أردوغان يؤكد لميركل رغبته في "فتح صفحة جديدة" مع أوروبا
١٨ ديسمبر ٢٠٢٠
أكد الرئيس التركي أردوغان للمستشارة ميركل أن بلاده تريد فتح "صفحة جديدة" في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، يأتي ذلك بعد أيام من فرض الاتحاد عقوبات جديدة ضد تركيا بسبب "أفعالها الأحادية واستفزازاتها" في شرق البحر المتوسّط.
إعلان
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة (18 كانون الأول/ديسمبر 2020) للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنه يريد فتح "صفحة جديدة" مع الاتحاد الأوروبي، وفق ما أفادت الرئاسة التركية. وقالت الرئاسة في بيان إنه خلال اجتماع عبر الفيديو مع ميركل، "صرّح الرئيس أردوغان أن تركيا تريد فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، وشكر المستشارة لمساهماتها البناءة وجهودها لصالح العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي".
وأضافت الرئاسة أن "هناك فرصة جديدة" لتعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد لكن بعض الدول تحاول "خلق أزمة" لتخريب هذه "الأجندة الإيجابية"، من دون تحديد الدول المقصودة.
وكان أردوغان قد أعرب لرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عن أمله في فتح "صفحة جديدة" بين بلاده والاتحاد الأوروبي، ودعا خلال مكالمة هاتفية مع ميشال يوم الثلاثاء الماضي (15 ديسمبر/كانون الأول) إلى "إنقاذ" العلاقات التركية-الأوروبية و"إعادة إطلاق" الحوار مع الاتّحاد الأوروبي من خلال "النظر إلى الوضع برمّته" و"على أساس المصالح المتبادلة"، حسب بيان للرئاسة التركية.
ومنذ أشهر، تمرّ علاقات تركيا مع هذين العضوين في الاتحاد الأوروبي، في رحلة صعبة بشكل استثنائي، وكذلك مع فرنسا التي تدعمهما. وأكد أردوغان أن دور تركيا "بناء" متهماً اليونان برفض التفاوض. ودعا إلى مراجعة الاتفاق المبرم عام 2016 بين الاتحاد وتركيا حول المهاجرين، معتبراً أن هذه المراجعة ستكون "مفتاح أجندة إيجابية مع أوروبا".
وتم التوصل إلى هذا الاتفاق بعد أزمة الهجرة التي شهدتها أوروبا عام 2015، مع وصول أكثر من مليون مهاجر إلى دول الاتحاد. وبموجب الاتفاق، وافقت تركيا على أن تعيد إلى أراضيها كل المهاجرين الجدد الذين يصلون الى الجزر اليونانية بمن فيهم طالبو اللجوء كالسوريين الفارين من الحرب في بلادهم. في المقابل يصرف الاتحاد الاوروبي ستة مليارات يورو لتركيا لتحسين ظروف عيش 3.6 ملايين لاجئ تستقبلهم.
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP