بعد تقرير المخابرات عن بن سلمان.. ماذا يحضر بايدن للسعودية؟
٢٧ فبراير ٢٠٢١
تواجه إدارة بايدن انتقادات بسبب عدم اتخاذ تدابير تجاه ولي العهد السعودي، بعدما اتهمه تقرير استخباراتي في قضية مقتل خاشقجي. ووسط دعوات بمعاقبة بن سلمان قال بايدن "سيكون هناك إعلان يوم الاثنين بشأن ما سنفعله مع السعودية".
إعلان
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن السبت (27 فبراير/ شباط 2021) إن إدارته ستصدر إعلانا يوم الاثنين (الأول من مارس/ آذار 2021) عن المملكة العربية السعودية، في أعقاب تقرير المخابرات الأمريكية، الذي خلص إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان وافق على قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وواجهت إدارة بايدن بعض الانتقادات لا سيما مقال افتتاحي في صحيفة واشنطن بوست بأنه كان يجب على الرئيس الأمريكي أن يكون أكثر صرامة مع ولي العهد، الذي لم يُعاقب على الرغم من إلقاء اللوم عليه في الموافقة على مقتل خاشقجي.
وردا على سؤال بشأن معاقبة ولي العهد قال بايدن "سيكون هناك إعلان يوم الاثنين بشأن ما سنفعله مع السعودية بوجه عام".
ولم يقدم بايدن تفاصيل حول خططه التي سيعلن عنها يوم الاثنين، بيد أن مصادر إعلامية أمريكية استبعدت لجوء واشنطن لفرض تدابير ضد ولي العهد السعودي.
وعقب نشر التقرير الاستخباراتي عن مقتل خاشقجي، أعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" عن أملها في أن تتم ملاحقة المسؤولين عن الجريمة. وقال الأمين العام للمنظمة كريستيان مير: "يؤكد التقرير أهمية إجراء تحقيق قانوني مستقل في جريمة القتل الوحشية. يجب معاقبة المسؤولين... الآن يتعين على المحاكم المستقلة أن تضمن العدالة وتوضح بالضبط مسؤولية ولي العهد (السعودي) محمد بن سلمان".
وأضاف مير: "يجب ألا ننسى أن ولي العهد وممثلين آخرين رفيعي المستوى من العائلة المالكة مسؤولون أيضا عن الاضطهاد المنهجي وواسع النطاق للصحفيين. ويوجد حاليا 33 إعلاميا على الأقل قيد الاحتجاز التعسفي في السعودية".
وكانت منظمة "فريدوم هاوس" ومقرها واشنطن قد قالت السبت إنه "من المخيب للآمال أن الولايات المتحدة ما زالت غير مستعدة بعد للتصرف بناء على معلوماتها الاستخباراتية" وفرض عقوبات على ولي العهد السعودي.
كما قالت منظمة "هيومن رايتس فاونديشن" التي تتخذ من نيويورك مقرا لها وقامت بإنتاج فيلم وثائقي عن مقتل خاشقجي بعنوان "المنشق" إنه "لا نتوقع أقل من العدالة لجمال (خاشقجي) ولكل المعارضين السعوديين الشجعان". وأضافت "يجب على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض عقوبات بشكل عاجل على محمد بن سلمان نفسه".
وقُتل خاشقجي الذي كان مقيما في الولايات المتحدة ويكتب أعمدة رأي في صحيفة واشنطن بوست تنتقد سياسات محمد بن سلمان على أيدي فريق من الأفراد المرتبطين بولي العهد السعودي في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر 2018.
وأصدرت الحكومة السعودية، التي نفت أي تورط لولي العهد، يوم الجمعة بيانًا رفضت فيه نتائج التقرير الأمريكي وكررت تصريحاتها السابقة بأن مقتل خاشقجي كان جريمة نكراء ارتكبتها مجموعة مارقة.
ومن بين الخطوات العقابية التي اتخذتها الولايات المتحدة يوم الجمعة فرض حظر على التأشيرات على بعض السعوديين الذين يُعتقد أنهم متورطون في مقتل خاشقجي وكذلك فرض عقوبات على آخرين، من بينهم نائب رئيس المخابرات السابق، من شأنها تجميد أصولهم في الولايات المتحدة ومنع الأمريكيين بشكل عام من التعامل معهم.
ص.ش/أ.ح (رويترز، د ب أ، أ ف ب)
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.