أسبوع مفاوضات حاسم سيحدد علاقة بريطانيا بالتكتل الأوروبي
١٩ نوفمبر ٢٠١٨
يبدأ الاتحاد الأوروبي اليوم أسبوعا من المحادثات المكثفة قبل القمة الاستثنائية التي تعقد الأحد المقبل من أجل المصادقة على مشروع اتفاق بريكست، على خلفية المعركة السياسية الدائرة في بريطانيا حول مسألة خروج البلاد من التكتل.
إعلان
أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي شهدت حكومتها سلسلة استقالات وتواجه حركة احتجاج واسعة حول مشروع الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي، أنها ستتوجه إلى بروكسل خلال هذا الأسبوع للقاء رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بشكل خاص. وتوقعت ماي "أسبوعا مكثفا من المفاوضات".
وتؤكد بحسب خطاب ستلقيه اليوم (الاثنين 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018) أمام أرباب العمل البريطانيين ونشرت مقتطفات منه مساء أمس الأحد "خلال هذه المهلة، أتوقع أن نضع التفاصيل الكاملة والنهائية للإطار الذي سيحدد علاقاتنا المستقبلية، وأنا مقتنعة بأنه يمكننا الوصول إلى توافق في المجلس، وأن أتمكن بعد ذلك أن أعرضه على مجلس العموم".
وسيجتمع وزراء خارجية الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، في أول لقاء سياسي منذ نشر مشروع الاتفاق مع بريطانيا الأربعاء حول شروط الانسحاب من التكتل، ويهدف إلى التحضير للقمة الاستثنائية المرتقبة في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر.
وبعد موافقة حكومة تيريزا ماي بصعوبة على مشروع الاتفاق، أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك فورا عن قمة لرؤساء دول وحكومات الدول الاعضاء الـ27 لإعطاء الموافقة بدورهم على نص الاتفاق. وستكون تيريزا ماي أيضا حاضرة.
"ورطة" تيريزا ماي .. إلى أين ستقود مستقبل بريطانيا مع جيرانها الأوروبيين؟
01:38
لكن الرهان لا يزال غير مضمون بالنسبة لماي. فهي تواجه تهديدا بتصويت على حجب الثقة من قبل نواب حزبها المحافظين، ويمكن أن يطلق هذا الإجراء إذا طلبه 15% من كتلة أعضاء الحزب في البرلمان أي 48 نائبا. وقد عبر نحو عشرين نائبا عن نيتهم القيام بذلك.
فخلال نهاية الأسبوع وإثر اجتماع بين السفراء اقترحت الدول الـ27 مهلة حتى نهاية كانون الأول / ديسمبر 2022 لانتهاء الفترة الانتقالية الواردة في مشروع الاتفاق، في حال التمديد، وهي نقطة لا يزال يجري التفاوض عليها كما علم من مصدر دبلوماسي.
وفي انتظار ذلك، يواصل الأوروبيون التعبير عن وحدة صفهم. وتمكن الأعضاء الـ27 من البقاء متحدين خلال فترة المفاوضات التي استمرت 17 شهرا. ويتوقع أن يستمروا في نهجهم هذا خلال المرحلة المقبلة.
وتأمل المفوضية الأوروبية في نشر مشروع "الإعلان السياسي" الذي يفترض أن يرافق اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الثلاثاء على أبعد تقدير. والنص مؤلف من عشرين صفحة، بحسب ما أوضح مصدر دبلوماسي في الاتحاد الاوروبي.
ويفترض أن يحدد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بموجبه إطار علاقتهما المستقبلية. والمفاوضات بحد ذاتها لا يمكن أن تبدأ إلا بعد خروج بريطانيا رسميا من الاتحاد في 28 آذار/مارس 2019.
هل بريكست بداية تساقط أحجار الدومينو الأوروبي؟
نتائج الاستفتاء في بريطانيا على خروجها من الاتحاد الأوروبي صدمت أوروبا، فيما رحب بها اليمين الشعبوي، وبدأت الأصوات الشعبوية في فرنسا وهولندا تنادي بإجراء استفتاء مشابه. فهل بات الاتحاد الأوروبي أمام "تأثير الدومينو"؟
صورة من: Reuters/T. Melville
بريطانيا
طالب نايجل فاراج زعيم حزب "استقلال المملكة المتحدة" وأحد الداعمين الرئيسين لحملة "بريكست"، بأن يصبح يوم 23 من حزيران/ يونيو عيدا للاستقلال. وقال: "الاتحاد الأوربي يخسر. الاتحاد الأوروبي يموت. آمل أن نكون قد أسقطنا الحجر الأول من الجدار. وآمل أن يكون خروج بريطانيا هو الخطوة الأولى لتكون دول أوروبا ذات سيادة".
صورة من: Reuters/T. Melville
هولندا
خيرت فيلدرز رئيس حزب "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" الشعبوي الهولندي احتفى بخروج بريطانيا وقال "باي باي بروكسل. وهولندا ستكون القادمة". ويطالب فيلدرز منذ سنوات بإجراء استفتاء حول عضوية هولندا في الاتحاد، فيما ذكر استطلاع للرأي أن أغلب الهولنديين يفضلون "نيكست" والخروج من الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Wainwright
فرنسا
يأمل اليمين الفرنسي من الاستفادة من نتائج "بريكست". ووصفت زعيمة "الجبهة الوطنية" الفرنسية مارين لوبان النتائج بأنها "انتصار للحرية"، وتابعت: "يجب علينا الآن إجراء استفتاء مشابه في فرنسا وفي دول الاتحاد الأوروبي". وربما تحقق دعوة "فريكست" دفعة انتخابية قوية لمارين لوبان في الانتخابات الرئاسية القادمة في فرنسا في سنة 2017.
صورة من: Reuters/H.-P. Bader
ألمانيا
فراوكه بيتري زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" ردت فرحة على نتائج الاستفتاء بتغريدة في تويتر وقالت:" الوقت ملائم لأوروبا جديدة". أما بيورن هوكه رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في ولاية تورينغن فأطلق تصريحات أكثر حدة وطالب بإجراء استفتاء في ألمانيا وأضاف:" أنا أعرف أن أغلبية الشعب الألماني تريد الخروج من عبودية الاتحاد الأوروبي. وأن البريطانيين قرروا بـ"بريكست" الخروج عن طريق الجنون الجماعي".
صورة من: Getty Images/J. Koch
الدنمرك
كريستيان توليسن رئيس حزب الشعب الدنمركي هنأ في فيسبوك بنجاح "بريكست". وقال معلقا على النتائج: "الاتحاد الأوروبي قلّل من قيمة شكوك المواطنين تجاهه. الاتحاد الأوروبي صادر قرار الدول المنضمة فيه ويدفع الآن ثمن ذلك". ويريد توليسن أيضا إجراء استفتاء مشابه في الدنمرك.
صورة من: picture alliance/dpa/L. Kastrup
النمسا
فيما قال هاينز كريستيان شتراخه زعيم حزب الحرية النمساوي في تغريدة في تويتر إنه "بعد بريكست يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إصلاحات شاملة. ودون رئيس البرلمان الأوربي شولتس ودون رئيس المفوضية الأوربية يونكر". ويطالب حزب الحرية بإجراء استفتاء في النمسا. وأضاف رئيس الحزب: "نحن نهنئ البريطانيون على حصولهم على استقلالهم من جديد".
صورة من: Reuters/H.-P. Bader
المجر
قد يشعر رئيس وزراء المجر اليميني المحافظ فيكتور أوربان أن بريكست تأييد لسياسته الرافضة لاستقبال اللاجئين. وأوضح أوربان بعد التصويت بأنه يؤمن "بأوروبا قوية، لكنها لن تكون كذلك، إلا عندما توجد هنالك حلول ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة". وكانت المحكمة الدستورية قد أعطت الضوء الأخضر وقبل الاستفتاء على إجراء استفتاء في المجر حول "نسب اللاجئين" المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture alliance/AA/D. Aydemir
جمهورية التشيك
طالب أنصار اليمين الشعبوي في جمهورية التشيك أيضا بـ"سيكسيت" لخروج التشيك من الاتحاد. ومن ابرز المنتقدين للاتحاد الأوروبي الرئيس السابق فاسلاف كلاوس. فيما رفض البرلمان التشيكي في الشهر الماضي طلبا قُدم من قبل حزب "الفجر الذهبي للديمقراطية المباشرة" اليميني الشعبوي لمناقشة إجراء استفتاء مشابه. وموضوع كراهية أوروبا قد يطغي على الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي ستجرى في العام القادم.
صورة من: picture alliance/dpa/M. Dolezal
8 صورة1 | 8
لكن المداولات الأوروبية تبقى معلقة بتطورات الوضع السياسي في بريطانيا حيث تواجه تيريزا ماي تهديدا بمذكرة لحجب الثقة عنها وتتعرض لضغوط من الجناح المتشدد لمؤيدي بريكست الذين يطالبون بالتمكن من إعادة التفاوض على النص ويعتبرونه غير مقبول.
والنقطة الأكثر إثارة للجدل في الاتفاق هي "شبكة الأمان". وهو حلّ تم اللجوء إليه أخيراً ويقضي ببقاء المملكة المتحدة كلها في الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي. ويحدد الاتفاق أطر ترتيبات "شبكة الأمان" لمنع عودة النقاط الحدودية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا في حال فشل الطرفان في التوصل لاتفاق حول التبادل التجاري الحر بعد فترة انتقالية مدتها 21 شهرا.
وبحسب مصدر أوروبي فإن الدول الـ27 فوجئت بحجم ردود الفعل في بريطانيا، لكنها لم تشأ التعليق على ذلك. ودعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الى التركيز على النص المطروح على الطاولة بدلا من طرح أسئلة حول مفاوضات جديدة.