1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بطريرك الكلدان: الإسلام يحمي حقوق الأقليات ولا يسلبها

٢٨ أكتوبر ٢٠١٣

في تطور مفاجئ، دعا بطريرك الكلدان في العراق لويس ساكو المسيحيين العراقيين للعودة إلى بلادهم. فما خلفيات هذه الدعوة؟ وكيف يرى البطريرك وضع مسيحيي العراق ومستقبلهم؟ وما نظرته لمستقبل مسيحيي الشرق وبعض دول الربيع العربي؟.

An interview with the patriarch Louis Sako Photo titl: Louis Sako, head of the Chaldeans in Iraq and the world.  Baghdad, Iraq. Place and Date: Iraq, Baghdad, Oct, 26,2013.
البطريرك لويس ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالمصورة من: DW/M. Al-Said

فاجأ بطريرك الكلدان في العراق والعالم البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكثيرين حين دعا المسيحيين العراقيين للعودة إلى بلادهم رغم كل ما يقال عن استهدافهم ورغم التدهور الشديد في الوضع الأمني في البلاد. ما خلفيات هذه الدعوة؟ وكيف يرى البطريرك مستقبل مسيحيي العراق وكذلك مسيحيي دول الجوار والشرق عموما. ما نظرة البطريرك العراقي لوضع المسيحيين في بعض دول الربيع العربي وخصوصا سوريا ومصر؟. وهل يخشى على مستقبل المسيحيين؟ أسئلة عديدة حملها مراسل DW في بغداد إلى البطريرك المنتخب حديثا للطائفة الكلدانية في العراق وسائر العالم.

نص الحوار:

DW عربية: على الرغم من استمرار التدهور الأمني في العراق، فقد وجهتم دعوة وطنية إلى المسيحيين للعودة إلى وطنهم الأم، ما هي أسبابها؟

البطريرك لويس ساكو: دعوتي تهدف إلى تعزيز وتقوية مكانة المسيحيين في العراق وكي نعمل ونتعاون في بناء الحاضر والمستقبل بالاستفادة من مهاراتهم وخبراتهم التي اكتسبوها في الخارج لخلق نهضة فكرية وثقافية وعمرانية في البلد. وربما يكون حضور المسيحيين جسراً للحوار والسلم والمصالحة مع المكونات الأخرى. كما أن عودة المهاجرين تجعل من المسيحيين أصحاب القوميّة الثالثة والديانة الثانية في العراق. أما إذا لم يعودوا فسيبقون أقلية لا شأن لها ولا مكانة في البلاد. صحيح أننا لا نعرف المستقبل، لكننا نعرف من نحن وما تاريخنا وهويتنا ولغتنا وطقوسنا وتقاليدنا وجيراننا، لذلك نبقى ملتصقين بأرضنا وناسنا وبمبادئنا وحقوقنا حفاظاً على قوميتنا من الزوال.

على ضوء هذه الدعوة كيف تقيمون وضع مسيحيي العراق بعد مرور 10 أعوام على إسقاط النظام العراقي السابق؟

كبقية مكونات الشعب العراقي كنا كمسيحيين متشوقين إلى الإصلاحات والحرية التي كانت ستشهدها البلاد بعد عام 2003، بسبب ما عانيناه من ضغط عسكري ونفسي في زمن النظام السابق، وكذلك صعوبة السفر والتنقل بحرية إلى خارج العراق. ولكن خاب ظننا بعد العام المذكور والنتائج جاءت مغايرة لتوقعاتنا، لأسباب عدة كتنامي أعمال العنف والصراع على السلطة بسبب مصالح طائفية أو فئوية، وجميعها انعكست سلبياً على الشارع العراقي وبكل طوائفه ومكوناته.

استهدفت كنائس المسيحيين العراقيين بعدة هجماتصورة من: Munaf Al Saidy

هل لديكم تقديرات لعدد المسيحيين الذين قتلوا في العراق منذ العقد المنصرم؟

نتيجة لعدم التوافق السياسي وتدهور الوضع الأمني في العراق، فقد ضحى المكون المسيحي في وطنهم بنحو ألف شخص، وجميعهم لقوا حتفهم بعد الحقبة التي أعقبت دخول قوات التحالف، ناهيك عن تدمير نحو 62 كنيسة.

هاجر الكثير من أتباع الديانة المسيحية العراق بعد عام 2003، فكم وصل عددهم؟ وهل لا تزال الهجرة مستمرة إلى الخارج؟

بعد أن كان عدد المسيحيين بحسب إحصائية عام 1987 يصل لقرابة المليون ونصف المليون مسيحي، فقد تبقى منهم داخل العراق نحو 600 ألف مسيحي والعدد آخذ في التناقص المستمر بسبب الهجرة المستمرة إلى الخارج، وذلك بسبب غياب الأمان الاجتماعي في البلاد وفقدان الثقة بالمستقبل.

هل الحكومة العراقية قادرة على حمايتكم؟

كل العراقيين يعانون من غياب الأمان الاجتماعي ودليل ذلك موجة العنف التي تضرب بسياراتها المفخخة المناطق السنية والشيعية بين الحين والآخر، وبذلك فإن المكون المسيحي ليس هو الوحيد المستهدف أو ضحية تردي الأوضاع الأمنية في البلاد. وما على الحكومة العراقية فعله هو أن توفر الأمن لمواطنيها وذلك من خلال بناء أجهزة أمنية مهنية متطورة بعيدة عن الانتماءات والولاءات الفئوية والطائفية، فضلاً عن القضاء على المليشيات التي تعبث بأمن البلاد واستقراره.

مسيحية عراقية هاجرت إلى لبنان، أرشيفصورة من: Munaf Al Saidy

لننتقل إلى وضع المسيحيين في المنطقة، وهنا يفرض ما يحدث في سوريا نفسه أولاً. كيف تقيمون وضع المسيحيين في سوريا المجاورة في ظل الاقتتال المستمر والحرب الطاحنة؟

وضع المسيحيين في سوريا مرتبك جداً وكأن سيناريو العراق قد بدأ من جديد في سوريا، وذلك بسبب الصراع بين النظام والمعارضة، ما انسحب على المسيحيين وإشراكهم كطرف مؤيد للنظام بسبب عقليتهم المسالمة. كما أن هناك ضغطا من قبل النظام على هذا المكون (المسيحي) من أجل اتهام المعارضة بأنها هي من تضطهدهم. لهذه الأسباب تزايدت هجرة المسيحيين من سوريا إلى دول أوروبا وغيرها من البلدان بحثاً عن الحرية بالتزامن مع تنامي أعمال العنف.

كيف تنظرون إلى مستقبل المسيحيين في سوريا؟

لست متفائلاً بمستقبل المسيحيين في سوريا والشرق الأوسط، فالمستقبل غامض في حال لو استمر الوضع على ما هو عليه الآن. هناك ضغوط كبيرة ومخطط لتقسيم المنطقة إلى كيانات ودويلات فئوية ومذهبية تتماشى مع السياسة العالمية، فضلاً عن وجود إغراءات من دول تشجع على هجرة المسيحيين إليها، مع هذه المعطيات فقد المسيحيون ثقتهم بالمستقبل.

هل تخشون من هيمنة الإسلام السياسي في العراق وسوريا؟

الإسلام السياسي يعني الانغلاق وهو علامة موت يخشاها الكل وليس المكون المسيحي فقط لأنه يكفر ويهدد بإلغاء وإزالة كل من يتعارض مع نهجه. وهذه أزمة كبيرة تعاني منها الكثير من الدول العربية، فلا يمكن إقامة دولة مبنية على شريعة وتقاليد ونظم مغلقة تعود إلى القرن السابع دون مواكبة تطورات العصر كما في بعض الأنظمة الإسلامية الناجحة مثل ماليزيا واندونيسيا التي تشهد قمة في الانفتاح والتكامل والتطور.

ثمة مخاوف على وضع مسيحيي سوريا في ظل الصراع الدائر هناك. في الصورة مسيحيات من مدينة القامشليصورة من: DW/K. Zurutuza

كيف تقيمون وضع المسيحيين في البلدان التي شهدت تغيير في أنظمة الحكم كمصر مثلاً؟

هو وضع قلق وهش في ظل التعصب الأعمى وثقافة إزالة الآخر، وهذا المنهج لا ديني لأن الإسلام يحمي حقوق الأقليات ولا يسلبهم إياها. المسيحيون في مصر عانوا أيضاً من الاعتداء والاستهداف المستمر للأشخاص. هناك نحو 100 كنيسة دمرت فضلاً عن قتل وتهجير العديد منهم إلى خارج البلاد. وبالتالي فإن خسارة أي مكون هي خسارة للكل وتلك الدولة.

وهل الأنظمة الديكتاتورية أكثر حماية للأقليات عموما وللمسيحيين على وجه الخصوص؟

الأنظمة الديكتاتورية هي أنظمة قوية كانت تفرض هيمنتها وسيطرتها على الكل كما أنها أنظمة حامية للكل بغض النظر عن انتماءاتهم المذهبية والدينية. ومع دخول الديمقراطية لتلك البلدان وما رافقها من تعدد الأحزاب وفوضى كبيرة في فهم معنى الحرية والديمقراطية وممارستها، فضلاً عن صراع الكتل على مصالحها الحزبية أو الفئوية. هذا الصراع خلق فراغاً استغلته الجماعات المتطرفة في العبث بأمن المواطن واستقراره وتكريس الممارسات الديكتاتورية نفسها وتهميش الآخر بعيداً عن لغة الحوار وهذا ما يحصل في العراق ومصر.

أجرى الحوار: مناف الساعدي ـ بغداد

البطريك لويس ساكو هو بطريرك الطائفة الكلدانية في العراق والعالم. ولد في مدينة زاخو (كردستان العراق) عام 1949، وحصل على الدكتوراه في علم آباء الكنيسة من الجامعة البابوية في روما عام 1983، وعلى ماجستير في الفقه الإسلامي عام 1984. كما حصل على دكتوراه ثانية في تاريخ العراق القديم من جامعة السوربورن عام 1986.

اختاره سينودس أساقفة الكنيسة الكلدانية المنعقد في روما مطلع شباط/ فبراير 2013 بطريركاً جديداً للكنيسة الكلدانية، باسم البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، خلفاً للبطريرك الكاردينال مار عمانوئيل الثالث دلي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW