في ختام زيارته إلى بيروت.. لودريان: لبنان على حافة الهاوية!
٢٤ يوليو ٢٠٢٠
حذر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في ختام زيارته إلى بيروت من أن لبنان أصبح "على حافة الهاوية"، مشدداً على ضرورة البدء بالإصلاحات، ومبدياً خيبة أمله من "عدم استجابة السلطات" اللبنانية للأزمة الراهنة.
وبدا لودريان حاسماً في تصريحاته خلال الزيارة التي تُعد الأولى لمسؤول رفيع المستوى إلى لبنان منذ تشكيل الحكومة وبدء انتشار وباء كوفيد-19 قبل أشهر. وشدد على ضرورة عدم المماطلة والإسراع في الإصلاحات.
وقال لودريان في حديث للصحافيين: "هذا البلد بات على حافة الهاوية" في حال لم تسارع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لإنقاذه، وأضاف: "الجميع يعرف المسار الذي يجب اتخاذه، وهناك وسائل للإنعاش. وفرنسا جاهزة لمرافقتهم بشرط أن تتخذ السلطات السياسية القرارات" للسير في طريق الإصلاحات، وأكد: "هذه طلبات فرنسا، واعتقد أنها سُمعت".
والتقى لودريان الخميس كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري ونظيره اللبناني ناصيف حتّي. ولم يخف الخميس خيبة أمله قائلاً: "أكثر ما يذهلنا هو عدم استجابة سلطات هذا البلد" للأزمة الراهنة، مشدداً على الحاجة لـ"أفعال ملموسة طال انتظارها".
بدوره، قال مسؤول فرنسي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته: "لن تُقدم فرنسا على أي التزام مالي ما لم يتم تطبيق إصلاحات"، محذراً من أنه لا يمكن الحصول على شيء من المجتمع الدولي في غياب الثقة. وأضاف: "بدأ الأوان يفوت".
ولم يوفر الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث أي طبقة اجتماعية، خصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب بتآكل القدرة الشرائية للمواطنين. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم. وبات نصف اللبنانيين تقريباً يعيش تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة 35 في المئة.
وكان المجتمع الدولي وعلى رأسه فرنسا، اشترط على لبنان تنفيذ إصلاحات جدية لتقديم أي مساعدة له. وأكد لودريان الخميس أن "لا بديل" عن برنامج لصندوق النقد الدولي لخروج لبنان من الأزمة. ويطمح لبنان إلى الحصول على دعم خارجي يفوق 20 مليار دولار، بينها 11 مليار أقرها مؤتمر "سيدر" الذي انعقد في 2018 مشترطاً إصلاحات.
وزار لودريان الجمعة مستشفى رفيق الحريري الدولي، حيث تتركز جهود مكافحة وباء كوفيد-19، والتقى ممثلين عن المدارس الكاثوليكية والفرنكوفونية المعتمدة في لبنان خلال زيارة إلى مدرسة الكارمل قرب بيروت، حيث كرر تعهد بلاده بدعم تلك المدارس التي تعاني أيضاً من الأزمة الاقتصادية وخصصت لها فرنسا تمويلاً طارئاً.
ويشهد لبنان منذ عقود أزمات متلاحقة وانقسامات طائفية وسياسية عميقة إذ تُوجَّه الى السياسيين اتهامات بتقاضي رشى وعمولات على كل المشاريع العامة. وفي تشرين الأول/أكتوبر، انتفض مئات آلاف اللبنانيين ضد الطبقة السياسية التي اتهموها بالفساد والعجز. وتراجع زخم التحركات مع تفشي كوفيد-19، الذي سجل حتى الآن 3258 إصابة بينها 43 وفاة.
م.ع.ح/ع.ج.م (أ ف ب)
في محطات: لبنان في مواجهة أزمات سياسية وتدهور اقتصادي
يشهد لبنان منذ عقود أزمة سياسية واقتصادية بسبب فشل الحكومات المتعاقبة في تلبية احتياجات المواطنين الذين يتظاهرون منذ أكثر من شهر للمطالبة بـ "التخلص من نخبة حاكمة فاسدة". ويلعب التشرذم الطائفي دورا كبيرا في الأزمة.
صورة من: Reuters/A. M. Casares
2019: أسوأ اضطرابات منذ انتهاء الحرب الأهلية
أدخلت المظاهرات ضد النخبة الحاكمة في لبنان البلاد في اضطرابات سياسية تزامنا مع أزمة اقتصادية حادة وأثارها الغضب المتصاعد من "ساسة طائفيين" يهيمنون على الحكومة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990. والاضطرابات الحالية التي تمثل إحدى أسوأ فترات القلاقل منذ انتهاء الحرب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
2005: مقتل رفيق الحريري ودخول حزب الله الحكومة
قُتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/ شباط 2005 إثر انفجار قنبلة ضخمة لدى مرور موكبه في بيروت، وهو ما أدى لمقتل 21 آخرين. وتلى ذلك سلسلة من المظاهرات الحاشدة وضغوط دولية أجبرت سوريا على سحب قواتها من لبنان. ونظم حلفاء دمشق الشيعة في لبنان سلسلة من التجمعات الحاشدة دعما لسوريا. وحصل حزب الله على تمثيل في الحكومة لأول مرة.
صورة من: picture-alliance/dpa
2006: حزب الله يتسبب في حرب مع إسرائيل
في يوليو/ تموز خطف حزب الله جنديين إسرائيليين وقتل آخرين وهو ما أدى لنشوب حرب استمرت خمسة أسابيع وقُتل فيها ما لا يقل عن 1200 شخص في لبنان و158 إسرائيليا. وتصاعد التوتر إزاء ترسانة حزب الله القوية بعد الحرب. وفي نوفمبر تشرين الثاني، انسحب حزب الله وحلفاؤه من الحكومة المدعومة من الغرب والتي كان يقودها رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة.
صورة من: AP
2007: حكومة السنيورة تحت الضغوط
واصل حزب الله وحلفاؤه اعتصاما ضد حكومة السنيورة استمر لنحو عام كامل. وكانت مطالبهم المعلنة هي الحصول على الحق في نقض قرارات الحكومة. وفي مايو بدأت اشتباكات بين الجيش اللبناني ومتشددين من السنة ينتمون لجماعة فتح الإسلام داخل مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال لبنان، مما أرغم آلافا من اللاجئين الفلسطينيين على الفرار منه. وسيطرت قوات لبنانية سيطرة كاملة على المخيم في سبتمبر.
صورة من: AP
2011: سقوط حكومة سعد الحريري
أُطيح بحكومة سعد الحريري الأولى في يناير إثر انسحاب حزب الله وحلفائه منها بسبب خلاف بشأن المحكمة الخاصة بلبنان والتي تدعمها الأمم المتحدة. وجهت المحكمة لاحقا اتهامات إلى أربعة من قياديي حزب الله فيما يتعلق بمقتل رفيق الحريري. ونفى حزب الله أي دور له في اغتيال رفيق الحريري. (الصورة تعود لعام 2009)
صورة من: AP
2012: تدخل حزب الله لدعم بشار الأسد في إخماد الثورة
انتشر مقاتلو حزب الله داخل سوريا سرا في بادئ الأمر لدعم القوات الحكومية السورية في مواجهة انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد. ولعب الحزب ولايزال يلعب دورا كبيرا في قمع هذه الانتفاضة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Syrian Central Military Media
2015 "طلعت ريحتكم"
اندلعت أزمة بسبب القمامة حينما أغلقت السلطات المكب الرئيسي للنفايات قرب بيروت دون توفير بديل له، مما دفع الناس للخروج في احتجاجات حاشدة بعد تكدس تلال القمامة في الشوارع رافعين شعار "طلعت ريحتكم". وبدت هذه الأزمة إشارة جلية على عجز نظام المحاصصة الطائفي في تلبية احتياجات أساسية مثل الكهرباء والمياه.
صورة من: Alice Kohn
2017: سعد الحريري في قبضة العربية السعودية
في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017 تدهورت بشدة علاقة سعد الحريري مع السعودية التي أغضبها اتساع نفوذ حزب الله في لبنان. وصار معلوما على نطاق واسع أن الرياض أجبرت الحريري حينئذ على الاستقالة واحتجزته داخل المملكة. ونفت السعودية كما نفى الحريري حدوث ذلك، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد احتجاز الحريري في السعودية.
صورة من: Reuters
2019: الاحتجاجات تدفع الحريري إلى الاستقالة
ومع ركود النمو الاقتصادي وتدفقات رؤوس الأموال واجهت الحكومة ضغوطا للحد من العجز الهائل في الميزانية.
وخرج الآلاف في احتجاجات متهمين الزعماء بالفساد وسوء إدارة الاقتصاد بعد فشلهم في تجاوز الأزمة الاقتصادية.
وفي 18 أكتوبر تراجعت الحكومة عن بعض مقترحاتها لحل الأزمة، لكن الاحتجاجات استمرت. وفي 29 أكتوبر قدم الحريري استقالته رغم معارضة حزب الله.