بعد كارثة الفيضانات.. أين كانت أنظمة الإنذار في ألمانيا؟
١٨ يوليو ٢٠٢١
الحصيلة الثقيلة لضحايا الفيضانات المدمرة في ألمانيا تثير جدلاً واسعاً حول "فشل" أنظمة الإنذار في البلاد، وسط تعالي الأصوات لزيادة الاستعدادات من أجل مواجهة الكوارث المناخية المحتملة في المستقبل.
إعلان
"قبل يومين (من الكارثة) كنا نعمل هنا بشكل طبيعي جداً، كنا نسمع عن هطول أمطار غزيرة في توقعات الطقس وشاهدنا طرقاً مغمورة بالمياه في المنطقة، لكنّ أحداً لم يتصور أن شيئاً مماثلاً سيحدث"، هكذا تحدث غريغور ديغين الذي ولد وما زال يعيش في باد نوينار-آرفايلر، إحدى أكثر المدن الألمانية تضرراً بالفيضانات.
ويروي ديغين: "في الليلة التالية، ورد تنبيه وجيز، لكنه في الحقيقة جاء في وقت متأخر جداً، نظراً إلى مدى ارتفاع الفيضان" مع وصول المياه الهائجة إلى ارتفاع 2,5 متر في المدينة اذ "لم تكن هناك فرصة لنحمي أنفسنا". وعلى غرار العديد من سكان هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة في راينلاند-بفالتس، خسر ديغين كل شيء تقريباً.
وتواجه الحماية المدنية وخدمة الأرصاد الجوية اللتان من المفترض أن تنبها السكان في الوقت المناسب وتصدرا تعليمات الإخلاء، انتقادات في ظل الخسائر البشرية: أكثر من 150 قتيلاً ومئات الجرحى، وفقاً لآخر إحصاء.
وقالت هانا كلوك، أستاذة الموارد المائية في جامعة ريدينغ في المملكة المتحدة، عبر محطة "تسي دي إف" التلفزيونية الألمانية، متحدثة عن فشل نظام الإنذار: "في العام 2021، لا يجوز أن نفجع بهذا العدد الكبير من الضحايا"، وتابعت: "قبل أيام، كنا نتوقع ما سيحدث (...) ورغم ذلك، انقطعت سلسلة الإنذار في مكان ما بحيث لم يتلق الناس التحذيرات".
وكتبت صحيفة "بيلد" الأكثر انتشاراً في ألمانيا عن "الفشل قبل الفيضانات"، مضيفة: "صمتت صفارات الإنذار في مواقع كثيرة، ولم تصدَر أي إنذارات" عبر المحطات الإذاعية والتلفزيونية و"كل ذلك (...) هو كارثة للحماية المدنية، وهي إحدى المهمات الأساسية للدولة".
إدارة الأرصاد الجوية تدافع عن نفسها
أكدت مالو دراير رئيسة حكومة ولاية راينلاند-بفالتس، الأكثر تضرراً، اليوم الأحد، أنه تم تفعيل كل أنظمة التحذير من الفيضانات. لكنها أقرت بأن تعطّل نظام الهاتف المحمول بسبب الفيضانات صعّب مهمة تحذير السكان. كما دافعت إدارة الأرصاد الجوية عن نفسها مؤكدة أنها حذرت من هطول أمطار غزيرة.
وقال رئيس إدارة الأخطار في الحماية المدنية الألمانية فولفرام غايير في تصريحات صحفية: "لم يكن يدرك الناس أن المجرى الصغير، الجدول الصغير قرب منزلهم، سينفجر من فراشهم في وقت قصير جداً". لكن رئيس الهيئة يعترف بأوجه قصور.
وصرح غيرد لاندسبيرغ الأحد لمجموعة "فونكه" الصحافية الإقليمية إن السكان "كان لديهم انطباع بأنها كانت أمطاراً غزيرة" لكن "لم يبلّغوا عن حجمها" بشكل واضح بما فيه الكفاية. ودعا إلى "تعزيز كبير جداً" لخدمات الهيئة "سواء من حيث العديد أو المهارات".
كذلك، حضت وزيرة البحوث الألمانية أنيا كارليتشيك السلطات على الاستعداد بشكل أفضل، وقالت: "أحد دروس هذه الكارثة التي حصلت في غرب ألمانيا هو أننا نحتاج إلى تحسين البحوث بشأن الظواهر المناخية القصوى خلال السنوات القليلة المقبلة".
لكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تفقّدت الأحد الأضرار التي خلفتها الفيضانات، حذرت من التوقعات المبالغ فيها، وأضافت: "نحن بالطبع نفكر بعد كل حدث في طرق لتحسين أنفسنا. لكن في بعض الأحيان، تحدث الكوارث الطبيعية بسرعة كبيرة بحيث لا يمكننا الهروب منها".
م.ع.ح/أ.ح (أ ف ب)
تاريخ الفيضانات في ألمانيا.. مصائب قوم عند ساسة فوائد؟
نظراً لتكرر الفيضانات في ألمانيا على مدار العقود الماضية، فقد بقيت صور السياسين وهم يتفقدون المناطق المنكوية جزءا من مشوارهم السياسي وبرامجهم الانتخابية في "لحظات تاريخية" لا تٌنسى أحياناً قبل الانتخابات المصيرية.
صورة من: Andreas Gebert/dpa/picture alliance
هيلموت شميدت خلال فيضانات هامبورغ عام 1962
تسبب الفيضان الهائل لبحر الشمال في شباط/ فبراير 1962 في مقتل أكثر من 300 شخص فيما ترك عشرات الآلاف في مدينة هامبورغ الساحلية الألمانية دون مأوى. الحادثة التي كانت نقطة تحول حاسمة في مسيرة المستشار الأسبق هيلموت شميدت الذي كان حينها وزيراً للداخلية في هامبورغ. إذ اكتسب من خلال إدارته للأزمة، وخاصة قراره لتحشيد الجيش للمساعدة، شعبية على مستوى البلاد.
صورة من: Blumenberg/dpa/picture alliance
هيلموت كول خلال فيضانات ولاية براندنبورغ عام 1997
كان "مهندس الوحدة الألمانية" المستشار الأسبق هيلموت كول في المرحلة الأخيرة من ولاية حكمه عندما زار ولاية براندنبورغ الشرقية في عام 1997 بعد فيضانات ضخمة على طول نهر الأودر. الكارثة التي أطلق عليها غالباً اسم "Einheitsflut": "فيضان الوحدة"، باعتبارها أول أزمة وطنية لاختبار التضامن بين ألمانيا الشرقية والغربية التي كان قد أعيد توحيدها حديثاً.
صورة من: picture alliance
غيرهارد شرودر، بلدة غريما عام 2002
انقلبت حظوظ غيرهارد شرودر عندما سقطت الأمطار في ساكسونيا في صيف 2002 وتسببت الفيضانات القاتلة بأضرار على ألمانيا والنمسا وجمهورية التشيك. إذ مع تراجع حظوطه خلال حملته الانتخابية، ارتدى المستشار الاشتراكي الديموقراطي جزمة مطاطية ليخرج بصورة المسؤول عن إدارة الأزمة في بلدة غريما الشرقية الصغيرة. وفاز في الانتخابات بعد شهر من ذلك.
صورة من: localpic/imago images
إدموند روديغر شتويبر في باساو عام 2002
كان خصم غيرهارد شرودر، إدموند شتويبر، المرشح لمنصب المستشار عن الاتحاد المسيجي في إجازة بشمال ألمانيا عندما وقعت الكارثة. ووصل إلى ولاية ساكسونيا بعد أيام قليلة فقط، واشتكى بمرارة من "سياحة الفيضانات" التي يمارسها منافسه.
صورة من: Armin_Weigel/dpa/picture-alliance
أنغيلا ميركل في نيو غارج عام 2006
زارت أنغيلا ميركل مناطق الفيضانات عدة مرات خلال فترة توليها منصب مستشارة لألمانيا. حدث أول فيضان كبير خلال فترة ولايتها في أذار/ مارس ونيسان/ أبريل 2006 مرة أخرى حول نهر إلبه في ولاية ساكسونيا. وقد وقعت الكارثة بعد أشهر قليلة من إعصار كاترينا في نيو أورلينز بالولايات المتحدة، عندما تعرض جورج دبليو بوش للهجوم لفشله في تنظيم استجابة مناسبة. لذا حرصت ميركل على تجنب انتقادات مشابهة.
صورة من: Patrick Lux/dpa/picture alliance
أنغيلا ميركل في دريسدن عام 2013
تعرض شرق ألمانيا وجنوبها مرة أخرى لفيضانات شديدة في صيف 2013، هذه المرة قبل بضعة أشهر من الانتخابات. وبات المركز التاريخي لمدينة دريسدن مهدداً، حيث تسبب نهر الإلبه ضفافه في فيضانات واسعة النطاق ضربت معظم مناطق وسط أوروبا. وزارت ميركل المناطق المتضررة في ولايتي ساكسونيا وبافاريا ووعدت بتقديم المساعدات.
صورة من: Arno Burgi/dpa/picture alliance
ارمين لاشيت في مدينة هاغن عام 2021
ألغى مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي لخلافة ميركل ورئيس وزراء ولاية شمال الراين وستفاليا كافة المواعيد لزيارة مدينة هاغن المتضررة بشدة في ولايته. غير أن المخاطر السياسية كبيرة، حيث يتم ربط الفيضانات المميتة بتغير المناخ، في حين يُعرف لاشيت كحامي لصناعة الفحم في الولاية، مما قد ينعكس سلباً على حملته.
صورة من: Ina Fasbender/AFP
أولاف شولتس في مدينة باد نوينار عام 2021
كما ظهر مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمستشارية أولاف شولتس في ولاية راينلاند بفالس المجاورة بعد أن ضربت الفيضانات، إلى جانب رئيسة وزراء الولاية ورفيقته في الحزب مالو دراير. على الرغم من أن حزبه يظهر تراجعاً في الاستطلاعات بفارق كبير عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلا أن شولتس، بصفته وزيراً للمالية، كان قادراً على الوعد بتقديم مساعدة فورية للمناطق المنكوبة. نايت بنيامين / ر.ض