مباحثات إقليمية مكثفة وواشنطن تدعو رعاياها لمغادرة سوريا
٧ ديسمبر ٢٠٢٤
مع استمرار تقدم المعارضة صوب المدن الكبرى، تزايدت المباحثات الدولية والإقليمية في محاولة لإيجاد مخرج سياسي للأزمة في سوريا. تزامن هذا مع حث واشنطن ودول أخرى رعاياها على مغادرة سوريا.
إعلان
تزايدت المباحثات الدولية والإقليمية بشأن الوضع المتصاعد في سوريا، خاصة عقب ما ذكره مقاتلو المعارضة السورية عن سيطرتهم يوم السبت (7 ديسمبر/كانون الأول) على مدينة درعا بجنوب البلاد.
وباتت درعا، مهد الانتفاضة السورية عام 2011، المدينة الرابعة التي تفقدها القوات الحكومية عقب هجوم فصائل المعارضة المسلحة المباغت أواخر الشهر المنصرم. وقالت جماعة هيئة تحرير الشام التي تقود الهجوم الشامل في منشور على تيليغرام: "حررت قواتنا آخر قرية على تخوم مدينة حمص، وباتت على أسوارها، ومن هنا نوجه النداء الأخير لقوات النظام، فهذه فرصتكم للانشقاق".
تكثيف المباحثات الإقليمية
تزامن هذا مع تكثيف الولايات المتحدة ودول إقليمية المباحثات؛ إذ ناقش وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيره التركي هاكان فيدان الجمعة (6 ديسمبر/كانون الأول) ضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
إعلان
وقالت الخارجية الأمريكية في بيان إن "بلينكن شدد على أهمية حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات، في شتى أنحاء سوريا".
ونقلت رويترز عن مصدر في الخارجية التركية قوله إن فيدان شدد خلال اتصاله مع بلينكن على ضرورة أن تدخل الحكومة السورية في حوار مع المعارضة وتبدأ عملية سياسية.
وأضاف المصدر أن الوزير التركي قال إن جميع الأطراف في المنطقة يجب أن تلعب دورًا بناءً، وينبغي عدم السماح للمنظمات الإرهابية بالاستفادة من البيئة الفوضوية في سوريا.
لقاء الدوحة.. مصير الأسد
وتشهد العاصمة القطرية الدوحة اليوم السبت (7 ديسمبر/كانون الأول) انعقاد اجتماع ثلاثي يضم روسيا وتركيا وإيران، حيث ستكون الدول الثلاث ممثلة بوزراء خارجيتها، في إطار مباحثات أستانا.
ونقلت فرانس برس عن محللين قولهم إن اجتماع الدوحة قد يبت في مصير الرئيس السوري بشار الأسد، مع جلوس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبالة نظيره التركي هاكان فيدان، رئيس أجهزة الاستخبارات التركية سابقًا والمقرب جدًا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي مقابلة مع فرانس برس، قال سنان أولغن، الباحث المشارك في مركز كارنيغي أوروبا في أنقرة، إن "هاكان فيدان يعرف الملف السوري والميدان، وخصوصًا الأطراف الأخرى من دول وجماعات مسلحة وميليشيات على الأرض".
وسبق اجتماع الدوحة الثلاثي، تأكيد وزراء خارجية العراق و إيران وسوريا بعد اجتماعهم في بغداد الجمعة (6 ديسمبر/كانون الأول) على أن "تهديد أمن سوريا يشكل خطرًا عامًا على استقرار المنطقة".
وأكد الوزراء في بيان مشترك على أن "لا خيار سوى التنسيق والتعاون والتشاور الدبلوماسي لإبعاد مخاطر التصعيد مع حشد الجهود العربية والإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى حلول سلمية للتحديات التي تواجهها المنطقة وسوريا".
مغادرة سوريا وإغلاق الحدود
وفي سياق متصل، دعت الولايات المتحدة رعاياها إلى مغادرة سوريا، حيث قالت الخارجية الأمريكية في بيان إن "الوضع الأمني في سوريا يبقى متقلبًا وغير قابل للتنبؤ به، مع وجود اشتباكات نشطة بين فصائل مسلحة في كل أنحاء البلاد".
ولم يتوقف الأمر على الولايات المتحدة، بل حثت روسيا، حليف الرئيس السوري الوثيق، رعاياها إلى مغادرة سوريا.
وناشدت السفارة الروسية في دمشق في بيان الرعايا الروس على "مغادرة البلاد في رحلات تجارية من خلال المطارات العاملة"، في ضوء "الوضع العسكري والسياسي الصعب" في سوريا.
وسبق ذلك دعوة الصين مواطنيها إلى مغادرة سوريا "في أقرب وقت"، قائلة: "تزداد حاليًا حدة الوضع في سوريا مع تدهور الوضع الأمني العام".
وعربيًا، دعا الأردن رعاياه إلى مغادرة سوريا؛ إذ قالت الخارجية في بيان إنه "يتعين مغادرة الأراضي السورية في أقرب وقت ممكن".
ونقل البيان عن الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة، قوله "تم تشكيل خلية أزمة وطنية من جميع الأجهزة المعنية للعمل على إجلاء المواطنين الأردنيين" من سوريا مع "أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر".
وقرر الأردن الجمعة (6 ديسمبر/كانون الأول) إغلاق معبر جابر الحدودي الوحيد العامل مع سوريا بسبب "الظروف الأمنية" في سوريا التي ترتبط بالأردن عبر حدود برية تمتد على 375 كيلومترًا. ولا يعد قرار الأردن جديدًا، إذ جرى إغلاق معبر جابر مرات عدة منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011.
م ف/ ع.ج (رويترز، أ ف ب)
تاريخ عريق وأهمية استراتيجية.. مدينة حلب تعود لواجهة الأحداث
تعد مدينة حلب، واحدة من أقدم مدن العالم المأهولة دون انقطاع على مدى آلاف السنين. ولم تفقد حلب أهميتها على مر الزمن وفي مختلف العصور حتى يومنا هذا، وهي ذات أهمية استراتيجية وتعد العاصمة الاقتصادية لسوريا.
صورة من: Peter Heiske
ثاني أكبر مدن سوريا
تقع مدينة حلب في أقصى شمال غرب الهضبة السورية، يخترقها نهر قويق الذي ينبع من تركيا. وتقول بعض المصادر التاريخية إن حلب أقدم مدينة مأهولة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى القرن العشرين قبل الميلاد.
صورة من: OMAR HAJ KADOUR/AFP
موقع استراتيجي
تتمتع حلب بموقع استراتيجي، حيث أنها تقع على مفترق طرق تجارية متعددة وكانت تمر منها طرق التجارة القديمة وخاصة طريق الحرير، وكانت نقطة وصل بين الشرق والغرب ومحطة مهمة للقوافل التجارية بين أوروبا وآسيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sputnik
العصر الذهبي
عرفت حلب أبهى عصورها حين كانت مركزا لإمارة الحمدانيين في الفترة ما بين عامي 944 – 1003م تحت حكم أميرها سيف الدولة الحمداني. كما عاشت حلب عصرها الذهبي في ظل الدولة الأيوبية بين عامي 1183 و1259 ولا سيما في عهد الملك الظاهر غازي حيث أصبحت من أجمل مدن الشرق وأكثرها نشاطا وازدهارا.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تنوع ثقافي وإثني وديني
تعتبر مدينة حلب من أكثر المدن السورية تنوعا، ثقافيا ودينيا وإثنيا. حيث يعيش فيها المسلمون والمسيحيون بمختلف طوائفهم والإيزيديون واليهود سابقا. وحلب كانت دائما موطنا لخليط من الشعوب والإثنيات، وقبل الحرب كان فيها العرب والأكراد والأرمن والتركمان والسريان والآشوريون وغيرهم.
صورة من: Fine Art Images/Heritage Images/picture alliance
قطار الشرق السريع
في العهد العثماني أيضا كانت تتمتع حلب بأهمية كبيرة وحافظت على أهميتها التجارية واصبحت في بعض المراحل سوقا رئيسية للشرق كله. وفي بداية القرن العشرين وصل القطار إلى حلب حيث اتصلت بمدينتي حماه ودمشق بسكة حديدية عام 1906 وبإسطنبول وأوروبا عام 1912 عبر قطار الشرق السريع.
