1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد محاكمة صدام، تونس تحاكم بن علي

٢٤ يونيو ٢٠١١

محاكمة بن علي وقبلها محاكمات صدام حسين تؤشر إلى أن المنطقة العربية بدأت تحاسب حكامها الذين لم يعودوا فوق القانون، وصارت الشعوب تطالب الحكام باستعادة حقوقها، لكن الحقيقة الساطعة أن فرقا شاسعا بين المحاكمتين.

صورة من: AP/DW-Montage

مطلع هذا الأسبوع،أصدرت محكمة تونس الابتدائية حكما غيابيا يقضي بسجن كل من الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي 35 عاما بتهمة "الاستيلاء على أموال عمومية". وقضت المحكمة في نفس القضية بتغريم بن علي 50 مليون دينار تونسي (حوالي 25 مليون يورو) وزوجته 41 مليون دينار (20 مليون يورو).

التونسيون: يجب محاكمة بن عليصورة من: AP

الملفت للنظر أن محاكمة بن علي استمرت ساعتين وصدر الحكم في الجلسة الأولى، وهذا ما أثار تساؤلات دولية حول مدى التزام المحكمة بالمعايير القانونية. تقرير مبروكة خضير الإذاعي تناول الأجواء في تونس وفي قاعة المحكمة ونقل عن أصوات معارضة أنّ المحاكمة هي محاولة حكومية لإلهاء التونسيين عما يجري في بلدهم من تغييرات سياسية، فيما يبدو للمراقب من بعيد أن المحاكمة جاءت استجابة للمطالب الشعبية .

الإعلامية التونسية صوفيا الهمامي كانت قد حضرت جلسة المحاكمة وقد تحدثت إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم من دويتشه فيله مشيرة إلى أن ما جاء في التقرير يمثل إحدى وجهات النظر، " لكن المحاكمة بحد ذاتها واجبة وجاءت تلبية لرغبة جماهيرية، ومن خلال مسار هذه المحاكمة والمحاكمات الأخرى ( ومن بينها المحاكمات العسكرية لبن علي بتهم قتل وتعذيب المتظاهرين) سيتضح حجم الفساد الذي ارتكبه بن علي وعائلته وأصهاره بحق الشعب التونسي."

" الحكم على بن علي باستخدام قبعة سحرية"

مسار المحاكمة وسرعة إصدار القرار كانت سببا لتحفظ كثير من المراقبين ومن بينهم الخبير الألماني في شؤون شمال إفريقيا الكسندر غوبل الذي خص دويتشه فيله بتعليق يشير فيه إلى "أن المحكمة لم تقم بإصدار حكمها بناءً على الأدلة والبراهين الدامغة المتوفرة لديها. ولكن ليس من المستبعد أن تكون المحكمة قد عجّلت في إصدار حكمها بناءً على دوافع سياسية تهدف إلى إدانة بن علي وإقامة الحد عليه من غير سير المحاكمة وفقا لقواعد القانون المهنية. لم يكن قرار القاضي يوم الاثنين في العشرين من شهر يونيو/حزيران مستقلا على الإطلاق، ولكن المحكمة أرادت تلبية توقعات الجمهور على الفور في اليوم الأول من المحاكمة. قد يكون ذلك أمراً مَبرراً ومفهوما من الناحية الأخلاقية، لكن من غير المقبول قانونياً أن يتمّ بعد ساعات قليلة من المحاكمة إصدار حكم بالسجن لمدة 35 سنة وكأنما تم ذلك باستخدام قبعة سحرية. "

وهو ما أيّدته الصحفية التونسية الهمامي بالقول "إن المحاكمة كانت ناقصة بغياب المدعى عليه بدءا، لكن يمكن اعتبارها بداية وخطوة مهمة وضرورية، حيث ستتمكن المحكمة بموجب الحكم الذي صدر من المطالبة باستعادة مليارات الدولارات المجمدة في الخارج، لاسيما وأن قضية بن علي بهذا الشكل قد صارت بيد الإنتربول." ومضت الهمامي إلى القول " أن بن علي لن يعود من السعودية والحكم عليه شكلي أكثر منه حقيقي حيث يتوقع أن يقضي ما تبقى من عمره في ضيافة هذا البلد."

ضحايا انتفاضة عام 1991 في العراقصورة من: AP

"محامو الدفاع الذين دافعوا عن أنفسهم"

وكان بن علي قد عين لنفسه محاميين، أحدهما لبناني والآخر فرنسي، لكن السفارة التونسية في لبنان لم تمنح المحاميين تأشيرة الدخول بذريعة أن القانون التونسي يمنع المتهم من توكيل محامي غير تونسي للدفاع عنه، وقد انتدبت المحكمة خمسة محامين للدفاع عن بن علي لكنهم وجدوا أنفسهم، تحت ضغط المشاعر والعواطف الجماهيرية، منشغلين بالدفاع عن أنفسهم أكثر من انشغالهم بالدفاع عن موكلهم، بل إنهم لم يتكلموا أثناء جلسة المحاكمة .

محاكمة بن علي هي ثاني محاكمة من نوعها في المنطقة العربية على مدى التاريخ الحديث لحاكم عربي، حيث أن المحاكمة الأولى كانت محاكمات صدام حسين في العراق والتي امتدت لمدة عام ونصف عبر 42 جلسة ودافع عنه فريق دولي وعراقي من المحامين بلغ عددهم 22 بينهم عائشة القذافي ورامسي كلارك وزير العدل الأمريكي الأسبق واتسمت بشفافية عالية حيث نقلتها وسائل التلفزة والإعلام على مدى فترة المحاكمة وحتى فترة تنفيذ الحكم بإعدامه شنقا حتى الموت (باعتباره لم يكن عسكريا ليحق له أن يعاقب بالإعدام رميا بالرصاص بموجب قانون العقوبات العراقي) .

"بين محاكمتين"

القاضي "التوهامي الحافية" رئيس جلسة محاكمة بن علي اثناء تلاوة الحكمصورة من: AP

في مجال المقارنة بين المحاكمتين قالت الإعلامية صوفيا الهمّامي "إن العالم كان مطلعا على الجرائم الكبرى المرتكبة بحق العراقيين، فيما لا يعرف أحد تفاصيل الجرائم التي ارتكبها بن علي بحق شعبه، وهذه المحاكمات ستكشف عن هذه الجرائم وحينها يمكن إجراء مقارنة بين المحاكمتين"

الإعلامي والكاتب د.رياض الأمير الذي شارك في الحوار من مدينة فينا اعتبر أن ما ذهبت إليه الصحفية الهمامي انطلق من مشاعر الشارع التونسي مشيرا إلى" أن الفرق شاسع وواضح بين محاكمات صدام حسين التي نقلت على الهواء ليشاهدها الناس في كل أنحاء العالم ومحاكمة بن علي المتسرعة الغيابية.

ولكن الفرق الأهم يتأتى من الفرق بين بن علي وبين صدام، حيث أن الأخير قد أنفق أموال العراق على مدى عقود لشراء ذمم إعلاميين وسياسيين عبر العالم ، وهذه النخب حين كانت تدافع عنه في الحقيقة كانت تدافع عن نفسها ومصالحها، في المقابل فإن بن علي قد اكتفى بما سرقه ( إن صحت التهمة ) ولم يلعب دورا مهما على المستوى الدولي". وتوقع د.الأمير" أن ردة الفعل على المحاكمة السريعة لبن علي ستظهر بعد حين على مستوى الإعلام الأوروبي والدولي ".

واعتبر الإعلامي العراقي أن جرائم بن علي مهما بلغت من وحشية بحق التونسيين لا تقارن بما ارتكبه صدام بحق شعبه وشعوب المنطقة .

وفي إشارة إلى محاكمات صدام حسين، أكد د.الأمير أنها كانت عادلة ومستوفية لشروطها القانونية، وكان وجود الولايات المتحدة ودول التحالف هو الضامن لمنح صدام حسين كل حقوقه القانونية.

ملهم الملائكة

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW