بعد قرار مجلس الشيوخ.. هل تضيّق واشنطن الخناق على بن سلمان؟
١٣ ديسمبر ٢٠١٨
أقر مجلس الشيوخ الخميس قانونين يطالبان بإنهاء الدعم العسكري الأمريكي للتحالف العربي في اليمن، فيما يطالب القانون الثاني بتحميل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية مقتل جمال خاشقجي. فهل يرفع ترامب يده عن ولي العهد؟
إعلان
وافق مجلس الشيوخ الأمريكي الخميس (13 كانون الأول/ ديسمبر 2018) على مشروع قرار يدعو إلى وضع نهاية للدعم العسكري الأمريكي للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن. وفي تصويت ثان، أقر المجلس قراراً يحمّل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي.
وبذلك يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطاً مكثفة في مجلس النواب الجديد، الذي سيهمن عليه الديمقراطيون ويتولى عمله مطلع العام المقبل، وذلك فيما يخص سياسته الداعمة للمملكة العربية السعودية في قضيتين أساسيتين، هما ملف مقتل الصحفي جمال خاشقجي وحرب اليمن.
ففي القضية الأولى، ذكر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي وهو جمهوري أنه سيقدم الخميس (13 كانون الأول/ ديسمبر 2018) مشروع قانون يحمّل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي ويشدد على محاسبة المتورطين في جريمة قتله. ومن المتوقع أن يجري طرح المشروع المشترك، الذي شارك في رعايته ثمانية جمهوريين آخرين، للتصويت في مجلس الشيوخ. بيد أن لا يزال من الضروري إقراره في مجلس النواب وتوقيع الرئيس دونالد ترامب عليه قبل أن يصبح نافذاً.
وفي القضية الثانية التي تخص الحرب الذي تقودها السعودية في اليمن وتبعاتها الكارثية، وفي شقاق نادر مع الرئيس ترامب، صوت مجلس الشيوخ الأمريكي الليلة الماضية لصالح قرار ينهي المساندة العسكرية الأمريكية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وصوت 11 من أعضاء الحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب بالإضافة إلى الديمقراطيين لتوفير 60 صوتاً لازمة ليمضي القرار قدماً في المجلس، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، وهو ما يمهد الطريق لنقاش والتصويت على مشاركة الولايات المتحدة في صراع تسبب في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
بيد أن التصويت يعتبر رمزياً لأن من غير المتوقع أن يبت مجلس النواب في الأمر هذا العام. وهدد ترامب باستخدام حق النقض (الفيتو). لكن مؤيدين للقرار قالوا إنه يبعث برسالة مهمة مفادها أن المشرعين غير راضين عن الأزمة الإنسانية في اليمن وغاضبون من غياب رد أمريكي قوي على مقتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول.
وتعهد مشرعون جمهوريون وديمقراطيون بمواصلة الضغط بعد تولي الكونجرس الجديد المسؤولية في كانون الثاني/ يناير من أجل اتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة ضد السعودية، بما في ذلك سن تشريع لفرض عقوبات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان ورفض مبيعات الأسلحة للمملكة.
يشار إلى أن الجمهوريين سيتمتعون بأغلبية أكبر قليلاً في مجلس الشيوخ الجديد. لكن الديمقراطيين سيسيطرون على مجلس النواب، وهو ما يزيد احتمالات إقرار تشريع بفرض عقوبات. جدير بالذكر أن إدارة ترامب كانت قد دعت الكونجرس إلى عدم معارضة تزويد الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية بالوقود ومساعدته في الاستهداف، بالإضافة إلى أشكال أخرى من الدعم، وذلك لقتال الحوثيين، الذين يعتبرهم جيران اليمن وكلاء لإيران.
ح.ع.ح/ ي.أ (رويترز)
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.