بعد ابتعاد الحريري.. جنبلاط: العرب تخلّوا عن لبنان لإيران!
٢٨ يناير ٢٠٢٢
عقب إعلان سعد الحريري "تعليق" نشاطه في الحياة السياسية لعوامل منها "النفوذ الإيراني"، أكد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط أن تخلي العرب عن لبنان أعطى نفوذاً أكبر لإيران في لبنان، مضيفاً أنهم ضحية الصراع بين العرب وحزب الله.
إعلان
قال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الخميس (27 كانون الثاني/يناير 2022) إن إيران كسبت المزيد من النفوذ في لبنان بسبب تخلي الدول العربية عن هذا البلد، وكثّف الانتقادات لحزب الله، وألمح إلى أن طهران تريد محو الدولة اللبنانية.
وكان جنبلاط، أحد الساسة الرئيسيين في لبنان، يتحدث بعد أيام من إعلان الزعيم السني سعد الحريري ابتعاده عن الحياة العامة، مرجعاً ذلك إلى عوامل منها النفوذ الإيراني وإلى اقتناعه "بأنه لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني"، في إشارة إلى جماعة حزب الله الشيعية التي تمتلك ترسانة ضخمة من السلاح.
وفتحت خطوة الحريري مرحلة جديدة في السياسة الطائفية في لبنان، مما زاد من حالة عدم اليقين قبل أربعة أشهر من الانتخابات البرلمانية وفي الوقت الذي يواجه فيه لبنان أزمة مالية خانقة. ولطالما كان تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري أكبر ممثل للطائفة السنية ولديه واحدة من كبرى الكتل في البرلمان التي تضم ايضاً أعضاء من طوائف أخرى- وهي مقاعد يمكن للآخرين الفوز بها الآن.
وكان جنبلاط والحريري جزءا من (تحالف 14 آذار) المدعوم من الغرب والذي واجه حزب الله وحلفاءه في لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، والد سعد، عام 2005. وقال جنبلاط في مقابلة مع قناة (إم.تي.في) إنه لا يمكن لأحد ملأ الفراغ الذي سيتركه الحريري "في الساحة العربية السنية"، وأضاف: "العرب تخلّوا عن لبنان بحجة التهجّم الشخصي والسياسي لحزب الله عليهم ونحن ضحية هذا الصراع".
وعلاقات بيروت مع دول الخليج العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، والتي سبق أن أنفقت المليارات في لبنان، متوترة منذ سنوات بسبب نفوذ جماعة حزب الله المتحالفة مع إيران. وحزب الله الذي أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982، والذي يمتلك ترسانة ضخمة من السلاح، هو أقوى فصيل في لبنان منذ فترة طويلة. وشبّه جنبلاط لبنان في ظل النفوذ الإيراني حالياً بحاله في تسعينيات القرن الماضي عندما كان تحت سيطرة سوريا بقيادة الرئيس السابق حافظ الأسد.
وأضاف أن وجه الخلاف بين إيران والحكم السوري هو أن الرئيس حافظ الأسد لم يلغ الكيان اللبناني ولم يلغ الدولة. وقال إنه طلب خلال زيارة في الآونة الأخيرة لموسكو من المسؤولين الروس إيصال رسالة إلى إيران باحترام أهمية لبنان، بما في ذلك تنوعه.
وكثف جنبلاط انتقاده لحزب الله، وقال إن لبنان ليس منصة لإطلاق الصواريخ، في إشارة إلى الترسانة الضخمة التي تملكها الجماعة الشيعية. وتعهد بمواصلة المواجهة السياسية السلمية. كما اتهم جنبلاط حزب الله بلعب دور رئيسي في تهريب المخدرات إلى منطقة الخليج. وينفي حزب الله ذلك.
وقال جنبلاط أيضاً إنه من المستحيل على لبنان تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعام 2004 الذي يتطلب نزع سلاح حزب الله، وهو أيضاً واحد من عدة مطالب وضعتها دول الخليج العربية كشروط لتحسين العلاقات مع بيروت.
