لماذا يحظى المنتخب الجزائري بتعاطف المغاربة في "الكان"؟
إسماعيل عزام
٨ يوليو ٢٠١٩
يتابع المغاربة المتيمين بكرة القدم، مباريات المنتخب الجزائري في المونديال الإفريقي، بكثيرٍ من الشغف، خاصةً بعد إقصاء منتخبهم في الدور الثاني. فما هي أسباب كل هذا التعاطف؟
إعلان
توّحد الكثير من المغاربة، سواء في مدرجات ملعبي 30 يونيو والسلام في القاهرة، أو وراء شاشات التلفزيون في المقاهي والمنازل، على مساندة المنتخب الجزائري الذي تأهل إلى المباراة النهائية في كأس إفريقيا للأمم.
والتقطت الكاميرات العديد من المشاهد والصور للمشجعين المغاربة في نهائيات أمم إفريقيا 2019، وهم يحتفلون بأهداف المنتخب الجزائري في النهائيات، ومنهم من رفعوا شعار "خاوة خاوة"، وهو شعار تحوّل إلى هاشتاغ منذ بداية البطولة، إذ تمنى الكثير من جماهير البلدين أن يلتقي المنتخبان في النهائي، خاصة أن برنامج المباريات، بعد تأهلهما إلى دور ثمن النهائي، أتاح إمكانية هذه المواجهة النهائية، لكن إقصاء المغرب أمام منتخب بنين، أجلّ حلم النهائي من جديد.
وانتشرت صورة التقطت في إحدى المدن المغربية، وهي تظهر مشجعين مغاربة يشاهدون مباراة للمنتخب الجزائري، وفوق المقهى، ارتفعت لافتة بعنوان: "أنا مغربي.. إذن أنا جزائري".
وليس المغاربة وحدهم من شجعوا المنتخب الجزائري، فالجزائريون كذلك شجعوا المنتخب المغربي في محافل كثيرة، ومن ذلك مشاركة أسود الأطلس في مونديال روسيا 2018، في ظل عدم مشاركة "محاربي الصحراء" خلال تلك النهائيات. وبدأت حملة التشجيع مبكراً قبل ضمان التأهل عندما انتشرت صورة حملت هذه العبارات: "نحن كجزائريين نتمنى أن يتأهل بلدنا الثاني المغرب ويعوّض غيابنا وسنكون معه بالقلب والروح وسنشجعه.. خاوة خاوة".
منتخب جزائري "جذاب" كروياً
نال "محاربو الصحراء" إعجاب المتتبعين بالرياضيين بأدائهم في النهائيات الإفريقية، فالمنتخب سجل لحد الآن 12 هدفاً واستقبل هدفين، كما أنه تفوّق على السنغال في الدور الأول. وتميّز المنتخب الجزائري بجماعية لعبه، وقتاليه لاعبيه ومهاراتهم، والتكتيك الصارم الذي يتبعه المدرب جمال بلماضي.
ووجد المغاربة ضالتهم في هذا المنتخب، إذ افتقد أسود الأطلس لشفرة فكّ المنتخبات الدفاعية، وهو ما ظهر في مبارتي ناميبيا وبنين، كما تداول الإعلام المحلّي وقوع مشاكل داخل معسكر المنتخب خلال المباريات الإعدادية، فضلاً عن افتقاد عدد من النجوم لمستواهم، أبرزهم حكيم زياش الذي ضيّع ضربة جزاء حاسمة أمام بنين، وكان شبه غائب طوال البطولة. بينما في الجانب الآخر، تألق النجم رياض محرز في النهائيات وأحرز إلى الآن هدفين، فضلاً عن انتزاعه جائزة أفضل لاعب في المباراة أمام غينيا.
وحظي المدرب الجزائري جمال بلماضي بإشادة خاصة، فقد كان لاعباً سابقاً للمنتخب، ثم راكم خبرات تدريبية في قطر، قبل أن يعود للمنتخب مدرباً حيث أضحت لمسته واضحة بشكل أنسى الجزائريين مرحلة التخبط في المدربين، التي تلت مشاركة المنتخب في كأس العالم عام 2014. بينما في الجانب الآخر، أثارت عدة تقارير إعلامية الشكّ في مستقبل المدرب الفرنسي هيرفي رونار مع المنتخب المغربي، خاصةً أن أداء هذا الأخير في "الكان"، كان الأسوأ بين كل المباريات الرسمية النهائية التي أشرف عليها رونار منذ استلامه دفة تدريب المنتخب خلفاً لبادو الزاكي.
روابط تعمق التعاطف
وإضافة إلى الأسباب الرياضية، يجد الكثير من المغاربة والجزائريين في تشجيع المنتخبين فرصة لتذليل الخلافات السياسية المستمرة بين البلدين منذ استقلالهما عن فرنسا، وتجديد المطالبة لفتح الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، لأجل أن تعود الزيارات بين الشعبين إلى سابق عهدها، خاصةً مع وجود عائلات مختلطة على الحدود.
ويستغل عدد من النشطاء هذه المناسبة الكروية لخلق مبادرات تؤكد على عدم اتفاقهم على طريقة الدولتين في تدبير خلافاتهما السياسية، فيما يتجنب آخرون الحديث عن الموضوع السياسي، ويركزون على ماهو مشترك.
وعلاوة على الروابط التقليدية كالدين والجغرافيا وتوحدهما ضد الاستعمار الفرنسي، يشترك الشعبان في العديد من الروابط، إذ تقترب اللهجتان العاميتان كثيراً من بعضهما، خاصة في المناطق الشرقية للمغرب والغربية للجزائر، كما تنتشر اللغة الأمازيغية بشكل واسع في البلدين. وتوجد روابط أخرى ثقافية منها انتشار أغاني الراي في البلدين، كما يجد الزائر نوعاً التشابه في العادات كتحضير بعض أنواع الطعام والعديد من المظاهر الاحتفالية، فضلاً عن رموز تاريخية عاشت بين البلدين.
الكاتب: إسماعيل عزام
بطولة أمم أفريقيا تعود لمصر– تحديات ومكاسب تنتظر "المحروسة"
مصر هي الدولة صاحبة الخبرة الأكبر في تنظيم كأس أمم أفريقيا لكرة القدم. ورغم الإمكانيات التي تمتع بها والمكاسب المنتظرة من استضافتها لنسخة خاصة جداً من البطولة القارية، إلا أن التحديات كبيرة بالنسبة لمصر "المحروسة".
صورة من: picture-alliance/dpa/P.Lisitsyn
للمرة الخامسة، مصر من جديد
في اجتماع بالعاصمة السنغالية دكار الثلاثاء (8 يناير/ كانون الثاني 2019) صوتت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم الذي يرأسه أحمد أحمد لصالح استضافة مصر لكأس أمم أفريقيا الثانية والثلاثين بدلا من الكاميرون. لتكون تلك هي البطولة الخامسة التي تستضيفها مصر، بعد بطولات أعوام 1959، 1974، 1986 و 2006.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/M. Mustafa
أسباب سحب التنظيم من الكاميرون
وكان الاتحاد الأفريقي قد أعلن في مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2018 سحب تنظيم البطولة من الكاميرون بعدما "تلقى تقارير مفصلة"، على مدار أكثر من عامٍ، لاحظ فيها أن العديد من الشروط "لم يتم الوفاء بها". وأوضحت وسائل إعلام أن الكاميرون تأخرت في إنجاز أعمال البنى التحتية ومنشآت الملاعب (الصورة لملعب بافوسام) ، إضافة إلى وجود مخاوف لدى الاتحاد من الوضع الأمني هناك.
صورة من: DW/D. Köpp
مصر تتفوق بجدارة على جنوب أفريقيا
ومع إعلان سحب البطولة من الكاميرون أُعلِن أيضا عن فتح الباب لتلقي ترشيحات الدول التي تريد تنظيم البطولة. وكان الحديث يجري بقوة عن المغرب، غير أنه في النهاية لم يتقدم رسميا سوى مصر، وجنوب أفريقيا التي لديها ملاعب (الصورة) استضافت مونديال 2010. وجرى التصويت في داكار لـ"تحصد مصر 16 صوتاً، مقابل صوت واحد فقط لصالح جنوب إفريقيا، وامتناع (...) واحد عن التصويت"، حسب الاتحاد المصري لكرة القدم.
صورة من: Reuters
بداية مرحلة جديدة من أمم أفريقيا
كأس أمم أفريقيا لكرة القدم 2019 هي نسخة فريدة من البطولة التي انطلقت نسختها الأولى في الخرطوم عام 1957. فخلافاً للنسخ السابقة لن تقام البطولة في الشتاء وإنما في الصيف، أي من 15 حزيران/ يونيو وحتى 13 تموز/ يوليو المقبلين. وبعد أن كانت النسخ الماضية (ما عدا النسخ الأولى) بمشاركة 16 فريقاً، ستكون هذه النسخة الأكبر في تاريخ البطولات القارية بمشاركة 24 منتخباً.
صورة من: Reuters/A.-A. Dalsh
مصر مؤهلة لاستضافة البطولة
مصر لديها مؤهلات كثيرة جعلتها تفوز بتنظيم النسخة الـ32 من كأس الأمم الإفريقية. وسبق لبلاد النيل والأهرامات أن استضافت البطولة القارية أربع مرات، كما استضافت عام 1997 كأس العالم للناشئين تحت 17 عاما، واستضافت عام 2009 كأس العالم للشباب تحت 20 عاماً. ومصر لديها البنية التحتية اللازمة، من ملاعب وأماكن إقامة وشبكات نقل ومواصلات ومطارات، ومراكز البث ووسائل التواصل الحديثة، من أجل تنظيم بطولة ناجحة.
صورة من: imago/OceanPhoto
خمس مدن وثمانية ملاعب للبطولة
رشح الاتحاد المصري ثماني ملاعب لاستضافة أمم أفريقيا 2019، أربعة منها بالقاهرة الكبرى هي: استاد القاهرة (مدينة نصر، الصورة)، استاد السلام (مدينة السلام)، ملعب الدفاع الجوي (القاهرة الجديدة) وملعب الكلية الحربية (بالقرب من مطار القاهرة). بالإضافة إلى ملعب الجيش (الثالث) بمدينة السويس. وهناك استاد مدينة الإسماعلية. واستاد الإسكندرية وكذلك ملعب مدينة برج العرب، غربي الإسكندرية.
صورة من: picture-alliance/Ulmer
ملاعب خاوية بعد أحداث مؤسفة
ورغم السعة الضخمة لملاعب كالقاهرة وبرج العرب، إلا أنها تظهر خاوية من الجماهير في أغلب المباريات، خصوصا المحلية، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك. فبعد وقوع أحداث مؤسفة مثل "أحداث ملعب بورسعيد 2012" (الصورة)، و"أحداث ملعب الدفاع الجوي 2015"، حيث قتل العشرات من جماهير فريقي الأهلي والزمالك، قرر الأمن المصري أن تقام المباريات بدون جمهور.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
عبء على الأمن والجمهور
غير أنه يجري السماح للجماهير من حين لآخر بحضور المباريات الدولية، مثل المباراة التي أقيمت على ملعب برج العرب (8 أكتوبر/ تشرين الأول 2017) وتأهل من خلالها المنتخب المصري لمونديال روسيا 2018 بالفوز على الكونغو بهدفي النجم العالمي محمد صلاح (الصورة). غير أن تلك المباريات تمثل عبأ كبيرا على رجال الأمن والجماهير معا، حيث تكون الإجراءات الأمنية والتفتيش على أعلى مستوى ما يسبب ضغوطا على الجميع.
صورة من: picture alliance/ZUMAPRESS
مخاطر الإرهاب تلقى بظلالها
وهناك عبء إضافي يشكله الإرهاب لا سيما في سيناء، والذي يستهدف رجال الجيش والشرطة والأقباط والسياح الأجانب على وجه الخصوص. ونظراً لتواجد ملعبي الإسماعيلية والسويس بالقرب من سيناء فستكون هناك حاجة لتأمين قوي للاعبين والجماهير. ولن يقل الأمر أهمية بالنسبة للمباريات في القاهرة أو الإسكندرية. ويتوقع أن يستغل تنظيم "داعش" هذه المناسبة لإرهاب المشاركين، على غرار ما فعله قبل مونديال روسيا.
صورة من: Imago/ZUMA Press
فرصة لتحقيق مكاسب كثيرة
لكن السلطات والمسؤولين المصريين كانوا على علم تام بتلك المخاطر قبل التقدم لاستضافة تلك البطولة، التي تمثل فرصة لتحقيق مكاسب كثيرة لمصر، من بينها الفوز مرة أخرى بالكأس الغائبة منذ 2010، وعودة الجماهير للملاعب، والمكاسب المادية من تنشيط السياحة، إضافة إلى بعث رسالة بعودة الأمن إلى ربوع "المحروسة"، كما يسعى إليه المنظمون. الكاتب: صلاح شرارة