بعد فوز مقربة منها ـ فرص ميركل في البقاء مستشارة تتعزز
٨ ديسمبر ٢٠١٨
يعزز فوز كرامب ـ كارنباور، المقربة من أنغيلا ميركل، برئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي، بفارق ضئيل عن منافسها المحافظ فرديريش ميرتس، فرص المستشارة الألمانية للبقاء في منصبها حتى 2021. فهل هذا السيناريو واقعي؟
إعلان
ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن الخطة التي أعدّتها المستشارة تحققت، حتى لو أن كارينباور حصلت على المنصب بفارق 35 صوتاً فقط في مواجهة فريدريتش ميرتس خصم ميركل، الذي أراد تغيير سياسة الحزب باتجاه أكثر نحو الخط المحافظ. ومن المعروف أن كرامب ـ كارنباور تعتمد عموماً خط المستشارة الوسطي.
وكتبت صحيفة "سودوتشه تسايتونغ" أنها "بالطبع ستعارضها (المستشارة ميركل) هنا أو هناك. لكنها لن تعقّد لها مهمتها على رأس الحكومة بشكل أساسي". واعتبرت مجلة "در شبيغل" من جهتها أن "أحداً لم يعتقد فعلاً أن ثنائي ميرتس/ميركل كان يمكن أن يعمل بانسجام".
ورغم أن ميركل (64 عاماً) تخلت عن رئاسة حزبها، بعد انتخابات ولايتي بافاريا وهيسن المحبطة للغاية، فهي متمسكة جداً بإنهاء ولايتها الرابعة والأخيرة على رأس المستشارية التي تنتهي في العام 2021. وصرّح مندوب الاتحاد المسيحي الديموقراطي عن مدينة هانوفر في مؤتمر هامبورغ ماتياس ميدلبرغ لوكالة فرانس برس "لا أعتقد أن أنغيلا ميركل ضعيفة، على العكس، يمكن أن تستمرّ في الحكم كمستشارة".
وقد تكون ميركل، التي صنّفتها مجلة "فوربز" من جديد المرأة الأقوى في العالم، قد منحت فترة سماح. لأن الكثير من العقبات تبقى موجودة حتى العام 2021 ويمكن أن تضع حداً سابقاً لأوانه للائتلاف الحكومي الضعيف الذي شكلته هذا العام مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي. وتعرض هذا الائتلاف لاضطرابات بشكل شبه مستمر جراء أزمات.
ويرى كثيرون في ألمانيا أن ميركل لن تنجو من الانتخابات الأوروبية في أيار/مايو 2019 إذا تمت من جديد معاقبة الاتحاد المسيحي الديموقراطي والحزب الاشتراكي الديموقراطي، شريكي الائتلاف الحاكم في برلين. ويمكن أن تغادر المستشارية في أقصى حدّ في الخريف المقبل بعد انتخابات في ثلاث ولايات واقعة في شرق البلاد، وهي معاقل لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي.
كرامب كارنباور رئيسة للحزب المحافظ في ألمانيا – هل هو استمرار لنهج ميركل السياسي؟
01:52
ولم يعد الحزب الكبير المحافظ الذي يتعرض لهجمات من اليمين والوسط، من جانب حزب الخضر، يحصد أكثر من 26 إلى 28 بالمئة من نوايا التصويت، فيما شريكه في الحكم، الحزب الاشتراكي الديموقراطي فهو في وضع أسوأ.
وفي خطاب الوداع، وجهت أنغيلا ميركل الجمعة دعوة إلى حزبها للتوحد، بعدما أثارت حملة خلافتها في الأسابيع الماضية توترات داخل صفوف الديموقراطيين المسيحيين. ويرى بعض المراقبين أن فوز كرامب ـ كارنباور على خصمها المحافظ ميرتس بفارق ضئيل يعد بمرحلة غير مستقرة.
وقامت كرامب ـ كارنباور بخطوة أولى اليوم السبت نحو مناصري توجيه سياسة الحزب نحو الخط المحافظ، عبر تعيين أحد ممثليهم زعيم منظمة شباب المسيحي الديموقراطي، بول زييمياك في منصب الأمين العام للحزب، وهو يعتبر المسؤول الثاني من حيث التراتبية في الاتحاد المسيحي الديموقراطي.
وسبق أن شددت موقفها بشكل جزئي من سياسة الهجرة واللجوء بهدف التميّز عن ميركل. حتى أنها دعت إلى ترحيل السوريين المتهمين بارتكاب جرائم. وهذه طريقة يعتمدها الاتحاد المسيحي الديموقراطي لمحاولة استعادة جزء من الناخبين الذين يصوتون لليمين المتطرف منذ وصول أكثر من مليون لاجئ إلى البلاد في 2015 و2016.
وكتبت "دير شبيغل" أن " كرامب ـ كارنباور لن تتمكن من الحفاظ على وحدة الاتحاد المسيحي الديموقراطي إلا إذا حققت نجاحات، خصوصا في المعركة ضد البديل لألمانيا". وفي حال فشلت، سيدخل الاتحاد المسيحي الديموقراطي في فترة اضطرابات قد تقود إلى انقسامه.
وانتخب حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي الجمعة أنغريت كرامب ـ كارنباور (56 عاماً) رئيسة خلال مؤتمر تاريخي في هامبورغ يُختتم اليوم السبت ويُنهي عهد ميركل، الذي استمرّ 18 عاماً. ويفتح هذا المنصب المجال أمام كرامب ـ كارنباور لتولي المستشارية.
