بعد عودة طالبان.. هل تصبح أفغانستان "قاعدة" للجهاد مجددا؟
٢٤ أغسطس ٢٠٢١
انتصار طالبان وعودتها إلى السلطة، يثيران المخاوف والتساؤل فيما إذا كانت أفغانستان ستتحول مجددا إلى "قاعدة" للجهاد ومركزا للتخطيط لهجمات إرهابية، كما كانت في السابق. لكن للخبراء رأي آخر في علاقة طالبان مع القاعدة و"داعش".
إعلان
ليس لدى الرئيس الأمريكي جو بايدن أي شك في أن هدف واشنطن من غزو أفغانستان كان ضمان أمنها، ويبقى ذلك هدفها حتى بعد الانسحاب من هناك، حيث قال مؤخرا "تبقى مصلحتنا الأساسية في أفغانستان كما كانت دائما"، موضحا أن الهدف هو منع استهداف الولايات المتحدة بهجمات إرهابية انطلاقا من أفغانستان.
لكن لا يشارك كل الأمريكيين بايدن الرأي بأن ذلك ممكن في ظل غياب أمريكا وعدم حضورها هناك على الأرض. إذ أعرب الجنرال مارك ميلي، رئيس أركان الجيش الأمريكي، عن قلقه من أن التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يمكن أن تعيد بناء شبكاتها بسرعة في أفغانستان.
هل تعود أفغانستان ملاذا للجهاديين؟
إن خطر إعادة تنظيم هذه المجموعات الإرهابية لصفوفها في أفغانستان أمر واقعي، حسب رأي، دانيال بايمان، الخبير الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط والإرهاب.
وجاء في مقال نشره في مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، أن إجراءات مناهضة الإرهاب ستصبح أصعب بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان. ولكنه يستبعد أن تعود أفغانستان ملاذا للتنظيمات الجهادية العالمية. وذلك لأسباب عديدة: فالقاعدة فقدت الكثير من قوتها السابقة، وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" عدو طالبان. وعلاوة على ذلك فإنطالبان تعلمت من دروس الماضي وهي تتصرف الآن بشكل مختلف.
انتصار طالبان: هل يعود الإرهاب؟
42:31
بدوره يستبعد كريستيان فاغنر، خبير شؤون جنوب آسيا في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن في برلين، أن تعود أفغانستان ملاذا للتنظيمات الجهادية ويقول "إنهم (طالبان) لا يريدون أن تكون أفغانستان دولة منبوذة، وإنما يريدون اعتراف المجتمع الدولي" بهم.
ويضيف بأن "إمارة أفغانستان الإسلامية" إبان حكم طالبان بين عامي 1996 و2001 اعترفت بها ثلاث دول فقط وهي: باكستان والسعودية والإمارات العربية المتحدة. "والآن تريد طالبان التغيير. وتعرف أن ذلك ممكن فقط بانتهاج سياسة محددة، تشمل كيفية تعاملها مع الجماعات الجهادية".
الكل يراقب طالبان وسلوكها
ليس الغرب وحده من يخشى من إيواء أفغانستان للتنظيمات الجهادية، وإنما روسيا أيضا التي لها منذ سنوات قنوات اتصال مع حركة طالبان، والصين كثفت اتصالاتها مع الحركة منذ عدة أشهر. كذلك إيران تراهن على الحوار مع طالبان، وقد عرضت مساعدتها للمساهمة في نجاح محادثات السلام في أفغانستان. وهذه الدول الثلاث (روسيا، الصين، إيران) المجاورة لأفغانستان، يجمعها مكافحة الجهاديين، وعلى طالبان إدراك ذلك.
والولايات المتحدة حتى بعد انسحابها من أفغانستان، لا تعتمد على ما تقوم به طالبان فقط، عندما يتعلق الأمر بحماية نفسها من التهديدات الإرهابية. فحسب الخبير الأمريكي دانيال بايمان، لدى واشنطن خيارات أخرى أيضا لمراقبة المشهد الجهادي في أفغانستان، وعند الحاجة محاربته أيضا، ويقول "إن الجيش الأمريكي بحث إمكانية استخدام قواعده الجوية خارج أفغانستان لتنفيذ هجمات على معسكرات القاعدة، أو حتى تنفيذ عمليات برية في البلد (أفغانستان) إذا اقتضت الضرورة ذلك".
اختلاف العلاقة مع القاعدة و"داعش"
لكن لا تزال العلاقة وثيقة بين طالبان والقاعدة، حسب ادموند فيتون براون، رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة المجموعات الإرهابية للدولة الإسلامية "داعش" والقاعدة. وقال براون في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في حوار مع فضائية NBC الأمريكية "نعتقد أن قيادة تنظيم القاعدة لا تزال تحت حماية حركة طالبان".
بيد أن العلاقة مع تنظيم "داعش" في أفغانستان والمعروف باسم "ولاية خراسان" مختلفة تماما، والتي تعرضت لضربات مؤلمة من طالبان، حسب تقرير لمجلس الأمن الدولي نشر في مايو/ أيار العام الماضي، وجاء فيه "لقد لعبت قوات طالبان دورا مهما في إلحاق الهزيمة بهذا الجزء من تنظيم الدولة الإسلامية".
وتختلف أهداف الجماعات الجهادية مثل تنظيم القاعدة و"داعش"، عن أهداف حركة طالبان، التي تركز على توسيع وترسيخ سلطتها في أفغانستان، في حين تنشط التنظيمات الأخرى على المستوى الدولي ولا تهتم بالحدود. "ولكن هذه الرؤية المختلفة، أثرت على علاقة طالبان بتنظيم داعش فقط" حسب رأي كريستيان فاغنر، الخبير بشؤون جنوب آسيا.
ويتهم تنظيم "داعش" الأفغان بالتركيز على بلدهم وجعله فوق الإسلام ونشره في العالم. وصحيح أن القاعدة أيضا تسعى لتحقيق هذا الهدف، لكنها تقوم بذلك، على عكس "داعش"، من دون أن توتر علاقتها مع طالبان وتصطدم معها.
ويضيف فاغنر بأن "الجماعتين (طالبان والقاعدة) مرتبطتان ببعضهما من خلال الكفاح المشترك في أفغانستان، وإلى حد ما يصعب الفصل بينهما". ويرى أن هذا ما يصعب على طالبان تحديد علاقتها مع القاعدة بعد عودتها إلى السلطة، ولذلك فإن توضيح الكثير من الأمور سيتم على المستوى المحلي أكثر من المستوى الوطني، ويضيف "سيعتمد الأمر كثيرا على العلاقات الشخصية".
كريستن كنيب/ ع.ج
في صور.. مشاهد الفرار من "إعصار طالبان"
يحاول كثيرون الفرار من أفغانستان، بعد أن تقدمت حركة طالبان إلى العاصمة كابول، مطيحة بالحكومة، بينما تقوم القوى الغربية بنقل المدنيين جوا من مطار كابول. مشاهد الرعب والتخوف في أفغانستان ضمن هذا الملف المصور.
صورة من: Wakil Kohsar/AFP/Getty Images
أفغان يائسون يحاولون دخول مطار كابول
تواصل العائلات الأفغانية محاولاتها اليائسة للوصول إلى مطار حامد كرزاي الدولي في كابول. وحتى الأطفال تدفقوا بين الحشود التي تسعى بكل قواها للهروب في اللحظات الأخيرة من حركة طالبان التي اقتحمت العاصمة.
صورة من: REUTERS
مستقبل غامض أمام الأفغان
كان أمام الأفغان خياران، منذ انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو من البلاد، وأحلاهما مر: إما البقاء اعتمادا على قدرة القوات الحكومية على وقف زحف طالبان أو الفرار إلى الدول المجاورة. والآن بعد أن استولت حركة طالبان على العاصمة كابول، بات كثيرون الآن في مأزق، خصوصا مع الغموض الذي يلف المشهد الأفغاني، ولا أحد يعرف ماذا سيحدث بعد ذلك.
صورة من: REUTERS
حشود غير مسبوقة تتجمع في المطار
المطار الرئيسي في كابول، والذي سمي على اسم حامد كرزاي، أول رئيس تولى السلطة بعد الإطاحة بطالبان، بات مسرحا لحشود يائسة مطلع الأسبوع، يحدوهم الأمل في ركوب الطائرات والفرار من طالبان. وبينما سارعت القوى الغربية لإجلاء مجموعات صغيرة، مؤلفة في معظمها من رعايا تلك الدول، وبعض الموظفين المحليين، تم إيقاف الرحلات الجوية التجارية من وإلى البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
طالبان تستولي على القصر الرئاسي
زحف طالبان الذي تواصل حتى سقوط العاصمة كابول، شهد سيطرة مقاتلي الحركة على القصر الرئاسي يوم الأحد (15 أغسطس/آب). وأظهرت مقاطع فيديو قادة ومقاتلي طالبان جالسين داخل القصر معلنين النصر في حملتهم ضد الجيش الأفغاني.
صورة من: Zabi Karim/AP/picture alliance
الخوف من حكم الإسلامويين
الأنظار تتركز الآن نحو الخطوات القادمة، إذ يخشى كثيرون من الحكم الإسلامي المتشدد لطالبان، رغم أن الحركة أصدرت بيانا زعمت فيه أنها لن تنتقم من الأشخاص الذين ساندوا التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة. خلال حقبة حكم طالبان السابقة، منعت النساء والفتيات من التعليم. والآن سارع السكان في كابول للتصرف قبل فوات الآن، محاولين إخفاء الصور التي قد لا يحبها الأصوليون.
صورة من: Kyodo/picture alliance
عبور الحدود إلى باكستان
وبينما اكتظت الحشود حول وفي داخل مطار حامد كرزاي سعيا منهم للمغادرة، كان هناك آخرون يعبرون الحدود برا باتجاه باكستان. وقال وزير الداخلية الباكستاني الشيخ رشيد أحمد لـDW إن حكومة بلاده أغلقت معبر تورخام الحدودي مع أفغانستان.
صورة من: Jafar Khan/AP/picture alliance
عودة طالبان لم تستغرق سوى أسابيع بعد الانسحاب الأمريكي
الولايات المتحدة وحلفاؤها دخلوا أفغانستان معلنين الحرب، بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001، وأطاحوا بحركة طالبان. ولكن بعد عشرين عاما انهار الجيش الأفغاني بشكل مفاجئ، بعيد انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو.
صورة من: Hoshang Hashimi/AP Photo/picture alliance
قيادة طالبان
الفترة الأولى لحكم طالبان امتدت من عام 1996 إلى عام 2001. وخلالها فرضت الحركة تفسيرا متشددا للشريعة الإسلامية. الحركة تأسست تحت قيادة الملا عمر. أما قائدها الأعلى اليوم فهو هبة الله آخُند زاده. الرئيس المؤسس المشارك الملا بردار، الظاهر في هذه الصورة، يترأس المكتب السياسي للحركة.
صورة من: Social Media/REUTERS
طالبان تنصب رايتها
تقول طالبان إنها مستعدة للسيطرة على البلاد، متعهدة أنها لن تضر بالمدنيين الذين تعاونوا مع القوات الغربية. وأكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، في تصريح أنهم "مستعدون لإجراء حوار مع جميع الشخصيات الأفغانية وضمان الحماية اللازمة لهم". الأمر نفسه أكده الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحفي له من كابول. قد يكون من الصعب تصديق هذا الكلام.
صورة من: Gulabuddin Amiri/AP/picture alliance
خطر على النساء والأطفال
من المرجح أن تعاني النساء والأطفال والأقليات الأخرى بشكل كبير تحت حكم نظام طالبان. فالنساء والفتيات منعن من التعليم خلال الفترة الأولى لحكم طالبان، والذي انتهى بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2001.
صورة من: Paula Bronstein/Getty Images
فرار الرئيس غني
هرب الرئيس الأفغاني أشرف غني من البلاد في 15 أغسطس/آب. وصرح بالقول: "كي نتجنب الفيضان النازف، اعتقدت أنه من الأفضل الخروج"، لكنه شدد على أنه سيواصل الكفاح من أجل بلاده.
صورة من: Rahmat Gul/AP Photo/picture alliance
الرئيس السابق كرزاي يدعو للسلام
أنشأ القادة الأفغان مجلسا للقاء طالبان وإدارة نقل السلطة. الرئيس السابق حميد كرزاي، الذي يقود هذا المجلس، قال إن الهدف هو: "منع الفوضى وتقليل معاناة الشعب" وإدارة "انتقال سلمي" للسلطة.
صورة من: Mariam Zuhaib/AP Photo/picture alliance
جلاء الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون
قامت ألمانيا بإرسال طائرات عسكرية للمساعدة في الإجلاء من أفغانستان، بعد أن أغلقت سفارتها في كابول. الأمر نفسه تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، حيث تقوم بإجلاء القوات والدبلوماسيين ومسؤولين آخرين من البلاد.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
احتجاجات في الولايات المتحدة
خرج متظاهرون في نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة للاحتجاج أمام البيت الأبيض مطالبين باستعادة السلام في أفغانستان. وقال الأدميرال مايك مولين: إن الولايات المتحدة وحلفاءها "قللوا من شأن تأثير ما تقوم به الحكومة (الأفغانية) الفاسدة".