بعد اغتيال الطبطبائي.. ملفات عالقة بين إسرائيل ولبنان
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٥
لم يمر سوى عام واحد على وقف إطلاق النار، الذي أنهى الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ومع ذلك ما زالت التوترات بين الطرفين مستمرة.
كان آخرها إعلان إسرائيل يوم أمس الأحد 23 نوفمبر/تشرين الثاني مقتل رئيس أركان" حزب الله هيثم علي الطبطبائي في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي وقت سابق، نفّذت إسرائيل عدة ضربات في جنوب لبنان أسفرت عن مقتل أكثر من اثني عشر شخصاً بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
وصرّح الجيش الإسرائيلي أنه استهدف أعضاء وبنية تحتية، من بينها مرافق تخزين أسلحة تابعة لميليشيا حزب الله المدعومة من إيران بالإضافة إلى مجمع تدريب لحركة حماس، وحماس مصنفة إرهابية في ألمانيا وأوروبا ودول أخرى.
في حين قال أحد السكان المحليين (رفض الإفصاح عن اسمه) لـ DW: "المنطقة مأهولة بالمدنيين، ولم تكن هناك أسلحة أو متفجرات كما زعم الجيش الإسرائيلي". وأضاف: "ميدان الرياضة تحول إلى أنقاض، وهناك العديد من الضحايا".
ومن جانبه قال شخص آخر يقطن في المنطقة نفسها: "نحن موجودون هناك دائماً، والمزاعم بأن حماس موجودة غير صحيحة". مزاعم إسرائيل رفضتها حركة حماس، وحزب الله المصنّف كمنظمة إرهابية لدى العديد من الدول.
قال سامي الحلبي، مدير السياسات في معهد السياسات البديلة، وهو مركز أبحاث حديث التأسيس في بيروت، لـ DW: "بعد مرور عام، أصبح وقف إطلاق النار في حالة من الفوضى".
وعن حالة وقف إطلاق النار يقول الحلبي: "إنه مستمر فقط لأن جميع أطراف النزاع يستخدمونه لخدمة مصالحهم الخاصة"، ويرى أن العام المقبل سيكون حاسماً. ويضيف الحلبي: "إما أن يعالج لبنان القضايا الأساسية، أو ينهار وقف إطلاق النار وتعود البلاد إلى صراع مفتوح".
ما قبل اتفاق وقف إطلاق النار
في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 استهدف حزب الله شمال إسرائيل، دعماً لحماس في هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023.
وخلال العام الأول وحده اضطر 60 ألف إسرائيلي وحوالي 110 آلاف لبناني إلى إخلاء المناطق الحدودية. وفي إسرائيل لم يعد معظمهم بسبب مخاوف أمنية، أما في لبنان فإن عمليات الهدم الواسعة والضربات المستمرة جعلت العودة شبه مستحيلة.
وفي أواخر سبتمبر/ أيلول عام 2024 تصاعدت التوترات وأدت إلى شهرين من الحرب في لبنان، تخللها غزو بري إسرائيلي. وقُتل حوالي 4 آلاف شخص، من بينهم عشرات المدنيين اللبنانيين، كما يقدّر البنك الدولي تكاليف إعادة الإعمار بنحو 9.5 مليار يورو (حوالي 11 مليار دولار).
وخلال الحرب تمكنت إسرائيل من إضعاف حزب الله من خلال قتل العديد من قادته وتقليص أجزاء كبيرة من أسلحته.
على ماذا ينص اتفاق وقف إطلاق النار؟
اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، الذي أُبرمَ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 والذي توسطت فيه فرنسا والولايات المتحدة، يشبه إلى حد كبير النقاط الرئيسية لقرار الأمم المتحدة رقم 1701 لعام 2006.
ينص الاتفاق على انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، مع احتفاظ إسرائيل بقواتها في خمسة مواقع على الأراضي اللبنانية.
لكن بيروت كانت قد قدمت شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الأسبوع الماضي بشأن جدار تم تشييده حديثاً. وبحسب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)، فإن الجدار يتداخل مع الخط الأزرق الذي يمثل الحدود بين إسرائيل ولبنان.
وقالوا إن الجدار يقيد وصول اللبنانيين إلى أكثر من 4 آلاف متر مربع من الأراضي. وفي بيان، نفت إسرائيل أن الجدار الذي بدأ بناؤه في عام 2022 يدخل الأراضي اللبنانية.
كما نص اتفاق وقف إطلاق النار على نشر قوات حزب الله على بعد حوالي 40 كيلومتراً شمال نهر الليطاني اللبناني، ووفقاً لحزب الله، فقد أنهى الحزب وجوده العسكري وراء هذا الخط.
كما كان نزع سلاح حزب الله أحد بنود وقف إطلاق النار، ومع ذلك، قال مسؤولو حزب الله إن هذا ينطبق فقط على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني وليس على كامل الأراضي اللبنانية.
ويرفض الحزب اعتبار هذا الأمر سارياً طالما أن القوات الإسرائيلية موجودة في لبنان، وفي أغسطس/آب، هدد حزب الله ببدء حرب أهلية إذا ضغطت الحكومة اللبنانية من أجل نزع سلاحه.
ونص الاتفاق أيضاً على ضرورة نشر الجيش اللبناني قوات إلى جانب قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات التابعة لليونيفيل في جنوب لبنان.
ومن جانبه صرّح رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام مؤخراً أن خطط نزع السلاح في جنوب لبنان بحلول نهاية الشهر تسير "على المسار الصحيح".
وقال سلام لشبكة بلومبرغ الإخبارية: "نحتاج إلى تجنيد المزيد من الأشخاص في الجيش، وإلى تجهيز الجيش بشكل أفضل، ونحتاج إلى أن نكون قادرين على رفع رواتب الجيش".
"مشاكل أساسية لا تزال دون حلّ"
يرى المحلل السياسي سامي الحلبي أن المشاكل الأساسية لا تزال دون حلّ، وقال: "تمت صياغة اتفاق وقف إطلاق النار بالطريقة نفسها التي تعاملت بها إدارة ترامب مع "اتفاقيات السلام" الخاصة بها في عدة صراعات: قائمة بنقاط رئيسية تُستخدم كإطار عمل".
وأضاف الحلبي في حديثه مع DW: "قد يكون من الجيد وجود شيء يمكن التمسك به، لكن المشكلة هي أنه بعد عام من "الدوران حوله"، فإن الوضع في لبنان أبعد ما يكون عن الحل".
ويرى الحلبي أن وقف إطلاق النار لن يؤدي إلى الاستقرار، أو السلام الدائم، إلا إذا كان جزءاً لا يتجزأ من عملية تتولى فيها الدولة اللبنانية تدريجياً مسؤولية الدفاع الوطني، وتكون مجهزة بأدوات الحفاظ على قوة الردع.
وأضاف: "يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز القدرات العسكرية، كما هو الحال في مصر، أو من خلال اتفاق سياسي على نطاق أوسع".
ما دور المفاوضات المباشرة؟
قال الرئيس اللبناني جوزيف عون في وقت سابق من هذا الشهر إن لبنان "ليس لديه خيار" سوى التفاوض. وقال للصحفيين: "لغة التفاوض أهم من لغة الحرب".
رئيس الوزراء نواف سلام أكد هذه الفكرة وعبّر عن أمله في الحصول على دعم الولايات المتحدة لحل دبلوماسي.
حتى الآن، كانت المفاوضات المباشرة بين لبنان وإسرائيل مستبعدة تماماً، مع وجود استثناء واحد في عام 1983. حيث لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين، إذ أنهما في حالة حرب منذ عام 1948.
كتبت لينا الخطيب، الزميلة المشاركة في مركز تشاتام هاوس للأبحاث ومقره لندن في مقال رأي في وقت سابق من هذا الشهر: "يتعرض لبنان لضغوط متزايدة، من قبل إسرائيل عسكرياً والولايات المتحدة دبلوماسياً، لقبول التنازلات التي اعتبرها سابقاً مرفوضة".
وقالت: "هذا الاحتمال يهدد حزب الله"، معللة ذلك بأنه "يمهد الطريق لاتفاق سلام مستقبلي مع إسرائيل، والذي من شأنه أن يزيل المبرر المزعوم لوجود حزب الله".
أعدته للعربية: ميراي الجراح