بعد منعهم من دخول إيطاليا..مهاجرون يلقون بأنفسهم في المياه
٨ نوفمبر ٢٠٢٢
بعد رفض الحكومة الإيطالية استقبالهم، حاول مهاجرون، وصلوا عبر سفن إنقاذ إلى إيطاليا، القفز من على متن السفينة والسباحة إلى الشاطئ، بينما بدأ آخرون إضرابات عن الطعام للمطالبة بالسماح لهم بدخول أوروبا.
إعلان
في نهاية رحلتهم الشاقة، قام مهاجرون عالقون على متن سفن إنقاذ، قبالة سواحل صقلية بعد رفض حكومة جورجيا ميلوني اليمينية استقبالهم، بإلقاء أنفسهم في المياه مخاطرين بحياتهم.
تعهدت زعيمة حزب فراتيلي ديتاليا وتحالفها الحاكم "الدفاع عن حدود" إيطاليا من خلال منع سفن المنظمات غير الحكومية الناشطة في المتوسط من دخول الموانئ الإيطالية لإنزال آلاف المهاجرين الذين ينقذونهم كل عام.
وأمام هذا الوضع، قفز ثلاثة مهاجرين الاثنين إلى البحر من سفينة "جيو بارنتس" التي تديرها منظمة أطباء بلا حدود والعالقة قبالة السواحل الايطالية بسبب المواجهة بين المنظمات غير الحكومية التي تقوم بعميات إنقاذ في المتوسط والحكومة الإيطالية الجديدة.
وسرعان ما تم انتشال الرجال الثلاثة وفقا لمنظمة أطباء بلا حدود التي تنقذ مهاجرين يخوضون رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر بين شمال إفريقيا وأوروبا. وبعد فترة وجيزة صرخ مهاجرون على متن السفينة "ساعدونا"، حسب ما ذكر مراسل فرانس برس.
وفي الأثناء، قالت محافظة منطقة سيراكيوز لوكالة فرانس برس إن السلطات الإيطالية أنقذت أكثر من 500 شخص وأنزلتهم في صقلية بعد أن قالت منظمة "ألارم فون" غير الحكومية في وقت سابق إنهم في وضع صعب. وقالت جوزيبا سكادوتو إنهم "يخضعون أولاً لفحص طبي ويتم التعرف عليهم من قبل الشرطة ثم سيتم توزيعهم على مراكز الاستقبال".
وضع متوتر قبالة سواحل صقلية
ووفق وزارة الداخلية الإيطالية، وصل أكثر من 88 ألف شخص عن طريق البحر إلى إيطاليا منذ الأول من كانون الثاني/يناير. وأقر السناتور الديموقراطي أنطونيو نيشيتا بعد عودته إلى رصيف ميناء كاتانيا بأن "الوضع متوتر" على متن سفن الإنقاذ الراسية قبالة سواحل صقلية.
وذكر أن "الأجواء مشحونة على متن السفن ويسعى الناشطون إلى تهدئة الخواطر. العديد من المهاجرين خلعوا ملابسهم لإظهار إصاباتهم بالتهابات في أعضائهم التناسلية" مشيرا إلى حالات جرب.
من جهتها قالت منظمة أطباء بلا حدود أمس الاثنين إن أحد المهاجرين نقل في سيارة إسعاف بعد أن اشتكى من آلام حادة في المعدة، مؤكدة أن وضع الآخرين يتدهور بسرعة. وقال ريكاردو غاتي رئيس البحث والإنقاذ في منظمة أطباء بلا حدود "وضعهم ومستوى الضغط النفسي لديهم مرتفع للغاية".
كما ترسو في الميناء السفينة "هيومانيتي 1" التي ترفع علم ألمانيا وتديرها منظمة إس أو إس هيومانيتي الخيرية، وقد أنزلت 144 شخصا الأحد، ولا يزال على متنها 35 رجلا مهاجرا.
وينص مرسوم حكومي إيطالي صدر الجمعة على السماح للسفينة بالرسو فقط لكشف عدد الركاب الذين يواجهون "حالة طوارئ". لكن قبطان السفينة يواكيم إبلينغ تحدى أمر مغادرة الميناء، مشددا الاثنين على أن "أي شخص يتم إنقاذه له الحق في النزول في ميناء آمن". وقال للصحافيين "لن أذهب إلى أي مكان طالما أن هناك أشخاصا على متن السفينة".
