بعد فوزه بولاية ثالثة وأخيرة.. تحديات عديدة تواجه أردوغان
٢٩ مايو ٢٠٢٣
بعد فوزه في جولة إعادة تاريخية بولاية جديدة حتى عام 2028، يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مهمة صعبة تتمثّل بتوحيد بلاده التي تشهد انقسامات عميقة. فما هي أبرز التحديات التي تواجه الرئيس القديم الجديد؟
إعلان
رغم قوة ائتلاف المعارضة والأزمة الاقتصادية الخانقة والغضب الشعبي الواسع النطاق عقب زلزال شباط/فبراير، نجح أردوغان الذي قضى أطول فترة في الحكم في هزم منافسه العلماني كمال كيليجدار أوغلو في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. لكن الفارق البالغ أربع نقاط كان الأقل الذي يحققه الزعيم التركي في أي انتخابات، ما يؤكد على الاستقطاب الذي سيواجهه الرئيس المحافظ ذو الخلفية الإسلامية في ولايته الرئاسية الثالثة والأخيرة.
وحاول أردوغان تبني نبرة تصالحية في خطابه بمناسبة الانتصار أمام الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا خارج القصر الرئاسي في أنقرة، داعيا الأتراك "للاتحاد والتضامن". وأما كيليجدار أوغلو، مرشح المعارضة، فتعهّد بـ"مواصلة الكفاح" ضد أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية" الذي هيمن على المشهد السياسي التركي منذ العام 2002.
وأفاد الأكاديمي بورا إييمايا البالغ 28 عاما فرانس برس في إسطنبول "علمتنا الأجيال السابقة أن نكافح.. لن نخسر أو نفقد الأمل في هذا البلد بسبب انتخابات واحدة.. سنقاوم ونقاتل حتى النهاية".
"الاستقطاب السياسي موجود وسيبقى"
في المقابل، احتفل أنصار أردوغان بفوزه في أول جولة إعادة في تاريخ تركيا. وقال البائع المتجول غورسل أوزكوك (65 عاما) لفرانس برس في أنقرة "فاز الشخص المفيد لبلدنا. أشعر بالسعادة نظرا لمعتقداته. لا أهمية للأمور الأخرى. البلد أولا".
وعنونت صحيفة "صباح" الموالية للحكومة على صفحتها الأولى الاثنين (29 أيار/ مايو 2023) "فاز رجل الشعب". وأكد إمره بركر من مجموعة أوراسيا الاستشارية أنه بعدما حشد ائتلافا ضم ناخبين قوميين ومحافظين ومتديّنين، "سيؤكد (أردوغان) على سياساته الشعبوية.. الاستقطاب السياسي موجود وسيبقى".
ويعد التخفيف من حدة أسوأ أزمة اقتصادية تعصف بتركيا منذ تسعينات القرن الماضي من أبرز أولويات أردوغان. واستند الرئيس التركي على سنوات من التنمية عبر مشاريع بنى تحتية وازدهار قطاع البناء لاكتساب شعبية هائلة وقاعدة انتخابية مخلصة لم تتخل عنه. لكن نسبة التضخم باتت تجاوز 40 في المئة، وهو أمر فاقمته جزئيا سياسة أردوغان غير التقليدية القائمة على خفض معدلات الفائدة في محاولة للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار.
هل يمكن لأردوغان تطبيق برنامجه الانتخابي؟
ويشير محللون إلى أن تعهّدات أردوغان خلال حملته زيادة الإنفاق وتمسكه بمعدلات الفائدة المنخفضة ستفاقم الضغط على احتياطات البنوك من العملات والليرة التي تراجعت مقابل الدولار الاثنين.
ورأى تيموثي آش من "بلو باي لإدارة الأصول" أن "النموذج الحالي غير قابل للاستدامة"، مشيرا إلى عشرات مليارات الدولارات التي ضخها المصرف المركزي لدعم الليرة. وحذر من أنه في حال رفض أردوغان التراجع عن موقفه حيال معدلات الفائدة والتخلي عن الليرة، "فقد يصبح الوضع سيئا".
وما زالت جهود إعادة البناء في جنوب شرق تركيا في مراحلها الأولى بعد زلزال شباط/فبراير الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص ودمّر مدنا بأكملها. وفاقمت الكارثة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا إذ خسر مئات الآلاف مصادر رزقهم بين ليلة وضحاها فيما خفض خبراء توقعاتهم للنمو في تركيا للعام 2023، بينما تقدّر كلفة الأضرار بأكثر من مئة مليار دولار.
مواصلة دور الوسيط بين روسيا والغرب
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين من أوائل قادة العالم الذين سارعوا لتهنئة أردوغان، علما بأن الرئيس التركي البالغ 69 عاما يواجه العديد من المعضلات الدبلوماسية. وينتظر شركاء تركيا في حلف شمال الأطلسي موافقتها على طلب السويد الانضمام إلى التحالف الدفاعي الذي تقوده واشنطن.
وعرقل أردوغان المسعى متهما ستوكهولم بإيواء شخصيات من المعارضة التركية يشتبه بارتباطهم بمجموعات كردية محظورة. ويتوقع مراقبون أن يواصل الرئيس التركي لعب دور الوسيط بين روسيا والغرب، بما يصب في مصلحة أنقرة. وقال غالب دالاي من معهد تشاتام هاوس "خمس سنوات جديدة في ظل حكم أردوغان تعني المزيد من الموازنات السياسية بين روسيا والغرب".
وأضاف "ستنخرط تركيا والغرب في تعاون براغماتي أينما أملت المصالح ذلك" ولن تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو ردا على حرب أوكرانيا، وستسعى إلى علاقات مربحة اقتصاديا.
ع.ش/ أ.ح (أ ف ب)
بالصور- أردوغان رئيسًا لتركيا لولاية ثالثة بعد جولة إعادة غير مسبوقة!
تمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الفوز بولاية ثالثة بعد هزيمة منافسه، مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، في جولة إعادة غير مسبوقة في الانتخابات التركية. هنا لقطات من "الجولة الحاسمة".
صورة من: Khalil Hamra/AP/picture-alliance
هيئة الانتخابات تعلن فوز أردوغان
أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا فوز أردوغان في جولة الإعادة وحصوله على 52.14% من الأصوات بعد إحصاء "جميع الأصوات تقريبًا". وهنأت الهيئة أردوغان على فوزه. وأعلن رئيس الهيئة أحمد ينار أنه بعد إحصاء 99.43 بالمئة من صناديق الاقتراع، حصل منافس أردوغان كليجدار أوغلو على 47.86 بالمئة. وأضاف أنه مع وجود فارق يزيد عن مليوني صوت فإن بقية الأصوات التي لم تحص بعد لن تغير شيئًا في النتيجة.
صورة من: Murad Sezer/REUTERS
أردوغان: تركيا هي الفائز الوحيد!
قبل إعلان النتائج، أعلن أردوغان "فوزه" بجولة الإعادة "بدعم الشعب" وشكره على التصويت، مؤكدًا أن "تركيا هي الفائز الوحيد" وأن "الشعب حملنا مسؤولية الحكم لخمس سنوات مقبلة".
صورة من: Sergei Bobylev/dpa/AP/picture alliance
كليجدار أوغلو: انتخابات "غير عادلة"
أعرب كمال كليجدار أوغلو، منافس أردوغان ومرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية، عن "حزنه" على مستقبل البلد بعد إعلان أردوغان فوزه. وقال كليجدار أوغلو: "إنني حزين للغاية في مواجهة الصعوبات التي تنتظر البلد"، وأكد أنه "سيواصل قيادة النضال"، وذلك بعد أن أظهرت النتائج الأولية أنه خسر ما قال إنها "أكثر انتخابات غير عادلة منذ سنوات". وأضاف أن النتائج أظهرت رغبة الناس في تغيير الحكومة الاستبدادية.
صورة من: Yves Herman/REUTERS
جولة ثانية غير مسبوقة!
أدلي الناخبون الأتراك بأصواتهم الأحد 28 أيار/ مايو 2023 في جولة ثانية حاسمة في الانتخابات الرئاسية، ليختاروا بين مواصلة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان لحكمه الذي بدأه قبل عقدين، ومنافسه، مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو.
صورة من: Kemal Aslan/REUTERS
تقدم مريح في الجولة الأولى!
صوت أردوغان مع زوجته أمينة في إسطنبول. خالف أردوغان (69 عامًا) استطلاعات الرأي وحقق تقدمًا مريحًا بفارق خمس نقاط مئوية تقريبًا على منافسه كمال كليجدار أوغلو في الجولة الأولى للانتخابات في 14 أيار/مايو. لكنه لم يستطع حسم السباق وقتها. وكان استطلاع للرأي أجرته شركة كوندا للأبحاث والاستشارات أظهر أن نسبة التأييد المتوقعة لأردوغان في جولة الإعادة ستكون 52.7%.
صورة من: Murad Sezer/AP Photo/picture alliance
"التخلّص من النظام الاستبدادي"
منافس أردوغان، كمال كليجدار أوغلو، وهو مرشح تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب، كان دعا الأتراك "للتصويت من أجل التخلّص من النظام الاستبدادي" عند التصويت مع زوجته في أنقرة. حصل كليجدار أوغلو على 44.88% من الأصوات في الجولة الأولى، مقابل نحو 48 بالمئة في جولة الإعادة.
صورة من: Yves Herman/REUTERS
نسبة مشاركة مرتفعة بشكل عام
أكثر من 64 مليون تركي كانوا مؤهلين للتصويت في ما يقرب من 192 ألف مركز اقتراع. وشمل العدد أكثر من ستة ملايين مارسوا هذا الحق للمرة الأولى يوم 14 أيار/ مايو. وهناك 3.4 مليون ناخب في الخارج صوتوا في الفترة من 20 إلى 24 أيار/ أيار. وتسجل تركيا نسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات بشكل عام. وفي 14 مايو/ أيار وصلت نسبة الإقبال الإجمالية إلى 87.04 بالمئة إذ بلغت 88.9 بالمئة داخل تركيا و49.4 بالمئة في الخارج.
صورة من: Omer Taha Cetin/AA/picture alliance
دعم غير متوقع للمحافظين والقوميين
أظهرت نتائج الانتخابات الأولية دعمًا أكبر من المتوقع للمحافظين والقومييين، وهو تيار قوي في السياسة التركية اشتد بسبب سنوات من القتال مع المسلحين الأكراد ومحاولة الانقلاب في عام 2016 وتدفق ملايين اللاجئين من سوريا منذ بدء الحرب هناك في 2011. ويبدو أن كليجدار أوغلو حاول توظيف ذلك لصالحه إذ صعّد من لهجته تجاه اللاجئين في حملته بالجولة الثانية ووعد بترحيل "10 ملايين لاجئ" من تركيا إذا فاز.
صورة من: Kemal Aslan/REUTERS
الأكراد و"أنهاء نظام الرجل الواحد"
حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد أيد كليجدار أوغلو في الجولة الأولى، ولكن بعد ميل الأخير إلى اليمين للفوز بأصوات قومية، لم يسم الحزب كليجدار أوغلو صراحة لكنه دعا الناخبين إلى رفض "نظام الرجل الواحد" لأردوغان في جولة الإعادة. في الصورة امراة كردية تدلي بصوتها في الجولة الثانية للانتخابات.
صورة من: Sertac Kayar/REUTERS
تصويت لأردوغان رغم الزلزال!
بعد الزلازل الذي ضربت جنوب تركيا في شباط/فبراير 2023 والتي أودت بحياة ما يزيد على 50 ألف شخص، كان من المتوقع أن يزيد ذلك من التحديات التي سيواجهها أردوغان في الانتخابات. غير أن حزب العدالة والتنمية الحاكم فاز في جميع أنحاء تلك المنطقة في 14 أيار/مايو. وروج أردوغان للتصويت لصالحه على أنه "تصويت للاستقرار". الصورة لناخبين في مناطق ضربتها الزلزال ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة.