ويحكم لبنان نظام طائفي لتقاسم السلطة وتوزع المناصب على 18 طائفة معترف بها رسميا ويتولى منصب رئيس الوزراء سياسي سني.
تجدر الإشارة إلى أن تيار المستقبل خسر ثلث مقاعده في انتخابات 2018 وذهب بعضها لصالح السنة المتحالفين مع حزب الله. وانتهت الفترة الأخيرة التي قضاها الحريري كرئيس للوزراء في عام 2019 عندما استقال ردّاً على احتجاجات حاشدة تستهدف النخبة الحاكمة. وتميزت السنوات الأولى من حياة الحريري بالمواجهة مع حزب الله وحلفائه. لكن في السنوات اللاحقة اتهمه منتقدوه بالمساومة مع الجماعة. وتراجعت علاقاته مع المملكة العربية السعودية، الخصم الإقليمي الرئيسي لإيران، في عام 2017 عندما تم احتجازه أثناء زيارته للمملكة وأجبر على إعلان استقالته من منصب رئيس الوزراء، وهي واقعة تم تداولها على نطاق واسع على الرغم من نفيها من قبل الرياض والحريري.
م.ع.ح/و.ب (رويترز)
لبنان 100 عام.. من طوائف الجبل إلى دولة على شفا الانهيار
لبنان.. بلد صغير المساحة، لكنه يختزل على مدار قرن من إعلان قيامه أحداثاً كبيرة جعلته صورة مصغرة عما جرى في العالم العربي من خيبات متواصلة. يحتضن تاريخه كل شيء: العنف والصلح، الحرب والسلم، الرخاء والشدة، الوطنية والتبعية.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Eid
فتنة جبل لبنان
سكنت عدة طوائف في المناطق المعروفة حالياً بلبنان، خاصة منطقة جبل لبنان. لكن الطوائف الأبرز كانت ستة: الموارنة والأرثودوكس والكاثوليك، وفي الجانب الآخر الدروز والسنة والشيعة. بقي الجبل تحت سيطرة العثمانيين، لكنه شهد توترات طائفية خطيرة خاصة المجازر بين الدروز والموارنة عام 1860. تدخلت قوى أوروبية في المنطقة خاصة منها فرنسا، وشهد جبل لبنان بضغط أوروبي قيام نظام "المتصرفية" الذي عزّز الوجود الماروني.
صورة من: picture-alliance/Design Pics
قيام لبنان الكبير
بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، استطاعت فرنسا فرض انتدابها على لبنان بعد توسيعه ليضم البقاع وولاية بيروت فضلاً عن ترسيم الحدود مع سوريا. ويقول جوزيف باحوط في مقال على كارنيغي إن فرنسا هدفت إلى خلق وطن شبه قومي للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن الطوائف المسلمة رفضت بشدة الوضع الجديد. أعلن لبنان استقلاله عام 1943 على يد الرئيس بشارة الخوري، لكن جلاء القوات الفرنسية لم يتم إلّا عام 1946.
صورة من: picture-alliance/United Archives/TopFoto
الميثاق الوطني
شهد إعلان استقلال لبنان ما عُرف بالميثاق الوطني الذي منح رئاسة الدولة للموارنة ورئاسة الوزراء للسنة ورئاسة مجلس النواب للشيعة. وكان هدف الميثاق تسهيل الاستقلال حتى لا يطلب المسيحيون حماية فرنسا ولا يطالب المسلمون بالوحدة مع سوريا. لم يُكتب الميثاق لكنه بقي مطبقاً في البلاد منذ ذلك الحين، ويرى متتبعون أنه سبب المشاكل الطائفية في البلاد بما أنه هو من أسس لنظام المحاصصة.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Hamzeh
إنهاء حكم شمعون
تحوّلت بيروت إلى مدينة تجمع الكل منذ سنوات الاستقلال، لكن اندلاع النزاع العربي-الإسرائيلى ألقى بظلاله على بلد يصارع لخلق هويته. استقبلت بيروت آلاف اللاجئين الفلسطينيين كما استقبلت مهاجرين عرب وشهدت نمواً اقتصادياً لكن في الآن ذاته ركزت قوى عربية متصارعة نفوذها داخل المدينة منذ ذلك الحين. غير أن أبرز حدث شهدته بيروت في الخمسينيات كان الانتفاضة ضد الرئيس كميل شمعون الذي كان له علاقات قوية مع الغرب.
صورة من: Imago Images/United Archives International
العصر الشهابي
من بين أكثر رؤساء لبنان احتراما هو فؤاد شهاب الذي حكم البلاد منذ 1958 إلى 1964 ورفض التمديد له رغم شعبيته الطاغية. تحقق في عهد شهاب الكثير من الاستقرار في البلد رغم الانتقادات الموجهة له بتقوية دور المخابرات بعد محاولة الانقلاب. جاء بعده شارل حلو الذي حاول اتباع النهج الشهابي بعدم تفضيل أيّ طرف سياسي على آخر، لكن البلد شهد في عهده عدة مشاكل اقتصادية، ما مهد الباب لسليمان إفرنجية ليخلفه.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Tödt
الحرب الأهلية تندلع
شهد لبنان توقيع اتفاق القاهرة عام 1969 بين الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين وبين الدولة اللبنانية حتى لا تتكرر مناوشات بين الطرفين، وبموجبه تم الاعتراف بالوجود الفلسطيني المسلح في لبنان. وقف اليسار اللبناني مع الفلسطينيين، في حين رفضهم اليمين المشكل أساساً من منظمات مارونية. ومع تعاظم النفوذ الفلسطيني تعددت الاحتكاكات مع القوى اليمينية، لتندلع رسمياً الحرب الأهلية في أبريل/ نيسان 1975.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Raouf
بيروت تشتعل
قُسمت بيروت إلى شرقية تحت سيطرة القوات اليمينية وغربية للفلسطينيين والقوات اليسارية. زاد التناحر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين من الحرب خاصة مع وجود اختلالات اجتماعية بينهم. زاد التدخل السوري من سعير الحرب، وكذلك فعلت إسرائيل عندما اجتاحت لبنان عام 1982 وحاصرت بيروت الغربية ما أدى إلى جلاء المسلحين الفلسطينيين، لكن الحرب لم تنته، ووقعت بعد ذلك مواجهات حتى داخل الأطراف التي كانت متحالفة.
صورة من: Ziad Saab
حزب الله يخرج منتصرًا
انتهت الحرب رسميا عام 1991 سنتين بعد توقيع اتفاق الطائف. شهدت الحرب مجازر مروعة كالكرنتينا والدامور وصبرا وشاتيلا، ووثقت الكاميرات مشاهد مرعبة كما جرى في حصار بيروت وحرب المخيمات. تقوّت لاحقا التنظيمات الشيعية، وخصوصا حزب الله المرتبط بإيران، وبقي التنظيم محافظًا على سلاحه بعد حلّ كل الميلشيات، فتراجع نفوذ التنظيمات المسلحة اليمينية واليسارية والفلسطينية، كما ضمنت سوريا استمرار حضورها في البلد.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
الاغتيالات تستمر
استقر لبنان نسبيا في التسعينيات، لكن سنوات الألفية شهدت مواجهات مسلحة بين حزب الله وإسرائيل في صيف 2006، لكن الهزة الأعنف كانت اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي ساهم في إعمار لبنان. كانت من نتائج الاغتيال خروج القوات السورية نتيجة ما عُرف بـ "ثورة الأرز". شهد البلد في تلك السنوات استمرار الاغتيالات السياسية التي وجهت فيها الاتهامات لدمشق كاغتيال الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Mounzer
حراك لبنان
لأول مرة في تاريخ البلاد، يخرج مئات الآلاف من اللبنانيين عام 2019 رفضاً لنظام المحاصصة الطائفية، مطالبين برحيل الطبقة السياسية ككل. جاءت الاحتجاجات في ظل استمرار ترّدي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفساد، ما أدى إلى استقالة حكومة سعد الحريري، وتشكيل حكومة حسان دياب التي استقالت بدورها بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة ما يناهز مئتي قتيل. تقرير: إسماعيل عزام