تبادل المسؤوليات
و تعهدت الحكومة الإيطالية الجديدة، الأكثر يمينية منذ الحرب العالمية الثانية، باتخاذ موقف متشدد حيال المهاجرين. وقال وزير الداخلية ماتيو بيانتيدوسي إن المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر هم من مسؤولية الدولة التي تبحر السفن تحت علمها - وهي في هذه الحالة النروج وألمانيا.
وفي سياق متصل قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن ألمانيا تجري محادثات مع روما بشأن مصير المهاجرين الذين تم إنقاذهم وهم عالقون على متن سفينة ترفع العلم الألماني وتابعة لمنظمة خيرية قبالة السواحل الإيطالية وتريد أن يتم منحهم الإذن بالنزول من السفينة.
وأضاف المتحدث"في الأساس... يجب عدم منع عمليات إنقاذ المدنيين في البحر. من التزامانا الأخلاقي والقانوني عدم ترك البشر يغرقون".
هـ..د/ف.ي (أ ف ب، د ب أ)
المهاجرون غير النظاميين بإيطاليا- من أين جاؤوا وإلى أين يذهبون؟
يقصد الآف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إيطاليا. بعضهم يراها منفذا نحو دول أوروبا وآخرون يفضلون البقاء فيها بشكل غير نظامي لإنهاء رحلة معاناة بدأت في بلدانهم وتستمر في غياب وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في إيطاليا.
صورة من: Reuters
من كل حدب وصوب
المهاجرون غير القانونيين الى إيطاليا لا تقتصر أصولهم على جنسية واحدة، إذ يتدفقون إليها من كل من دول أفريقيا. من نيجيريا وبنغلاديش وغينيا، ومن ساحل العاج وغامبيا والسنغال. كما يهاجر إليها كثيرون من المغرب ومالي وإريتريا، فضلا عن السودان والصومال ومصر وتونس وليبيا... وفي السنين الأخيرة أضيف السوريون إلى قائمة القاصدين لهذا البلد، سواء من ليبيا أو عن طريق تركيا.
صورة من: Getty Images/M. Di Lauro
أفواج كبيرة
عام 2006، بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الآتين عبر البحر 22 ألفا. وفي 2014، وصلوا إلى 220 ألفا؛ أي بزيادة 296 في المائة. عام2017، قالت وزارة الداخلية الإيطاليّة، إن أعداد المهاجرين غير القانونيين تجاوزت الـ94 ألفًا منذ بداية 2017، وهو ما يعني التزايد المهول في عدد المهاجرين غير النظاميين القاصدين للبلد، إذ يشكلون ما يقارب 8.3 في المائة من السكان هنالك. آلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات مؤقتة.
صورة من: Gaia Anderson
أرقام مهولة
أشارت بيانات أصدرها المعهد القومي للإحصاء في روما، عام 2015، إلى أن عدد المهاجرين غير القانونيين القادمين إلى إيطاليا لا يقل عن ألف من كل وجهة. فمن المغرب، هاجر 449 ألف شخص. في حين تم استقبال حوالي 104 آلاف شخص من مصر. ومن رومانيا، دخل إلى البلد 2.1 مليون مهاجر. أما بالنسبة للفلبين وتونس وبنغلاديش وباكستان فيناهز عدد القادمين منها 90 ألف. وأوضحت البيانات، أن معظمهم يسكنون روما، ميلانو وتورينو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Italian Navy/Handout
مجرد معبر
ليس كل المهاجرين إلى إيطاليا ينوون الاستقرار فيها أو الإقامة على أراضيها. جزء مهم منهم يريد الوصول إلى مدن أوروبية أخرى كفرنسا والسويد وألمانيا التي يرونها أكثر ترحيبا باللاجئين. وتعتبر منطقة فانتيمي الحدودية إحدى الوجهات التي يعقد عليها هؤلاء أملا في العبور إلى فرنسا. كما أن القطارات التي تسمح بالتنقل داخل الإتحاد الأوروبي، تمثل حلا لبعض هؤلاء المهاجرين الذين يركبونها للوصول إلى وجهاتهم.
صورة من: picture alliance/AA/Tacca
طريق الفردوس والموت واحد!
رحلة قدوم المهاجرين غير القانونيين إلى إيطاليا، لا يمكن وصفها سوى بالقاتلة والخطيرة. فكثير من المهاجرين يركبون البحر، وهو ما يعرضهم لمتاعب قد تصل حد الموت. وإلى جانب انقلاب قواربهم الصغيرة والمتهالكة نتيجة رداءة الطقس أحيانا، يتعرض كثير منهم للابتزاز والنهب من طرف المهربين. الرحلة لا تقتصر على جنس معين ولا تقف عند سن، لذلك تتضرر النساء غالبا، وخاصة الحوامل الواتي يصعب عليهن إكمال الرحلة.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
دوافع اقتصادية وسياسية
يشكل الفقر والمجاعة والبطالة أسباباً رئيسية للهجرة غير القانونية، وحتى لو اختلفت جنسيات المهاجرين فإن أسبابهم تبقى واحدة. في السنين الأخيرة، أضيف إلى هذا الجانب ما هو أمني وسياسي. فقد هرب البعض خوفا من الإرهاب والحرب والدمار في بلدانهم الأصلية، أو بهدف البحث عن سبل تحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة وضمان العيش الكريم لعائلاتهم.
صورة من: REUTERS
ظروف مؤسفة وتحديات كثيرة
يضطر المهاجرون إلى إيطاليا في غالب الأحيان إلى العيش في ظروف مؤسفة، تصفها بعض الجهات بـ"غير الإنسانية". بعضهم يتوسد الطرقات ويأكل من بقايا النفايات. في حين يقصد آخرون مخيمات تنعدم فيها إمكانية الحصول على أكل وشرب ولباس. وفي مرات عديدة خرج هؤلاء للتنديد بوضعهم المزري، كما تحدثوا عن غياب مرافق مهمة بهذه المخيمات كالمدارس والدورات المهنية المدفوعة، وفرص العمل التي قدموا من أجلها.
صورة من: picture alliance / landov
طلبات اللجوء في تزايد
بعد الوصول إلى إيطاليا يسعى مهاجرون كثر إلى البحث عن طرق تعفيهم من وصف "غير قانوني"، فيعتمدون تقديم طلبات اللجوء. ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن السلطات الإيطالية توصلت بـ130 ألف طلب لجوء في 2017 . وحصل 40 بالمئة منهم في العام الجاري على الحماية منذ الفترة الأولى. إلا أن عدد المهاجرين الذين يستقبلهم المركز من يوم لآخر يتغير بين الفينة والأخرى.
صورة من: D. Cupolo
آليات العمل تعيق طلبات اللجوء
يواجه طالبو اللجوء في إيطاليا عراقيل بيروقراطية، سبق لمنظمات عديدة أن أدانتها ونددت بالتعقيدات الإدارية التي تشمل طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية الدولية. وأشارت هذه المنظمات إلى عامل اشتراط توفر المسكن من أجل إصدار أو تجديد تصريح الإقامة، مثلا، وهو ما لا يتوافر للعديد ممن يعيشون خارج نظام الاستقبال، على عكس ما ينص عليه القانون الإيطالي، الذي يضمن التسجيل السكاني كحق للشخص الأجنبي.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
جرائم وعنف ترافق المشهد
تعتبر بعض التقارير فتح إيطاليا الباب أمام المهاجرين غير القانونيين، يضعها وجها لوجه أمام مشاكل يتسبب فيها بعضهم. فقد قدرت بعض التقارير نسبة المسؤولين عن الجرائم في البلد، والذين ينتمون إلى شريحة المهاجرين غير الشرعيين بـ50 بالمائة من الجرائم، و40 بالمائة من حوادث السرقة. كما يتسببون في 37 بالمائة من العنف الجنسي، فضلا عن 25 بالمائة من جرائم القتل، و50 بالمائة من الجرائم الأخرى كالبغاء.
صورة من: ANSA/A. Carconi
وجود دائم رغم تناقص أعداد الوافدين
سجلت إيطاليا في الربع الأول من 2018 وصول 6161 مهاجرا غير قانوني إلى جبال الأبينيني، بينما في الربع الأول من العام الماضي بلغ عددهم أكثر من 24 ألف مهاجر، حسب تقرير الداخلية الإيطالية. كما سجلت السلطات الإيطالية انخفاضا حادا في تدفق المهاجرين إليها من ليبيا، فقد وصل في الربع الأول من العام الجاري 4.4 آلاف مهاجر، أي أقل بنسبة 81٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2017. لكن ذلك لا ينفي استمرارية توافدهم.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Hache
وصول اليمين ومخاوف من المستقبل
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بإيطاليا، زاد مخاوف دول أوروبية فيما يخص مستقبل اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين في إيطاليا وبقية أوروبا. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقا كبيرا أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين، خاصة مع رواج خبر طرد اللاجئين المرفوضة طلباتهم للبقاء، وترحيل 500 ألف مهاجر غير قانوني. إعداد: مريم مرغيش.