1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"بسطة إلكترونية" بديلا عن أسواق دمشق العريقة

سوسن محروسة ـ دمشق٢٦ ديسمبر ٢٠١٤

لم يعد التسوق من الأسواق التقليدية الأسلوب الوحيد للبيع والشراء في دمشق. فبسبب الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد وكثرة الحواجز في العاصمة، دخل أسلوب التسوق الإلكتروني لينافس الأسواق الشامية العريقة. تقرير لـ DW من دمشق.

Syrien Damaskus Markt
صورة من: picture-alliance/ZB

لم تؤثر حالة الحرب التي تعيشها المدن السورية على النواحي السياسية والاجتماعية فحسب، بل أصبحت تتدخل أيضا بأدق التفاصيل الحياتية للسوريين وتفرض أنماطا جديدة للحياة للتأقلم مع هذه الظروف. فعلى الرغم من المتعة الكبيرة التي يحققها أسلوب التسوق التقليدي وخاصة في دمشق التي لطالما وصفها الرحالون بـ "مدينة الدكاكين"، إلا أن الظروف الأمنية التي تعيشها البلاد أدت إلى عزوف الكثيرين عن النزول للتسوق المباشر والاكتفاء بالتسوق الالكتروني. وهكذا تحولت العديد من المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي إلى "بسطة إلكترونية" يعرض فيها التجار كافة البضائع ابتداء من الغالي والنفيس وانتهاء بأبسط الاحتياجات وأرخصها.

وأصبح رياض (45 عاما)، الذي يعمل في مجال بيع الألبسة النسائية واحدا من هؤلاء الين تحولوا إلى "السوق الإلكترونية" في عرض بضائعهم. أما عن أسبابه في ذلك فيقول لـ DW عربية: "لقد خسرت منزلي ومحلي التجاري في الاشتباكات الدائرة في منطقة داريا والتي مازالت مستمرة حتى الآن. ولم أجد سوى هذا الحل الذي يعتبر مجانيا إلى حد ما لأبدأ من الصفر لعرض بضاعتي التي بالكاد استطعت إخراجها قبل احتدام الصراع ومحاصرة المنطقة".

ويتحدث رياض عن تجربته في السوق الإلكترونية قائلا: "في البداية وجدت صعوبة كبيرة في عرض البضاعة ووصولها إلى أكبر عدد ممكن من الزبائن إلا أن صفحات التواصل الاجتماعي التي انتشرت بكثرة وأصبحت رائجة بين النساء خاصة حلت المشكلة وأصبح لدي زبائني الذين ينتظرون عرض البضاعة الجديدة ".

دمشق معروفة بأسواقها التقليدية وارتياد الناس عليها رغم ظروف الحربصورة من: Reuters

جدل كبير يحيط بالتجربة الوليدة

وتعد ظاهرة التسوق الإلكتروني محط جدل لدى شريحة كبيرة من أفراد المجتمع السوري، وخصوصا الدمشقي، شأنها في ذلك شأن الكثير من الظواهر الجديدة التي طرأت عليه بسبب الحرب الدائرة على الأرض السورية .وتتحدث هنادي (23) عاما لـ DW عربية عن إيجابيات هذه الظاهرة قائلة: "لقد حل التسوق الإلكتروني للكثير من المشكلات التي تواجه النساء في دمشق. فأنا واحدة من النساء اللواتي عزفن عن النزول للأسواق بسبب الاضطرابات الأمنية التي تعيشها البلاد والخوف من قذائف الهاون الطائشة والمترامية".

وتضيف هنادي سببا آخر لتفضيلها التسوق الإلكتروني على الذهاب للأسواق الدمشقية ألا وهو "الازدحام الكبير الذي تسببه الحواجز الأمنية التي قطعت أوصال المدينة وصعوبة الحصول على المواصلات من وإلى السوق. أما الآن فقد أصبح بإمكاني وأنا في بيتي رؤية البضائع والتعرف على كل جديد في عالم الموضة".

أما نبال (30 عاما) والتي تصف نفسها بمهووسة التسوق الالكتروني فترى أن "عالم التسوق عبر الإنترنت أتاح منافسة كبيرة بين التجار وبأسعار تعتبر أرخص من السوق التقليدي، كما أنه يمكن أن يبيع الفرد بعض الحاجيات المستعملة واستفادة ذوي الدخل المحدود والمهجرين من مناطق الاشتباكات من ذلك دون الحاجة إلى نزول كل من البائع والشاري إلى أسواق البالة وما قد تشكله من إحراج إلى حد ما".

دمشقيات خرجن للأسواق، صورة من الأرشيف لعام 2013صورة من: Reuters

وتعتبر رولا أيضا من المعجبات بهذا الأسلوب الجديد وأكثر ما يعجبها هو أن " بيع البضائع لم يعد حكرا على التجار وأصحاب المحلات التجارية. إذ بات من الممكن أن يتحول البائع إلى مشتر في لحظة في مواقع التسوق، علاوة على ذلك أتيحت الفرصة لربات البيوت لعرض بعض الأعمال والبضائع التي يصنعونها دون الحاجة إلى التفرغ وبذل الوقت في عملية البيع".

في المقابل يجد الكثيرون أن ظاهرة التسوق لها العديد من السلبيات التي تجعلها غير مقبولة لديهم، حيث أتاح مجالا واسعا لعمليات النصب والاحتيال وخاصة في ظل عدم وجود قانون رسمي يحمي كلا من البائع والشاري على السواء مما ولد حالة من عدم الثقة والشك الدائم بمصداقية الإعلان المعروض .

يتحدث رياض (25 عاما) لـ DW عربية عن تجربته في التسوق "لقد صدمت بالكثير من عمليات النصب التي تتخلل هذا الأسلوب، فأحيانا يتم عرض بضاعة مختلفة أو تحتوي على بعض العيوب دون ذكر ذلك في الإعلان ،كما أنه قد يتم بيع البضائع بسعر أغلى بكثير مما توجد عليه في الأسواق التقليدية مستغلين في ذلك الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد وعدم معرفة الشاري بأسعار البضائع والاكتفاء بسعرها المعروض في الإنترنت ".

البيع عن طريق الإنترنت بات يزاحم الأسواق الشامية العريقةصورة من: picture-alliance/dpa

صعوبات وتحديات تقف في طريق النجاح

تحديات كثيرة يواجهها هذا الأسلوب الوليد في سوريا أهمها ضعف شبكة الإنترنت عموما وانقطاع الكهرباء في معظم المناطق، والأهم من كل ذلك أن هذه الخدمة غير موجودة نهائيا في بعض المناطق. أضف إلى ذلك أن أسلوب إتمام عملية البيع من ناحية توصيل البضائع والدفع مازال يعتمد على الطرق التقليدية المباشرة في كثير من مواقع وصفحات البيع،الأمر الذي تم تجاوزه في الكثير من البلدان الأخرى التي تعتمد هذا الأسلوب.

والمقصود هنا استخدام البطاقات الائتمانية والإرسال عن طريق البريد، الأمر الذي لا يمكن تحققه في الظروف الأمنية الحالية، بالإضافة إلى أن استخدامها (البطاقات الائتمانية) لا يزال حكرا على الطبقة الغنية في سوريا. وفي هذا الإطار تتساءل أم عبد الله (40 عاما) معلقة على ذلك بالقول: "ما الفائدة من التسوق عبر الانترنت إذا كنت مطالبة بالنزول لاستلام البضاعة من الشارع، في ظل هذه الأوضاع الخطيرة؟؟".

أما رولا فترى أن أسلوب التسوق الإلكتروني لا يغني أبدا عن التسوق التقليدي بالنسبة لها وتقول "لا يمكنني الاستغناء مطلقا عن النزول إلى السوق وخاصة أسواق دمشق القديمة والشعبية مثل سوق الحميدية ومدحت باشا. فالتجول في هذه الأسواق يشكل متعة بحد ذاتها بغض النظر عن الحاجة للتسوق وما قد تشكله من خطورة بسبب الوضع الأمني القائم".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW