بعد سقوط حليفها الأسد في سوريا.. ليبيا بديلا مناسبا لروسيا؟
٧ يناير ٢٠٢٥
أدى سقوط نظام الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في إفريقيا وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض المتوسط، متطلعة إلى ليبيا، حيث ساند المرتزقة الروس المشير خليفة حفتر. لكن خبراء يقولون إن ليبيا ليست كسوريا!
إعلان
كان لموسكو الحليفة للأسد ودمشق منذ أعوام طويلة، ميناء عسكري وقاعدة جوية على الساحل السوري، ما كان يسهّل عملياتها في المتوسط والشرق الأوسط ووسط إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، غير أن إطاحة نظام الأسد بعد ربع قرن في الحكم، عرّضت هذا الحضور للخطر .
وسعى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع إلى طمأنة روسيا، واصفا إياها بأنّها دولة "مهمّة". وقال "لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه البعض".
لكن في ظل عدم وضوح التشكيل السياسي في سوريا الجديدة، باتت موسكو مضطرة لبدء تراجع استراتيجي نحو ليبيا ، حيث ساند المرتزقة الروس المشير خليفة حفتر في شرق البلاد، في مواجهة حكومة الوفاق الوطني في طرابلس المعترف بها دوليا والمدعومة من تركيا.
ويقول جلال حرشاوي، الباحث في المعهد البريطاني "رويال يونايتد سرفيسز"، لوكالة فرانس برس، إنّ ذلك يهدف "على وجه الخصوص للحفاظ على المهمات الروسية القائمة في إفريقيا "، مضيفا أنّه "رد فعل لحفظ الذات" من جانب موسكو الحريصة على "التخفيف من تآكل موقعها في سوريا".
التواجد العسكري الروسي في ليبيا
بعد سقوط الأسد، روسيا تبحث عن قواعد بديلة في ليبيا؟
22:14
في أيار/مايو 2024، كشف اتحاد التحقيقات السويسري All Eyes On Wagner ("كل العيون على فاغنر") الوجود أو الأنشطة الروسية في حوالي عشرة مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق حيث وصلت معدّات عسكرية في شباط/فبراير ونيسان/أبريل.
وكان عديد القوات الروسية في شباط/فبراير 2024 يناهز 800 عنصر، وارتفع الى 1800 في أيار/مايو من العام ذاته.
في 18 كانون الأول/ديسمبر، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية بأنّه تمّ نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية من بينها "اس-300" و"اس-400" من سوريا إلى ليبيا، مستندة في ذلك الى مسؤولين ليبيين وأمريكيين.
من جانبها، أفادت الاستخبارات الأوكرانية في الثالث من كانون الثاني/يناير بأنّ موسكو تخطّط لـ"استخدام سفينتي الشحن سبارتا وسبارتا 2 لنقل معدات عسكرية وأسلحة".
ويقول الخبير في المجلس الأطلسي في واشنطن عماد الدين بادي إنّ هذا التحوّل لا ينبع من تغيير قسري بسيط للحليف الإقليمي، بل من البحث عن "الاستمرارية"، معتبرا أنّها خطوة "تؤكد أهمية ليبيا باعتبارها... عنصرا في استراتيجية طويلة الأمد".
وإذ يعتبر أنّ "الأسد قدّم لموسكو مرسى على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي ومنصّة لاختبار قدراتها"، يشير إلى أنّ "حفتر يشكّل فرصة مماثلة، لتعطيل المصالح الغربية واستغلال الانقسامات السياسية الليبية".
وأثارت التحرّكات الروسية انزعاج حكومة طرابلس والقوة الاستعمارية السابقة إيطاليا، بينما يراقبها الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بقلق.
وأكد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو أنّ موسكو تنقل "موارد من قاعدتها السورية في طرطوس باتجاه ليبيا".
وتتحدث مصادر عدة عن مساعٍ أمريكية لإقناع خليفة حفتر برفض تمركز الروس بشكل دائم في ميناء طبرق، وهو أمر يسعون إليه منذ العام 2023.
ليبيا ليست كسوريا ـ قوى متعددة على أرض واحدة
لكن الكرملين لن يتمتّع بالأريحية ذاتها التي كانت متوافرة في عهد الأسد. ويقول أولاف لايستنير، المسؤول عن برنامج الساحل في مؤسسة "كونراد أديناور"، إنّ سوريا "كانت ملائمة على الصعيد العملي... كانت صندوقا أسود بدون دبلوماسيين أو صحافيين أجانب. (الروس) فعلوا إجمالا ما أرادوه".
ويضيف "في ليبيا، سيكون الوضع أكثر تعقيدا بكثير. من الصعب الحفاظ على الأسرار هناك كما أنّ الوجود الروسي سيكون أكثر وضوحا".
إضافة إلى ذلك، سيتعيّن على موسكو التعامل مع قوى أخرى، من بينها تركيا حليفة حكومة الوفاق الوطني، ومصر والإمارات راعيتي حفتر. كما ستكون حريصة على عدم تعريض مستقبلها للخطر إذا ساءت الأمور بالنسبة إليها.
وفي هذا السياق، يقول فلاد كليبتشينكو المراسل العسكري لموقع "تسارغراد" المؤيد للكرملين، "يجب عدم تكرار الأخطاء السورية والرهان، بلا خيار بديل، على ديكتاتور محلي".
في ليبيا المنقسمة وتشهد نزاعا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في العام 2011، يحاول كل طرف أن يبقي خياراته مفتوحة مع الآخرين، حسبما يؤكد لايسينغ.
فمنذ عام، تتقرب أنقرة من حفتر عبر مشاريع اقتصادية واجتماعات ذات غايات دبلوماسية. ولكن هذا الأخير الذي اعتاد التقلّبات في المواقف، لن يستطيع أن يدير ظهره للغربيين الذين دعموه سرا انطلاقا من قناعتهم بقدرته على وقف تمدد الإسلام السياسي.
ويقول لايستنير "لذلك، هناك بلا شك حدود لما يمكن لروسيا أن تفعله في ليبيا".
ع.ج.م/ف.ي (أ ف ب)
مسارات الثورة السورية - سقوط نظام بشار الأسد بعد سنوات من سفك الدماء
مع الانهيار المفاجئ لحكم بشار الأسد في سوريا ثم سقوطه يوم الأحد 08/ 12/ 2024 حققت المعارضة السورية أهدافها بعد قرابة 14 عاما، في لحظة حاسمة من حرب أهلية حصدت أرواح مئات الآلاف ونزح بسببها نصف السكان واستقطبت قوى خارجية.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
2011 - احتجاجات سلمية وقمع
انتشرت الاحتجاجات الأولى سلميا ضد الأسد سريعا في أنحاء البلاد، وواجهتها قوات الأمن بالاعتقالات والرصاص. ثم حمل بعض المتظاهرين السلاح وانشقت وحدات عسكرية بالجيش مع تحول الانتفاضة إلى ثورة مسلحة حظيت بدعم دول غربية وعربية وكذلك تركيا.
صورة من: AP
2012 - تفجير هو الأول من نوعه في دمشق
وقع تفجير بدمشق هو الأول من نوعه نفذته جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الجديد بسوريا والتي اكتسبت قوة وبدأت بسحق جماعات ذات مبادئ قومية. واجتمعت القوى العالمية بجنيف واتفقت على الحاجة لانتقال سياسي لكن انقسمت حول كيفية تحقيق ذلك. الأسد وجه قواته الجوية نحو معاقل المعارضة مع سيطرة المقاتلين على أراضٍ لتتصاعد الحرب مع وقوع مجازر على الجانبين.
صورة من: Reuters
2013 – دعم إيران وحزب الله للأسد واتهام نظامه باستخدام السلاح الكيماوي
ساعد حزب الله اللبناني الأسد على تحقيق النصر في القُصَير ليوقف زخم المعارضة ويظهر الدور المتزايد للجماعة المدعومة من إيران في الصراع. حددت واشنطن استخدام الأسلحة الكيميائية كخط أحمر، لكن هجوما بغاز السارين [كما في الصورة هنا] على الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها المعارضة قرب دمشق أودى بحياة عشرات المدنيين دون أن يثير ردا عسكريا أمريكيا.
صورة من: Reuters
2014 - استسلام مقاتلي المعارضة في حمص القديمة
سيطر تنظيم الدولة الإسلامية فجأة على الرقة بالشمال الشرقي وعلى مساحات بسوريا والعراق. استسلم مقاتلو المعارضة [نرى بعضهم في الصورة] بحمص القديمة ووافقوا على المغادرة لمنطقة أخرى بأول هزيمة كبيرة لهم بمنطقة حضرية كبرى وهذا مهد لاتفاقات "إخلاء" بعد ذلك. شكلت واشنطن تحالفا ضد تنظيم الدولة الإسلامية وبدأت بتنفيذ ضربات جوية مما ساعد القوات الكردية على وقف مد التنظيم لكنه تسبب بتوترات مع حليفتها تركيا.
صورة من: Salah Al-Ashkar/AFP/Getty Images
2015 - اكتساب المعارضة أراضيَ في إدلب ودعم روسيا للأسد
بفضل تحسين التعاون والحصول على الأسلحة من الخارج تمكنت الجماعات المعارضة من كسب المزيد من الأراضي والسيطرة على شمال غرب إدلب، لكن بات للمسلحين الإسلاميين دور أكبر. انضمت روسيا إلى الحرب لدعم الأسد بشن غارات جوية حولت دفة الصراع لصالح رئيس النظام السوري لسنوات لاحقة.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
2016 - هزيمة المعارضة في حلب على أيدي قوات الأسد وحلفائه
مع قلقها من تقدم الأكراد على الحدود شنت تركيا عملية توغل مع جماعات معارضة متحالفة معها مما أدى لإقامة منطقة جديدة تحت السيطرة التركية. تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من هزيمة المعارضة في حلب، وهو ما اعتبر آنذاك أكبر انتصار للأسد في الحرب. انفصلت جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة وبدأت محاولة تقديم نفسها في صورة معتدلة، فأطلقت على نفسها سلسلة من الأسماء الجديدة قبل أن تستقر في النهاية على هيئة تحرير الشام.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Leys
2017 - هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة
تمكنت قوات مدعومة من الولايات المتحدة بقيادة الأكراد [هنا في الصورة] من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة. وانتهى هذا الهجوم وهجوم آخر شنه الجيش السوري بطرد هذا التنظيم المتطرف من كل الأراضي تقريبا التي استولى عليها.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
2018 - استعادة الأسد للغوطة الشرقية ودرعا
استعاد الجيش السوري الغوطة الشرقية قبل أن يستعيد سريعا جيوبا أخرى للمعارضة في وسط سوريا ثم درعا معقلها الجنوبي. وأعلن الجيش الحكومي خروج جميع فصائل المعارضة من منطقة الغوطة الشرقية بعد نحو شهرين من هجوم عنيف على هذه المنطقة التي كانت معقلاً للمعارضة.
صورة من: Getty Images/AFP/L. Beshara
2019 - فقدان تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا
فقد تنظيم الدولة الإسلامية آخر معاقله في سوريا. وقررت الولايات المتحدة إبقاء بعض قواتها في البلاد لدعم حلفائها الأكراد. وبإعلانها السيطرة على آخر معاقله في سوريا طوت قوات سوريا الديمقراطية نحو خمس سنوات من "الخلافة" المزعومة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ورحب زعماء العالم بـ"تحرير" منطقة الباغوز مؤكدين على مواصلة "اليقظة" تجاه خطر التنظيم.
ساندت روسيا هجوما لقوات النظام السوري انتهى بتفاهمات روسية تركية ايرانية ليتجمد القتال عند معظم خطوط المواجهة. وسيطر الأسد على جل الأراضي وجميع المدن الرئيسية ليبدو أنه قد رسخ حكمه. وسيطر المعارضون على الشمال الغربي فيما سيطرت قوة مدعومة من تركيا على شريط حدودي. وسيطرت القوات التي يقودها الأكراد على الشمال الشرقي.
2023 - تقليص وجود إيران وحزب الله في سوريا وتقويض سيطرة الأسد
وقع هجوم حركة حماس الارهابي غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول ليندلع قتال بين إسرائيل وحزب الله اللبناني أدى في نهاية المطاف إلى تقليص وجود الجماعة في سوريا وتقويض سيطرة الأسد. في الصورة: قصف مبنى بالقرب من السفارة الإيرانية في دمشق منسوب لإسرائيل عام 2024.
صورة من: Firas Makdesi/REUTERS
2024 - سقوط نظام الأسد وحكم حزب البعث في سوريا 08 / 12 / 2024
شنت المعارضة هجوما جديدا على حلب. ومع تركيز حلفاء الأسد على مناطق أخرى، ينهار الجيش سريعا. وبعد ثمانية أيام من سقوط حلب استولى المعارضون على معظم المدن الكبرى من بينها دمشق ليسقط حكم الأسد في تاريخ الثامن من ديسمبر / كانون الأول 2024. الصورة من دمشق في تاريخ 08 / 12 / 2024 من الاحتفالات الشعبية بالإطاحة بنظام الأسد. إعداد: علي المخلافي