذا المجال.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
الخوف من الترحيل
عندما لا يحضر علي محمد رضائي الأكل في صالة استراحة لوفتهانزا في مطار برلين أو ينظف، فإنه يلتقي مع أصدقاء في حانة. إلا أن خطر الترحيل يطارده :" لدي شقة وأعرف الكثير من الناس اللطفاء. وإذا رحلوني، فإنني سأخسر كل شيء". لأنه تم رفض طلب لجوئه.
صورة من: Reuters/F. Bensch
من وابل القنابل إلى الحياة الليلية
الغالبية لا تتخيل لاجئا سوريا مثل حيدر درويش. لكنه لاجئ. في 2016 هرب من الحرب. وعندما بدأ يرقص في 2017 داخل نادي للمثليين، تحدث إليه جودي لاديفانا، طالب إسرائيلي عرض عليه المشاركة في عرضه. وفي سوريا لم يسبق لحيدر درويش أن رقص فوق حلبة.
صورة من: Reuters/A. Cocca
أعمال غير عادية
جودي لاديفانا أقنعه، ومنذ ذلك الحين تسير الأمور جيدا. ويقول بافتخار: "الكثير من الناس يسألون متى وأين أقدم عروضي كي يحضرونها". ولتحسين راتبه، فإنه يعمل في متجر للموضة وأدوات الجنس للمثليين. وصاحب المتجر سبق وأن زار عرضه الفني.
صورة من: Reuters/A. Cocca
الانفتاح
حيدر درويش (يسار) يساعد رئيسه فرانك ليتكه (يمين) في تظاهرات المثليين في برلين. وحياته في سوريا كانت ستكون مختلفة عما هي عليه الآن في برلين: متنوعة ومتحررة وخالية من الخوف. وبإمكانه في برلين أن ينطلق أكثر. وبرلين زادت بقسط في تنوعها.