بعد المصالحة الخليجية.. ما هو حال حرب التغريدات على تويتر؟
إسماعيل عزام
٢٩ يناير ٢٠٢١
وضعت الحرب الإلكترونية على تويتر بين دول السعودية والإمارات ومصر والبحرين ودولة قطر أوزارها، إذ تراجعت تغريدات تبادل الهجوم منذ إعلان المصالحة، سواء منها تغريدات الإعلام أو المستخدمين العاديين أو حتى الحسابات الآلية!
إعلان
خلافا لما كان عليه الحال منذ اندلاع الأزمة الخليجية في الخامس من يونيو/حزيران 2017، أضحى موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هادئا للغاية فيما يتعلّق بالمعارك شبه اليومية بين مغردي أطراف الأزمة، إذ شهد الموقع في بدايتها مدا كبيرا لمنشورات تهاجم قطر بضراوة كبيرة، ثم دافع مغردون ووسائل إعلام قطرية عن دولتهم ثم انتقلوا بدورهم إلى الهجوم على دول المقاطعة.
ولم يعد إيجاد تغريدات "المعارك الإلكترونية" سهلاً منذ قمة العلا التي تمّ الإعلان خلالها عن المصالحة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة، وقطر من جهة أخرى، عكس ما كان عليه الحال قبل ذلك، إذ كانت التغريدات سهلة المنال، خاصة مع ما تقوم به حسابات آلية بشن حملة تغريدات واسعة ضد دولة معينة لأجل أن تصعد التغريدات في الترند، أو حتى بالعودة إلى ما يغرّد به صحفيون ونشطاء ومتتبعون من الدول الخمسة من اتهامات وردود مشحونة متبادلة.
غير أن تغطية قناة الجزيرة لا تزال تثير ردود أفعال مغردين من الطرف الأخر، إذ هاجم الإعلامي السعودي عبد الملك المالكي (نتحفظ عن نشر التغريدة لاحتوائها ألفاظا عنيفة) القناة بسبب تغطيتها لمواضيع إماراتية وبحرينية، متهما إياها بـ"قناة الفتنة التي لا تزال في غيّها"، متسائلا: "إلى متى ولمصلحة من كل هذا وبهذا الوقت تحديدًا.؟!
الهجوم على الجزيرة استمر من بعض الصحفيين المصريين، ومنهم مصطفى بكري، الذي كتب "القناة لا تتوقف عن أكاذيبها ضد مصر. أيمن نور يطالب من على شاشتها بالخلاص من النظام السياسي في مصر. أين هي المصالحة؟ وماهي شروطها"؟
كما كتب الإعلامي السوري عبد الجليل السعيد، الذي ينشط في قناة سعودية، أنه "في وقت توقفت فيه تماماً قناتا العربية والحدث وقناة سكاي نيوز عربية عن ذكر أي خبر حول قطر بشكل سلبي، تستمر قناة الجزيرة القطرية بمهاجمة السعودية والإمارات دون أي تغير في خطابها بعد المصالحة .. مالذي يجري؟"
ورغم خفوت حدة تغطيتها لأوضاع بلدان المقاطعة، خصوصا السعودية، إلّا أن الجزيرة استمرت في نشر منشورات تنتقد ضمنيا الدول الثلاث الأخرى، على حسابها بتويتر، ومن ذلك مقابلة مع الناشطة المصرية غادة نجيب إثر إسقاط السلطات الجنسية عنها.
وكذلك كان الحال مع تقرير حول "الانتهاكات" بحق الإماراتي أحمد منصور المعتقل من لدن سلطات بلاده، وكذلك تغطيتها لبيان منظمة أمنستي حول ظروف اعتقال رجل الدين البحريني المعتقل زهير عباس.
ويرى الكاتب السعودي المقيم بالخارج مهنا الحبيل أنه لا يزال هناك وقت طويل للوصول لمئة يوم بعد قمة العلا ليُختبر الاتفاق غير أن الشواهد لا تزال تعضد تثبيت فك الاشتباك بين قطر والسعودية. وهناك عناصر داخلية تجعل الرياض حريصة على تثبيته".
وكانت دول المقاطعة قد وضعت إغلاق قناة الجزيرة ضمن المطالب التي وجهتها إلى قطر عام 2017 لأجل عودة القطاعات، غير أن المصالحة تمت دون تحقيق العديد من هذه المطالب، ما اعتبره القطريون نصرا لصالحهم، في وقت يرى آخرون أن قطر ستقدم مع الوقت بعض التنازلات.
وبدورهم لا يزال مغردون قطريون ينتقدون السياسة الخارجية الإماراتية فيما يتعلّق بالتطبيع مع إسرائيل، وكتبت ابتسام آل سعد: "أبو ظبي بررت تطبيعها مع إسرائيل على أنه خدمة للفلسطينيين ووقف الاستيطان، فتضاعفت عملية هدم البيوت الفلسطينية أكثر، وجاء بايدن ليفضح ما تلقته الإمارات من وعود ترامبيةلقاء التطبيع بوقف صفقة طائرات F35 التي يمكن أن تتم مقابل المزيد من التنازلات والمؤامرات التي تجيدها الجارة".
ومن المواقع الإماراتية التي توقفت عن الهجوم على قطر، موقع صحيفة العين، الذي دأب على نشر تقارير وفيديوهات وانفوغرافيك تربط بين قطر والمؤامرات والإرهاب والملاحقات القضائية، لكن منذ إعلان المصالحة، لم تنشر أيّ تقرير يهاجم قطر بشكل واضح، باستثناء أخبار منها تصريحات لوزير الخارجية البحريني.
وتراجع بشكل كبير استخدام هاشتاغات كانت تستخدم في الحرب الإعلامية، منها هاشتاغ #تنظيم_الحمدين الذي كانت حسابات من دول المقاطعة تستخدمه للهجوم على الدوحة، لكن لا يزال هناك من يستخدمه في تغريدات جد معدودة.
ومن أكبر الأدلة على مرحلة جديدة من التفاعل الخليجي في تويتر، التغريدة التي ثبتها مذيع قناة الجزيرة جمال ريان على حسابه الذي يتابعه مليونا مستخدم، وفيها صورة الملك سلمان بن عبد العزيز، مع الرئيس رجب طيب أردوغان، مع عبارة: "اللهم احفظهما وبارك خطاهما لنصرة أمة الإسلام، قولوا آمين".
إسماعيل عزام
بالصور: أزمة الخليج .. من سيوف المقاطعة إلى قُبل المصالحة
أكثر من ثلاث سنوات عاصفة في تاريخ علاقات قطر بالسعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر. قمة مجلس التعاون الخليجي بالرياض في 2021.01.05 تفتح الباب على مصالحة بدأت بالسعودية ولكنها خجولة مع الإمارات وسط تحفظ مصري.
صورة من: Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/REUTERS
إعلان المقاطعة
في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة والتقرب من إيران، الأمر الذي نفته الدوحة.
صورة من: picture-alliance/abaca/Stringer
اتهامات واختراقات
في 24 أيار/ مايو 2017: أعلنت الدوحة أن موقع وكالة الأنباء الرسمية القطرية تعرّض "لعملية اختراق من جهة غير معروفة"، مشيرة إلى أنه تم نشر "تصريح مغلوط" منسوب لأمير قطر. التصريحات التي نفت الدوحة أن تكون صادرة عن أمير البلاد، تناولت إيران وحزب الله وحركة حماس والإخوان المسلمين، وانتقدت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقامت وسائل إعلام خليجية بنشر هذه التصريحات رغم نفي الدوحة، التي فتحت تحقيقا.
إغلاق الحدود
في الخامس من حزيران/ يونيو2017، أعلنت السعودية وحلفاؤها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. وترافق ذلك مع إجراءات اقتصادية من بينها إغلاق الحدود البرية والبحرية مع قطر، ووقف الرحلات الجوية وفرض قيود على حركة القطريين في هذه الدول.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Jaafar
لائحة شروط
في 22 حزيران/ يونيو، عرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر قائمة من 13 طلبا وحدّدت لها مهلة عشرة أيام لتنفيذها. ومن ضمن المطالب إغلاق قناة "الجزيرة" والحدّ من علاقات قطر مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في الإمارة الخليجية. وبعدها في الرابع من تموز/ يوليو، أكدت قطر أن "اللائحة غير واقعية" وغير قابلة للتطبيق.
صورة من: Imago Images/photothek/T. Koehler
شخصيات ومجموعات مطلوبة
في 25 تموز/ يوليو2017، نشرت السعودية وحلفاؤها لائحة سوداء تضم أسماء "إرهابيين"، على حسب تعبير اللائحة، وفيها أسماء 18 مجموعة وشخصا على ارتباط بقطر. وتضم اللائحة حاليا حوالى تسعين شخصا ومجموعة، وشملت الشيخ يوسف القرضاوي المصري المقيم في قطر.
صورة من: picture-alliance/dpa
تحالفات لفك العزلة
في بداية الأزمة تعرضت قطر إلى صعوبات لكنها اعتمدت على تحالفاتها، فقد سعت إيران وتركيا منذ بداية الأزمة إلى مساعدة الدوحة على كسر عزلتها. ووقعت قطر مع الولايات المتحدة عقودا في قطاعات النفط والطيران والتسلح. وعززت الدوحة صناعاتها المحلية وحققت نوعا من الاكتفاء الذاتي بعد إغلاق كل المنافذ مع جيرانها الخليجيين الذين كانت تقيم معهم علاقات تجارية قوية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Doha News
السيسي وحلفاؤه
في الثالث والعشرين يوليو تموز 2017، احتفلت مصر بالذكرى 65 لثورة 23 يوليو 1952، التي قادها الضباط الأحرار بزعامة جمال عبد الناصر. ووسط استعراض عسكري ظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي رفقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي عهد البحرين خالد الفيصل والجنرال خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (يطلق عليها اسم الجيش الوطني الليبي)، في مشهد يظهر جبهة مناوئة للحلف التركي القطري.
صورة من: Picture-alliance/Zumapress/Egyptian President Office
مواقف ترامب المتقلبة
في نيسان/ أبريل 2018، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال لقاء مع الرئيس الأمريكي رفضه أي تمويل للإرهاب. وأعلن ترامب أنه يعمل من أجل "وحدة" الدول في المنطقة. وكان ترامب قد علق عبر "تويتر" مباشرة بعد إعلان مقاطعة قطر قائلا إن دول الخليج قالت "إنها ستعتمد نهجا حازما ضد تمويل التطرف، وكل الدلائل تشير الى قطر".
صورة من: Reuters/J. Ernst
ديبلوماسية رياضية
في كانون الأول/ ديسمبر 2019، استضافت الإمارات كأس آسيا لكرة القدم. وفازت قطر باللقب مع أن المنتخب خاض البطولة دون مؤازرة جمهوره. وفي نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر وبداية كانون الأول/ديسمبر 2019، استضافت قطر بطولة كأس الخليج في كرة القدم، وقررت السعودية والإمارات والبحرين التراجع عن قرارها بعدم المشاركة. وفازت البحرين بالكأس.
بيد ان استضافة منافسات رياضية لم تخفف من وطأة الخلافات.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/Nikku
بن سلمان وبن زايد
في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2019، عُقدت قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض بغياب أمير قطر الذي أوفد بدلا منه رئيس الوزراء في حينه عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني. وأعلن وزير الخارجية القطري في كانون الثاني/ يناير 2020 تعليق محادثات كانت بدأت بخجل، بين بلاده والرياض. وتردد أن فشل مساعي المصالحة وراءه تحفظ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وصديقه ولي عهد أبو ظبي الشيح محمد بن زايد.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
قرارات دولية لصالح قطر
في 16 حزيران/يونيو 2020، أصدرت منظمة التجارة العالمية حكما لصالح قطر في خلافها مع السعودية التي تتهمها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية بسبب قرصنة تعرضت لها شبكة "بي إن" القطرية من قناة "بي آوت كيو".
وفي 14/7 محكمة العدل الدولية تصدر قرارا لصالح قطر في خلافها مع أربع دول أخرى اتهمتها الدوحة بفرض "حصار جوي" عليها. في 22.7 طالبت شركة الخطوط الجوية القطرية هذه الدول بتعويضات بقيمة خمسة مليارات دولار.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Jaafar
تحالف تركي قطري
ساهمت الأزمة بين قطر وشقيقاتها الخليجية في تعميق تعاونها مع تركيا التي لعبت تركيا دورا مهما في مساعدة الدوحة على الخروج من عزلتها. وأقامت قاعدة عسكرية في قطر، كما شهدت مجالات التعاون نموا ملحوظا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وقع البلدان عشرة اتفاقيات في مجالات تعاون مختلفة، بحضور الرئيس أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم. ويثير التحالف القطري التركي قلق مصر والإمارات.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/M. Kamaci
قمة المصالحة
في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر2020، كشف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن حلفاء بلاده "على الخط نفسه" في ما يتعلّق بحل الأزمة الخليجية، والتوصل قريبا إلى اتفاق نهائي بشأنها. وفي 30 كانون الأول/ ديسمبر، أعلن مجلس التعاون الخليجي أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وجه دعوة الى أمير قطر لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي بالمملكة في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2021.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil
استقبال سعودي حار
في الخامس من يناير/ كانون الثاني 2021 عقد مجلس التعاون الخليجي قمة في السعودية طغى عليها الإعلان عن فتح الأجواء والحدود بين السعودية وقطر بعد أكثر من ثلاث سنوات من قطع العلاقات. ولقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبالا حارا لدى وصوله الى السعودية، وكان الملك سلمان بن عبد العزيز في مقدمة المستقبلين لأمير قطر.
صورة من: Bandar Algaloud/Saudi Kingdom Handout/AA/picture alliance
عناق بن سلمان وتميم في مطار العلا
ولدى استقباله في المطار بمدينة العلا السعودية التاريخية، عانق الأمير محمد بن سلمان ضيفه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مؤشر مهم على آمال وأد الخلاف بين حليفتين رئيسيتين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط قبل أسبوعين من تولي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن السلطة.
صورة من: Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/REUTERS
تحفظ مصري وإماراتي؟
فيما كان الاستقبال السعودي لأمير قطر حارا، تتجه الأنظار إلى موقف الإمارات والبحرين والحليفة مصر، التي لم يصدر عنها بعد خطوات مشابهة للسعودية فيما يتعلق برفع إجراءات المقاطعة وفتح الحدود. وتفيد بعض المؤشرات بأن مصر ودولة الإمارات ما تزالان لديهما تحفظات بشأن التقارب مع قطر، وهنالك ملفات عديدة ما تزال محل خلاف.
صورة من: Bandar Algalou/AA/picture alliance
دور الوساطة الكويتي
يعتبر التقارب الخليجي ثمرة جهود وساطة حثيثة لعبت فيها دولة الكويت بالاضافة إلى إدارة الرئيس ترامب دورا كبيرا. أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (يسار الصورة) واصل جهود سلفه الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي وافته المنية في 29 أيلول/ سبتمبر 2020. م.س/ ص.ش (وكالات)