بسبب كورونا.. واشنطن تحذر رعاياها من السفر إلى ألمانيا
٢٣ نوفمبر ٢٠٢١
حذرت وزارة الخارجية الأمريكية رعاياها من السفر إلى ألمانيا بسبب الارتفاع غير المسبوق لإصابات كورونا، فيما يتواصل الجدل بألمانيا حول إلزامية اللقاح للحد من الصغط الهائل على المشافي إثر محصلة الإصابات المخيفة.
إعلان
حذرت وزارة الخارجية الأمريكية من السفر إلى ألمانيا بسبب الانتشار الهائل الحالي لفيروس كورونا. وارتبطت نصيحة وزارة الخارجية الأمريكية من المستوى الرابع ذات الصلة بـ "عدم السفر" بتقييم جديد للوضع من قبل المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وجاء في تحذير المراكز الأمريكية: "تجنبوا السفر إلى ألمانيا. إذا كان يجب عليكم السفر إلى ألمانيا، فتأكدوا من تطعيمكم بالكامل قبل السفر". وأضافت أنه "بسبب الوضع الحالي في ألمانيا، فإن المسافرين الذين تم تطعيمهم بالكامل قد يكونوا معرضين لخطر الإصابة بمتحورات كوفيد-19 ونشرها".
يأتي ذلك في وقت تواجه فيه ألمانيا ارتفاعاً غير مسبوق في عدد الإصابات، أدى إلى زيادة الضغط على المستشفيات ومراكز الإنعاش في عدد من الولايات وعلى رأسها ولاية ساكسونيا التي هي بالأصل تعاني من معدل تلقيح متدنٍ. بينما أعلنت برلين صباح الثلاثاء (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021)، أن مستشفياتها لم تعد تتوفر إلا على 91 سريراً في مراكز الإنعاش.
من جهته سجل معهد روبرت كوخ للأمراض المعدية، في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة (الثلاثاء) 45 ألف و356 إصابة جديدة، ليرتفع إجمالي الإصابات منذ ظهور الوباء في البلاد إلى 5 ملايين و430 ألفاً و911 حالة، أما الوفيات فبلغت 99 ألفاً و433 حالة، بعد تسجيل 309 حالات جديدة.
نقاش محتدم حول إلزامية التطعيم
مع تدهور الوضع الوبائي، بدأ النقاش حول إجبارية التطعيم يشتد في الأوساط السياسية والعلمية وحتى القانونية. فقد انضمت الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى السرطان إلى قائمة المؤيدين، واعتبر رئيسها التنفيذي غيرد نيتكوفن إنه "نظراً للارتفاع المستمر في أعداد الإصابات الجديدة بكورونا واستمرار امتلاء أقسام الرعاية المركزة، فإننا لا نرى مخرجاً آخر من الأزمة".
كما جاء في بيان مشترك للجمعية وفريق العمل المكلّف بمتابعة أزمة كورونا التابع للمركز الألماني لأبحاث السرطان والجمعية الألمانية لأمراض السرطان أن هذه المؤسسات ترى في تطبيق التطعيم الإجباري وفرض قيود على المخالطات بوصفها "الإمكانية الوحيدة لتفادي انهيار النظام الصحي في الشتاء".
في ذات السياق، نشرت صحيفة "نوين أوسنابروكه تسايتونغ" صباح الثلاثاء، حواراً أجرته مع أستاذ الفقه الدستوري أولريش باتيس، اعتبر فيه أن إلزامية التلقيح "لا تتعارض" مع مقتضيات الدستور الألماني، بل إن مبادئه واضحة في "منح أولوية" لـ "واجب حماية حياة الآخرين"، المستمد من الفصل الثاني من الدستور الألماني، على مبدأ "واجب حماية الصحة البدينة" للأفراد.
يذكر أنه وبعدما أقرت الجارة النمسا إلزامية التلقيح، انفجر النقاش بحدة، وأعد استبيان لقياس الرأي، أظهرت نتائجه أن نحو 51 بالمائة من الألمان يؤيدون إلزامية اللقاح، لكن هذه الخطوة تحظى باعتراض شديد من قبل قسم كبير سواء على مستوى الفاعلين السياسيين على غرار بعض أحزاب المعارضة أو النقابات المهنية وغيرها، بل حتى هيئة أطباء أقسام العناية المركزة رفضت إلزاميته بدعوى النفور من اللقاح الذي يمكن لإجراء كهذا إحداثه لدى العامة.
و.ب/ ع.غ (أ ف ب، رويترز، د ب أ)
"موجة رابعة" من كورونا.. حقائق عن معركة ألمانيا مع الجائحة
موجة جديدة من كورونا في ألمانيا تدق ناقوس الخطر. مخاوف واسعة من عودة الإغلاق العام كحل أخير وارتفاع نسبة الوفيات والضغط على النظام الصحي، لكن مع ذلك تظهر ألمانيا أنها قد تعلمت بعض الدروس من الأشهر السابقة.
صورة من: Daniel Bockwoldt/dpa/picture alliance
أرقام قياسية للإصابات الجديدة
دخلت ألمانيا "الموجة الرابعة" من جائحة كورونا بأرقام قياسية، بلغت الخميس 11 نوفمبر/ تشرين الثاني حوالي 50.196 ألف إصابة و235 حالة وفاة. ولم تسجل ألمانيا على الإطلاق رقماً مماثلاً في الإصابات منذ بداية الجائحة، لكن أرقام الوفيات تظل نسبياً أقلّ مما سجل نهاية عام 2020، ما يؤكد الاستنتاجات بكون التطعيم لا يمنع من الإصابة بالفيروس، لكنه يخفض أرقام الإصابات الحرجة وبالتالي أرقام الوفيات.
صورة من: Rüdiger Wölk/imago images
موجة بدون صرامة المواجهة
ألمانيا لا تخطط هذه المرة لإجراءات صارمة كما فعلت ما بين نهاية 2020 وبداية 2021. فقد سمحت عدة مدن بإقامة احتفالات الكرنفال، كما لا توجد خطط لإغلاق عام ولا لتشديد القيود. وسبق لوزير الصحة ينس شبان أن أيد إنهاء إجراءات الوضع الوبائي الموحدة على الصعيد الفيدرالي نهاية نوفمبر 2021، ما يتيح رفع عدد من الإجراءات كارتداء الكمامات، لكن القرار قد لا يصادق عليه البرلمان بسبب ارتفاع الإصابات مجددا.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture alliance
بين قاعدة 3G وقاعدة 2G
سمحت ألمانيا باستئناف الكثير من الخدمات كدخول المطاعم والمقاهي وصالونات الحلاقة وأماكن الترفيه المغلقة وفق قاعدة 3G التي تعني ضرورة التطعيم، أو إثبات عدم الإصابة بالفيروس عبر كشف سريع، أو التعافي من الفيروس بعد الإصابة به. وبدأت مكاتب وإدارات كذلك باعتمادها، لكن عدة ولايات بدأت تعتمد قاعدة 2G التي تستثني الكشف السريع لأجل مواجهة الموجة الرابعة، ما أثار جدلاً كبيرا بين رافضي التطعيم.
صورة من: Ying Tang/NurPhoto/picture alliance
مجانية الكشف السريع
أتاحت ألمانيا بشكل مجاني اختبارات الكشف السريعة عن الفيروس لكل السكان، وكان الطلب عليها شديدا عند إطلاقها بسبب عدم تقدم حملة التطعيم حينها، لكن مع مرور الوقت، قررت السلطات إلغاء مجانيتها لدفع عدم المطعمين إلى الإسراع بذلك. لم تنجح الفكرة كثيراً، وعادت الحكومة الاتحادية للتفكير في إعادة المجانية، خصوصًا أن معهد روبرت كوخ أوصى بهذه الاختبارات حتى للمطعمين في حالة حضورهم للفعاليات الكبرى كالاحتفالات.
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
حملة التطعيم لم تبلغ أهدافها
أرادت الحكومة الألمانية بلوغ نسبة تطعيم تصل لـ 75 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان نهاية صيف 2021، غير أن الرقم لم يتجاوز إلى حدود شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 67,5 في المئة. نجحت ولايات في الاقتراب أو حتى تجاوز النسبة المستهدفة، خصوصا في شمال وغرب البلاد كبريمن (81.6 بالمئة)، لكن ولايات في الشرق لم تتجاوز حتى 60 بالمئة كسكسونيا (59.5 بالمئة)، ويعود ذلك لانتشار الحركات المنكرة لكورونا في هذه المناطق.
صورة من: Jens Schlueter/Getty Images
أوضاع المستشفيات تحت السيطرة
تفتخر ألمانيا بنظامها الصحي القادر على مواجهة الضغط، لكنها تعرّضت لاختبار قاسٍ خلال موجة كورونا الثانية بسبب الطلب الكبير على وحدات العناية المركزة الذي اقترب من 6 آلاف حالة في ديسمبر/ كانون الأول 2020. حاليا يبقى في الرقم ما بين 2000 و 3000 آلاف، وتخطط الحكومة الاتحادية لتوزيع الحالات الحرجة على مجموع التراب الألماني حتى لا يقع الضغط على ولاية لوحدها، خصوصا في الشرق.
صورة من: Waltraud Grubitzsch/dpa/picture alliance
جائحة في قلب الانتقال السياسي
الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال فقط في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة محتملة بقيادة أولاف شولتس. وُجهت انتقادات كبيرة لحكومة ميركل في التعامل مع الجائحة، خصوصا إثر بطء عملية التطعيم والتردد الكبير في اتخاذ القرارات والتراجع عنها. ويرغب شولتس بتجاوز هذه الأخطاء ووضع استراتيجية أقوى، لكن المشاورات المطولة لتشكيل الحكومة قد تؤثر على النقاش الخاص بكورونا.
صورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance
الجائحة غيرّت المشهد
أضحت الكمامات جزءا أساسيا من المشهد العام في البلد، كما اتخذت عدة مؤسسات إجراءات بتشجيع العمل من البيت أو تقليل نسبة حضور الموظفين في المكاتب. وأدت الجائحة إلى التفكير في تغيير نمط الحياة، خصوصا التباعد الاجتماعي مع التركيز على اللقاءات الافتراضية. كما أثرت الجائحة على النظام التعليمي بسبب اعتماد التعليم عن بعد وإغلاق المدارس في بعض الفترات، ما خلق مخاوف من تأثير ذلك على الأجيال الصاعدة.
صورة من: Sebastian Kahnert/dpa-Zentralbild/dpa/picture alliance
توقعات بتعافي الاقتصاد
تضررت قطاعات كثيرة من الجائحة وخسر ناس كثر أعمالهم وتراجع النمو الاقتصادي كما ارتفعت نسبة التضخم ومعدل إفلاس الشركات، لكن مع ذلك حافظت ألمانيا على ريادتها الاقتصادية في أوروبا، وأظهرت عدة مؤشرات إمكانية تعافي تدريجية للبلد. وتوقع معهد الاقتصاد الألماني أن يعود الوضع الاقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة، ابتداء من 2022، كما أن الوضع لم يصل في تدهوره إلى أزمة عام 2009 التي تم في النهاية تجاوزها.