بسبب بولندا.. أزمة استقلالية القضاء تعصف بالاتحاد الأوروبي!
٢٢ أكتوبر ٢٠٢١
تظهر القمة الأوروبية مدى الانقسام في التكتل حول استقلالية القضاء في بعض دوله وسيادة القانون الأوروبي على قوانينها الوطنية، خصوصاً بعد حكم قضائي بولندي "ضد القوانين الأوروبية". فما مواقف الدول الأعضاء بهذا الشأن؟
إعلان
تراوحت مواقف القادة الأوروبيين في ختام اليوم الأول من قمة بروكسل ب(الخميس 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2021)، بين التشدد ومدّ اليد لبولندا التي يدور نزاع بينها وبين الاتحاد الأوروبي حول استقلالية القضاء وسيادة القانون الأوروبي على القانون الوطني.
وندد رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي بـ"ابتزاز" تتعرض له بلاده، لكنّه أكد في ذات الوقت استعدادها لـ "الحوار". وتابع مورافيتسكي "بالتأكيد سنبحث سبل تسوية الخلافات الراهنة".
وأبدت ألمانيا حرصها على تجنّب "مواجهة" مع وارسو، وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي التقت كذلك مورافيتسكي إن "النزاعات المتزايدة أمام محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي ليست حلاً على صعيد سيادة القانون". ويفترض أن تكون هذه القمة التي تعقد ستختم الجمعة، الأخيرة للمستشارة الألمانية التي قررت الخروج من الحياة السياسية بعد توليها السلطة في بلادها مدى 16 عاماً.
سيادة القانون الأوروبي
ويدور النزاع بين بروكسل ووارسو حول إصلاحات قضائية فرضها الحزب الحاكم المتّهم بتقويض استقلالية القضاة. وتصاعد التوتر إثر قرار اتّخذته المحكمة الدستورية البولندية المقربة من الحزب القومي المحافظ الحاكم، إذ أعلنت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر أن بعض بنود المعاهدات الأوروبية لا تنسجم مع الدستور الوطني. واعتبرت بروكسل هذا القرار هجوماً غير مسبوق على سيادة القانون الأوروبي واختصاص محكمة العدل الأوروبية، وهما من المبادئ المؤسسة للتكتل.
ويمكن لوارسو أن تعتمد على دعم بودابست في نزاعها مع الاتحاد. وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي بدوره يخوض نزاعاً مع بروكسل حول سيادة القانون "هناك حملة اضطهاد في أوروبا ضد بولندا، البولنديون على حق". وندد أوربان بـ"استغلال سلطة" من قبل المؤسسات الأوروبية.
خلافات قانونية بين الاتحاد الأوروبي وبولندا
01:29
"خط أحمر"
في المقابل، شدد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته على "التشدد" مع وارسو، وقال إن "استقلالية النظام القضائي البولندي قضية أساسية (...) وعلى بولندا أن تتّخذ التدابير اللازمة"، منبّها إلى أن "الأمر غير قابل للتفاوض".
حاله في ذلك حال العديد من دول التكتل التي جددت موقفها الرافض لقرار المحكمة البولندية، وذلك على غرار رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو متحدثاً بدوره عن "خط أحمر تمّ تخطيه"، كذلك نظيره النمسوي ألكسندر شالنبيرغ الذي طالب بـ "وجوب عدم السماح بالانتقائية" في الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أنه "على بولندا أخذ التهديد بفرض عقوبات مالية بحقها بجدية تامة".
وقف الدعم
وتعتبر دول عدة أنه لا يمكن المصادقة على صرف 36 مليار يورو لوارسو ضمن خطة الإنعاش الأوروبية لفترة ما بعد الوباء، وهو مبلغ جمدته المفوضية الأوروبية حالياً، مطالبة بضمانات حول استقلالية النظام القضائي في البلد. ويمارس النواب الأوروبيون ضغوطاً على المفوضية الأوروبية من خلال تهديدها بملاحقات، لحضها على الشروع بدون إبطاء بتطبيق آلية جديدة تسمح بتعليق الأموال الأوروبية للدول التي تسجل فيها انتهاكات لدولة القانون، وهي آلية يمكن أن تطال بولندا وكذلك المجر.
إلا أن الدول الأعضاء تفضّل انتظار موقف محكمة العدل الأوروبية بشأن قرار المحكمة الدستورية البولندية قبل اللجوء إلى هذه الآلية. وقدمت بولندا والمجر التماساً إلى القضاء الأوروبي لطلب إلغاء هذه الآلية، غير أنه لا ينتظر صدور قرار قبل نهاية السنة أو مطلع العام 2022.
وانتهت المحادثات بهذا الشأن دون حل لهذا الصراع، لكن مسؤولاً في الاتحاد الأوروبي قال شريطة عدم الكشف عن هويته إنها كانت بمثابة "فرصة لتحديد الصعوبات بشكل دقيق وفهم وجهات النظر المختلفة بشكل أفضل". وأضاف المصدر الأوروبي أن النقاش خطوة تساعد في التوصل إلى حلول. وسيبحث القادة الأوروبيون في القمة في ارتفاع أسعار النفط وفي بطء حملات التلقيح ضد كوفيد-19 في بعض الدول وفي التوترات القائمة مع بيلاروسيا حول المهاجرين.
م.ع.ح/و.ب (د ب أ ، أ ف ب)
في صور.. هكذا يبدو التفاوت الكبير في الثروة بأوروبا!
يسود الاعتقاد بأن جميع دول الاتحاد الأوروبي تتمتع بالثراء نفسه أن مواطنيها مرفهون بالدرجة نفسها، لكن هذا التصور خاطئ كما تثبت لغة الأرقام. فكيف تتوزع الثروة في الأسرة الأوروبية؟. تابع هذه الصور.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Kalker
بلغاريا: رواتب منخفضة وأجور متدنية
تعد بلغاريا من أفقر دول الاتحاد الأوروبي، والأولى في معدلات الفساد في أوروبا. وبحسب مؤسسة التجارة والاستثمارات التابعة للحكومة الألمانية (GTAI) بلغ إجمالي الدخل الشهري للفرد في 2018 بالكاد 580 يورو. منذ أن انضمت بلغاريا للاتحاد الأوروبي تركت أعداد كبيرة من الشباب البلد، ومن بينهم العديد من المتعلمين.
صورة من: BGNES
رومانيا: المركز ما قبل الأخير في التصنيف الاقتصادي
قد تعطي هذه الصورة الجميلة انطباعاً خاطئاً، فالعديد من المدن القديمة في زيبنبورغن، ومنها هذه المدينة في براسوف، مرممة بشكل يخطف الأنظار. لكن معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد بلغ في 2019 نحو 11.440يورو، وهو ما يضعها في المرتبة قبل الأخيرة التي احتلتها بلغاريا بمعدل بلغ 8680 يورو للشخص الواحد في 2019. أما في ألمانيا فبلغت 41.340 يورو.
صورة من: Imago Images/Design Pics/R. Maschmeyer
اليونان: أزمات مالية متكررة
لم تكد اليونان تلتقط أنفاسها من أزمة الديون التي أثقلتها لسنوات حتى جاءت أزمة كورونا لتعصف بالقليل من الاستقرار الذي حظيت به. فبسبب كورونا وقعت اليونان مرة أخرى تحت ضغط مالي شديد، وأصبحت في حاجة لمساعدة الاتحاد الأوروبي. وبالرغم من الظرف الحالي، إلا أن الأمر نسبي: فمقارنة بألمانيا يمكن اعتبار اليونان دولة فقيرة بمعدل 17.500 يورو كدخل للفرد. إلا أن هذه القيمة تعد ضعف مثيلتها في بلغاريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/VisualEyze
فرنسا: بلد أصحاب العقارات
قد تكون هذه المعلومة غير متوقعة، لكن فرنسا تتفوق بشكل كبير على ألمانيا فيما يتعلق بمتوسط أملاك الفرد. فبحسب بيانات شركة أليانز (Allianz) للتأمين لعام 2019 فإن متوسط الأصول الصافية للفرد بلغ في فرنسا 26.500 يورو،وهو ما يمثل زيادة 10 آلاف يورو عن متوسط الأصول الصافية للفرد في ألمانيا. يرجع السبب في ذلك إلى تملك الكثير من الفرنسيين لبيوتهم، بل يملك الكثير منهم بيتاً ثانياً في المناطق الريفية.
صورة من: picture alliance/prisma/K. Katja
إيطاليا: إصلاحات نادرة وديون مرتفعة
تعد إيطاليا من أكثر الدول الأوروبية تضرراً من جائحة كورونا وتبعاتها، فمدينة برغامو الإيطالية كانت مركز وباء الوباء في بدايته. وبعد فترة ركود اقتصادي استمرت لعقدين كانت إيطاليا على رأس قائمة حزمة مساعدات كورونا التي أقرها الاتحاد الأوروبي. فمتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا يصل إلى 29.6110 لعام 2018، وهي بذلك تقع بذلك تحت المتوسط الأوروبي بفارق بسيط.
صورة من: AFP/P. Cruciatti
إسبانيا والخوف من موجة ثانية من كورونا
بعد ارتفاع كبير في معدلات العدوى بفيروس كورونا، قررت السلطات في كاتالونيا إعادة فرض حظر التجول. لكن إسبانيا بلد سياحي من الدرجة الأولى، فالسياحة تمثل نحو 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبحسب الإحصائيات فإن معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد بلغ 26.440 يورو في 2018، وهو ما يضعها تحت المعدل الأوروبي الذي بلغ نحو 31 ألف يورو.
صورة من: Reuters/N. Doce
السويد: حياة مرفهة مع ضرائب مرتفعة وبدون حظر تجول
حاولت السويد النجاة من جائحة كورونا بدون فرض حظر تجول، وهو ما تسبب في معدلات وفاة مرتفعة نسبياً. تأتي السويد في المرتبة الخامسة بعد لوكسمبورغ، ايرلندا، الدنمارك وهولندا فيما يتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي والذي بلغت قيمته 46.180 يورو. وبالرغم من الضرائب المرتفعة التي تفرضها السويد، إلا أن سكانها تفوقوا على الفرنسيين في متوسط الأصول الصافية للفرد لعام 2018.
صورة من: imago images/TT/J. Nilsson
هولندا: أداء اقتصادي متقدم وثروة كبيرة
تنتمي هولندا لما بت يعرف بالدول "الأربع المقتصدة". وسميت المجموعة المكونة من هولندا، السويد، الدنمارك والنمسا بهذا الاسم لمعارضتها الشديدة لإقرار حزمة مساعدات مالية لمواجهة أعباء كورونا. وتعد هولندا من الدول الأكثر رفاهية في الاتحاد الأوروبي حسب معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 46.800 يورو في 2019، ومتوسط أصول صافية للفرد بقيمة 60 ألف يورو في 2018.
صورة من: picture-alliance/robertharding/F. Hall
ألمانيا: دولة غنية سكانها ليسوا بالضرورة أغنياء
نجحت ألمانيا في التعامل مع جائحة كورونا، لكن التبعات الاقتصادية كبيرة: فقد قلت الصادرات، فيما تكافح شركات عديدة لتفلت من الإفلاس. تعد ألمانيا أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ووصل معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى 41.340 يورو في 2019. بيد أن الأصول الصافية للفرد في ألمانيا بلغت 16.800 يورو فقط، اي نصف ما هو موجود في إيطاليا. توماس كولمان/ س.ح