1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مآثر تاريخية في نيبال تنتظر إعادة بنائها

سارة-يوديت هوفمان / عبد الكريم اعمارا١٠ مايو ٢٠١٥

رغم كل الجهود المبذولة لمساعدة ضحايا الزلزال، والنداء الذي وجهته منظمة الأمم المتحدة لتوفير مساعدات عاجلة لنيبال، إلا أن مصير عملية إعادة بناء المآثر التاريخية يبقى مجهولا في ظل نقص الموارد المالية.

Nepal Erdbeben Bildergalerie zerstörte Weltkulturerbe Durbar Square Patan
صورة من: picture alliance/Bildagentur-online/Tips Images

تعد عاصمة نيبال كاتماندو وجهة سياحية محبوبة يقصدها العديد من عشاق المرتفعات والجبال ولما تزخر به من مناظر خلابة ومرافق سياحية ثقافية وروحية مهمة. وتعرضت المدينة لزلزال عنيف في 25 من شهر (أبريل/نيسان 2015) دمر مرافق تاريخية عديدة ودخل ضمن حصيلة هذا الدمار أيضا "برج داراهارا" التاريخي الشهير الذي يبلغ علوه 61 مترا فاصلة 88 سنتيمترا، ولم يتبقى من برج كاتماندو العريق بعد الزلزال سوى أنقاض وُجد تحتها أكثر من 60 قتيلا.

كذلك تعرضت ساحة "دوربار" التي تعد من بين أجمل الأماكن في نيبال للضرر، واشتهرت هذه الساحة بقصرها الملكي الذي تُحيط به أكثر من 50 من معابد الباغودا لطقوس الديانة البوذية ومعابد أخرى وقصور صغيرة معروفة بمنحوتات خشبية وأعمال فنية أخرى. وأصبح بالكاد التعرف على ساحة "دوربار" والمدن السبع الأخرى على سفوح جبال الهيمالايا، المدرجة في قائمة الثرات العالمي لليونسكو، بعد تعرضها لأضرار جسيمة.

وقال كريستيان مانهارت، من منظمة اليونسكو فرع نيبال، في مقابلة أجرتها معه قناة DW أن: "ما يقرب 60 في المائة من التراث العالمي دُمر"، وأضاف أن هذه الخسائر هي "خسائر مأساوية". هذا الدمار لم يطل مواقع التراث العالمي الرسمي فقط وإنما قائمة الآثار المدمرة لا نهاية لها وتبلغ المئات. ولم تكن هذه المآثر التاريخية محجا للسياح فقط وإنما مركزا روحيا للسكان في نيبال.

برج "دهاراهارا" قبل الزلزالصورة من: imago

دمار شامل يطال التماثيل أيضا

يصف كريستيان مانهارت، الذي يعيش منذ 8 أشهر في كاتماندو، الناس هنا بأنهم متدينون و"معظم الناس يذهبون إلى المعابد مرة واحدة في اليوم على الأقل للصلاة ولتقديم الهدايا إلى الألهة مثل الغذاء أو الأرز". ويخشى موظف منظمة اليونسكو مانهارت من تدهور الوضع ويقول: "إذا لم يعد وجود لهذا التعبير المادي للثقافة والتقاليد في نيبال فهناك خطر كبير من فقدان الثقافة الروحية أيضا".

ويُوضح نيلس غوتشوف، أستاذ في معهد جنوب آسيا بجامعة هايدلبيرغ الألمانية، أن: "هؤلاء الناس لا يعيشون مع الآلهة البعيدة في السماء، إذا ما اعتبرنا في الأصل أن هناك آلهة موجودة في السماء" وأضاف: "لكنهم يعيشون بالأحرى مع آلهة تعيش بينهم وتتواجد في كل زاوية من الشارع. آلهة يمكن لمسها، يمكن سماعها، آلهة موجودة بين الناس، وهذا ما يعطي مدينة كاتماندو خاصية دينية من نوع خاص".

وخلافا للديانات الأخرى فإن التماثيل في نيبال لا تُمثل الآلهة فقط وإنما هي الآلهة نفسُها ويقول غوتشوف في هذا الصدد: "هذا هو السبب الذي دفع الناس إلى الإسراع في رعاية المعابد بعد الزلزال وحاولوا إنقاذ ما يجب إنقاذه".

برج "دهاراهارا" بعد الزلزالصورة من: P. Mathema/AFP/Getty Images

وينصح كل من كريستيان مانهارت، ممثل اليونيسكو، والأستاذ الجامعي نيلس غوتشوف في الاقتداء بما فعله سكان نيبال والإسراع في إعادة بناء هذه المآثر التاريخية، مع العلم أنهما غير متفقين في رأيهما فأحدهما متفائل والآخر متشائم بما يخص مستقبل هذا الإرث العالمي.

كارثة شاملة تتطلب تمويلا كبيراً

يحاول فريق اليونسكو بقيادة كريستيان مانهارت توثيق الأضرار التي لحقت بالمنشآت التاريخية في المرحلة الأولى، وبعد ذلك تليها المرحلة الثانية، وتتضمن أولا إنقاذ المباني التي لم تتعرض لأي ضرر ولكنها مهددة بالانهيار في أي وقت. وفي المرحلة الثالثة سوف تبدأ عملية إعادة بناء مواقع التراث العالمي التي تعرضت لدمار شامل. ويقدر كريستيان مانهارت بأن تبلغ تكلفة عملية إعادة الإعمار مئات الملايين من اليورو.

وقال نيلس غوتشوف: "اليونيسكو ليس لديها مال، ولا يمكنها إلا أن تحاول إقناع عدد ممكن من البلدان لتمويل مشاريع إعادة الإعمار". ويشك الأستاذ الجامعي في مصداقية مشروع إعادة الإعمار، ويعتقد أن اليونسكو لن تهتم إلا بالمآثر التاريخية المدرجة في قائمة التراث التاريخي العالمي، رغم أن التراث الثقافي في نيبال غني جدا ولا ينحصر في الأماكن السبعة المدرجة في قائمة الثرات العالمي لليونسكو منذ عام 1956.

"صندوق حماية كاتماندو" في نيويورك مول إعادة بناء معبد من القرن السادس عشر في مدينة باتانصورة من: Screenshot Facebook

ويحاول نيلس غوتشوف بمساعدة "صندوق حماية كاتماندو" في نيويورك إعادة بناء معبد من القرن السادس عشر في مدينة باتان دُمر بالكامل جراء الزلزال الذي ضرب نيبال، وحصل صندوق نيويورك لحد الآن على مبلغ 80 ألف يورو. وأكد مصدر صحفي أن التبرعات لضحايا زلزال نيبال عرفت إقبالا كبيرا وجمعت ثماني منظمات إغاثة في ألمانيا منذ 25 أبريل من الشهر المنصرم أكثر من 27 مليون يورو. لكن غوتشوف غير متفائل بمستقبل هذه التبرعات: "نتوسل منذ سنوات عديدة للحصول على أموال، أما الآن فالوضع مختلف تماما والآفة كبيرة جدا وليس لدي أي تفسير تماما من أين سيأتي هذا الكم الكبير من التبرعات فجأة".

نيبال في انتظار زلزال مرتقب

في حالة توفر الأموال اللازمة يبقى هناك سؤال مثير للجدل: هل يمكن لهذه المعابد التي تم إعادة بنائها أن تصمد في وجه أي زلزال قادم؟ نيلس غوتشوف مقتنع بأن البنايات ستصمد في وجه الزلازل ويمكنه إثبات ذلك. في عام 1974 تم إعادة بناء معبد في بهاكتابور كان قد تعرض لدمار شامل أثناء وقوع زلزال عام 1934، وقام بتسليم تمويل هذا المشروع المستشار الألماني السابق هيلموت كول "نيابة عن الشعب الألماني". وكان مهندس ألماني قام بهندسة مشروع إعادة بناء المعبد الجديد الذي كان عليه أن يصمد أمام أي زلزال، وقال غوتشوف أن: "المعبد لازال صامدا إلى اليوم دون أن يتعرض لأي ضرر يُذكر" وأضاف غوتشوف أن ذلك "يمكن تحقيقه" فقط إذا لم يتعارض التصميم الجديد مع التصميم التاريخي وإذا لم يقف المسؤولون في النيبال ضد هذه التصاميم الجديدة كما كان الحال عليه في الماضي.

وفي شهر يونيو/حزيران يريد نيلس غوتشوف إرسال مهندس ألماني إلى نيبال لوضع تصاميم أولية للمعبد في باتان، كذلك اليونسكو تريد إرسال فرق لدراسة إمكانية بناء بنايات مقاومة للزلازل.

أما برج دهاراهارا فقد تعرض أيضا للدمار عام 1934 وتمت إعادة بنائه رغم أنه غير مصنف ضمن قائمة التراث العالمي ولكنه يعتبر واحدا من أهم المعالم التاريخية في كاتماندو. أما كريستيان مانهارت فإنه على يقين بأن نيبال ستتعرض إلى زلزال كبير بالتأكيد.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW