بعد تحقيقات منفصلة في بلدان أوروبية عديدة، تمكنت السلطات الإيطالية من اعتقال شخص أوكراني بشبهة التورط في عملية تخريب خط غاز نورد ستريم قبل ثلاث سنوات، بعد مذكرة اعتقال صادرة عن القضاء الألماني. فما التفاصيل؟
في 26 أيلول/سبتمبر 2022، وقعت أربعة حوادث تسرب غاز ضخمة سبقتها انفجارات في قاع البحر بفارق ساعات بين كل منها، على خطي الأنابيب نورد ستريم 1 و2 اللذين يربطان روسيا بألمانياصورة من: Danish Defense Ministry/Xinhua/picture alliance
إعلان
بعد ثلاث سنوات على ت خريب خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم" في بحر البلطيق، أوقفت السلطات الإيطالية اليوم الخميس (21 أغسطس/آب 2025) أوكرانيا يشتبه في أنه أحد منسقي عملية التخريب.
وهذه هي عملية التوقيف الأولى في هذه القضية التي تعتبر حساسة بسبب الحرب في أوكرانيا التي تتعرض لغزو روسي منذ شباط/فبراير 2022.
أمر الاعتقال صادر عن ألمانيا
وجاء في بيان صادر عن النيابة العامة الألمانية المتخصصة في قضايا الإرهاب "طلبت النيابة العامة من الشرطة الإيطالية في مقاطعة ريميني (إيطاليا) توقيف المواطن الأوكراني "سيرغي ك." بناء على مذكرة توقيف أوروبية".
وداهم رجال الشرطة منزلا من طابق واحد كان المشتبه به يقيم فيه مع أسرته لبضعة أيام. وقالت الشرطة إنه استسلم دون مقاومة. وتم نقل المشتبه به بعد اعتقاله إلى سجن في ريميني، ولم يتضح على الفور متى قد يتم تسليمه إلى السلطات الألمانية.
وأضاف أنه يشتبه في "أنه أحد منسقي عملية التخريب الذين وضعوا في أيلول/سبتمبر 2022 متفجرات على خطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 قرب جزيرة بورنهولم الدنماركية".
وقالت السلطات الإيطالية إن المشتبه به البالغ 49 عاما، كان يقيم منذ عدة أيام مع عائلته في سان كليمنتي، القريبة من مدينة ريميني، المنتجع الرئيسي على البحر الأدرياتيكي. وأضافت "داهمت الشرطة المنزل الذي كان يقيم فيه، وأوقف بدون أن يبدي مقاومة".
إعلان
تعاون و"نجاح"
وخلال مؤتمر صحافي مقتضب في برلين أشادت وزيرة العدل الألمانية ستيفاني هوبيغ بـ "النجاح المذهل" الذي حققته النيابة العامة.
وعندما طرح عليها سؤال عن عواقب هذا الاعتقال على العلاقات الألمانية الأوكرانية، أكدت الوزيرة تضامن برلين مع كييف التي تعد من أهم حلفائها.
في 26 أيلول/سبتمبر 2022، وقعت أربعة حوادث تسرب غاز ضخمة سبقتها انفجارات في قاع البحر بفارق ساعات بين كل منها، على خطي الأنابيب نورد ستريم 1 و2 اللذين يربطان روسيا بألمانيا ويحملان معظم الغاز الروسي إلى أوروبا.
في حينها علقت موسكو توريد الغاز عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" على خلفية اختبار قوة مع حلفاء كييف الأوروبيين. أما خط الأنابيب نورد ستريم 2 الذي كان موضع خلاف بين برلين وواشنطن لسنوات، فلم يكن قد دخل الخدمة بعد.
منذ التخريب، باشرت ألمانيا والسويد والدنمارك تحقيقات قضائية منفصلة، وأقد ُغلقت في الدولتين الاسكندنافيتين في العام 2024. طُرحت احتمالات عدة مع افتراض أساسي بأن إحدى الدول قد تقف وراء العملية. ونفت كل من أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة بشدة أن تكون ضالعة في العملية.
تفاصيل التحقيقات
وفي بيان صدر الخميس صرّح مكتب المدعي العام الاتحادي الألماني بأن "سيرغي ك" وشركاءه "استخدموا قاربا شراعيا أبحر من ميناء روستوك الألماني على بحر البلطيق". وأضافت النيابة العامة أنه "تم استئجار القارب الشراعي من شركة ألمانية باستخدام أوراق هوية مزورة عبر وسطاء".
وأشار مكتب المدعي العام إلى أن "المواد المتفجرة المستعملة في 26 أيلول/سبتمبر 2022، قد ألحقت أضرارا بالغة بخطي أنابيب الغاز".
قبل عام، كشفت عدة وسائل إعلام ألمانية وقناة ARD العامة وصحيفتا دي تسايت وزود دويتشه تسايتونغ، أن التحقيق يتجه نحو خيط أوكراني، حيث صدرت مذكرة توقيف ألمانية بحق غواص محترف يُشتبه بضلوعه في عملية التخريب مع اثنين من مواطنيه.
هذا الغواص الذي قدمته وسائل الإعلام الألمانية على أنه "فولوديمير ز " كان يعيش في بولندا، لكنه تمكن من الفرار إلى أوكرانيا قبل إلقاء القبض عليه.
غداة كشف الصحافة الألمانية عن هذه المعلومات، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، أن رئيس الأركان الأوكراني السابق فاليري زالوزني، أشرف على خطة تفجير خطي أنابيب الغاز. وردّت الرئاسة الأوكرانية في 15 آب/أغسطس 2024 بأن ما يشاع يعتبر "هراء مطلقا". أما موسكو فأعلنت "بوضوح" بعد أربعة أيام أن العملية نفذت بأمر من واشنطن.
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.