1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد أن استعصى في 2021.. هل يكون 2022 عام الحل في ليبيا؟

٢٩ ديسمبر ٢٠٢١

شهدت الساحة الليبية في عام 2021 الكثير من الأحداث بعضها كان مشجعاً لتوقعات بمستقبل أفضل، لكن بمرور الأيام واقتراب العام من نهايته يبدو أن الحل يبتعد أكثر فأكثر مع تأجيل الانتخابات. فهل يكون عام 2022 أفضل من سابقه؟

صورة رمزية
شهد عام 2021 الكثير من الأحداث كان بعضها دافعاً للتفاؤل.. فماذا يخبئ 2022 لليبيين في جعبته؟صورة من: Suhaib Salem/REUTERS

حفل عام 2021 بالكثير من المنعطفات والأزمات التي صبغت المشهد السياسي في ليبيا بصبغة ملؤها القلق رغم أنّ العام نفسه شهد عدداً من الأحداث كانت تشي بإمكانية حدوث استقرار سياسي في قابل الأيام.

عام حافل بالأحداث!

بدأ العام بحدث مفصلي في الخامس من شباط/فبراير 2021، حيث انتخب المشاركون في الحوار الليبي-الليبي خلال اجتماعات في جنيف برعاية الأمم المتحدة عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة للفترة الانتقالية، إلى جانب مجلس رئاسي مكون من ثلاثة أعضاء، وبعدها في 10 آذار/مارس نالت الحكومة الانتقالية ثقة البرلمان وحلت محل حكومة الوفاق الوطني وحكومة الشرق.

وفي 22 أيلول/سبتمبر جمد خليفة حفتر مهامه العسكرية استعداداً للانتخابات الرئاسية، ما أدى لسريان أجواء من الارتياح والأمل في استمرار التهدئة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية في نهاية العام، رغم ما أثاره ترشح رجل شرق ليبيا القوي من قلق عارم لدى آخرين.

وفي أوائل تشرين الأول/أكتوبر، اعتمد البرلمان الموجود في الشرق القانون الذي ينظم الانتخابات التشريعية، لكن المجلس الأعلى للدولة - وهو بمثابة هيئة ثانية في البرلمان ومقره طرابلس - اعترض على هذا القانون، بعدها عدل البرلمان مواعيد التصويت على أن تجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها في 24 كانون الأول/ديسمبر الجاري، بيد أن المفوضية العليا اقترحت تأجيلها لمدة شهر، بسبب خلافات على القواعد الأساسية الحاكمة لها ومنها أهلية
المرشحين ودور القضاء في الطعون.

وفي الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر فتح باب تقديم الترشيحات للانتخابات. وتصاعدت وتيرة الأحداث مع إعلان سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر خوض الانتخابات الرئاسية ليشتعل صراع قانوني، على ضوء موقعهما الخلافي والقضايا القانونية التي تنسب لهما.

رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا وأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية عبد الحميد الدبيبة (25/02/2021)صورة من: Hazem Ahmed/AP Photo/picture alliance

الانتخابات الرئاسية.. الحدث الأبرز

وعلى الرغم من الدعوات المتواصلة إقليمياً ودولياً بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية الليبية وتجاوز العقبات المرحلية التي قد تحول دون انعقادها، إلا أن الأجواء يعمها التشاؤم حيال إمكانية حدوث ذلك، وهو ما تأكد باقتراح المفوضية تأجيلها.

ومع نهاية تشرين الثاني/نوفمبر شكك وزير الداخلية خالد مازن في اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها بسبب "اتساع رقعة الخروقات"، ليأتي يوم 11 كانون الأول/ديسمبر وتعلن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا إرجاء نشر القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة، ما أبعد أكثر احتمال اجراء الانتخابات في الموعد المحدد في 24 كانون الاول/ديسمبر.

وقبل أيام من موعد الاستحقاق، أكد العديد من المسؤولين الليبيين استحالة إجراء الانتخابات في موعدها المقرر بسبب عدم وجود قائمة رسمية بالمرشحين واستمرار الخلافات بين الاطراف السياسيين حول القاعدة القانونية للاقتراع.

وتسود حالة من البلبلة حول مصير الانتخابات التي اقترحت المفوضية تأجيلها لأن إجراءها في موعدها أصبح "غير ممكن"، فيما أعلن قائد ميليشيا ما يعرف بـ"لواء الصمود" صلاح بادي، المطلوب دوليا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، قوله إنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية في الموعد المقرر.

ويدور نقاش في البرلمان، المتمركز في شرق ليبيا والمنتخب في 2014، حول مدة تأجيل الانتخابات وما إذا كان من الممكن بقاء حكومة الوحدة الوطنية *المؤقتة ورئيسها عبد الحميد الدبيبة، المرشح للرئاسة.

وشددت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز على أن تفويض حكومة الوحدة
الوطنية ما زال قائما، قالت وليامز إن ذلك يرجع إلى البرلمان، لكن "ينبغي أن ينصب الاهتمام بشكل رئيسي على إجراء الانتخابات". وأضافت أن أي تغييرات على الحكومة يتعين أن تجرى وفقا للقواعد التي أرستها الاتفاقات السياسية السابقة التي حظيت باعتراف دولي.

وكان سبعة عشر مرشحا للانتخابات الرئاسية الليبية قد دعوا، المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى تزويدهم تفسيرات لأسباب عدم إجراء الاقتراع في الموعد المحدد، ما يشكل اعترافا ضمنيًا بأن ليبيا لن تشهد انتخابات رئاسية في 24 كانون الأول/ديسمبر.

وفي مقال له بصحيفة "تايمز" البريطانية، قال ريتشارد سبنسر مراسل شؤون الشرق الأوسط إن "الانتخابات الرئاسية الليبية تمثل اختيارا بائسا لمرشحين يدعمون الفوضى"، منتقداً ما أسماه بمساع"مجموعة من الفاسدين والمجرمين الباحثين عن السلطة، قد تدفع ليبيا التي مزقتها الحرب إلى منعطف درامي في مسيرتها نحو تحقيق الاستقرار والسلام خاصة أن بينهم متهمون بارتكاب جرائم حرب".

ويرى مراقبون للشأن الليبي أن الفشل في إجراء الانتخابات غالباً ما سيؤدي إلى اندلاع دائرة جديدة من العنف خاصة وأن رفض أحد المرشحين للرئاسة النتيجة وكان يرتكن إلى ميليشياته المسلحة، وهو أمر غير مستبعد على الإطلاق في بلد يسبح في بحر من المرتزقة وتتداخل فيه مصالح إقليمية ودولية.

رجل شرق ليبيا القوي والمرشح الرئاسي خليفة حفتر (16/11/2021)صورة من: LIBYA ALHADATH TV/AFP/Getty Images

ردة عن حلم الديمقراطية

ويقول سامي حمدي، العضو المنتدب للشركة العالمية للمخاطر والاستخبارات "International Interest” إنه مع سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ليبيا بدأ كثير من الناس يفكرون في اتجاه آخر، ضارباً المثل بعدد من الفيديوهات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص يعتذرون لمرشحين قد يرونهم الأفضل لخوض سباق الرئاسة وأنه سيختارون شخصاً كسيف الإسلام القذافي للمنصب الرفيع "لأن القذافي يمثل العودة لذلك الأمن والاستقرار" بحسب ما قال في حوار له مع DW.

ويعتقد حمدي أن مثل هذا النوع من الرسائل هو ما يلعب عليه شخص مثل القذافي بمحاولة تذكير الليبيين بالماضي حين كانت البلاد مستقرة مداعباً الحنين لدى الناس لتلك الفترة "فلا حقوق ولا حريات بل أمن واستقرار.. هذا ما يحاول سيف الإسلام القذافي تقديم نفسه من خلاله".

وأشار الخبير السياسي في مقابلة له مع DW إن التفكير في هذا الاتجاه ليس بجديد، ضارباً المثل بما حدث في تونس "حيث يدعم الكثير من المواطنين، تعليق العمل بكثير من مواد الدستور وتجميد دور المؤسسات المنتخبة بهدف الوصول إلى الأمن والاستقرار وتحسن الاقتصاد خاصة وأنهم يرون أن وعود الديمقراطية لم تحقق أحلامهم حتى الآن"، مضيفا أننا "نشهد هذه الموجة من تراجع الأمل في الديمقراطية في المنطقة والكثير من خيبة الأمل بشأنها".

ماذا عن الغد؟

كان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قد أكد قبل أيام أن سبب عدم التوصل إلى حل للمشكلة الليبية هو "الانقسامات على الأرض، والتدخلات الخارجية، ووجود المرتزقة". وأضاف أبو الغيط في تصريحات لقناة "سكاي نيوز عربية" أن "المسرح الليبي يمر بانقسامات شديدة للغاية بين مختلف المناطق إلى جانب وجود الميليشيات، بالإضافة إلى التدخلات الواضحة من أطراف إقليمية تضع قواتها ونفوذها على الأرض ".

الرئيس ساركوزي مع المستشارة الألمانية السابقة ميركل ورئيس وزراء إيطاليا في مؤتمر باريس حول ليبيا (12/11/2021).صورة من: Raphael Lafargue/abaca/picture alliance

ويرى سامي حمدي، العضو المنتدب للشركة العالمية للمخاطر والاستخبارات "International Interest" ومقرها في لندن أن الانقسامات بين الليبيين عميقة للغاية، وصارخة كما أن المظالم عميقة ما يصعب من إمكانية المصالحة الوطنية ويجعلها بعيدة المنال

وقال حمدي إنه من الصعب للغاية إجراء الانتخابات خاصة مع غياب الإجماع السياسي داخل ليبيا على إنجازها وهو العنصر الذي يفترض أن له قوة الدفع الأكبر لإنجازها، "فمن دون الإجماع السياسي، ومن دون أن تتمكن الفصائل الليبية على الأقل من الجلوس معًا على طاولة واحدة، لا يمكن إجراء الانتخابات وقد يصبح الخيار الوحيد هو الحرب".

ويرى الخبير السياسي أنه "ربما لهذا السبب وغيره أدرك الفاعلون الدوليون ومنهم الدبلوماسي السلوفاكي  يان كوبيش المبعوث الدولي - المستقيل - للأمم المتحدة، وستيفاني ويليامز المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا، الحاجة إلى مشاركة حفتر في العملية السياسية، حتى على الرغم من رفض قطاع عريض من الليبيين لمشاركته، لكني أعتقد أن الجميع يدرك أن المصالحة الوطنية يجب أن تأتي أولاً، وهو الأمر الغائب في ليبيا، على الأقل في المدى المتوسط ​​القريب".

ولم يستبعد الخبير في الشأن الليبي سيناريو الحرب الأهلية، "خاصة مع ما نراه اليوم من استعراض للقوة من جانب الميليشيات والتي أصبحت تعبر عن نفسها ووجودها بكل وضوح وصراحة وتحاول التمركز في المشهد السياسي".

ويضيف مجدي أنه ليس بالضرورة أن ينتج عن مثل هذه المشاهد وأمور كمحاصرة المحاكم ومنشآت الدولة حرب أهلية لكنها تبدو كإشارة على ما يمكن عمله أو المدى الذي قد يصل إليه هؤلاء "هذا يبدو كمن يقول: اسمع.. لدي القدرة على تدمير العملية السياسية برمتها. لذا أعطني مقعدًا أفضل على الطاولة. أعلم أن هناك عملية سياسية قادمة هذه المرة. لا تجلسني في المقاعد الخلفية.. أريد مقعداً في الصف الأمامي بجوار حفتر، بجوار الدبيبة".

ويختم حمدي حديثه بالقول: "أعتقد أن المجتمع الدولي يقوم الآن بمسح المشهد في ليبيا، ليرى من هم الأقوياء على الساحة. وسيتعامل مع الوضع في ليبيا وفقًا لذلك، وهو ما يبدو أن يان كوبيتش كان يحاول القيام به خلال الأشهر الأربعة الماضية على الرغم من الانتقادات الكثيرة، فالأمر لا يتعلق بليبيا، لكنه الآن صراع على من لديه المقعد الأعلى على الطاولة".

وتحاول ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 تجاوز عقد من الفوضى، اتسم في السنوات الأخيرة بوجود قوى متنافسة في شرق وغرب البلاد.

وكان حوار سياسي بين الأفرقاء الليبيين برعاية الامم المتحدة في جنيف في شباط/فبراير الماضي، أفضى إلى تشكيل سلطة سياسية تنفيذية موحدة مهمتها التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي حددت على التوالي في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير.

عماد حسن

 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW