تنظم منطقتا لومبارديا والبندقية الإيطاليتان استفتاء من أجل حكم ذاتي أوسع يرتدي أهمية بعد الاستفتاء بشأن استقلال كاتالونيا. وسيرد الناخبون بنعم أو لا على سؤال "هل ترغبون بأشكال إضافية وشروط خاصة للحكم الذاتي" لمنطقتيهما؟
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L.Bruno
إعلان
تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم كبير لمؤيدي تعزيز صلاحيات حكم ذاتي موسع لمنطقتي لومبارديا والبندقية قبيل الاستفتاء الذي يجري اليوم الأحد (22 أكتوبر/تشرين الأول 2017) وينظم بمبادرة من رئيسي منطقتي لومبارديا روبرتو ماروني والبندقية لوكا تسايا اللذين ينتميان إلى حزب "رابطة الشمال" اليميني المتطرف.
وتعد البندقية (خمسة ملايين نسمة) ولومبارديا (عشرة ملايين نسمة) من أغنى المناطق في إيطاليا، اذ تساهمان وحدهما بـ 30% من إجمالي الناتج المحلي. وهما تطمحان إلى الحصول على مزيد من الموارد، من خلال استعادة حوالى نصف رصيد الضرائب الراهن (الفارق بين ما يدفعه السكان من ضرائب ورسوم وما يتلقونه من نفقات عامة). وبلغ هذا الرصيد 45 مليار يورو للومبارديا، و15،5 مليار يورو للبندقية. وترى المنطقتان أن روما تسيء استخدام هذه المبالغ التي يمكن الاستفادة منها بفاعلية أكبر بما في ذلك عبر اتفاقات شراكة بين المناطق. كما تريدان الحصول على صلاحيات إضافية في مجال البنى التحتية والصحة والتعليم وحتى سلطات خاصة بالدولة في مجالي الأمن والهجرة اللذين يركز عليهما حزب "رابطة الشمال" لكنهما تتطلبان تعديلا دستوري.
وفي حديثة لوكالة فرنس برس، يقول يكولا لوبو استاذ القانون الدستوري في جامعة لويس إن عمليتي التصويت في المنطقتين تجريان في إطار الدستور الذي ينص على إمكانية منح البرلمان هذه الأشكال من الحكم الذاتي، إلى المناطق التي تتقدم بطلب للحصول عليها.
ويحظى الاستفتاء الذي تدافع عنه "رابطة الشمال"، بدعم من حزب "إلى الامام إيطاليا" بزعامة سيلفيو برلوسكوني (يمين وسط) وحركة "الخمس نجوم" (شعبوية) وهيئات أرباب العمل والنقابات. في المقابل، دعت أحزاب يسارية مثل الحزب الشيوعي، إلى الامتناع عن التصويت، منتقدة "تبذير المال العام" و"استفتاء مهزلة". ولم يصدر الحزب الديموقراطي الحاكم (يسار الوسط) تعليمات لناخبيه، لكن عددا كبيرا من مسؤوليه، لاسيما رئيس بلدية ميلانو، صرحوا بأنهم سيصوتون بـ "نعم".
ويفترض اأن تبلغ كلفة عملية التصويت 14 مليون يورو في البندقية وحوالى خمسين مليونا في لومبارديا التي اختارت التصويت الالكتروني واشترت أجهزة لوحية مكلفة.
مدريد واستقلال كاتالونيا - تاريخ من العلاقات المضطربة
يستمر الشد والجذب بين كاتالونيا ومدريد، فقد فاز الانفصاليون بأغلبية مقاعد برلمان الإقليم. بين مدريد وكاتالونيا تاريخ طويل من العلاقات المضطربة وصلت ذروتها بعد محاولة الإقليم الاستقلال وهروب رئيس وزرائه إلى بلجيكا.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/M. Oesterle
حصد الانفصاليون في انتخابات كاتالونيا إغلبية المقاعد في البرلمان الإقليمي، وحصلت الأحزاب الانفصالية في الإقليم الإسباني معا على 70 مقعدا من أصل 135، وبوسعها حكم الإقليم إذا شكلت ائتلافا فيما بينها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Morenatti
حصول الانفصاليين على الأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان لا يعني أنهم حصلوا على الأكثرية المطلقة من أصوات الناخبين، لا بل إنهم لم يحصلوا حتى الأغلبية البسيطة، والسبب في ذلك عائد إلى النظام الانتخابي المتّبع. فالقانون الانتخابي في كاتالونيا يتضمن نظام ترجيح للأصوات يعطي أفضلية للمناطق الريفية التي يتجذر فيها الانفصاليون، ما منحهم الفوز من حيث عدد المقاعد.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
المفوضية الأوروبية أعلنت أن الانتخابات التي جرت في كاتالونيا وفاز فيها الانفصاليون بالأغلبية المطلقة "لن تغيّر" موقف الاتحاد من المسألة الكاتالونية.
صورة من: Reuters/Y. Herman
وللمفارقة فإن أكثرية الكاتالونيين صوّتت ضد المعسكر الانفصالي، وهو ما حدا بزعيمة حزب سيودادانوس المناهض للانفصال إينيس اريماداس للقول إنه بعد هذه النتيجة "هناك أمر ازداد وضوحا، وهو أن الغالبية الاجتماعية تؤيد الوحدة مع باقي الإسبان والأوروبيين، ولن يكون بوسع الأحزاب القومية بعد اليوم التحدث باسم كاتالونيا ككل، لأن كاتالونيا هي نحن جميعا".
صورة من: Getty Images/AFP/J. Lago
وكان رئيس الحكومة السابق بوتشيمون قد عمل على استقلال الإقليم ثم علق إجراءات الاستقلال عن مدريد، التي عزلته واصدر المدعي العام الإسباني بحقه أمر ألقاء قبض. فغادر إلى بلجيكا مع أربعة من وزرائه المعزولين.
صورة من: Reuters/A.Gea
1932
وللصراع بين كاتالونيا ومدريد قصة طويلة، فبعد عام على تأسيس الجمهورية الإسبانية الثانية تم تثبيت وضع إقليم كاتالونيا القانوني عام 1932 بمنحها استقلالاً مؤقتاً.
صورة من: picture-alliance/Prisma Archiv
1939-1975
لكن الدكتاتور الإسباني الجنرال فرانسيسكو فرانكو (1892- 1975)، الذي حكم إسبانيا بالنار والحديد حتى عام 1975، ألغى استقلال كاتالونيا وقمع نظامه أي نوع من الأنشطة العامة المرتبطة بالقومية واللغة الكاتالونيين، بعد أن خرج منتصراً من الحرب الأهلية التي مزقت البلاد.
صورة من: picture alliance/AP Photo
1979
بعد وفاة الجنرال فرانكو عام 1975، منح دستور إسبانيا الديمقراطي الجديد عام 1978 كاتالونيا حكماً ذاتياً، مؤكداً على أن الأمة الإسبانية لا يمكن أن تتجزأ، غير أنها تعترف بحقوق الأقاليم بالإدارة الذاتية.
صورة من: AP
2006
مفاوضات طويلة قادت الحكومة الإسبانية إلى الموافقة على رغبة الكاتالونيين بإعادة إصلاح وضع الحكم الذاتي لإقليمهم، إذ أقر البرلمان الإسباني ميثاق حكم ذاتي لكاتالونيا يعزز سلطات الإقليم المالية والقضائية ويصفه بـ"الأمة".
صورة من: AP
2010
قضت المحكمة الدستورية الإسبانية العليا بإلغاء أجزاء من ميثاق 2006، معتبرة أن استخدام مصطلح "أمة" لوصف الإقليم لا ينطوي على أي "قيمة قانونية" ورافضة الاستخدام "التفضيلي" للغة الكتالونية في خدمات البلدية.
صورة من: picture-alliance/Zumapress/M. Oesterle
2012
تظاهر نحو 1.5 مليون شخص في عاصمة الإقليم برشلونة من أجل استقلال كاتالونيا وهتفوا "نحن أمة والقرار لنا"، وقادت تداعياتها إلى انتخابات مبكرة في الإقليم فاز فيها مؤيدو الانفصال عن إسبانيا.
صورة من: AFP/Getty Images
2014
في تحد لمدريد، أجرت كاتالونيا اقتراعاً رمزياً على الاستقلال، صوت فيه أكثر من 80 بالمئة، أي ما يعادل 1,8 ملايين شخص، لصالح انفصال الإقليم، إلا أن نسبة المشاركة بلغت 37 بالمئة فقط. حكومة مدريد لم تعترف بالاستفتاء ولم تكن له أي تبعات مباشرة.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Lago
يقع إقليم كاتالونيا في شمال شرق إسبانيا، و تبلغ مساحته نحو 32106 كلم مربع، ويعتبر سادس أكبر منطقة من حيث المساحة في إسبانيا.
صورة من: Imago/Nature Picture Library
العديد من نجوم نادي برشلونة لكرة القدم مثل بيكيه وتشافي ومدرب النادي السابق بيب غوارديولا يدعمون الاستفتاء الإقليم، لكن إدارة النادي لم تؤيد الاستفتاء صراحة، مؤكدة على حق الكاتالونيين بحرية التصويت.
صورة من: picture alliance/AP/dpa/E. Morenatti
14 صورة1 | 14
وتبقى المشاركة هي السؤال الحقيقي الذي سيجيب عنه هذا الاستفتاء. ففي البندقية، يتعين أن تتخطى نسبتها 50% حتى يكون الاستفتاء قانونيا. أما في لومبارديا لا يوجد نصاب محدد، كما أن الاستفتاء لا يثير أي حماسة وإن كانت الإعلانات الدعائية تغطي جدران ميلانو. ويضيف لوبو استاذ القانون الدستوري أن الاستفتاء يجري في إطار من "الانقسام بين الشمال والجنوب، مع فكرة أن روما هي مكان الحكم الفاسد والمركزي".
يذكر أن "رابطة الشمال" تخلت في الواقع عن توجهاتها الاستقلالية الماضية (1996-2000) وتحولت الى حركة معادية لليورو والهجرة على غرار الجبهة الوطنية الفرنسية. وحول أوجه التشابه بين الاستفتاء في المنطقتين الإيطاليتين، ومنطقة كاتالونيا الإسبانية، يرد لوبو بأنها "ضئيلة"، لكون أن "المشاعر الاستقلالية ليست متفشية على نطاق واسع" في المنطقتين الإيطاليتين.
ويقول المطالبون الفعليون بالاستقلال، وهم أقلية، إن هذا الاستفتاء ليس سوى محاولة. وذكر أليسو موروسان، مؤسس حزب "البندقية المستقلة" "سيتيح لنا توحيد الصفوف بصفتنا أبناء البندقية"، وتابع: "لكننا نعرف جيدا أنه لن يتيح لنا تحقيق أهدافنا المرجوة، إما لأسباب سياسية أو لأسباب تتعلق بالميزانية، لأن ديون الدولة تفوق 2300 مليار".