صورة من: Volkan Kasik/AA/picture alliance
"هجمات" على مراقبي الانتخابات؟
أفادت تقارير بأن جولة الإعادة شهدت "هجمات" على مراقبي الانتخابات في إسطنبول وجنوب شرق البلاد. وقال وزغور أوزيل، زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه كليجدار أوغلو، إن مراقبي الانتخابات "تعرضوا للضرب وكسرت هواتفهم" في قرية بمحافظة شانلي أورفا جنوب شرقي البلاد. ووقعت عدة حوادث في إسطنبول، وفقًا لتقارير إعلامية. ولا يمكن التحقق من جميع الحوادث بشكل مستقل.
صورة من: Francisco Seco/AP Photo/picture alliance
"حملة انتخابية غير متوازنة"
انتقد مراقبون قبل التصويت الأوضاع غير المتوازنة في مسار الحملة الانتخابية، حيث يتمتع أردوغان باستخدام موارد الدولة والهيمنة على الاعلام. مثَّل العدد الأكبر للقنوات التلفزيونية والصحف المؤيدة للحكومة في البلاد ميزة كبيرة لأردوغان في مواجهة خصمه في الحملة الانتخابية، إذ حظيت جميع خطاباته ببث مباشر بينما كانت التغطية محدودة لنشاط منافسه.
صورة من: Emrah Gurel/AP Photo/picture alliance
أحكم قبضته خلال سنوات حكمه!
خلال سنوات حكمه الطويلة أحكم أردوغان قبضته على معظم المؤسسات التركية وهمش الليبراليين والمعارضين. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي لعام 2022 إن حكومة أردوغان أعادت سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان عقودًا للوراء.
صورة من: Umit Bektas/REUTERS
ولاء مطلق من المتدينين!
يحظى أردوغان بولاء مطلق من الأتراك المتدينين الذين كانوا يشعرون في الماضي بأن تركيا العلمانية سلبتهم حقوقهم، وسبق أن تغلب على محاولة انقلاب في 2016 واجتاز العديد من فضائح الفساد.
صورة من: Dilara Senkaya/REUTERS
"مزج الشعور الديني والكبرياء الوطني"
يقول نيكولاس دانفورث وهو زميل غير مقيم في المؤسسة اليونانية للسياسة الأوروبية والخارجية (إلياميب) ومتخصص في التاريخ التركي: "لقد مزج أردوغان بين الشعور الديني والكبرياء الوطني، وقدم للناخبين نزعة معادية جدًا للنخبوية"، ويضيف: "تركيا لديها تقاليد ديمقراطية قديمة وتقاليد قومية راسخة، ومن الواضح الآن أن التقاليد القومية هي التي انتصرت"!
صورة من: Murad Sezer/REUTERS
تركيز على الاقتصاد
بعد فوز أردوغان، من المتوقع أن يكون الاقتصاد التركي في بؤرة التركيز. يقول خبراء اقتصاديون إن سياسة أردوغان غير التقليدية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة على الرغم من قفزة الأسعار هي التي أدت إلى زيادة التضخم إلى 85 بالمئة العام الماضي وإلى هبوط الليرة إلى عُشر قيمتها مقابل الدولار على مدى العقد الماضي.
صورة من: Tolga Ildun/ZUMAPRESS/picture alliance
آمال بتحسن الأوضاع الاقتصادية
ومع بقاء أردوغان على رأس السلطة، ينتظر الأتراك أن تتحسن أوضاعهم الاقتصادية، وسط غياب مؤشرات حقيقية على ذلك. وقد تعكس ملامح هذه السيدة -التي تنتظر في مركز للاقتراع بإسطنبول- تلك الحقيقة "المرة"!
م.ع.ح/ع.غ