صورة من: United Archives/picture alliance
مركز صناعي هام
تشتهر حلب بصناعاتها التقليدية والحديثة على حد سواء، حيث تتركز فيها أهم الصناعات النسيجية والتحويلية والزراعية والعسكرية أيضا. وقبل اندلاع الأزمة والحرب في سوريا، كانت حلب معروفة بوجود العديد من المراكز والمناطق الصناعية والمصانع الكبيرة.
صورة من: Omar Al Diri/AA/picture alliance
ازدهار اقتصادي وصناعي
قبل بدء الأزمة السورية والحرب، شهدت حلب منذ تسعينيات القرن الماضي وخاصة بعد عام 2000 نموا وازدهارا اقتصاديا كبيرا، وتوسعا في القطاع الصناعي وبناء مدن ومناطق صناعية جديدة ومصانع حديثة وتوسيع وتطوير المطار الدولي. وكان عدد السكان يبلغ نحو 4,5 مليون نسمة، وفي عام 2006 تم اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
معالم وأوابد أثرية
تضم حلب العديد من الأوابد والمعابد الأثرية، حتى داخل المدينة، وأهمها القلعة. تعد قلعة حلب واحدة من أكبر وأقدم القلاع القائمة في العالم وتحفة معمارية تعود إلى القرون الوسطى. وأغلب البناء الحالي يعود إلى عهد الدولة الأيوبية. والقلعة تعد رمزا لمدينة حلب حتى اليوم، وهي تتوسط المدينة القديمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kremer
الجامع الكبير
جامع حلب الكبير أو الجامع الأموي أو جامع بني أمية هو أكبر وأحد أقدم المساجد في مدينة حلب السورية. أدرج عام 1986 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. شيدت مئذنة المسجد في عام 1090 ودمرت في نيسان/ أبريل من العام 2013 نتيجة للمعارك التي اندلعت هناك بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة.
صورة من: Imago/imagebroker
أطول سوق مسقوف في حلب
سوق حلب القديم من أبرز معالمها التاريخية ويسمى أيضا بـ "بازار حلب" ويضم العديد من الأسواق والخانات التاريخية. ويعتبر سوق حلب أطول سوق مسقوف في العالم، إذ يبلغ طول المحور الرئيسي من باب أنطاكيا إلى القلعة حوالي 1200 متر إضافة إلى نحو 40 سوقا تتفرع عنه ليتجاوز الطول الإجمالي للسوق 14 كيلومترا.
صورة من: Issam Hajjar
حسابات الحرب والتحالفات العسكرية
نظرا لأهمية حلب التجارية والصناعية والاقتصادية والتاريخية وموقعها الاستراتيجي المهم، كانت دائما تخضع لحسابات الحرب والتحالفات العسكرية على مر العصور، وحتى يومنا هذا.
صورة من: Rami Alsayed/NurPhoto/Imago
تحرك متأخر
حركة الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها سوريا عام 2011 والصراع المسلح والمعارك التي شهدت أجزاء من البلاد، لم تصل حلب إلا متأخرة في العام التالي. حيث دخلت المعارضة حلب واستولت على الجزء الشرقي من المدينة، في حين بقي الجزء الغربي تحت سيطرة قوات النظام.
صورة من: Reuters
معارك عنيفة ودمار هائل
شهدت حلب معارك عنيفة بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام التي استخدمت الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية. وبقيت المعارضة مسيطرة على جزء كبير من المدينة حتى عام 2016 حيث استعاد النظام السيطرة عليها. ونتيجة ذلك حل دمار هائل في حلب لم تشهده مدن سوريا الأخرى.
صورة من: Louai Beshar/AFP
عودة فصائل المعارضة
نظرا لأهمية حلب استراتيجيا ودورها وتأثيرها على الأزمة والصراع في سوريا، وثقلها الاجتماعي والاقتصادي، حاول النظام التمسك بها، في حين بقيت فصائل المعارضة تتحين الفرصة وتحضر نفسها للسيطرة عليها من جديد، وهذا ما تحقق لها بالهجوم الكبير المفاجئ الذي شنته هيئة تحرير الشام وحلفاؤها في آواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 وسيطرت على مدينة حلب بكاملها بسهولة وسرعة مذهلة بعد انهيار وانسحاب قوات النظام.