بعد سنوات من القطيعة.. أردوغان يزور الإمارات وفتح صفحة جديدة
١٤ فبراير ٢٠٢٢
بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة رسمية لإمارات، يأتي ذلك في سياق تعزيز التقارب بين البلدين بعد سنوات من القطيعة. وسيوقع الجانبان مذكرة تفاهم في قطاعات الاستثمار، والإعلام إضافة إلى التعاون في الصناعات الدفاعية.
إعلان
وصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى الإمارات اليوم (الاثنين 14 فبراير/ شباط 2022) في أول زيارة له للبلد الخليجي الثري منذ نحو تسع سنوات، بعد عودة الدفء للعلاقات بين القوتين الاقليميتين اللتين وقفتا على النقيض في العديد من ملفات المنطقة.
وتأتي زيارة إردوغان التي تستمر يومين وهي الاولى له منذ شباط / فبراير 2013 حين كان رئيسا للوزراء، بينما تشهد تركيا مصاعب اقتصادية كبرى وتبحث عن استثمارات أجنبية جديدة، وفيما تواجه الإمارات خطرا أمنيا متزايدا من قبل الحوثيين اليمنيين.
وشهدت العلاقات بين البلدين توترا بعد المقاطعة التي فرضتها السعودية ودول أخرى بينها الامارات على قطر، أقرب حلفاء انقرة، واستمرت من منتصف عام 2017 حتى أوائل العام الماضي.
من الخلاف إلى طريق الوئام
دعمت الإمارات وتركيا أطرافا مختلفة في الحرب في ليبيا، واختلفتا في شأن مسألة التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. وقدّمت تركيا الدعم كذلك لأعضاء في جماعات اسلامية بينها "الاخوان المسلمين" المصنّفة تنظيما إرهابيا في الإمارات والخليج.
وكتب إردوغان في مقال نشرته صحيفة "خليج تايمز" الإماراتية قبيل وصوله ان "تركيا والإمارات يمكن أن يسهما معًا في السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي"، مضيفا "سيكون لهذا التعاون انعكاسات إيجابية ليس فقط في العلاقات الثنائية ولكن أيضًا على المستوى الإقليمي".
وتجري الزيارة بينما تعمل الإمارات، الطامحة للعب دور دبلوماسي كبير، على إصلاح علاقاتها مع جاراتها وخصوصا قطر وإيران. كما تواجه الإمارات تهديد المتمردين الحوثيين في اليمن الذين شنّوا هجمات صاروخية وبطائرات مسيرة غير مسبوقة ضدها، ما دفع بأبوظبي إلى زيادة تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة وفرنسا لمواجهة هذا التهديد.
وقال إردوغان "نحن لا نفصل بين أمن واستقرار دولة الإمارات وإخواننا الآخرين في منطقة الخليج، وأمن واستقرار بلدنا. نحن نؤمن بشدة بأهمية تعميق تعاوننا في هذا السياق في المستقبل".
و من المقرر أن تستقبل الإمارات ضيفها بحفاوة عبر عرض مرئي على واجهة برج خليفة، أطول مباني العالم، وإضاءة أهم المعالم والمؤسسات والمباني الإماراتية بألوان العلمين الإماراتي والتركي. وكتب المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي انور قرقاش على تويتر عشية وصول إردوغان ان الزيارة "تفتح صفحة إيجابية جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين".
صندوق استثمارات بقيمة عشرة مليارات دولار
خلال زيارة ولي عهد أبوظبي لتركيا، جرى تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، وذلك غداة تسجيل الليرة التركية انخفاضا كبيرا أمام الدولار.
ويرغب إردوغان في جذب استثمارات جديدة لبلاده التي تعاني من مستوى تضخم قياسي هو الأعلى منذ 2002. ومن المرجح ان يزور السعودية ، صاحبة أكبر اقتصاد عربي، هذا الشهر للمرة الاولى منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في 2018.
وبلغت قيمة التجارة بين تركيا والإمارات في النصف الأول من عام 2021 أكثر من سبعة مليارات دولار، بنمو بلغ 100 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، بحسب إحصائيات إماراتية رسمية.
وتأتي تركيا في المرتبة الـ 11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثّل الدولة الخليجية الثرية الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالميا والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.
أردوغان يسعى لتقارب "تدريجي" مع مصر وإسرائيل.. هل ينجح؟
22:36
وثمة ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي ويعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في هذا البلد إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف، وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي.
ومن المفترض ان يجري إردوغان محادثات مع المسؤولين الإماراتيين الاثنين قبل ان يزور جناح تركيا في معرض إكسبو دبي الثلاثاء.
وقال في مقاله آنف الذكر إنه بالإضافة إلى الطاقة والصحة والزراعة والخدمات اللوجستية والبنية التحتية والتمويل والسياحة، "نهدف إلى تعزيز التعاون بين تركيا والإمارات بشأن تغير المناخ والأمن المائي والغذائي أيضًا". وتابع "أعتقد أن كلا الجانبين حريص على تحديد أهداف جديدة لمزيد من الاستثمار والتعاون".
وبحسب وسائل إعلام تركية، سيجري التوقيع خلال الزيارة على 12 اتفاقية في عدة مجالات بينها الإعلام والاتصالات، والصناعة الدفاعية، والشحن البري والبحري، والزراعة، والتكنولوجيا، والصحة وغيرها.
ح.ز/ ع.ج/ (د.ب.أ / أ.ف.ب)
بالصور: أزمة الخليج .. من سيوف المقاطعة إلى قُبل المصالحة
أكثر من ثلاث سنوات عاصفة في تاريخ علاقات قطر بالسعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر. قمة مجلس التعاون الخليجي بالرياض في 2021.01.05 تفتح الباب على مصالحة بدأت بالسعودية ولكنها خجولة مع الإمارات وسط تحفظ مصري.
صورة من: Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/REUTERS
إعلان المقاطعة
في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة والتقرب من إيران، الأمر الذي نفته الدوحة.
صورة من: picture-alliance/abaca/Stringer
اتهامات واختراقات
في 24 أيار/ مايو 2017: أعلنت الدوحة أن موقع وكالة الأنباء الرسمية القطرية تعرّض "لعملية اختراق من جهة غير معروفة"، مشيرة إلى أنه تم نشر "تصريح مغلوط" منسوب لأمير قطر. التصريحات التي نفت الدوحة أن تكون صادرة عن أمير البلاد، تناولت إيران وحزب الله وحركة حماس والإخوان المسلمين، وانتقدت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقامت وسائل إعلام خليجية بنشر هذه التصريحات رغم نفي الدوحة، التي فتحت تحقيقا.
إغلاق الحدود
في الخامس من حزيران/ يونيو2017، أعلنت السعودية وحلفاؤها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. وترافق ذلك مع إجراءات اقتصادية من بينها إغلاق الحدود البرية والبحرية مع قطر، ووقف الرحلات الجوية وفرض قيود على حركة القطريين في هذه الدول.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Jaafar
لائحة شروط
في 22 حزيران/ يونيو، عرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر قائمة من 13 طلبا وحدّدت لها مهلة عشرة أيام لتنفيذها. ومن ضمن المطالب إغلاق قناة "الجزيرة" والحدّ من علاقات قطر مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في الإمارة الخليجية. وبعدها في الرابع من تموز/ يوليو، أكدت قطر أن "اللائحة غير واقعية" وغير قابلة للتطبيق.
صورة من: Imago Images/photothek/T. Koehler
شخصيات ومجموعات مطلوبة
في 25 تموز/ يوليو2017، نشرت السعودية وحلفاؤها لائحة سوداء تضم أسماء "إرهابيين"، على حسب تعبير اللائحة، وفيها أسماء 18 مجموعة وشخصا على ارتباط بقطر. وتضم اللائحة حاليا حوالى تسعين شخصا ومجموعة، وشملت الشيخ يوسف القرضاوي المصري المقيم في قطر.
صورة من: picture-alliance/dpa
تحالفات لفك العزلة
في بداية الأزمة تعرضت قطر إلى صعوبات لكنها اعتمدت على تحالفاتها، فقد سعت إيران وتركيا منذ بداية الأزمة إلى مساعدة الدوحة على كسر عزلتها. ووقعت قطر مع الولايات المتحدة عقودا في قطاعات النفط والطيران والتسلح. وعززت الدوحة صناعاتها المحلية وحققت نوعا من الاكتفاء الذاتي بعد إغلاق كل المنافذ مع جيرانها الخليجيين الذين كانت تقيم معهم علاقات تجارية قوية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Doha News
السيسي وحلفاؤه
في الثالث والعشرين يوليو تموز 2017، احتفلت مصر بالذكرى 65 لثورة 23 يوليو 1952، التي قادها الضباط الأحرار بزعامة جمال عبد الناصر. ووسط استعراض عسكري ظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي رفقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي عهد البحرين خالد الفيصل والجنرال خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (يطلق عليها اسم الجيش الوطني الليبي)، في مشهد يظهر جبهة مناوئة للحلف التركي القطري.
صورة من: Picture-alliance/Zumapress/Egyptian President Office
مواقف ترامب المتقلبة
في نيسان/ أبريل 2018، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال لقاء مع الرئيس الأمريكي رفضه أي تمويل للإرهاب. وأعلن ترامب أنه يعمل من أجل "وحدة" الدول في المنطقة. وكان ترامب قد علق عبر "تويتر" مباشرة بعد إعلان مقاطعة قطر قائلا إن دول الخليج قالت "إنها ستعتمد نهجا حازما ضد تمويل التطرف، وكل الدلائل تشير الى قطر".
صورة من: Reuters/J. Ernst
ديبلوماسية رياضية
في كانون الأول/ ديسمبر 2019، استضافت الإمارات كأس آسيا لكرة القدم. وفازت قطر باللقب مع أن المنتخب خاض البطولة دون مؤازرة جمهوره. وفي نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر وبداية كانون الأول/ديسمبر 2019، استضافت قطر بطولة كأس الخليج في كرة القدم، وقررت السعودية والإمارات والبحرين التراجع عن قرارها بعدم المشاركة. وفازت البحرين بالكأس.
بيد ان استضافة منافسات رياضية لم تخفف من وطأة الخلافات.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/Nikku
بن سلمان وبن زايد
في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2019، عُقدت قمة مجلس التعاون الخليجي في الرياض بغياب أمير قطر الذي أوفد بدلا منه رئيس الوزراء في حينه عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني. وأعلن وزير الخارجية القطري في كانون الثاني/ يناير 2020 تعليق محادثات كانت بدأت بخجل، بين بلاده والرياض. وتردد أن فشل مساعي المصالحة وراءه تحفظ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وصديقه ولي عهد أبو ظبي الشيح محمد بن زايد.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
قرارات دولية لصالح قطر
في 16 حزيران/يونيو 2020، أصدرت منظمة التجارة العالمية حكما لصالح قطر في خلافها مع السعودية التي تتهمها بانتهاك حقوق الملكية الفكرية بسبب قرصنة تعرضت لها شبكة "بي إن" القطرية من قناة "بي آوت كيو".
وفي 14/7 محكمة العدل الدولية تصدر قرارا لصالح قطر في خلافها مع أربع دول أخرى اتهمتها الدوحة بفرض "حصار جوي" عليها. في 22.7 طالبت شركة الخطوط الجوية القطرية هذه الدول بتعويضات بقيمة خمسة مليارات دولار.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Jaafar
تحالف تركي قطري
ساهمت الأزمة بين قطر وشقيقاتها الخليجية في تعميق تعاونها مع تركيا التي لعبت تركيا دورا مهما في مساعدة الدوحة على الخروج من عزلتها. وأقامت قاعدة عسكرية في قطر، كما شهدت مجالات التعاون نموا ملحوظا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وقع البلدان عشرة اتفاقيات في مجالات تعاون مختلفة، بحضور الرئيس أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم. ويثير التحالف القطري التركي قلق مصر والإمارات.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/M. Kamaci
قمة المصالحة
في الرابع من كانون الأول/ ديسمبر2020، كشف وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن حلفاء بلاده "على الخط نفسه" في ما يتعلّق بحل الأزمة الخليجية، والتوصل قريبا إلى اتفاق نهائي بشأنها. وفي 30 كانون الأول/ ديسمبر، أعلن مجلس التعاون الخليجي أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وجه دعوة الى أمير قطر لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي بالمملكة في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2021.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil
استقبال سعودي حار
في الخامس من يناير/ كانون الثاني 2021 عقد مجلس التعاون الخليجي قمة في السعودية طغى عليها الإعلان عن فتح الأجواء والحدود بين السعودية وقطر بعد أكثر من ثلاث سنوات من قطع العلاقات. ولقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبالا حارا لدى وصوله الى السعودية، وكان الملك سلمان بن عبد العزيز في مقدمة المستقبلين لأمير قطر.
صورة من: Bandar Algaloud/Saudi Kingdom Handout/AA/picture alliance
عناق بن سلمان وتميم في مطار العلا
ولدى استقباله في المطار بمدينة العلا السعودية التاريخية، عانق الأمير محمد بن سلمان ضيفه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في مؤشر مهم على آمال وأد الخلاف بين حليفتين رئيسيتين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط قبل أسبوعين من تولي الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن السلطة.
صورة من: Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/REUTERS
تحفظ مصري وإماراتي؟
فيما كان الاستقبال السعودي لأمير قطر حارا، تتجه الأنظار إلى موقف الإمارات والبحرين والحليفة مصر، التي لم يصدر عنها بعد خطوات مشابهة للسعودية فيما يتعلق برفع إجراءات المقاطعة وفتح الحدود. وتفيد بعض المؤشرات بأن مصر ودولة الإمارات ما تزالان لديهما تحفظات بشأن التقارب مع قطر، وهنالك ملفات عديدة ما تزال محل خلاف.
صورة من: Bandar Algalou/AA/picture alliance
دور الوساطة الكويتي
يعتبر التقارب الخليجي ثمرة جهود وساطة حثيثة لعبت فيها دولة الكويت بالاضافة إلى إدارة الرئيس ترامب دورا كبيرا. أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (يسار الصورة) واصل جهود سلفه الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي وافته المنية في 29 أيلول/ سبتمبر 2020. م.س/ ص.ش (وكالات)