بعد عزلة طويلة.. الأنظار تتوجه لمشاركة الأسد في قمة السعودية
١٧ مايو ٢٠٢٣
تعد عودة نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى المحفل العربي إشارة على انتهاء عزلة بلاده التي مزقتها الحرب، بعد أن ظلت معظم الدول العربية تنأى بنفسها عنه إثر قمعه للاحتجاجات على حكمه في 2011 والحرب الأهلية التي نشبت بعد ذلك.
إعلان
بعودة نظامه إلى حضن الجامعة العربية، يبدو أن العزلة التي فرضتها معظم الدول العربية على الرئيس السوري بشار الأسد، بعد قمعه للاحتجاجات على حكمه قبل أكثر من 10 سنوات، قد انتهت.
ودعمت السعودية وقطر وغيرهما المعارضة المسلحة المناهضة للأسد لسنوات. لكن الجيش السوري استعاد السيطرة على معظم البلاد بدعم من إيران وروسيا وجماعات مسلحة شبه عسكرية.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الدول العربية أخرجت الأسد من عزلته، فإنها تطالبه أيضا بالحد من تجارة المخدرات المزدهرة في سوريا وتمكين لاجئي الحرب من العودة.
مع ذلك يمثل هذا التطور تحسنا مذهلا في حظوظ الرئيس السوري.
"لحظة انتصار للأسد"
ويقول ديفيد ليش أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ترينيتي في تكساس "هذه بالتأكيد لحظة انتصار لبشار الأسد، حيث يتم قبول (عودته) مرة أخرى في جامعة الدول العربية، وفي العالم العربي، بعد النأي عنه وفرض العزلة عليه لأكثر من عقد".
وعبرت عدة دول منها قطر والكويت عن معارضتها لعودة الأسد. لكن القمة ستبرز على الأرجح حقيقة أن قطر قلصت طموحاتها في أن تكون لاعبا دبلوماسيا رئيسيا في المنطقة وقبلت بدور سعودي مهيمن.
ولا يمثل الأسد القضية الخلافية الوحيدة بين العرب، فالجامعة منقسمة حول مسائل عدة منها التطبيع مع إسرائيل وسبل دعم القضية الفلسطينية والأدوار الإقليمية لتركيا وإيران وإلى أي جانب تنحاز في السياسة العالمية التي تشهد حالة استقطاب.
كما يحضر القمة في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر مبعوثون من طرفي الصراع في السودان. ومن المتوقع أن يهيمن هذا الصراع على المناقشات. وتستضيف السعودية محادثات بشأن وقف إطلاق النار والقضايا الإنسانية في السودان منذ أسابيع.
"دور سعودي مهيمن"
تسعى السعودية لإرسال رسالة مفادها أن العرب سيعملون معا، هذا وفقا لما يراه عبد الله با عبود مدير كرسي دولة قطر لدراسات المنطقة الإسلامية والأستاذ الزائر في جامعة واسيدا في طوكيو.
ويقول با عبود "هذا يساعدها (الرياض) ليس فقط من حيث مكانتها في الشرق الأوسط، ولكن أيضا فيما هو أبعد من ذلك فيما يتعلق بالتعامل مع القوى الدولية سواء كانت الولايات المتحدة أو أوروبا أو الصين".
وواشنطن متشككة فيما يتعلق بعودة الأسد إلى الجمع العربي. وقدمت مجموعة من أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع قانون في الأسبوع الماضي يهدف إلى منع اعتراف الولايات المتحدة بالأسد كرئيس لسوريا وإلى تعزيز قدرة واشنطن على فرض عقوبات.
ومن المرجح أن تؤدي عودته إلى جامعة الدول العربية إلى إحياء التساؤلات حول سجله في مجال حقوق الإنسان. وقال محققون في جرائم الحرب تابعون للأمم المتحدة إن القوات الحكومية استخدمت الأسلحة الكيماوية أكثر من عشرين مرة خلال الحرب الأهلية السورية. ونفت سوريا مرارا استخدام أسلحة كيماوية. لكن الأسد أثبت قدرته على الصمود رغم ضغوط قوى غربية ودول عربية دعمت أعداءه في الحرب.
"العودة لوضع مشابه لما كان عليه قبل الربيع العربي"
وتشكل الأزمة السورية وصراعات إقليمية أخرى منها اليمن وليبيا مزيدا من التحديات لجامعة الدول العربية التي غالبا ما تتسبب الانقسامات الداخلية في تقويض دورها. ويقول القادة العرب إن الأمن أهم من الديمقراطية.
قال جوزيف ضاهر الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا "هناك بالفعل استعداد في السنوات القليلة الماضية من قبل السعودية وجهات إقليمية فاعلة أخرى لتعزيز شكل من أشكال الاستقرار الاستبدادي في المنطقة".
وأضاف "على الرغم من الخلاف المستمر بين مختلف الدول... فإن لديها موقفا مشتركا يتمثل في الرغبة في العودة إلى وضع مشابه لما كان عليه قبل انتفاضات 2011"، أو ما عرف بالربيع العربي.
تأتي قمة هذا العام أيضا في الوقت الذي تعاني فيه مصر وتونس ولبنان من تفاقم التضخم والبطالة والغضب الشعبي.
لكن السعودية والإمارات وضعتا نهجا جديدا للتعامل في أوقات الأزمات، مفاده أن زمن المساعدات دون قيود أو التزامات قد ولى.
ع.ش/ أ.ح (رويترز)
سوريا.. خمسة عقود في قبضة عائلة الأسد
تحكم عائلة الأسد سوريا منذ أكثر من 5 عقود بقبضة من حديد، إذ يستمر الرئيس السوري بشار الأسد على نهج أبيه حافظ الذي تولى الحكم بانقلاب عسكري. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا في عهد عائلة الأسد.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق".
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق. م.ع.ح/ع.ج.م