وافق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي على استئناف بعثة المراقبة الأوربية على معبر رفح شريان حياة قطاع غزة. فما دور وأهمية المهمة وهل ستكون ذات فعالية؟
إعلان
بعد توقف لأكثر من 18 عاما، يعود الاتحاد الأوروبي للاضطلاع بدوره في مراقبة معبر رفح الحدودي، شريان حياة قطاع غزة ومنفذ سكانه الوحيد إلى العالم الخارجي.
وسوف يتم استئناف المهمة المدنية بعد موافقة وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الاثنين (27 يناير/كانون الثاني) على القرار، ما يسمح لعدد من المصابين بمغادرة غزة وتلقي الرعاية الطبية، وفق ما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس.
وخلال مؤتمر صحفي، أوضحت كالاس أن هذه المهمة ستستأنف "اعتبارا من فبراير/شباط" وأن الفرق "مستعدة للذهاب وبدء العمل".
وتشكّلت المهمة، وهي ذات طابع مدني، عام 2005 للمساعدة في مراقبة المعبر، لكن تم تعليق عملها بعد عامين عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة.
طبيعة المهمة؟
وشددت كالاس في تغريدة على منصة إكس على أهمية المهمة، قائلة: "يتفق الجميع على أن بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية في رفح يمكن أن تلعب دورا حاسما في دعم وقف إطلاق النار".
إعلان
وكان مسؤولون أوروبيون قد اشاروا في وقت سابق إلى أن مهمة المراقبة ستضم ما يصل إلى عشرة موظفين أوروبيين وعناصر محلية.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيانإنه "بموجب الشروط المتفق عليها مع الطرفين، فإن فترة انتشار فريق الاتحاد الأوروبي المتخصص في معبر رفح ستستمر حتى نهاية المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. ومن المتوقع خلال هذه الفترة أن يغادر غزة عدة مئات من الأشخاص على الأقل".
تزامن هذا مع إعلان إيطاليا وإسبانيا وفرنسا إرسال عناصر ليكونوا جزءا من مفرزة أمنية تابعة للشرطة للمساعدة في حماية المهمة.
وفي بيان، قالت الحكومة الإيطالية "أُطلقت المهمة بناءً على طلب إسرائيل و السلطة الفلسطينية وبدعم كامل من مصر".
وأضافت "الهدف الأساسي منها هو تنسيق وتسهيل عبور ما يصل إلى 300 جريح ومريض يوميا، وضمان المساعدة والحماية للأشخاص الضعفاء في سياق حالة طوارئ إنسانية".
ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية (إي إف إي) عن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس قوله إنه سوف يتم نشر عناصر من الحرس المدني الإسباني ضمن المهمة. وأكد الوزير أنه سيتم توفير عدد كافٍ من الأفراد ليشاركوا في المهمة، مشددا على ضرورة استئنافها على نحو سريع.
وتحدثت تقارير أوروبية عن أن عودة موظفي الاتحاد الأوروبي ستكون "مرهونة" بمدى استمرار وقف إطلاق النار، وسط توقعات بأنه سوف يتم الشروع في المهمة خلال المرحلة التالية من الاتفاق.
وتعد آلية تشغيل معبر رفح نقطة خلافية بين إسرائيل من جهة والسلطة الفلسطينية والحكومة المصرية من جهة أخرى. ورفضت إسرائيل، حتى قبل بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مع حماس، إمكانية تسليم المعبر للجانب الفلسطيني.
فقد نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أسبوع الموافقة على عودة السلطة الفلسطينية إلى معبر رفح.
وأضاف البيان "التدخل العملي الوحيد للسلطة الفلسطينية هو ختم السلطة على جوازات السفر، والذي يعتبر، وفقا للترتيب الدولي القائم، الختم الوحيد الذي يسمح للغزيين بمغادرة القطاع للدخول أو الاستيعاب في بلدان أخرى".
تحديات كبيرة
بيد أن المهمة الأوروبية تواجه تحديات. فبحسب اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية المبرمة عام 2005، فإنه يتم فتح معبر رفح وفق معايير دولية وفي تواجد طرف ثالث مع تشغيله من قبل السلطة الفلسطينية من جانبها ومن قبل مصر من جانبها.
وتنص الاتفاقية على أن استخدام معبر رفح "ينحصر في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية مع استثناء شرائح متفق عليها، ومع إشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة". وبحسب الاتفاقية، فإن السلطة الفلسطينية "تعمل على منع عبور السلاح أو المواد المتفجرة عبر رفح".
وفيما يتعلق بالطرف الثالث، فإنه يتطلع لضمان "اتباع الإجراءات الصحيحة"، بحسب الاتفاقية.
وفي تقريرنشر الثلاثاء (28 يناير/كانون الثاني)، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن "المشكلة تكمن في أنه خلال عامي 2005 و2006 باءت المحاولات السابقة لتشغيل المعبر ضمن بعض الشروط بالفشل بسبب أن حماس تمكنت من السيطرة على غزة".
وأضافت الصحيفة "ليس من الواضح ما إذا كانت الأمور ستختلف هذه المرة". وقالت الصحيفة إن مقترح استئناف مهمة الاتحاد الأوروبي "من المرجح أن يلقى قبولا من دول الخليج".
يُشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن قد انخرطت في مباحثات مع منظمة تابعة للاتحاد الأوروبي للمساعدة في فتح معبر رفح.
ونقلت مجلة "بوليتيكو" في منتصف العام الماضي عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن المباحثات ترمي إلى اتفاق من شأنه أن "يضع المنظمة الأوروبية على رأس معبر رفح بهدف تعزيز تدفق المساعدات إلى القطاع".
ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance