اعتبارًا من الأحد، سيتمكن المؤمنون من زيارة قبر البابا فرنسيس في كنيسة سانتا ماريا ماجور بروما، بعد جنازة تاريخية حضرها الآلاف، تمهيدًا لانعقاد المجمع المقدس لانتخاب خليفته، فيما ينتظر الألمان إصلاحات من البابا الجديد.
دُفن البابا فرنسيس الذي توفي يوم اثنين الفصح عن عمر يناهز 88 عاما، في مراسم خاصة في كنيسة سانتا ماريا ماجوريصورة من: Kai Pfaffenbach/REUTERS
إعلان
سيتمكن المؤمنون اعتبارا من صباح الأحد (27 أبريل/ نيسان 2025) من زيارة قبر البابا فرنسيس الذي ووري الثرى السبت في كنيسة سانتا ماريا ماجوري في روما بعد جنازة مهيبة وهو ما يمهد الطريق أمام المداولات المتعلقة بخلافته.
وعلى غرار سبعة باباوات قبله، دُفن البابا فرنسيس الذي توفي يوم اثنين الفصح عن عمر يناهز 88 عاما، في مراسم خاصة السبت في كنيسة سانتا ماريا ماجوري، المكرسة للسيدة العذراء مريم حيث اعتاد أن يذهب للصلاة قبل كل رحلة خارجية وبعدها.
وسيُقام قداس لراحة نفسه يترأسه المسؤول الثاني السابق في الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، في الساعة 08:30 بتوقيت غرينتش في ساحة القديس بطرس، قبل أن يزور الكرادلة قبره الواقع قرب المذبح في سانتا ماريا ماجوري، والذي يحمل فقط عبارة "فرانسيسكوس"، أي فرنسيس باللاتينية.
سيُقام قداس لراحة نفس البابا يترأسه المسؤول الثاني السابق في الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، في ساحة القديس بطرسصورة من: Dan Kitwood/Getty Images
حداد لتسعة أيام ثم انتخابات
ومنذ الجنازة المهيبة التي نظمت لخورخي بيرغوليو، أول بابا متحدر من أميركا الجنوبية في التاريخ، والتي حضرها أكثر من 400 ألف شخص، يشهد الفاتيكان فترة حداد مدتها تسعة أيام، ستُقام خلالها رتب دينية كل يوم في كنيسة القديس بطرس حتى 4 أيار/مايو.
ومع انقضاء الأيام التسعة هذه، يمكن أن يجتمع الكرادلة الناخبون الـ135 والذين تقل أعمارهم عن 80 عاما، ليختاروا خلف الأبواب المغلقة في كنيسة سيستينا، بابا جديدا على رأس الكنيسة الكاثوليكية. وقد يتم الإعلان عن موعد المَجْمَع المقدس الاثنين.
وفقا لقواعد الفاتيكان، يجب أن يبدأ المجمع بين اليوم الخامس عشر والعشرين بعد وفاة البابا، أي بين 5 و10 أيار/مايو. وقال الكاردينال اللوكسمبورغي جان-كلود هوليريتش إنه سيبدأ "على الأرجح" في 5 أو 6 أيار/مايو، بينما قدّر الكاردينال الألماني راينهارد ماركس أنه سيستمر "بضعة أيام".
وقال إزيكييل كاسترو، وهو أرجنتيني يبلغ 16 عاما جاء لحضور جنازة البابا فرنسيس "دعونا ننتظر نتائج المجمع المقدس المقبل ولنثق بالكرادلة الذين يستلهمون الروح القدس".
منذ الجنازة المهيبة التي نظمت لخورخي بيرغوليو، أول بابا متحدر من أميركا الجنوبية في التاريخ، والتي حضرها أكثر من 400 ألف شخص، يشهد الفاتيكان فترة حداد مدتها تسعة أيامصورة من: Yara Nard/REUTERS
حضور كثيف لجنازة "بابا الفقراء"
وقد تدفق مد بشري إلى شوارع روما لحضور جنازة "البابا الذي كان قريبا من الناس وقلبه مفتوح للجميع"، على ما قال الكاردينال الإيطالي جوفاني باتيستا ري في عظته، سواء في ساحة القديس بطرس أو في شوارع روما أثناء مرور موكب الجنازة نحو كنيسة سانتا ماريا ماجوري.
وشهدت الجنازة التي بُثت في كل أنحاء العالم وحضرتها مجموعة من قادة الدول، تصفيقا حارا عند وصول النعش ومغادرته وكذلك خلال إلقاء فقرات من العظة التي ذكّرت بمآثر البابا الأرجنتيني اليسوعي. وقال الكاردينال ري إن البابا كان يريد كنيسة تكون "منزلا للجميع" ولطالما قام بمبادرات "اتجاه اللاجئين والنازحين".
وغادر النعش بعد ذلك الفاتيكان بعدما وضع في سيارة البابا البيضاء المكشوفة لينقل على الضفة المقابلة من نهر التيبر في وسط روما إلى بازيليك سانتا ماريا ماجوري.
وأمام الكنيسة، استقبل آلاف الأشخاص نعش البابا ومن بينهم الأرجنتينية المقيمة في إيطاليا رومينا كاشياتوري التي لم تخف مخاوفها بشأن البابا الذي سيخلفه، على غرار مؤمنين آخرين.
غادر النعش الفاتيكان بعدما وضع في سيارة البابا البيضاء المكشوفة لينقل على الضفة المقابلة من نهر التيبر في وسط روما إلى بازيليك سانتا ماريا ماجوريصورة من: Kevin Coombs/REUTERS
وفي حين عكس البابا فرنسيس صورة البابا الإصلاحي المعروف بصراحته، قد لا يتبع خلفه النهج نفسه على ما حذر خبراء، مع أنه عين غالبية الكرادلة الذين سينتخبون البابا الجديد.
وكان فرنسيس رئيس أساقفة بوينوس آيرس سابقا والمدافع الكبير عن المهمشين مختلفا جدا عن سلفه بنديكتوس السادس عشر وهو مثقف ألماني لم يكن يرتاح للمناسبات العامة. وكان هذا الأخير بدوره مختلفا جدا عن شخصية البابا البولندي يوحنا بولس الثاني الذي كان يتمتع بكاريسما وشعبية واسعتين.
إعلان
كاثوليك ألمانيا ينتظرون إصلاحات من البابا الجديد
قالت اللجنة المركزية للكاثوليك الألمان إن المؤمنين الألمان يأملون في أن يجلب البابا الجديد المزيد من المساواة والتنوع.
وقالت رئيسة اللجنة، إيرمه شتيتر-كارب، في تصريحات لصحف مجموعة "دويتشلاند" الألمانية الإعلامية: "96% من الكاثوليك يتوقعون بشكل عاجل إصلاحات من كنيستهم".
يأمل كاثوليك ألمانيا في أن يجلب البابا الجديد المزيد من المساواة والتنوع.صورة من: Pressefoto der Katholischen Kirche
وأضافت شتيتر-كارب: "يتمنى الكثيرون أن تدرك كنيستهم على وجه الخصوص تنوع الحياة والمؤمنين. يهمهم في ذلك أيضا أن تتمكن النساء من العمل في الكنيسة بصورة متكافئة مع الرجال، ككاهنات على سبيل المثال"، مشيرة إلى أن الكنيسة الألمانية لا يمكنها أن تقرر هذا الأمر بنفسها.
وقال شتيتر-كارب: "طريقة التعامل مع المثلية الجنسية والشراكات بين أفراد من نفس الجنس تمثل أهمية أيضا في قضية التنوع. العزوبية أيضا موضع شك. من الناحية الهيكلية، يهتم العديد من العلمانيين بالتغلب على النفوذ الكهنوتي المفرط، ويطالبون بالمشاركة في السلطة داخل الكنيسة، فضلا عن المساءلة والشفافية في القيادة".
ولكن فيما يتعلق بموضوع منع الحمل، ترجح شتيتر-كارب (69 عاما) أنه لم تعد هناك أي توقعات خاصة من البابا الجديد، وقالت: "الحقيقة هي أنه عندما يتعلق الأمر بوسائل منع الحمل، فإن العديد من المؤمنين لم يعودوا ينظرون إلى تعاليم الكنيسة أو يطرحون الأسئلة. وهذا ليس فقط بين الشباب، بل أيضا بين أفراد جيلي".
تحرير: ع.ش
"بابا الشعب والمهمشين" - مسيرة غير تقليدية للبابا الراحل فرنسيس
البابا فرنسيس يسوعي أرجنتيني، محب للكرة والتانغو، معروف بالعفوية والحيوية، "حالم" و"يغفو أحيانا أثناء الصلاة"، سعى بلا كلل إلى تحقيق هدفه الرئيسي وهو إصلاح الكنيسة الكاثوليكية لجعلها أكثر اهتماما بالفقراء والمهمشين.
صورة من: Domenico Stinellis/AP/ picture alliance
أول بابا من أمريكا اللاتينية
انتخب البابا فرنسيس خليفة للبابا السابق بندكيت السادس عشر، الألماني الذي قدم استقالته من منصبه. وهو أول بابا من الرهبنة اليسوعية ومن أمريكا اللاتينية. وأول بابا للكنيسة الكاثوليكية من خارج أوروبا منذ البابا غريغوري الثالث في القرن الثامن الميلادي. وبعد مسيرة غير تقليدية أعلن الفاتيكان وفاته الاثنين 21 أبريل/ نيسان 2025 عن 88 عاما.
صورة من: Reuters
رئيس أساقفة بوينس آيريس
ولد البابا فرنسيس في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس باسم خورخي ماريو بيرغوليو في 17 ديسمبر/ كانون الأول عام 1936. وتخصص في مجال الكيمياء قبل أن يصبح رئيس أساقفة بوينيس آيريس. وكان والده محاسبًا مهاجرًا من إيطاليا، أمّا والدته فقد ولدت في بيونس آيرس في الأرجنتين لكنها من أصول إيطالية أيضًا.
صورة من: L'Osservatore Romano/AP Photo/picture alliance
داعية سلام
طالب أكثر من مرة بإيقاف الحرب في أوكرانيا وغزة والسودان، والتقى لاجئين أوكران في روما، تركوا ديارهم بسبب الحرب التي شنتها روسيا على بلادهم. ودعا البابا المعارض بشدّة لتجارة الأسلحة إلى السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط.
صورة من: GUGLIELMO MANGIAPANE/REUTERS
في الموصل القديمة
زار العراق بعد جائحة كورونا، وهو أول بابا يزور العراق. حضر صلاةً من أجل ضحايا الحرب في "ساحة الكنيسة" (حوش البيعة) في البلدة القديمة بمدينة الموصل، بعد تحرير المدينة من تنظيم داعش الإرهابي، الذي قام بسبي وتهجير مئات الآلاف من الأقليات الدينية أبرزها الإيزيديين والمسيحيين.
صورة من: Vatican Media/REUTERS
لقاء مع السيستاني
خلال زيارته العراق توجه البابا فرنسيس لزيارة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، وهو من أكبر المرجعيات الدينية الشيعية بالعراق والعالم في منزله المتواضع في مدينة النجف. كان البابا الأرجنتيني يؤمن بالحوار مع الأديان الأخرى خصوصا الإسلام.
صورة من: Balkis Press/ABACA/picture alliance
زيارة مصر
خلال زيارته مصر في الثامن والعشرين من نيسان/ أبريل 2017 التقى أيضا بشيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب. وقد برز البابا فرنسيس بدفاعه إلى أقصى حدّ عن كنيسة "منفتحة على الجميع"، لدرجة أن معارضيه المحافظين ذهبوا إلى حدّ اتهامه بـ"الهرطقة" لانفتاحه على الأشخاص الذين تزوّجوا مجددا بعد طلاقهم والسماح لهم بتناول القربان المقدس.
صورة من: Reuters/M. Abd El-Ghany
مع اللاجئين في ليسبوس
زار اللاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية. شجب البابا استمرار كل أشكال العنف، من الاتجار بالبشر إلى كوارث الهجرة، مرورا بالاستغلال الاقتصادي. ودافع عن اللاجئين وحقوقهم. واصطحب 12 لاجئا إلى إيطاليا على طائرته وطلب من مؤسسات كنسية العمل على وقف تهريب البشر وأنماط الاسترقاق الحديثة.
صورة من: Andreas Solaro/AFP/Getty Images
الهجوم عليه
هاجم الكاثوليك المحسوبون على اليمين المتطرف البابا الأرجنتيني بسبب دعواته إلى استقبال المهاجرين، إذ رأوا في ذلك خطرا على هوية أوروبا المسيحية. لكن البابا، القادم من شوارع بيونس آيريس لم يتوقف عن الدفاع عن حقوق المهاجرين. ووجّه بانتظام توبيخات قوية للزعماء الأوروبيين، الذين يعارضون وصول المهاجرين وانتقد القادة الشعبويين.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
في زلزال إيطاليا
البابا فرنسيس يُصلّي أمام الأنقاض في بلدة أماتريتشي، إيطاليا، في الرابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016، عند وصوله للقاء الأشخاص الذين نجوا من الزلزال الذي ضرب بلدة أماتريتشي.
صورة من: picture-alliance/dpa/L´Osservatore Romano
فيزيائي ورجل دين
البابا فرنسيس يستقبل ستيفن هوكينغ عالم الفيزياء النظرية الراحل، خلال اجتماع مع الأكاديمية البابوية للعلوم في الفاتيكان، في الثامن والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
صورة من: REUTERS
يزور السجناء
زار مرات عدة السجون في إيطاليا وفي دول أخرى. الصورة خلال زيارته إلى مركز كُوران فرومهولد للإصلاح والتأهيل في السابع والعشرين من شهر سبتمبر/ أيلول عام 2015 في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا. عرف البابا فرنسيس بأسلوبه القريب من الناس، ما أكسبه شعبية كبيرة.
صورة من: Getty Images/D. Maialetti
عاشق كرة القدم
كان البابا فرنسيس، هاويا للموسيقى وكرة القدم، وكان لا يستسيغ العطلات، وجدول أعماله يحفل غالبا بنحو عشرة مواعيد في اليوم. كان مشجعا للكرة. وحينما كان في بوينس آيريس كان يشاهد المباريات مع عامة الناس في المقاهي. في الصورة خلال استقباله المنتخب الألماني لكرة القدم في القصر الرسولي في الفاتيكان 14/11/ 2016.
صورة من: picture-alliance/Catholic Press Photo/IPA
السلام في الأراضي المقدسة
قضية السلام في الأراضي المقدسة كانت مما يشغل باله كثيرا. في الصورة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. دعا الى وقف الحرب في قطاع غزة، وأظهر تعاطفا مع الضحايا المدنيين. وفي ظهوره الأخير في عيد الفصح، ندّد في كلمة تلاها أحد مساعديه بـ"وضع مأساوي مخجل" في قطاع غزة، محذّرا في الوقت ذاته من "تنامي جو معاداة السامية الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami/ANSA
بابا متواضع
في روما، نظر البعض إلى الأسلوب غير المألوف لفرنسيس على أنه ثورة أو تمرد، معتبرين أنه أعطى الموقع طابعا أقلّ رسمية. فقد فضّل السكن في شقة صغيرة في دار الضيافة في الفاتيكان على القصر الرسولي، وكان يدعو بانتظام مشردين وسجناء إلى طاولته. كان البابا فرنسيس يعبّر عن مشاعره لمن يلتقيهم ... وحتى أثناء جائحة كوفيد أو أثناء جلوسه على كرسيه المتحرك، لم يرفض المصافحة قط.
صورة من: Reuters/S. Rellandini
ترامب والبابا
في 11 فبراير/ شباط 2025، كرّر إدانته عمليات الطرد الجماعي للمهاجرين التي يعتمدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما أثار غضب البيت الأبيض. في الصورة ترامب وزوجته وابنته خلال زيارة إلى الفاتيكان في عام 2017. فرنسيس كان من أشدّ منتقدي الليبرالية الجديدة وقد ركّز رسالته على الدعوة الى العدالة الاجتماعية والبيئة والدفاع عن المهاجرين الهاربين من الحروب والفقر. تحرير: صلاح شرارة