لماذا تحوّلت إسبانيا مؤخراً إلى بؤرة كورونا في غرب أوروبا؟
٢٢ أغسطس ٢٠٢٠
بعدما فتحت حدودها أمام السياح ورفعت القيود الاجتماعية، أضحت إسبانيا تعاني من جائحة كورونا بشكل أخطر من جيرانها، فما هي الأسباب؟ وفي جانب آخر، هل تراجع الخطر في أمريكا؟
إعلان
أصبحت إسبانيا مرة جديدة بؤرة لتفشي فيروس كورونا المستجد، رغم فرض تدابير صارمة وجعل وضع الكمامات في الأماكن العامة أمرا إلزاميا. وأحصت البلاد 143 إصابة جديدة لكل 100 ألف شخص خلال الأسبوعين الماضيين مقارنة بـ 50 إصابة في فرنسا المجاورة وفقا لإحصاء أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وأودى الفيروس بحياة أكثر من 800 ألف شخص في العالم منذ اكتشافه وفق آخر تعداد أعدّته وكالة فرانس برس، من أصل حوالي 23 مليون إصابة معلنة. فيما ذكرت بيانات جامعة جونز هوبكنز ووكالة بلومبرج للأنباء أن إجمالي حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس في العالم إلى 22 مليونا و954 ألفا و220 حالة، حتى الساعة36ر7 ، حسب التوقيت العالمي الموحد (يو.تي.سي)، وأظهرت البيانات أن (كوفيد19-) قد أودى بحياة 799 ألفا و350 شخصا.
ما الأسباب؟
ويقول الخبراء إن رد الفعل العنيف على تدابير الإغلاق الصارمة التي فرضت في إسبانيا في منتصف آذار/مارس ولم يتم رفعها بالكامل إلا في 21 حزيران/يونيو عامل أساسي وراء ارتفاع عدد الإصابات، إذ لم يكن بإمكان السكان حينها الخروج إلا لأغراض ضرورية للغاية.
وقال سلفادور مانثيب، الخبير في العلوم الصحية في جامعة "كاتالونيا أوبن يونيفيرسيتي" إن هذه التدابير "الصارمة" خلقت "رغبة في تعويض الوقت الضائع" بمجرد رفع الإجراءات التي أدت إلى تفشي فيروس كورونا مضيفاً أن السلطات لم تشدد على ضرورة "توخي الحذر" بعد تخفيف القيود؟
ووافق خورخي رويز عالم الاجتماع في معهد الدراسات الاجتماعية المتقدمة للأبحاث على هذا الرأي. وقال "ربما لم تكن أشهر الإغلاق أفضل استراتيجية لتعزيز المسؤولية الاجتماعية بمجرد رفع القيود"، متابعا أنه "من الصعب جدا" على الشباب احترام القواعد الجديدة التي أعلنت عنها مدريد كإغلاق النوادي الليلية وتقليل ساعات عمل المطاعم، فضلاً عن حظر التدخين في الهواء الطلق إذا لم يكن من الممكن الحفاظ على مسافة مترين بين الأشخاص.
كما يصعب نظام الحكم اللامركزي في إسبانيا، الذي توزع بموجبه مسؤولية الرعاية الصحية، وضع استراتيجية وطنية مشتركة. كما ألقى الخبراء باللوم على قرار إسبانيا بفتح حدودها أمام السياح في نهاية حزيران/يونيو لحماية قطاع السياحة الرئيسي في ارتفاع عدد الإصابات.
وأشار خبراء إلى أن تحرك العمال الزراعيين الموسميين الذين يعملون في كل أنحاء البلاد ويعيشون في بيئات مكتظة، ساعد أيضا على انتشار الفيروس.
وبعدما بلغت ذروتها التي تمثلت بأكثر من سبعين ألف إصابة يومية في تموز/يوليو، سجلت البلاد 43 ألف إصابة الخميس. وانخفض عدد حالات الاستشفاء بمقدار الثلث منذ الذروة، وفقا لـ"كوفيد تراكينغ بروجيكت" للاحصاءات المرتبطة بالوباء. ومن المفترض أن يبدأ عدد الوفيات المستقر عند ألف حالة يوميا منذ نهاية تموز/يوليو، بالانخفاض.
ومع ذلك، فإن البلاد لم تخرج من دائرة الخطر. فمعدل الإصابة (عدد الإصابات الجديدة المبلغ عنها) لا يزال أكبر بثلاثة أضعاف من المعدل في فرنسا والمكسيك. والمتوسط الأميركي يخفي تباينات ضخمة بين المناطق.
ويتمثّل خوف السلطات الصحية في تكرار سيناريو الكارثة التي حصلت في الربيع بضغط من دونالد ترامب، عندما رُفعت تدابير الإغلاق في العديد من الولايات الجنوبية والغربية التي تأثرت بشكل طفيف خلال الموجة الأولى، ما أدى إلى عودة انتشار الوباء بشكل كبير لاحقا.
إ.ع/ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ)
في صور.. هكذا يبدو التفاوت الكبير في الثروة بأوروبا!
يسود الاعتقاد بأن جميع دول الاتحاد الأوروبي تتمتع بالثراء نفسه أن مواطنيها مرفهون بالدرجة نفسها، لكن هذا التصور خاطئ كما تثبت لغة الأرقام. فكيف تتوزع الثروة في الأسرة الأوروبية؟. تابع هذه الصور.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Kalker
بلغاريا: رواتب منخفضة وأجور متدنية
تعد بلغاريا من أفقر دول الاتحاد الأوروبي، والأولى في معدلات الفساد في أوروبا. وبحسب مؤسسة التجارة والاستثمارات التابعة للحكومة الألمانية (GTAI) بلغ إجمالي الدخل الشهري للفرد في 2018 بالكاد 580 يورو. منذ أن انضمت بلغاريا للاتحاد الأوروبي تركت أعداد كبيرة من الشباب البلد، ومن بينهم العديد من المتعلمين.
صورة من: BGNES
رومانيا: المركز ما قبل الأخير في التصنيف الاقتصادي
قد تعطي هذه الصورة الجميلة انطباعاً خاطئاً، فالعديد من المدن القديمة في زيبنبورغن، ومنها هذه المدينة في براسوف، مرممة بشكل يخطف الأنظار. لكن معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد بلغ في 2019 نحو 11.440يورو، وهو ما يضعها في المرتبة قبل الأخيرة التي احتلتها بلغاريا بمعدل بلغ 8680 يورو للشخص الواحد في 2019. أما في ألمانيا فبلغت 41.340 يورو.
صورة من: Imago Images/Design Pics/R. Maschmeyer
اليونان: أزمات مالية متكررة
لم تكد اليونان تلتقط أنفاسها من أزمة الديون التي أثقلتها لسنوات حتى جاءت أزمة كورونا لتعصف بالقليل من الاستقرار الذي حظيت به. فبسبب كورونا وقعت اليونان مرة أخرى تحت ضغط مالي شديد، وأصبحت في حاجة لمساعدة الاتحاد الأوروبي. وبالرغم من الظرف الحالي، إلا أن الأمر نسبي: فمقارنة بألمانيا يمكن اعتبار اليونان دولة فقيرة بمعدل 17.500 يورو كدخل للفرد. إلا أن هذه القيمة تعد ضعف مثيلتها في بلغاريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/VisualEyze
فرنسا: بلد أصحاب العقارات
قد تكون هذه المعلومة غير متوقعة، لكن فرنسا تتفوق بشكل كبير على ألمانيا فيما يتعلق بمتوسط أملاك الفرد. فبحسب بيانات شركة أليانز (Allianz) للتأمين لعام 2019 فإن متوسط الأصول الصافية للفرد بلغ في فرنسا 26.500 يورو،وهو ما يمثل زيادة 10 آلاف يورو عن متوسط الأصول الصافية للفرد في ألمانيا. يرجع السبب في ذلك إلى تملك الكثير من الفرنسيين لبيوتهم، بل يملك الكثير منهم بيتاً ثانياً في المناطق الريفية.
صورة من: picture alliance/prisma/K. Katja
إيطاليا: إصلاحات نادرة وديون مرتفعة
تعد إيطاليا من أكثر الدول الأوروبية تضرراً من جائحة كورونا وتبعاتها، فمدينة برغامو الإيطالية كانت مركز وباء الوباء في بدايته. وبعد فترة ركود اقتصادي استمرت لعقدين كانت إيطاليا على رأس قائمة حزمة مساعدات كورونا التي أقرها الاتحاد الأوروبي. فمتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا يصل إلى 29.6110 لعام 2018، وهي بذلك تقع بذلك تحت المتوسط الأوروبي بفارق بسيط.
صورة من: AFP/P. Cruciatti
إسبانيا والخوف من موجة ثانية من كورونا
بعد ارتفاع كبير في معدلات العدوى بفيروس كورونا، قررت السلطات في كاتالونيا إعادة فرض حظر التجول. لكن إسبانيا بلد سياحي من الدرجة الأولى، فالسياحة تمثل نحو 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وبحسب الإحصائيات فإن معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد بلغ 26.440 يورو في 2018، وهو ما يضعها تحت المعدل الأوروبي الذي بلغ نحو 31 ألف يورو.
صورة من: Reuters/N. Doce
السويد: حياة مرفهة مع ضرائب مرتفعة وبدون حظر تجول
حاولت السويد النجاة من جائحة كورونا بدون فرض حظر تجول، وهو ما تسبب في معدلات وفاة مرتفعة نسبياً. تأتي السويد في المرتبة الخامسة بعد لوكسمبورغ، ايرلندا، الدنمارك وهولندا فيما يتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي والذي بلغت قيمته 46.180 يورو. وبالرغم من الضرائب المرتفعة التي تفرضها السويد، إلا أن سكانها تفوقوا على الفرنسيين في متوسط الأصول الصافية للفرد لعام 2018.
صورة من: imago images/TT/J. Nilsson
هولندا: أداء اقتصادي متقدم وثروة كبيرة
تنتمي هولندا لما بت يعرف بالدول "الأربع المقتصدة". وسميت المجموعة المكونة من هولندا، السويد، الدنمارك والنمسا بهذا الاسم لمعارضتها الشديدة لإقرار حزمة مساعدات مالية لمواجهة أعباء كورونا. وتعد هولندا من الدول الأكثر رفاهية في الاتحاد الأوروبي حسب معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 46.800 يورو في 2019، ومتوسط أصول صافية للفرد بقيمة 60 ألف يورو في 2018.
صورة من: picture-alliance/robertharding/F. Hall
ألمانيا: دولة غنية سكانها ليسوا بالضرورة أغنياء
نجحت ألمانيا في التعامل مع جائحة كورونا، لكن التبعات الاقتصادية كبيرة: فقد قلت الصادرات، فيما تكافح شركات عديدة لتفلت من الإفلاس. تعد ألمانيا أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ووصل معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى 41.340 يورو في 2019. بيد أن الأصول الصافية للفرد في ألمانيا بلغت 16.800 يورو فقط، اي نصف ما هو موجود في إيطاليا. توماس كولمان/ س.ح