بعد عقدين- روسيا تزيل طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية
١٧ أبريل ٢٠٢٥
أعلنت المحكمة العليا في روسيا الخميس (17 نيسان/أبريل 2025) أنها صادقت على رفع حركة طالبان من قائمتها للمنظمات الإرهابية، بعد عقدين من إدراجها، وهو إجراء رمزي يهدف إلى تعزيز العلاقات بين موسكو وكابول المعزولة على الساحة الدولية، لكنه يشكل انتصارًا دبلوماسيًا لطالبان.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن القاضي المكلّف بالقضية أوليغ نيفيدوف قوله بعد جلسة مغلقة إن "القرار يدخل حيز التنفيذ فورًا". لكن هذا القرار لا يشكل اعترافًا رسميًا بحكومة طالبان من جانب موسكو في هذه المرحلة.
وفي آذار/مارس الماضي، طلب مكتب المدعي العام الروسي رفع حركة طالبان من قائمة المنظمات المصنفة "إرهابية" في روسيا، وبالتالي المحظورة والتي كانت مدرجة فيها منذ 2003 بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.
وسيطرت حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول في 15 آب/أغسطس 2021، بعد سقوط الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة الذي أعقبه بعد أيام انسحاب القوات الأمريكية بشكل فوضوي من أفغانستان بعد 20 عامًا من الحرب.
"حليف في الحرب ضد الإرهاب"
ومنذ ذلك الحين، تعهدت موسكو بتطبيع علاقاتها مع الحكومة الأفغانية الجديدة التي تعتبرها شريكًا محتملًا في الحرب ضد الإرهاب. وترى روسيا أن من الضروري العمل مع طالبان في الوقت الذي تواجه فيه تهديدًا أمنيًا كبيرًا من جماعات إسلامية متشددة تتمركز في مجموعة من الدول تمتد من أفغانستان إلى الشرق الأوسط.
ويبدو أن التقارب بين الكرملين وكابول يتسارع عقب الهجوم الذي وقع في آذار/مارس 2024 قرب موسكو وقُتل خلاله 145 شخصًا في قاعة للحفلات الموسيقية على يد أربعة مسلحين من تنظيم "الدولة الإسلامية في خراسان" الفرع الإقليمي للتنظيم الجهادي الناشط في أفغانستان. وتقول حركة طالبان إنها تعمل على القضاء على التنظيم المتشدد في أفغانستان.
وفي تموز/يوليو 2024 قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يعتبر حركة طالبان "حليفًا في الحرب ضد الإرهاب". ثم وقع نهاية عام 2024 قانونًا يسمح للسلطات الروسية بشطب اسم مجموعة مدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية، وبالتالي محظورة في البلاد. ووفقًا لهذا النص أصبح من الممكن الآن أن "يعلق القضاء الحظر على منظمة ما مؤقتًا" في حال وجود "دليل حقيقي" على أن المجموعة المذكورة توقفت عن الترويج "للإرهاب".
وفي تشرين الأول/أكتوبر، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب إلى رفع العقوبات عن أفغانستان وتحمل "مسؤولية" إعادة إعمار البلاد الذي شهد حربًا لعقود. وتوجه أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو إلى كابول نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي في زيارة نادرة يقوم بها مسؤول أجنبي أعلن خلالها أنه يريد تعزيز "التعاون" مع أفغانستان.
ورغم تصنيفها "إرهابية" في السابق، شاركت وفود من طالبان في عدد من المنتديات التي استضافتها روسيا، في إطار سعي موسكو إلى ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة.
لا اعتراف رسمي بحكومة طالبان رغم وجود علاقات
ورغم ذلك، لم يتم الاعتراف بحكومة طالبان في أفغانستان رسميًا من أي دولة في هذه المرحلة، خصوصًا بسبب الوضع الكارثي لحقوق المرأة في أفغانستان. ويقول دبلوماسيون غربيون إن مساعي الحركة لنيل اعتراف دولي أكبر بها متوقف على تغيير مسارها بشأن حقوق المرأة.
ومنعت طالبان الفتيات والنساء من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات، وفرضت قيودًا على حركتهن بدون محرم. وتؤكد الحركة احترامها لحقوق المرأة لكن بما يتماشى مع تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.
ومع ذلك، بالإضافة إلى روسيا، تقيم باكستان والصين وإيران ومعظم دول آسيا الوسطى علاقات دبلوماسية مع السلطات الأفغانية. وقامت دولتا كازاخستان وقيرغيزستان في آسيا الوسطى، في السنوات الأخيرة، بإزالة طالبان من قوائمها للمنظمات الإرهابية. واستقبلت موسكو مبعوثين من طالبان على أراضيها في مناسبات عدة حتى قبل عودة الحركة إلى السلطة.
وقال إبراهيم بهيص، المحلل البارز في برنامج آسيا بمجموعة الأزمات الدولية، إن إدراج طالبان كمنظمة إرهابية شكل عائقًا قانونيًا أمام إقامة علاقات تجارية وسياسية مع كابول، وإن رفع هذا التصنيف يعكس رغبة موسكو في تحسين العلاقات.
وقال محلل شؤون جنوب آسيا، مايكل كوغلمان، إن الخطوة الروسية لم تكن رائدة، لأن العديد من الدول لم تصنف طالبان رسميًا كمنظمة إرهابية. وفي الوقت نفسه، وصف القرار بأنه "مربح للجانبين" فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين روسيا وأفغانستان.
وكان العديد من قادة طالبان حاربوا موسكو في الثمانينات خلال الحرب التي خاضها الاتحاد السوفياتي في البلاد واستمرت عقدًا، وانتهت بسحب موسكو لقواتها في عام 1989.
تحرير: خالد سلامة