أ.ح/ح.ع.ح(أ.ف.ب)
من أديناور إلى ميركل.. مستشارو ألمانيا وبصماتهم في الحكم
ستة مستشارين ومستشارة ترأسوا الحكومات الألمانية المتعاقبة منذ عام 1949، آخرهم أنغيلا ميركل. DW تأخذكم في جولة تاريخية للتعرف على أسلاف ميركل في الحكم وسيرهم وتركتهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Sauer
كونراد أديناور (1949-1963)
كان كونراد أديناور أول مستشار لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وتحت قيادته أصبحت ألمانيا دولة ذات سيادة. في السياسة الخارجية انضمت ألمانيا إلى المعسكر الغربي في مواجهة الاتحاد السوفيتي وحلفائه. وقد اعتبر أسلوب أديناور المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي في الحكم استبداديا. ينحدر أديناور من منطقة حوض الراين ومن هنا جاء سعيه إلى أن تصبح مدينة بون هي عاصمة جمهورية ألمانيا الاتحادية.
صورة من: Imago/United Archives International
لودفيغ إيرهارد (1963-1966)
في عام 1963 أجبر الحزب المسيحي الديمقراطي أديناور البالغ من العمر 87 عاماً على الاستقالة واختار لودفيغ إيرهارد خليفة له. وكان إيرهارد قد اكتسب شهرة وشعبية لتبنيه نظام السوق الاجتماعي واصبح "أب" المعجزة الاقتصادية الألمانية. كان السيجار لا يفارق شفتيه ومن النادر رؤيته بدونه؛ إذ كان يدخن ما لا يقل عن 15 سيجاراً في اليوم. لم تعمر حكومته طويلاً؛ إذ استقال عام 1966.
صورة من: picture-alliance/dpa
كورت غيورغ كيسنغر (1966-1969)
شكل كورت غيورغ كيسنغر أول حكومة اتلافية موسعة من الحزبين المسيحي الديمقراطي والاشتراكي الديمقراطي. ونجح في إعطاء دفعة للاقتصاد الذي أصابه الركود، غير أن إقرار قانون الطوارئ الذي يعطي للدولة حقوق خاصة للتعامل مع الأزمات دفعت الشباب للنزول إلى الشارع. ومن هنا ولدت الحركة الطلابية في أواخر الستينات. كان كيسنغر موضع جدل بسبب ماضيه أثناء الحكم النازي.
صورة من: picture-alliance/dpa
فيلي برانت (1969-1974)
أدى الحراك الاجتماعي إلى تغيير سياسي؛ إذ أصبح فيلي برانت أول مستشار ألماني ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي. جلوسه على ركبتيه أمام نصب تذكاري للغيتو اليهودي في وارسو بقيت عالقة في الأذهان لطلب المسامحة على الماضي النازي لألمانيا والمصالحة مع الحاضر. وقد تبني سياسة خارجية خففت حدة التوتر مع المعسكر الشرقي، وحاز بسببها على جائزة نوبل للسلام عام 1971.
صورة من: picture-alliance/dpa
هيلموت شميت (1974-1982)
تقلد هيلموت شميت منصب المستشار بعد استقالة صديقه ورفيقه الحزبي فيلي برانت. وقد تميز عهده بعدة أزمات، من بينها التضخم والانكماش الاقتصادي والحظر النفطي العربي إبان حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973. وقد واجه إرهاب "الجيش الأحمر" اليساري RAF بكل حزم ولم يخضع لابتزازهم. وخسر منصبه في اقتراع على الثقة في البرلمان الألماني (بوندستاغ).
صورة من: picture-alliance/dpa
هيلموت كول (1982-1998)
أطول رئيس حكومة في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية؛ إذ استمر عهده 16 عاماً. كان كول غير ميالاً للإصلاح ويسعى للمحافظة على الأوضاع كما هي، غير أنه دخل التاريخ كـ"مستشار الوحدة الألمانية" ومهندسها. كما عمل على إعادة بناء ما كان سابقاً يسمى بـ "جمهورية ألمانيا الديمقراطية". لم تتوقف تركته عند حدود ألمانيا، إذ أنه عمل بدأب على الدفع باتجاه تقوية العلاقات الأوروبية وتسهيل الاندماج الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa
غيرهارد شرودر (1998-2005)
بعد أربع فترات انتخابية لهيلموت كول نضج مزاج التغير. ترأس غيرهارد شرودر أول حكومة ائتلافية بين الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر. وفي ظله شاركت ألمانيا للمرة الأولى في مهمات عسكرية خارجية في إطار الناتو كتلك في أفغانستان. وقد أدخل شرودر تعديلات على نظام الرعايا الاجتماعية فيما عرف بـ"أجندة 2010". وقد تسببت ذلك بأزمة داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وتظاهر الكثيرون ضد ما أسموه "التجريف الاجتماعي".
صورة من: picture-alliance/dpa
أنغيلا ميركل (2005- إلى اليوم)
انتخبت أنغيلا ميركل كأول سيدة لمنصب المستشارة في 2005. وفي 14 آذار/مارس 2018 أعيد انتخابها للمرة الرابعة. نهجها السياسي تميز بالبراغماتية. بدأ نجمها السياسي بالأفول شيئاً فشيئاً منذ عام 2015 وقرارها التاريخي بإدخال أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا. وبعد عدة خسارات في انتخابات الولايات أعلنت "المرأة الحديدة" أنها ستتخلى عن رئاسة الحزب ولن تترشح لمنصب المستشارة في عام 2021.
ديانا بيسلر/ خالد سلامة