برلين ـ إطلاق شبكة أوروبية جديدة لتوثيق معاداة السامية
١٦ أبريل ٢٠٢٤
أطلق الاتحاد الأوروبي، في برلين، مبادرة جديدة لتوثيق الحوادث المتعلقة بمعاداة السامية في أوروبا وتيسير الإبلاغ عنها. وتهدف الشبكة الأوروبية، إلى تقديم نظرة عامة عابرة للحدود الوطنية عن مدى العداء تجاه اليهود.
إعلان
شهدت برلين اليوم الثلاثاء (16 أبريل/ نيسان 2024) إطلاق مبادرة أوروبية جديدة لتوثيق حوادث معاداة السامية في جميع أنحاء القارة تحت اسم الشبكة الأوروبية لرصد معاداة السامية (إتما).
وقالت كاتارينا فون شنورباين، مفوضة الاتحاد الأوروبي لمكافحة معاداة السامية وتعزيز الحياة اليهودية: "يجب أن تكون معاداة السامية واضحة حتى نتمكن من مكافحتها". وتابعت أن الحصول على صورة مناسبة لمعاداة السامية في المجتمع هو شرط أساسي لإعلام السياسيين وصناع القرار بشكل مناسب.
وتقول وكالة حقوق الإنسان الأساسية بالاتحاد الأوروبي (إف أر إيه) إن الحوادث المعادية للسامية لا يتم الإبلاغ عنها بشكل كاف، حيث لا يبلغ ما يصل إلى ثمانية من كل 10 أشخاص ممن يعانون من معاداة السامية عن ذلك.
وقالت فون شنورباين إن هذا غالبا ما يحدث لأنه ينظر إليه على أنه "مرهق" للغاية وبصورة تفوق الحد بحيث لا يمكن القيام بذلك. وتهدف شبكة (إنما)، التي تجمع منظمات المجتمع المدني اليهودية وغير اليهودية من مختلف البلدان الأوروبية، إلى التيسير للإبلاغ عن مثل هذه الحوادث إلى الشرطة.
وأوضح المفوض الألماني لشؤون معاداة السامية فيليكس كلاين أنه يمكن الإبلاغ عن جميع الحوادث المعادية للسامية بطريقة مباشرة وسريعة وغير معقدة. وسيتم بعد ذلك جمع هذه المعلومات والتحقق منها وتحليلها ونشرها.
وترسم البيانات المجمعة بهذه الطريقة صورة تعكس بشكل أكثر واقعية واقع معاداة السامية في البلدان الأوروبية. وتحدث المدير الإداري لمركز"أر أي إيه إي" للإبلاغ عن معاداة السامية في برلين، بنيامين شتاينتز، عن علامة فارقة في أبحاث معاداة السامية والوقاية منها. وأضاف أن "معاداة السامية آخذة في الارتفاع في أوروبا، لكن لا يُعرف سوى القليل عن بعدها العابر للحدود الوطنية".
ع.ش/ ع.ج.م/ع.خ (د ب أ)
تعصب وتطرف أم خوف من الآخر؟ مظاهر العنف في أوروبا
لئن عاشت الأغلبية العظمى في أوروبا من أوروبيين ومن أصول مهاجرة من مختلف الأديان والثقافات في كنف السلام والاحترام، إلا أنها لم تخل أيضا من مظاهر للعنف تحت ذرائع مختلفة: دينية وقومية وغيرها، لكنها مرفوضة من الأغلبية.
صورة من: picture-alliance/dpa/SDMG/Dettenmeyer
مظاهر التطرف والدعوة إلى العنف باسم الدين لم تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل أيضا دول غربية على غرار ألمانيا شهدت بدورها مظاهرات لأقلية سلفية حمل بعض عناصرها الأعلام السوداء ودعا فيها للعنف. الصورة لمظاهرة تعود إلى عام 2012 في مدينة بون الألمانية حيث تظاهر سلفيون ضد يمينيين متطرفين واعتدوا خلالها على رجال شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa
استخدام الدين كذريعة لارتكاب جرائم إرهابية، مثلما حدث خلال الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو مطلع هذا العام وقتل 11 شخصا من طاقمها بدافع الانتقام لصور كاريكاتورية للرسول محمد نشرتها الصحيفة، أثار استهجان الملايين ليس في فرنسا وأوروبا فقط وإنما ايضا في العديد من الدول الإسلامية والعربية.
صورة من: Reuters/Platiau
الإرهابيون لم يستهدفوا مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية فقط وإنما أيضا شرطيا مسلما واسمه أحمد وشرطية أخرى كانت تنظم حركة المرور وكذلك أربعة يهود، بينهم يهودي تونسي، كانوا في أحد المتاجر اليهودية بصدد التبضع لإحياء مراسم السبت. العمليات الإرهابية كانت من توقيع تنظيم "الدولة الإسلامية".
صورة من: AFP/Getty Images/K. Tribouillard
وبعد الهجمات الإرهابية التي طالت باريس واسفرت عن سقوط 18 شخصا، ها هو الإرهاب تحت ذريعة الدين يضرب العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ويتسبب في مصرع رجل يهودي كان يحرس كنيسا يهوديا وآخر مخرجا سينمائيا، ذنبه أنه كان حاضرا في ندوة حول حرية التعبير.
صورة من: Reuters/S. Bidstrup
ولكن مساجد المسلمين بدورها تعرضت أيضا للاعتداء بالحرق وتهشيم النوافذ وحتى لهجوم بالمتفجرات. ففي فرنسا مثلا ارتفع عدد الأعمال "المعادية للإسلام" بنسبة 70 بالمائة منذ الاعتداءات التي قام بها جهاديون في باريس في كانون الثاني/ يناير، مقارنة بعام 2014، وفقا لجمعية التصدي لمعاداة الإسلام الفرنسية.
صورة من: Reuters/Y. Boudlal
حتى المقابر اليهودية لم تسلم من اعتداءات بعض المتطرفين إما بدافع العنصرية أو بدافع معاداة السامية. على أحد القبور اليهودية في مقاطعة الآلزاس الفرنسية كتب باللغة الألمانية "أرحلوا أيها اليهود" إلى جانب الصليب المعقوف، رمز النازيين الذين أبادوا ستة ملايين من يهود أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
حتى وإن كان هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية مطلقة داخل المجتمع الألماني، إلا أن النازيين الجدد، الذين يستلهمون أفكارهم من النازية واليمين المتطرف، يشكلون مصدر قلق في ألمانيا، خاصة وأنهم لا يتوانون عن استخدام العنف ضد الأجانب أو من كان شكله أو مظهره يوحي بأنه ليس ألمانيا. وفي الفترة الأخيرة سجل في عدد من الدول الأوروبية صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مستغلة أعمال الإرهابيين للإسلاميين المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
ولازال القضاء الألماني ينظر في قضية خلية تسيفيكاو النازية، والتي سميت نسبة لمدينة تسيفيكاو الواقعة شرقي ألمانيا، في محاكمة تحظى باهتمام دولي الواسع. هذه الخلية متهمة بقتل عشرة أفراد، تسعة أتراك ويوناني في ألمانيا، ذنبهم الوحيد أن أشكالهم توحي بأصولهم الشرقية. في الصورة العضوة الوحيدة المتبقة من الخلية، بعدما انتحر عنصران منها، والتي ترفض الإدلاء بأي تفصيل يساعد في الكشف عن الحقيقة.
صورة من: Reuters/M. Rehle
اليمينيون المتطرفون استغلوا مخاوف البعض في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية من عدم معرفتهم للإسلام والمسلمين وخلطهم بالتطرف الإسلامي، خاصة بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، للدعوة إلى مظاهرات مناهضة للإسلام. الصورة مظاهرة مناهضة للإسلام في مدينة هانوفر، شمالي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
وبعد الانتقادات اللاذعة والرفض الشعبي الألماني الواسع للمظاهرات المناهضة للإسلام، أصبحت هذه الاحتجاجات نقتصر على بعض اليمينيين المتطرفين الذين خرجوا للتظاهر ضد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، معللين رفضهم بأن ثقافة هؤلاء تختلف عن ثقافتهم وأنه لا يمكنهم الاندماج في المجتمع الألماني.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
بعض المتطرفين اليمينيين أصبح يعمد بدل الاحتجاج إلى إضرام النيران في البنايات والمقرات التي من شأنها أن تأوي اللاجئين. حتى وإن لم تسفر عمليات إحراق المباني عن أي أضرار بشرية، إلا أن تكرارها في عدد من الولايات والمدن الألمانية أثار قلقا وجدلا واسعا في البلاد.