بعد رفض تونس لتمويل أوروبي- المجتمع المدني في المفترق؟
٢٢ أكتوبر ٢٠٢٣
يثير موقف تونس المتشدد بشأن "مذكرة التفاهم" الموقعة مع الاتحاد الأوروبي حول مكافحة الهجرة ودعم الاقتصاد، أسئلة بشأن مستقبل أنشطة المجتمع المدني في البلاد. وذلك على خلفية رفض تونس تمويلا أوروبيا بقيمة 60 مليون يورو.
إعلان
شاركت مريم الصابري التي تعمل حاليا مساعدة بمركز ثقافي أجنبي بتونس، كمتطوعة في عدة أنشطة للمجتمع المدني بعد 2011 من بينها ‘نجاز استطلاعات على صلة ببرامج تمكين المرأة في الحياة الاقصادية ومساعدتها على تحسين ظروف العيش، علاوة على المشاركة في البرامج المرتبطة بتحسين الخدمات البلدية في الدوائر المحلية.
نشطت مريم بشكل خاص في "جمعية الياسمين" وهي من بين العشرات من المنظمات التي استفادت من برنامج "أبرز" الذي أنشأه المجلس الثقافي البريطاني في 2016 بدعم من الاتحاد الأوربي وامتد حتى عام 2019.
وقام البرنامج بتطوير قدرات 36 منظمة وتوفير منح دعم لفائدة 17 مشروعا من الجمعياتالمشاركة، و إدارة ورشات تكوين معمقة حول صياغة المشاريع وإنجازها، بالإضافة إلى منح تمويل لـ 13 جمعية.
لا تنكر الصابري أن نشاطها في المجتمع المدني، وخاصة في منظمة "الياسمين" الهادفة إلى المساهمة في بناء أسس المجتمع الديمقراطي في تونس، قد مكنها من اكتساب عدة مهارات في ورشات التدريب داخل تونس وخارجها وعبر المؤترات التي نظمتها الجمعية بالتعاوت مع متخصصين وأكاديميين.
مع ذلك فهي لا تخفي الجانب المحبط خلف تلك التجارب في حديثها مع DW عربية، مشيرة "كنت أتمنى الاستمرار والمساهمة أكثر في أنشطة المجتمع المدني وإفادة بلدي. ولكن أغلب البرامج ظرفية وتنتهي بمجرد إنتهاء التمويلات ولا تحصل متابعات بعد ذلك لعمليات التكوين للشباب فيحصل تشتت".
وتتابع الشابة ملاحظتها بالقول "تقدم المنظمات الأوروبية تمويلات لمصالح محددة ولتحسين الصورة ولكن لا يوجد فوائد على المدى الطويل. أتأسف لوضع الشباب في تونساليوم".
وتملك مريم التي حضرت ورشات تدريب في الاتصال والعلوم السياسية، تحفظات إضافية لابتعادها عن أنشطة المجتمع المدني الممولة أوروبيا جراء العلاقة المتأرجحة بين تونس وشريكها الاقتصادي الأول، إلى جانب تداعيات الصراع الدائر بين الإسرائيليين والفلسطييين. وهي تعلق على ذلك قائلة "الأفضل أن يحتفظ الأوربيون بأموالهم. تونس لا تحتاج إلى أموالهم لتعلم الديمقراطية. تحتاج إلى إرادة والتزام أكبر من شركائها وليس مصالح ظرفية".
لكن ملاحظة مريم لا تعكس الجانب الأكبر من الحقيقة إذ يحتفظ المجتمع المدني التونسي بحركية كبيرة على الرغم من التحفظات تجاه الحضور الأوروبي القوي.
زخم كبير للمجتمع المدني بتونس
يبلغ عدد الجمعيات الناشطة في تونس وفق آخر تحديث عن مركز الاعلام والتكوين والدراسات والتوثيق أكثر من 24 ألف جمعية مقابل 9600 جمعية عام 2011. ويعكس ذلك تطورا هائلا في فترة زمنية ضيقة.
ويعود ذلك الى صدور مرسوم (عدد 88) عقب الثورة والإطاحة بالحكم الاستبدادي للرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 2011، ما مكن من رفع القيود عن تأسيس الجمعيات وسحب التراخيص المسبقة من وزارة الداخلية ما فتح الباب لإمكانية تعاطي أنشطة في المجتمع المدني بما في ذلك أنشطة سياسية وتلقي إعانات أو تمويلات من الخارج في إطار برامج تعاون.
لا تتوفر احصاءات دقيقة من المعهد الوطني للاحصاء، الجهاز الحكومي، او أي جهة أخرى رسمية لعدد النشيطين في الجمعيات والمستفيدين منها من حيث الدخل الشهري، ولكن بيانات جمعتها منصة "انكفاضة" المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية تشير إلى ان النسيج الجمعوي يوفر ما بين 70 ألف و100 ألف منصب شغل تقريبا، النسبة الأكبر منها على صلة بقطاع الخدمات.
وتشير المنصة إلى أن هذا الرقم يمكن أن يرتفع إلى الضعف إذا تم احتساب "الوظائف غير المباشرة" أي تلك التي توفرها المؤسسات التي تدور في فلك المجتمع المدني من مصممين وأصحاب المطاعم وناقلين وغيرهم. وتساهم كل هذه الوظائف في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 3 بالمئة و 5 بالمئة، وفقا لتقديرات تقريبية.
لكن هذا الامتياز بات مهددا منذ أشهر بعد تلويح الرئيس قيس سعيد الذي عزز من صلاحيته بشكل كبير على رأس السلطة منذ 2021، بإصدار مرسوم يقطع الطريق عن التمويلات الأجنبية لمنظمات المجتمع المدني بدعوى ارتباطها بالأحزاب السياسية مع اتهامها بممارسة "أدوار مشبوهة" ضد الدولة.
كما ضاعف رفض تونس لتمويل أوروبي بمقدار 60 مليون يورو لدعم الموازنة، بدعوى مخالفته لبنود اتفاق سابق حول مكافحة الهجرة، من التضييق على التمويلات المتأتية من برامج التعاون الأوروبية الموجهة الى المجتمع المدني.
حتى الآن لا ترى بعثة الاتحاد الاوروبي في تونستهديدا مباشرا على الأقل لمذكرة التفاهم الموقعة في يوليو/تموز الماضي التي تشمل خصوصا مكافحة الهجرة غير النظامية مقابل دعم الاقتصاد والمالية العامة الصعبة لتونس، على الرغم من ردة فعل تونس.
كما لم يطرأ على العلاقات مع المجتمع المدني عمليا ما يكشف عن تأثير مباشر على التمويلات الموجهة للمنظمات أو لغايات التنمية والتعاون ودعم التشغيل وبرامج تمكين المراة.
والدليل على ذلك هو توقيع اتفاقية شراكة يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبعثة المفوضية الأوروبية في تونس في المجال البيئي، تهدف وفق ما ذكره المدير العام للوكالة الوطنية للبحث العلمي إلى دعم التجديد والابتكار والبحث العلمي وإحداث المؤسسات الناشئة في مجال البيئة.
تمتد الاتفاقية لثماني سنوات وبكلفة 5ر11 مليون يورو من بينها 95 بالمئة في شكل هبة و5 بالمئة تمويل ذاتي من الوكالة ومن المتوقع أن تغطي 200 مشروعا.
وإجمالا فاق الدعم الأوروبي لتونس بعد 2011 وعلى امتداد عقد من الزمن 10 مليار يورو لدعم الانتقال الديمقراطي والتنمية في البلاد، بحسب بعثة المفوضية الأوروبية في تونس.
تحفظات تجاه النفوذ الأوربي
من جهته يستبعد الأكاديمي الجامعي في الاتصال والإعلام صلاح الدين الدريدي، والمتابع لبرامج الدعم الأوروبي، حدوث تأثير مباشر على برامج تمويل منظمات المجتمع المدني في تونس بسبب الخطط طويلة الأمد التي وضعها الاتحاد الاوروبي للإصلاحات في تونس.
ويوضح الدريدي هذه النقطة لـDW عربية لافتا إلى أن "الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة قد راهنوا منذ 2011 على خيارات جديدة للمجتمع التونسي تطال كل القطاعات مثل الثقافة والبيئة والسياحة وغيرها عبر برامج تعاون حكومية أو مع منظمات دولية غير حكومية، وعبر ضخ تمويلات كبيرة سواء للأجهزة الحكومية التونسية أو إلى منظمات المجتمع المدني".
والهدف من ذلك وفق الدريدي هو صناعة مجتمع على المنوال الأوروبي يتماهى مع المعايير الدولية التس تشمل أساسا الديمقراطية وحقوق المراة وحقوق المثليين والشباب والحوكمة وغيرها من المجالات، مقابل نسف المؤسسات التي كانت سائدة قبل عام 2011 كأجهزة رقابة حكومية.
المقابل وفي تقدير الدريدي، فإن التحفظات تحوم حول الإسناد المالي الهائل من مؤسسات الاتحاد الأوروبي أتاح فرصا كبيرة للمنظمات والشباب لبرامج تدريب وإعداد الاستراتيجيات والخطط، ولكنه في نفس الوقت قلص بشكل كبير من دور الدولة.
ويقول الخبير الجامعي في مقابلة مع DW "كان يتوجب الإبقاء على الدور السيادي للدولة في صياغة الخطوط الكبرى للإصلاحات. الأمر اليوم أشبه بدور اللجنة المالية التي حلت محل سلطة الباي في القرن التاسع عشر ومهدت لفرض الحماية الفرنسية على تونس".
ويضيف في تعليقه "لم يترك الاتحاد الأوروبي قطاعا إلا ووضع له مقاربة استراتيجية وانفرد بالتخطيط وتوظيف المستفيدين والتنفيذ". ويستدل على ذلك بما حصل في البرنامج الأوروبي لدعم الإعلام في تونس والذي لم يؤد في النهاية إلى تحقيق أهدافه المحددة من صناعة إعلام يستجيب للمعايير المهنية والدولية، وفق رأيه.
تونس- طارق القيزاني
في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى "دستور سعيّد"
خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
الإعلان عن خارطة طريق للبلاد
بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ "الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.
صورة من: Monasse Th/Andia/imago images
حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع
في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان - وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture alliance
إحكام القبضة على القضاء
بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس "أصبح من الماضي"، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AA
تنديد داخلي وانتقادات دولية
قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ "المذبحة". كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى "عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع" موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance
"دولة مهددة بالإقلاس"
حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر "إفلاس" التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية"، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.
صورة من: PanoramiC/IMAGO
مسودة دستور جديد
في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس
باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011.
صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance