بعد أحداث العنف ـ توقيف المئات ونشر وحدات الجيش في تونس
١٨ يناير ٢٠٢١
اعتقل أكثر من 600 شخص بعد الليلة الثالثة على التوالي من الاضطرابات التي تشهدها عدة مدن تونسية فيما نُشرت قوات من الجيش في بعض المناطق. التي تأججت بعد حادث تعنيف راعي أغنام من قبل شرطي في سليانة.
إعلان
أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية اليوم الاثنين (18 كانون الثاني/ يناير 2021) عن إيقاف 632 شخصا، أغلبهم من القاصرين، في احتجاجات وأعمال شغب جدت ليل الأحد / الاثنين في عدة مناطق في البلاد. وشهدت العديد من الأحياء في أنحاء تونس، ومن بينها أحياء في ضواحي العاصمة، مواجهات بين متظاهرين وقوات الشرطة حتى ساعات متأخرة من الليل على الرغم من حظر التجوال الليلي.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني إن إجمالي عدد الموقوفين بلغ 632 شخصًا، أبرزهم "مجموعات من الأفراد أعمارهم بين 15 و20 و25 عامًا تقوم بحرق العجلات المطاطية والحاويات بهدف عرقلة تحركات الوحدات الأمنية".
وأجج حادث تعنيف راعي أغنام من قبل شرطي في سليانة الاحتجاجات منذ الخميس الماضي. واتسعت رقعة الاحتجاجات وأعمال العنف يوما بعد يوم لتشمل عدة مناطق. وانتشرت وحدات من الجيش ليل الأحد في أربع مدن من بينها سليانة، إلى جانب القصرين وسوسة وبنزرت، بحسب ما أفاد به المتحدث باسم وزارة الدفاع محمد زكري. وقال زكري إن الوحدات العسكرية ستحرس المنشآت العامة وتعاضد جهود الأمن في بسط النظام.
ودفع القرار الكثير من الشباب للخروج إلى الشوارع ليلا لإحياء احتجاجات مماثلة شهدتها البلاد على مدار السنوات الماضية بمناسبة ذكرى ثورة شباط/فبراير 2011. وقال المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان له اليوم إنه "نبه من خلال دراساته الميدانية، إلى تعمق ظاهرة الانقطاع عن الدراسة لدى فئة كبيرة من الشباب والأطفال وتفاقم الشعور باللامساواة وعدم الانصاف وإحساس بالغبن". وأعلن المنتدى "دعمه لكل الاحتجاجات الاجتماعية المدافعة عن الحقوق والكرامة والمساواة أمام القانون، ويدعوها لمواصلة نضالها، في احترام للممتلكات العامة والخاصة تأكيدا لهدفها الأسمى في التغيير الحقيقي والقطيعة مع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة". وشهدت تونس طيلة فترة الانتقال السياسي احتجاجات اجتماعية متكررة ضد البطالة والفقر وتدني الخدمات.
اضرابات بعد أيام على الذكرى العاشرة للثورة
والاضطرابات الأخيرة جرت بعد أيام قليلة على الذكرى العاشرة للثورة وفي كثير من المدن التونسيّة، تمّ خلالها إلقاء حجارة قابلتها قنابل غاز مسيل للدموع. وإذا كان الحجر العامّ المفروض لأربعة أيّام في مواجهة كوفيد-19 والذي ينتهي الأحد قد خنق هذا العام ذكرى الثورة، إلّا أنّه لم يحل دون حصول اضرابات لم تُعرف دوافعها الدقيقة بعد. وتأتي الاشتباكات في سياق من عدم الاستقرار السياسي وتدهور الوضع الاجتماعي في تونس.
وأدّت التوتّرات بين الأحزاب الممثّلة في البرلمان إلى إضعاف الحكومة التي أُجري عليها تعديل وزاريّ السبت لا يزال يتعيّن على البرلمان المصادقة عليه. والطبقة السياسيّة منقسمة أكثر من أيّ وقت مضى منذ الانتخابات التشريعيّة في 2019، رغم تفاقم الأوضاع الاجتماعيّة جراء انتشار وباء كوفيد-19 (177231 إصابة منها 5616 وفاة) وغلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة والتراجع المستمرّ للخدمات العامّة.
وعادةً ما يشهد شهر كانون الثاني/يناير تحرّكات في تونس، لأنّ هذه الفترة تُصادف ذكرى عدد كبير من النضالات الاجتماعية والديمقراطية الكبرى.
ز.أ.ب/ح.ز (د ب أ، أ ف ب)
عقد على "الربيع العربي".. ماذا بقي من الثورة في تونس ومصر!
هل كان البوعزيزي يعتقد أن وفاته ستشكّل بداية النهاية لنظام بن علي لتسقط بعده أنظمة أخرى منها نظام مبارك؟ في الذكرى العاشرة للثورة التونسية، هذا تأريخ لعدد من الأحداث المفصلية التي عاشتها كل من تونس ومصر.
صورة من: DW/K. B. Belgacem
شرارة "الربيع" على يد بائع متجول
شاب في عمر الـ 26 سنة، يقرّر الاحتجاج على مصادرة عربة الخضراوات التي كان يعيش منها، لكن رفض المسؤولين الاستماع له قاده إلى إحراق نفسه يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010. توفي لاحقا محمد البوعزيزي متأثرا بالحروق، لكن مدينته سيدي بوزيد تحوّلت إلى شعلة لثورة هائلة هزت كل مناطق تونس وشكلت بداية لاحتجاجات كبيرة في المنطقة العربية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
نهاية حُكم بالفرار
حكم زين العابدين بن علي تونس بقبضة من حديد منذ عام 1987، وتابعته ملفات فساد ضخمة رفقة زوجته ليلى الطرابلسي، لكنه لم يكن يظن أن عام 2011 سيشكل نهاية حكمه بعد فراره من البلد ليلة 14 يناير/كانون الثاني. حاول بن علي أولا إعلان إصلاحات وإقالة عدة وزراء وعدم الترّشح للرئاسة مجددا، لكن ذلك لم ينفعه في وقف الاحتجاجات ليتوجه إلى السعودية حيث بقي لاجئا حتى وفاته عام 2019.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
الاحتجاجات لم تتوقف
لم تنجح الحكومات التونسية المتعاقبة في معالجة المشاكل الاجتماعية، فمثلا الذكرى السابعة لهروب بن علي بداية 2018 تزامنت مع احتجاجات واسعة وصلت إلى أعمال عنف ردا على خفض رواتب الموظفين وفرض رواتب جديدة. وتحوّلت الإضرابات والاحتجاجات إلى طقس شبه دائم، وتكررت اقتحامات العاطلين لمقرات حكومية بعد ارتفاع نسب البطالة.
صورة من: picture alliance/dpa
الانقسام السياسي.. العنوان الأبرز
شهدت تونس بسبب الانقسام السياسي الحاد تسعة رؤساء حكومات منذ هروب بن علي. رئيس الحكومة الحالي هو هشام المشيشي وقبله كان إلياس الفخفاخ، وقبلهم جميعا كان أول رئيس حكومة هو محمد الغنوشي. توالت على المنصب شخصيات من تيارات سياسية متنوعة لكن لا حكومة استطاعت وقف التحديات الكبيرة، كارتفاع القروض وعجز الموازنة العامة والاحتقان الاجتماعي، فضلاً عن معاناة البلد من هجمات إرهابية ضربت القطاع السياحي في العمق.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
ثلاثة رؤساء من تيارات متنوعة
كان انتخاب المعارض منصف المرزوقي في منصب رئيس الجمهورية نهاية عام 2011 حدثا بالغ الدلالة على تحول تونس، وكان أول رئيس عربي منتخب يسلم السلطة سلميا بعد هزيمته في انتخابات 2014، وكان ذلك للباجي قايد السبسي، الذي استمر رئيسا حتى وفاته في يوليو/أيلول 2019. وبعد مرحلة انتقالية، تمّ انتخاب قيس سعيد (الصورة). ويمثل كل واحد من الرؤساء الثلاثة تيارات فكرية متنوعة.
صورة من: Getty Images/F. Belaid
ثورة 25 يناير تجبر مبارك على التنحي
بعد رحيل بن علي، بدأت الاحتجاجات في مصر ضد نظام حسني مبارك يوم 25 يناير/كانون الثاني 2011، ثم تحولت إلى ثورة عارمة لكنها تميزت بتجمع المتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة، حيث بقوا معتصمين حتى إعلان مبارك التنحي عن الحكم يوم 11 فبراير/شباط. من الأسباب التي أدت للثورة، زيادة على الفساد والاستبداد، عنف الشرطة الذي أدى إلى مقتل خالد سعيد.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Trueba
خلع مرسي وصعود السيسي
كان المخاض السياسي في مصر أصعب من نظيره في تونس نظرا لتدخل الجيش المصري. لذلك لم تشهد البلاد انتخابات رئاسية إلا عام 2013، نجح فيها الإخوان المسلمون، غير أن السخط الشعبي على أداء حكومة الرئيس محمد مرسي فتح المجال للجيش للعودة عبر "انقلاب عسكري". وبعد انتخابات وُجهت لها عدة انتقادات، تمّ انتخاب وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي رئيساً عام 2014، وأعيد انتخابه عام 2018.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتهاكات حقوق الإنسان
بات وضع مصر في مجال حقوق الإنسان أسوأ ممّا كان عليه قبل الثورة المصرية حسب تأكيدات هيئات حقوقية، خاصة السجناء السياسيين وقمع حرية الرأي والتعبير وتنفيذ الإعدام. ابتعد جلّ شباب الثورة عن المشهد، وتم تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في قانون الإرهاب، فيما توفي محمد مرسي داخل سجنه، ولاحقا توفي حسني مبارك الذي تمّ إطلاق سراحه عام 2017.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
تثبيت أركان السيسي
أدار السيسي مصر بقبضة من حديد ولم تنجح كل الدعوات في تظاهرات جديدة ضد حكمه وبقي جلّها على الإنترنت. استفاد السيسي بقوة من ملف محاربة الإرهاب وملف اللاجئين لتدعيم علاقته بالغرب وعقد صفقات ضخمة. تتحدث معطيات البنك الدولي عن تحسن نسبي في الوضع الاقتصادي المصري لكن لم ينعكس ذلك كثيرا على الواقع الاجتماعي لمصر ما بعد الثورة.