"بطلة اللاجئين" كارولا راكيته توقد أزمة بين برلين وروما
١ يوليو ٢٠١٩
هناك من يعتبرها "بطلة انسانية" بامتياز، وهناك من يعتبرها "خارقة للقانون" وفي كل الأحوال فشخصيتها القوية تثير فضول الجميع. تحدي الألمانية كارولا راكيته قبطان سفينة "سي ووتش" سبب أزمة ديبلوماسية على المستوى الأوروبي.
إعلان
دعا وزير التنمية الألماني غير مولر الاتحاد الأوروبي إلى التدخل من إجل إطلاق سراح المواطنة الألمانية كارولا راكيته، التي تعتقلها السلطات الإيطالية، منذ دخولها السبت الماضي ميناء لامبيدوسا بسفينة "سي ووتش 3" وعلى متنها 41 مهاجرا، أنقذتهم من البحر المتوسط. وقال مولر اليوم الإثنين (الأول يوليو/ تموز 2019) إن راكيته تصرفت وفق "حالة طوارئ مطلقة". وأضاف لصحيفة "باساور نويه برسه": "لذلك أنتظر من بروكسل أن ترسل هنا إشارة واضحة فتطالب بإطلاق سراحها فورا".
وبسب الدراما المحيطة بالسفينة "سي ووتش 3" تطالب المفوضية الأوروبية من جانبها بالاتفاق على مبدأ جديد لتوزيع اللاجئين ومزيد من التضامن مع الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. وطبقا لما قاله وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر فإن الحكومة الألمانية "تحث على حل أوروبي مشترك" لاستقبال اللاجئين الذين كانوا على متن السفينة.
وأكد زيهوفر أن ألمانيا تقف بجانب فرنسا على رأس دول الاتحاد الأوروبي، التي تسعى بانتظام لأن "تفتح الموانئ في البحر المتوسط للناس الذين تعرضوا لمحن". وأعرب لصحف "مجموعة فونكه" اليوم الإثنين عن تفاؤله بأنه نظرا للواقعة الحالية (سي ووتش 3) فإن المفوضية الأوروبية ستعمل على التفاوض بشأن حل.
من جهته، طالب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم بألمانيا، الدول الأعضاء بدعم مطالب ألمانيا وقال أمينه العام لارس كلينغبايل: "عندما يتم اعتقال امرأة شابة في قلب أوروبا لأنها أنقذت (أرواح) غرقى؛ فهناك شئ خطأ".
أما الرئيسة المشاركة بحزب الخضر المعارض أنالينا بيربوك فدعت وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى العمل بشكل نشط من أجل كارولا راكيته وقالت لصحيفة "دي فيلت" اليوم الإثنين "يجب على الخارجية الألمانية في قضية اعتقال قبطانة السفينة سي ووتش 3 العمل فورا وبنشاط خصوصا فيما يتعلق بالتعامل غير المفهوم من وضع كارولا راكيته قيد الإقامة الجبرية والسماح لها بالتواصل فقط مع محاموها".
ومن جانبه قال محامي كارولا راكيتا إنها أعربت الأحد عن أسفها على أي ازعاج سببته عندما حاصرت سفينتها زورقا تابعا للشرطة عند الرصيف بميناء لامبيدوسا. وقال اليساندرو جامبريني محامي راكيتا لرويترز عبر الهاتف إن القبطان الألمانية أوقفت محركات السفينة (سي ووتش 3) على الفور عندما أدركت أنها ربما اقتربت كثيرا من زورق الدورية. وأضاف "هي آسفة للغاية لتسببها في حالة من الخطر والرعب بين مسؤولي شرطة الجمارك. لقد كانت مناورة صعبة لكنها كانت تشعر دائما أنها تقوم بها بطريقة آمنة... لقد كانت تقترب ببطء شديد".
ص.ش/ح.ز (ي ب د، رويترز)
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو