مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا اعتمدت حكومة أنقرة خطابا مناهضا للمهاجرين في البلاد. وأعلنت السلطات التركية أنها بصدد تنفيذ خطتها الرامية إلى ترحيل مئات المهاجرين المغاربة إلى ديارهم،
إعلان
أعلنت وزارة الداخلية التركية في بداية الأسبوع الجاري ترحيل 3 آلاف و38 مهاجرا غير نظامي إلى بلدانهم بين 2 و8 سبتمبر/ أيلول، ليبلغ عدد المهاجرين غير النظاميين الذين تم ترحيلهم منذ بداية العام الحالي 78 ألفا و716 بحسب بيان وزارة الداخلية.
الجديد في الموضوع، وبحسب الموقع الإخباري المغربي هسبريس، من بين هؤلاء المرحلين مئات المهاجرين المغاربة المتواجدين في تركيا. وبحسب هذه المصادر "فإن السلطات التركية قد بدأت بتنفيذ خطتها الرامية إلى ترحيل مئات المهاجرين المغاربة بما فيهم هؤلاء المتواجدين بطريقة غير قانونية، حيث باتت تفرض حصارا أمنيا مشددا على المهاجرين المغاربة الذين يتخذون من تركيا محطة عبور للوصول إلى أوروبا".
ووفقا لهذه المصادر، فإن السلطات التركية تعمل على تشييد مخيمات أمنية وعسكرية لاستقبال المهاجرين المرحلين من اليونان، بمن فيهم المغاربة، بقصد التحقيق معهم في أفق ترحيلهم إلى بلادهم لاحقا، مع حظر سفرهم إلى تركيا لمدة خمس سنوات.
يقول الرئيس الوطني للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إدريس السدراوي لمهاجر نيوز "إن السلطات التركية تعتبر قضية المهاجرين قضية سياسة، فتركيا هي بلد عبور نحو الاتحاد الأوروبي، وغالبا ما استخدمت ورقة المهاجرين كوسيلة ضغط على دول الاتحاد الأوروبي. أما بالنسبة لاختيار المهاجرين المغاربة في هذ التوقيت فإن المصالح التركية تأتي في الدرجة الأولى".
وأورد السدراوي أنهم يتابعون "تطورات قضية المهاجرين المغاربة الموجودين على الأراضي التركية، حيث أن بعضهم يتعرض للاستغلال كما أن بعضهم الآخر يتعرض لاعتداءات ولتعامل وحشي خلال وضعهم في مراكز احتجاز تمهيدا لترحيلهم".
في هذا السياق، قال طه الغازي، وهو ناشط سياسي مقيم في تركيا ومختص بقضايا حقوق اللاجئين لمهاجر نيوز إن "السلطات التركية بدأت فعلا بعمليات الترحيل لمهاجرين مغاربة"، ويشرح قائلا "إن هؤلاء المهاجرين المهددين بخطر الترحيل أو المرحلين هم قسمان، بعضهم وصل مؤخرا منذ عدة أشهر إلى تركيا بشكل غير شرعي بهدف العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهؤلاء مهاجرين سريين لا يملكون أوراق إقامة نظامية، أما الآخرون فهم مهاجرون موجودون منذ عدة سنوات على الأراضي التركية ولديهم أوراق إقامة نظامية ويمارسون أعمالهم وغالبيتهم من العمال. ولكن بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع التضخم في البلاد، قرر الكثير منهم ترك تركيا والهجرة نحو أوروبا. إضافة إلى ذلك، تعالي الخطاب السياسي ضد المهاجرين واللهجة العنصرية ضد الأجانب ".
ويضيف الناشط قائلا "هؤلاء المهاجرين الذين يعبروا تركيا يصلون إلى الأراضي اليونانية من خلال المهربين. ولكن بعضهم يتم إلقاء القبض عليه من قبل اليونانيين، ويعيدونهم إلى الأراضي التركية حيث يتم احتجازهم في مراكز موجودة في مدينة أدرنة وفي مدن أخرى".
ومدينة أدرنة التركية كانت شاهدة على كثير من حالات احتجاز لمهاجرين مغاربة ممن يحلمون بالوصول إلى الضفة الأوروبية. تضم هذه المراكز عادة المهاجرين غير الشرعيين التي تنوي السلطات التركية ترحيلهم إلى بلدانهم.
أما فيما يتعلق بالمهاجرين المغاربة الذين يملكون أوراقا نظامية فيتم النظر في ملفات إقاماتهم.
ونقلا عن الموقع الإخباري المغربي، قامت تركيا بتشييد مخيمات أمنية وعسكرية لاستقبال المهاجرين المرحلين من اليونان، بمن فيهم المغاربة، قصدَ التحقيق معهم مع حظر سفرهم إلى تركيا لمدة خمس سنوات. وينقل الموقع المغربي شهادة لأحد المهاجرين المغاربة، يقول فيها إن "السلطات التركية ألقت القبض على عدد من العمال، بسبب عدم قانونية إقامتهم في البلاد”.
ورقة أردوغان الرابحة؟
يتابع الناشط السياسي طه الغازي قائلا إنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا والمقررة في شهر حزيران/يونيو 2023، بدأت الاطراف السياسية تستغل قضية المهاجرين لكسب المزيد من الأصوات الانتخابية. في البداية كانت المعارضة تدعو إلى ترحيل الأجانب، وبدأت بالتأثير على رأي الناخب التركي، وعلى ما يبدو فإن حكومة أردوغان بدأت بتغيير خطابها السياسي فيما يتعلق بملف المهاجرين والأجانب من أجل الانخراط في لعبة كسب الأصوات الانتخابية".
ووصف السياسي اليميني المتطرف أوميت أوزداغ، زعيم حزب النصر، ذات مرة تركيا بأنها "بلد احتله اللاجئون". ووصل تحريض هذا السياسي إلى تمويله لفيلم قصير تحريضي خطير ضد اللاجئين تحت عنوان "الغزو الصامت".
في وقت سابق، ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" أن تركيا ستحد من تصاريح الإقامة للأجانب إلى 20% من السكان في أحياء معينة، في مختلف أنحاء البلاد، اعتبارا من الأول من تموز/يوليو المقبل، طبقا لما قاله وزير الداخلية سليمان صويلو للصحفيين في المديرية العامة لإدارة الهجرة في أنقرة.
فهل سيكون ملف المهاجرين وترحيل الأجانب ورقة أردوغان الرابحة في الانتخابات المقبلة؟
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش