باتت الاحتجاجات جزءا من برنامج مهاجري مركز تاجوراء، المتواجدين حاليا في مركز التجميع والمغادرة في طرابلس. مهاجرون كثر تواصلوا مع مهاجر نيوز لنقل معاناتهم هناك، مهاجر نيوز حاول التواصل مع مكتب المفوضية في طرابلس، ولكن!
إعلان
في خطوة باتت شبه دائمة، نفذ مهاجرون وطالبو لجوء أمس اعتصاما في مركز التجميع والمغادرة التابع لمفوضية شؤون اللاجئين في العاصمة الليبية طرابلس، احتجاجا على ما أسموه "إهمال يطال أوضاعهم" و"عرقلة متعمدة" لملفاتهم.
المهاجرون الذين باتوا يخرجون بأنشطة احتجاجية أسبوعيا، طالبوا مفوضية اللاجئين بالنظر بشكل أكثر فعالية بملفاتهم، إضافة إلى حصولهم على معلومات وافية حول وضعيتهم القانونية والخطوات الواجب عليهم اتباعها لتسوية أوضاعهم بشكل نهائي.
ومن ضمن هؤلاء المهاجرين، يقبع المهاجرون القادمون من تاجوراء في وضعية غير واضحة أبدا. هؤلاء الذين قدموا إلى مركز التجميع والمغادرة في تموز/يوليو الماضي، عقب تعرض مركز تاجوراء لقصف مباشر، ما زالوا دون بطاقات تعريفية توضح أنهم مقيمون داخل مركز التجميع والمغادرة.
نحن نفقد الأمل
أحد هؤلاء المهاجرين قال لمهاجر نيوز "لطالما يذكّروننا بأن أسماءنا ليست مدرجة ضمن لائحة المقيمين في مركز التجميع والمغادرة، الموضوع سريالي، وأنا أتحدث إلى موظف المفوضية داخل المركز يقول لي أنني لست مسجلا في المركز. لذا بعد أن جربنا كافة الطرق المتاحة، لم نجد أمامنا سوى الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بتسوية أوضاعنا. ولكن حتى احتجاجنا فضلوا أن لا يستمعوا إليه. موظفو المفوضية رفضوا التحدث معنا أو استلام لائحة مطالبنا. نحن نفقد الأمل هنا وما من مساعدة حقيقية".
مهاجر سوداني آخر قال لمهاجر نيوز إن موظفا في المفوضية "أكد لي أن أسماءنا غير مدرجة ضمن لوائح باقي أسماء الأشخاص المقيمين هنا. طالبني هذا الموظف بمغادرة المركز فورا من أجل أن يتم تحريك ملف اللجوء الخاص بي. لم أفهم تلك المقايضة، ولكن الأمر بالنسبة لنا جميعا مستحيل. أين نخرج؟ إلى المعارك؟ إلى احتمال التعرض للاضطهاد والتعذيب؟ كلا لن نخرج من هنا".
مهاجر آخر أورد لمهاجر نيوز أنه يشعر وكأن "وضعنا مهمل عن قصد. هناك تعنت تجاه مطالبنا، نتحرك أسبوعيا، احتجاجات متواصل، وما من مجيب. لوسي، مسؤولة المفوضية في ليبيا، قالت لنا بالحرف: إن لم نخرج من مركز التجميع والمغادرة، فسيتم وقف العمل بملفاتنا. طبعا قلنا لها الكثير، عن المخاطر الناتجة عن المعارك والاضطهاد الذي قد نتعرض له، فضلا عن أننا لا نعرف إلى أين نذهب. ولكنها لم تجب عن أي من استفساراتنا".
مهزلة!
وتعلوا نبرة الانتقادات من المهاجرين تجاه عمل فرق المفوضية، خاصة في مركز التجميع والمغادرة، حيث باتوا يتهمونهم بعدم المصداقية، "نحن هنا منذ فترة طويلة ووضعنا معروف، يطلبون منا وثائق مستحيلة ولا يريدون تحريك ملفاتنا، في حين يقبلون أي رواية من أي أحد يأتي حديثا إلى المركز"، أحد المهاجرين السودانيين قال لمهاجر نيوز.
المهاجر نفسه شكك بآليات التعرف على المهاجرين القاصرين المعتمدة من المفوضية، "عند مراجعتهم، يقولون لنا أن الأولوية الآن للعائلات والقاصرين، ثم الشباب العازبين أو الوحيدين. لم نعترض، ففي النهاية هذه أولوية منطقية، ولكن المشكلة أن جزءا كبيرا ممن جاؤوا معنا سجلوا أسماءهم على أنهم قاصرين، كيف يمكن لذلك أن يحصل؟ أعلم أن آلية التأكد من العمر صعبة جدا، ولكن أن يأتيك شخص بلحية مكتملة وصلعة واضحة ويقول إن عمره 13 عاما ويتم تسجيله على أنه كذلك، فهذه مهزلة. كيف يمكن لنا أن نتحمل بعد ذلك؟".
مهاجر آخر من مهاجري تاجوراء، صومالي الجنسية، قال لمهاجر نيوز "والله تعبنا، الحياة هنا صفر. لا تعرف ما هو مصيرك، حياتي متوقفة منذ سنة ونصف، منذ أن تم ضبط القارب الذي كنت أحاول الوصول عبره إلى أوروبا وتم إيداعي تاجوراء".
"لم يستدعوني للمقابلة حتى الآن (طلب اللجوء). طوال كل تلك الفترة وأنا أرى غيري كثيرين، من جنسيات مختلفة، تتم معالجة ملفاتهم ونقلهم من هنا، إلا نحن مهاجري تاجوراء، لماذا هذا الإجحاف يحقنا؟".
للمزيد: أمل فيأس فطريق مسدود.. مهاجرون يلجؤون للانتحار في مركز مفوضية اللاجئين في طرابلس
الوقفة الاحتجاجية التي نفذها المهاجرون يوم الأحد الماضي (27 أكتوبر/ تشرين الأول) في مركز التجميع والمغادرة لم تقتصر فقط على معالجة ملفات اللجوء، فهناك مطالب أخرى متعلقة بالدواء والاستشفاء يطالب المهاجرون بتوفير الحد الأدنى منها. مهاجر سوداني أوضح لمهاجر نيوز أنه "لا رقابة على الطبخ أو تحضير الطعام. وجبات الطعام المخصصة لنا لا تؤكل، معظم الوقت يأتي الطعام مليئا بالماء أو ناشف... النظافة معدومة، الذباب منتشر في المكان... حتى العيادة الطبية لا تؤدي دورها بشكل صحيح، أي حالة مرضية يعطونا من أجلها حبة دواء مسكن، وطبعا ما من أحد يشرح للمريض أسباب مرضه وطرق الوقاية الواجب عليه اتباعها. لأجل هذا كله قلت لك أننا نتعرض لإهمال متعمد".
*تمت التغطية على جنسيات العديد من المهاجرين ممن أدلوا بشهاداتهم للموقع
المهاجرون غير النظاميين بإيطاليا- من أين جاؤوا وإلى أين يذهبون؟
يقصد الآف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إيطاليا. بعضهم يراها منفذا نحو دول أوروبا وآخرون يفضلون البقاء فيها بشكل غير نظامي لإنهاء رحلة معاناة بدأت في بلدانهم وتستمر في غياب وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في إيطاليا.
صورة من: Reuters
من كل حدب وصوب
المهاجرون غير القانونيين الى إيطاليا لا تقتصر أصولهم على جنسية واحدة، إذ يتدفقون إليها من كل من دول أفريقيا. من نيجيريا وبنغلاديش وغينيا، ومن ساحل العاج وغامبيا والسنغال. كما يهاجر إليها كثيرون من المغرب ومالي وإريتريا، فضلا عن السودان والصومال ومصر وتونس وليبيا... وفي السنين الأخيرة أضيف السوريون إلى قائمة القاصدين لهذا البلد، سواء من ليبيا أو عن طريق تركيا.
صورة من: Getty Images/M. Di Lauro
أفواج كبيرة
عام 2006، بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الآتين عبر البحر 22 ألفا. وفي 2014، وصلوا إلى 220 ألفا؛ أي بزيادة 296 في المائة. عام2017، قالت وزارة الداخلية الإيطاليّة، إن أعداد المهاجرين غير القانونيين تجاوزت الـ94 ألفًا منذ بداية 2017، وهو ما يعني التزايد المهول في عدد المهاجرين غير النظاميين القاصدين للبلد، إذ يشكلون ما يقارب 8.3 في المائة من السكان هنالك. آلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات مؤقتة.
صورة من: Gaia Anderson
أرقام مهولة
أشارت بيانات أصدرها المعهد القومي للإحصاء في روما، عام 2015، إلى أن عدد المهاجرين غير القانونيين القادمين إلى إيطاليا لا يقل عن ألف من كل وجهة. فمن المغرب، هاجر 449 ألف شخص. في حين تم استقبال حوالي 104 آلاف شخص من مصر. ومن رومانيا، دخل إلى البلد 2.1 مليون مهاجر. أما بالنسبة للفلبين وتونس وبنغلاديش وباكستان فيناهز عدد القادمين منها 90 ألف. وأوضحت البيانات، أن معظمهم يسكنون روما، ميلانو وتورينو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Italian Navy/Handout
مجرد معبر
ليس كل المهاجرين إلى إيطاليا ينوون الاستقرار فيها أو الإقامة على أراضيها. جزء مهم منهم يريد الوصول إلى مدن أوروبية أخرى كفرنسا والسويد وألمانيا التي يرونها أكثر ترحيبا باللاجئين. وتعتبر منطقة فانتيمي الحدودية إحدى الوجهات التي يعقد عليها هؤلاء أملا في العبور إلى فرنسا. كما أن القطارات التي تسمح بالتنقل داخل الإتحاد الأوروبي، تمثل حلا لبعض هؤلاء المهاجرين الذين يركبونها للوصول إلى وجهاتهم.
صورة من: picture alliance/AA/Tacca
طريق الفردوس والموت واحد!
رحلة قدوم المهاجرين غير القانونيين إلى إيطاليا، لا يمكن وصفها سوى بالقاتلة والخطيرة. فكثير من المهاجرين يركبون البحر، وهو ما يعرضهم لمتاعب قد تصل حد الموت. وإلى جانب انقلاب قواربهم الصغيرة والمتهالكة نتيجة رداءة الطقس أحيانا، يتعرض كثير منهم للابتزاز والنهب من طرف المهربين. الرحلة لا تقتصر على جنس معين ولا تقف عند سن، لذلك تتضرر النساء غالبا، وخاصة الحوامل الواتي يصعب عليهن إكمال الرحلة.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
دوافع اقتصادية وسياسية
يشكل الفقر والمجاعة والبطالة أسباباً رئيسية للهجرة غير القانونية، وحتى لو اختلفت جنسيات المهاجرين فإن أسبابهم تبقى واحدة. في السنين الأخيرة، أضيف إلى هذا الجانب ما هو أمني وسياسي. فقد هرب البعض خوفا من الإرهاب والحرب والدمار في بلدانهم الأصلية، أو بهدف البحث عن سبل تحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة وضمان العيش الكريم لعائلاتهم.
صورة من: REUTERS
ظروف مؤسفة وتحديات كثيرة
يضطر المهاجرون إلى إيطاليا في غالب الأحيان إلى العيش في ظروف مؤسفة، تصفها بعض الجهات بـ"غير الإنسانية". بعضهم يتوسد الطرقات ويأكل من بقايا النفايات. في حين يقصد آخرون مخيمات تنعدم فيها إمكانية الحصول على أكل وشرب ولباس. وفي مرات عديدة خرج هؤلاء للتنديد بوضعهم المزري، كما تحدثوا عن غياب مرافق مهمة بهذه المخيمات كالمدارس والدورات المهنية المدفوعة، وفرص العمل التي قدموا من أجلها.
صورة من: picture alliance / landov
طلبات اللجوء في تزايد
بعد الوصول إلى إيطاليا يسعى مهاجرون كثر إلى البحث عن طرق تعفيهم من وصف "غير قانوني"، فيعتمدون تقديم طلبات اللجوء. ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن السلطات الإيطالية توصلت بـ130 ألف طلب لجوء في 2017 . وحصل 40 بالمئة منهم في العام الجاري على الحماية منذ الفترة الأولى. إلا أن عدد المهاجرين الذين يستقبلهم المركز من يوم لآخر يتغير بين الفينة والأخرى.
صورة من: D. Cupolo
آليات العمل تعيق طلبات اللجوء
يواجه طالبو اللجوء في إيطاليا عراقيل بيروقراطية، سبق لمنظمات عديدة أن أدانتها ونددت بالتعقيدات الإدارية التي تشمل طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية الدولية. وأشارت هذه المنظمات إلى عامل اشتراط توفر المسكن من أجل إصدار أو تجديد تصريح الإقامة، مثلا، وهو ما لا يتوافر للعديد ممن يعيشون خارج نظام الاستقبال، على عكس ما ينص عليه القانون الإيطالي، الذي يضمن التسجيل السكاني كحق للشخص الأجنبي.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
جرائم وعنف ترافق المشهد
تعتبر بعض التقارير فتح إيطاليا الباب أمام المهاجرين غير القانونيين، يضعها وجها لوجه أمام مشاكل يتسبب فيها بعضهم. فقد قدرت بعض التقارير نسبة المسؤولين عن الجرائم في البلد، والذين ينتمون إلى شريحة المهاجرين غير الشرعيين بـ50 بالمائة من الجرائم، و40 بالمائة من حوادث السرقة. كما يتسببون في 37 بالمائة من العنف الجنسي، فضلا عن 25 بالمائة من جرائم القتل، و50 بالمائة من الجرائم الأخرى كالبغاء.
صورة من: ANSA/A. Carconi
وجود دائم رغم تناقص أعداد الوافدين
سجلت إيطاليا في الربع الأول من 2018 وصول 6161 مهاجرا غير قانوني إلى جبال الأبينيني، بينما في الربع الأول من العام الماضي بلغ عددهم أكثر من 24 ألف مهاجر، حسب تقرير الداخلية الإيطالية. كما سجلت السلطات الإيطالية انخفاضا حادا في تدفق المهاجرين إليها من ليبيا، فقد وصل في الربع الأول من العام الجاري 4.4 آلاف مهاجر، أي أقل بنسبة 81٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2017. لكن ذلك لا ينفي استمرارية توافدهم.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Hache
وصول اليمين ومخاوف من المستقبل
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بإيطاليا، زاد مخاوف دول أوروبية فيما يخص مستقبل اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين في إيطاليا وبقية أوروبا. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقا كبيرا أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين، خاصة مع رواج خبر طرد اللاجئين المرفوضة طلباتهم للبقاء، وترحيل 500 ألف مهاجر غير قانوني. إعداد: مريم مرغيش.