1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد مقتل مسؤول حزبي.. سوريون في لبنان يخشون مغادرة منازلهم

عباس الخشالي | محمد شريتح
٩ أبريل ٢٠٢٤

"أنا خائف، حائف جدا ولا أدري ماذا أفعل، لم أغادر المنزل منذ يومين"؛ سوريون بلبنان يخشون من الاعتداء عليهم بعد مقتل عضو في حزب القوات اللبنانية، عقب اختطافه ونقل جثته إلى سوريا، ومخاوف من تصعيد في شارع لبناني منقسم أصلا.

صورة من الأرشيف تظهر تواجد قوات الأمن في العاصمة اللبنانية بيروت (1/3/2024)
ألقت القوات الأمنية في لبنان القبض على عصابة من السوريين بعد حادث مقتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية (أرشيف)صورة من: Elisa Gestri/Sipa USA/picture alliance

ضجة في  لبنان، مشاحنات وضرب بالعصي بين لبنانيين وسوريين في برج حمود المنطقة ومناطق أخرى، تسكنها غالبية مسيحية في  بيروت، غاضبون يقطعون الطرقات في جبيل، والصراع اقتصر هذه المرة على الاشتباكات بالأيدي والعصي لكنه ليس بعيدا عن موعد يذكر اللبنانيين بيوم "مشؤوم" كلما مر عليهم، تأريخ اندلاع الحرب الأهلية في (13 نيسان/ أبريل من عام 1975).

سبب المشاحنات هذه المرة في بلد تكثر فيه الانقسامات هو جريمة قتل، حصلت في جبيل الواقعة شمال العاصمة اللبنانية بيروت، في يوم أحد هادئ (السابع من نيسان/ أبريل 2024)، حيث خطفت عصابة مسؤولا في حزب القوات اللبنانية، فتحركت القوى الأمنية للبحث عن المخطوف "باسكال سليمان" عنصر حزبي بارز في جبيل، ويعمل في مصرف. بعد ساعات كشفت المصادر الأمنية اللبنانية أن المخطوف قُتل وجرى نقل جثته إلى سوريا. ولم تمر 24 ساعة على الحادث حتى تمكنت القوى الأمنية من إلقاء القبض على معظم أعضاء العصابة وهم سوريو الجنسية، بحسب بيان للجيش اللبناني.

وزير الداخلية وفي مؤتمر صحفي صرح أن هذه الجريمة  - بعكس جرائم أخرى - جرى إلقاء القبض على فاعليها بسرعة والتحقيقات جارية لكن لا يجب التسرع بإطلاق التكهنات. والتصريحات الأولوية الرسمية أوضحت أن بسكال سليمان قتل على يد عصابة سرقة سيارات. وقال مصدر قضائي لوكالة فرانس برس إن "إفادات الموقوفين أجمعت على أن الدافع الوحيد للجريمة هو سرقة" سيارة سليمان.

كما قال الجيش اللبناني في بيان مساء الاثنين إنه "تبيّن خلال التحقيق مع معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في عملية الخطف أن المخطوف قُتِل من قبلهم أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل". وأشار المصدر القضائي إلى أن الموقوفين "اعترفوا بأنهم ضربوه بأعقاب المسدسات على رأسه ووجهه حتى يتوقف عن مقاومتهم، ومن ثمّ وضعوه في صندوق سيارته (...) ودخلوا إلى سوريا". وأضاف "عندما وصلوا إلى الأراضي السورية، تبين لهم أنه فارق الحياة". وعُثر على الجثة في الأراضي السورية، بحسب المصدر العسكري الذي لفت إلى أن المشتبه بهم ينتمون إلى عصابة نفذت الكثير من عمليات سرقة لسيارات فخمة في لبنان.

انقسام الشارع ومخاوف من انفلات الوضع

حزب القوات اللبنانية أكبر الأحزاب المسيحية في لبنان و المناهض الرئيسي لحزب الله  اعتبر، أن الجريمة "عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس".

من جهته علّق الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله على الحادثة ونفى في خطاب متلفز أمس الاثنين أن يكون حزبه ضالعا في عملية الخطف، معتبرا أن من يوجهون الاتهام إليه إنما يثيرون نعرات طائفية.

الصحفي جورج عاقوري، قال لـ DW عربية إن "هناك أسئلة مشروعة من حقنا أن نطرحها لمعرفة ما جرى، من حيث أخذ الجثة إلى سوريا، هل عملية سرقة سيارة تستدعي أخذ جثة المخطوف إلى سوريا؟ هذا أولا. ثانيا، نوعية السيارة، هي سيارة أودي عادية وليست سيارة مرغوبة لشبكات السرقة، ثالثا، المنطقة التي تمت فيها العملية وهي منطقة جبلية وفي وضح النهار".

عاقوري في حواره مع DW عربية أشار إلى أن، فور إعلان أن الجهة الخاطفة عصابة سورية، كان هناك سيناريو يتم التخوف منه أن تكون الغاية، وتحت ستار عملية سرقة، "هي خلق حال من الاشتباك بين اللبنانيين والسوريين وتحديدا جمهور القوات اللبنانية وبين السوريين وإرباك الساحة الداخلية". موضحا هذا السيناريو كانت "حذرة منه القوات اللبنانية منذ اللحظة الأولى ونحن لاحظنا كيف أن رئيسها سمير جعجع توجه شخصيا إلى منطقة جبيل وعمل شخصيا على ضبط الوضع وتهدئة القواعد الشعبية"، بيد أن عاقوري يقلل من مشاهد "الضرب والسحل" في الشوارع التي انتشرت على مواقع التواصل ويقول "الأحداث الفردية التي جرت بالأمس ضد السوريين لا تذكر وقد يحصل أكثر منها خلال مباراة لكرة القدم، لذا أتصور أن حتى اللحظة نجحت القوات اللبنانية بعدم الوقوع في هذا الفخ".

أهداف الجريمة؟

دوافع الجريمة إن كانت لغرض السرقة فقطـ، أم بدوافع سياسية تثير الكثير من التكهنات، الصحفي اللبناني عاقوري أشار إلى أنه لا يمكن الجزم تجاه "هدف تلك الجريمة بعد، إن كان الهدف محدود بداعي السرقة فقط أم إن كانت هناك أهداف أبعد من ذلك فيما يتم التمويه من خلال السرقة. قد يكون الهدف الفعلي خلق توترات على الأراضي اللبنانية وتحديدا بين جمهور القوات والسوريين لدفع البلاد إلى ما لا تحمد عقباه" ويضيف عاقوري بالقول "إلهاء اللبنانيين وحرف الأنظار عما يشهده لبنان من خطف لقرار الحرب والسلم واستفراد حزب الله في فتح جبهة الجنوب والخسائر التي يتكبدها لبنان بشريا وماديا في الجنوب منذ أن قرر الحزب فتح الجبهة في 8 أكتوبر".

من جانبه يرى الصحفي اللبناني رضوان عقيل أن "من حق القوات اللبنانية التوصل إلى حقيقة وقائع هذه الجريمة. الجريمة لم تصب القوات وحسب بل كل المجتمع اللبناني". ثم يضيف  "بالنهاية باسكال سليمان مواطن لبناني وعلى الدولة اللبنانية بأجهزتها العسكرية والقضائية، تبيان حقيقة الأمر وما حصل مع الرجل"، ويحذر من أن "القول إن هذه الجريمة هي جريمة سياسية، هو استباق للتحقيق والقضاء، واتهام جهات بأنها نفذت هذه العملية ليس في محله، علينا أن ننتظر القضاء، لكن إذا استمرينا ووافقنا على ما تقوله القوات اللبنانية في هذا الخصوص فإن الشارع اللبناني والمسيحي تحديدا يتجه نحو التعبئة وهذا يضر بمصلحة البلد".

نحو مليوني سوري يعيشون في لبنان منذ اندلاع الحرب في بلادهم. صورة من: Bilal Hussein/AP/picture alliance

مخاوف السوريين

الجريمة أظهرت مستوى التوتر في لبنان، وردود الفعل السريعة في الشارع أظهرت الجزء الظاهر من جبل الجليد في الانقسام والكراهية ضد السوريين.  مليونا لاجئ سوري  يعيشون في لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، وذلك بحسب مصادر رسمية لبنانية. يعيش أغلبهم في أوضاع صعبة ويمارسون أعمالا شاقة ويمكن مشاهدتهم في كل شوارع المدن اللبنانية خصوصا في العاصمة بيروت، ويخشى كثير منهم أن يصبحوا كبش فداء للصراع القائم بين القوى السياسية اللبنانية، ولا يخفي بعضهم مخاوفه الحقيقية من شبح الطرد إلى سوريا التي تركوها إما بحثا عن حياة أفضل أو هربا من حرب أكلت الأخضر واليابس. يقول محمد ، شاب في مقتبل العشرين من العمر لجأ إلى لبنان من دير الزور ، لـ DW،  إنه جاء للبحث عن فرصة جديدة للحياة، ورغم ظروف لبنان الصعبة  وفقدان الليرة لقيمتها  فإنه يعيش هنا ولو بطريقة غير قانونية، والبديل هو العودة إلى سوريا والخدمة في الجيش.

أبو مصطفى سوري مقيم منذ أعوام في لبنان لا يخفي قلقه الشديد مما حدث وما قد يحدث، ويقول " الآن أنا خائف ولا أدري ماذا علي فعله بالنسبة لأسرتي، أنا خائف جدا جدا، منذ يومين لم أخرج من المنزل، ما عندي جرأة أن أخرج أمشي في الطريق، اللبنانيون طيبون والسوريون يعينهم الله والظروف متداخلة مع بعضها".

 ردود الفعل تجاه السوريين في الشارع  واجهت انتقادات من ساسة وصحفيين. الصحفي جورج عاقوري أكد "أن لا علاقة للسوريين كشعب بجريمة من هذا النوع. هذا العمل ينعكس على المجموعة المنظمة وليس على الشعب السوري المقيم في لبنان".

يشار إلى أن وزير الداخلية اللبنانب قال في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء (التاسع من نيسان/ أبريل 2024) إن" 35 بالمئة من المسجونين من السوريين. وقال إن المعابر بين سوريا ولبنان غير مسيطر عليها". في نفس السياق يذهب عاقوري ويقول "يتحمل المسؤولية المعنوية من حال في السنوات الماضية ولايزال يحول دون ترسيم الحدود مع سوريا، ومن حال دون ضبط الحدود، ومن لديه حساسية من كاميرات المراقبة المنتشرة على طول الحدود. الجميع يعلم من يعرقل ترسيم الحدود مع سوريا وضبطها".

عبد، رجل سوري مقيم في لبنان منذ أكثر من 30 عاما، يعيش هو الآخر في جبيل، يعبر عن مخاوفه يقول "لا نستطيع ان نخرج، ولا نفعل شيئا، ما ذنبنا؟ حتى لا يمكننا الذهاب إلى الطبيب. ماذا نفعل نعود إلى سوريا. الوضع سيئ هناك".

عباس الخشالي/ محمد شريتح/ بيروت

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW