هجوم الأهواز..مجرد تصعيد أمريكي إيراني أم نُذر حرب إقليمية؟
٢٤ سبتمبر ٢٠١٨
الحرب الكلامية بين واشنطن وطهران أصبحت مألوفة، ولكن الهجوم الأخير الذي استهدف الأهواز جدد السؤال حول إمكانية تحول الملاسنات السياسية إلى حرب حقيقية، وحول الأدوات المتوفرة لدى كل من الطرفين للضغط والمناورة.
إعلان
هجوم الأهواز .. اتهامات وتحذيرات وأسئلة مفتوحة!
01:46
إلى جانب الحصيلة الدموية الثقيلة التي أسفر عنها هجوم الأهواز، حمل توقيت الهجوم دلالات مهمة على عدة أصعدة. فالهجوم الذي أودى بحياة 29 شخصاً وجرح العشرات، جاء خلال استعراض عسكري لذكرى الحرب الإيرانية العراقية، وهي حرب يعاد استحضارها اليوم في سياق الحديث عن التوتر بين إيران ومحيطها العربي.
الهجوم أتى أيضاً في وقت تسوده التهديدات والتحديات المتبادلة بين إدارة الرئيس ترامب والقيادة الإيرانية وفي ظل تصعيد بين البلدين بلغ أعلى درجاته منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، وقبيل اللقاء السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الأول بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي. الهجوم الذي تلته ملاسنات سياسية بين واشنطن وطهران، جدد السؤال حول إمكانية انزلاق طهران من حرب كلامية إلى حرب حقيقية مع واشنطن.
واشنطن تنتهج سياسة مزدوجة إزاء طهران
التصعيد الكلامي بين واشنطن وطهران أصبح مسلسلاً متعدد الحلقات منذ تغير الإدارة الأمريكية، فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض لم يفوت الرئيس دونالد ترمب فرصة لتوجيه انتقادات لاذعة ضد طهران وصلت في كثير من الأحيان حد التهديد المباشر. وفي مايو الماضي أعلن الرئيس الأمريكي انسحاب بلاده بشكل أحادي الجانب من الاتفاق الذي كان قادة الدول الغربية قد توصلوا إليه مع إيران حوال برنامجها النووي عام 2015. منذ ذلك الحين توالت العقوبات الأمريكية الاضافية ضد إيران، بالإضافة إلى التهديدات التي بات يوجهها ترامب لمن يتعامل مع إيران وكان آخرها تغريدة وجهها الشهر المنصرم قائلاً "كل من يتعامل تجاريا مع إيران لن يتعامل تجاريا مع الولايات المتحدة."
ولكن وفي الوقت نفسه يبدو أن الولايات المتحدة تتبع مع إيران سياسة مزدوجة يمكن وصفها بسياسة العصا والجزرة، فقبل أسابيع أعلن الرئيس الأمريكي عن رغبته لقاء ممثلين عن القيادة الإيرانية، الأمر الذي رفضته إيران بشدة.
في حوار أجرته DW عربية مع الدكتور عماد عبد الهادي المحلل السياسي من واشنطن قال إن في الإدارة الأمريكية الجديدة من يريد تغيير النظام الإيراني عن طريق خنق الاقتصاد، وهو الأمر الذي سيبدو واضحاً ابتداء من أكتوبر، عند بدء تنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران والتي تستهدف النفط الإيراني. وأضاف عبد الهادي أن الرئيس الأمريكي، وبناء على تصريحاته وعلى المعلن من السياسة الأمريكية، على استعداد رغم ذلك للجلوس مع القيادة الإيرانية على طاولة الحوار للتوصل إلى اتفاق جديد "أكثر شمولاً من الاتفاق القديم ويشمل ملفات أخرى منها برنامج الصواريخ البالستية والنفوذ الإيراني في المنطقة"، ولكنه أضاف أن إيران في مأزق حقيقي، فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق السابق، ترى إيران من الصعوبة بمكان أن تجلس مع الإدارة الأمريكية للتفاوض على اتفاق جديد، "وهي التي لم تلتزم بالاتفاق السابق." هذا بالإضافة إلى انقسام حصل في النظام الإيراني، حسب عبد الهادي، بين المحافظين والإصلاحيين حول كيفية التعامل مع الإدارة الامريكية وخاصة مع الرئيس ترامب. "فالمحافظون يرون بأن ترامب لن يحافظ على أية وعود".
حدود المناورات الإيرانية
لم يمض وقت طويل على هجوم الأهواز حتى توالت تصريحات المسؤولين الإيرانيين ليس فقط لإدانته بل أيضاً لتوجيه أصابع الاتهام إلى الفاعل. فعلى الرغم من أن تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن الهجوم، غير أن التصريحات الرسمية الإيرانية وكان آخرها تصريحات للرئيس الإيراني حسن روحاني وجهت الاتهام بشكل مباشر إلى الولايات المتحدة التي قال روحاني إنها تقوم بتحريض "الدول الصغيرة المأجورة في الإقليم(المنطقة)" من دون أن يحدد أسماء هذه الدول مؤكداً أن بلاده لن تمرر الجريمة من دون رد.
في حوار له مع DW رأى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإيرانية في أتلانتيك كاونسل في واشنطن، هولي داغريس، أن التهديدات الإيرانية "ليست جديدة"، وأضاف "لقد رأينا تهديدات مشابهة لها تجاه إسرائيل بعد قيام الأخيرة باستهداف مطار طيفور في سوريا". مستنتجا قوله: "لنر فيما إذا كانت إيران ستنفذ تهديداتها، أم أنها تريد فقط استعراض القوة بعد تعرضها لهجوم الأهواز".
العراق وإيران..هل تقطع العقوبات الأمريكية شريان الحياة؟
01:41
This browser does not support the video element.
عماد عبد الهادي ذهب أبعد من ذلك وتحدث عن التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، وأشار إلى الاستعداد الأمريكي لذلك خاصة بعد المناورات العسكرية التي أجراها الأمريكيون في الخليج، وأضاف عبد الهادي أن "التوتر مرشح للتصاعد، والولايات المتحدة الأمريكية لن تقبل بأقل من انسحاب إيران من الدول العربية المتواجدة فيها وخاصة سوريا والعراق".
وعلى الصعيد الاقتصادي، فستكون بيضة القبان موقف الأوربيين وقدرتهم على المناورة لتجنب العقوبات الأمريكية للمحافظة على نشاطهم الاقتصادي في ومع إيران، وستبين الساعات القادمة وما سيحملها الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة - والذي خصص جزء كبير منه لبحث الملف الإيراني- مدى الضغط الذي سيكون على طهران التعامل معه خلال الأشهر المقبلة.
ميسون ملحم
الاقتصاد الإيراني.. انتكاسة واضحة ومستقبل مهدد
يشهد الوضع الاقتصادي بإيران تراجعا. فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها عقوبات اقتصادية وضغوط على إيران، فضلا عن خروج متظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الوضعية الإقتصادية، صارت إيران تعيش على وقع أزمة مرجح تفاقمها.
صورة من: IRNA
أكبر احتجاجات منذ سنوات
شهدت إيران مع نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017 وانطلاق العام الجديد 2018 موجة مظاهرات بمناطق عدة نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة والأزمة المالية الخانقة بالبلد، وقتل فيها العشرات واعتقلت السلطات الآلاف. وهذه هي الحركة الاحتجاجية الأكبر في إيران منذ المظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009.
صورة من: Irna
العملة الإيرانية تفقد قيمتها
فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها. وقد أشارت أرقام صادرة عن البنك الدولي، أن الاقتصاد الإيراني انخفض من المركز 17 إلى 27 على مستوى العالم خلال العقود الأربعة الماضية. لكن طلب الولايات المتحدة من الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد الاقتصاد بأزمة أكبر، إذ يمثل بيع النفط نسبة 64 بالمائة من إجمالي صادرات إيران، كما يشكل مصدرا أولا للعملة الصعبة التي تدخل البلد (الدولار واليورو).
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
الريالات الإيرانية في تدهور
أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن ورقة الـ10 آلاف ريال إيراني كانت تساوي قبل عام 1979 حوالي 150 دولارا أمريكيا، أما الآن فهي أكثر بقليل من 10 سنتات في سوق الصرف المتقلبة في طهران. وبالرغم من استعادة الاقتصاد الإيراني لعافيته بعد 2015، إلا أنه بقي هشا. ويُنتظر أن يزيد تدهورا بعد فرض العقوبات التي ستؤثر على الريال الإيراني.
صورة من: AP
ارتفاع أسعار الذهب
أكد رئيس اتحاد تجار الذهب في طهران، أن الصراع بين إيران وأمريكا، أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب في البلاد، حسب ما تناقلته مواقع إخبارية. وسجلت المسكوكة الذهبية في السوق الإيرانية رقما قياسيا جديدا ببلوغها الـ 3 ملايين و400 ألف تومان، حيث زاد سعرها نحو 600 ألف تومان خلال شهر واحد.
صورة من: Isna/Rohollah Vahdati
البنوك في أزمة!
يواجه البنك المركزي الإيراني صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية داخل البلد وخارجه. ويعزي البعض ذلك إلى أخذ البنك لودائع تقدر نسبة فائدتها السنوية بـ20 إلى 23 بالمائة. وبسبب العقوبات الأمريكية، خفضت البنوك معدلات الفائدة ما بين 10 إلى 15 بالمائة، مما دفع الكثير من المودعين إلى سحب أموالهم لشراء الدولار واليورو. وهو ما أدى إلى تفاقم نقص العملات الأجنبية، وإغلاق مكاتب صرافة، لكن دون جدوى.
صورة من: Isna
أسعار خيالية!
من بين المؤشرات على تأزم الوضع الاقتصادي في إيران، انخفاض قيمة الريال الإيراني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 بالمائة، علاوة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني. هذا بالإضافة إلى انخفاض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى حد أدنى. وتشير توقعات خبراء في شركة "بي أم آي" للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن يشهد الاقتصاد الإيراني انكماشاً بنحو 4 في المئة العام المقبل.
صورة من: AP
التضخم يرفع الأسعار
شكل التضخم خلال السنوات الماضية عاملا أساسيا في تدهور الاقتصاد الإيراني حيث يبلغ متوسط معدل التضخم ما بين 19 و20 بالمائة سنويا. وحسب مركز الإحصاء الإيراني الحكومي في طهران فإن معدل التضخم وصل في يونيو/ حزيران الماضي إلى نحو 8.7 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي يكشف عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية مؤخرا.
صورة من: ILNA
فقر وبطالة وهجرة
ساهمت مشكلة التضخم في ظهور الطبقات المجتمعية بإيران وانتشار الفقر والبطالة. وحسب تقديرات البنك الدولي فإن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيران استنادا إلى القدرة الشرائية الحقيقية للعملة الإيرانية بين عامي 1976 و2017، يكشف أنه خلال هذه الفترة أصبح الإيراني أكثر فقرا بنسبة 32 بالمئة. كما تشير الاحصائيات إلى أن عددا كبيرا من الشباب الإيراني يحاول الفرار من الأوضاع المتأزمة.
صورة من: shahrvanddaily.ir
صفقات في مهب الريح!
من بين الجوانب المرجح تأثرها السلبي بالعقوبات الأمريكية، الصفقات المعقودة مع كبرى الشركات الدولية على الصعيد العالمي وعلى صعيد النفط وأيضا والأجهزة الإلكترونية، مثل الصفقات التي عقدتها طهران مع شركة توتال النفطية وشركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وجنرال إلكتريك للأجهزة والمعدات الإلكترونية.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتكاسة السياحة
توتر العلاقات مع الاقتصاديات الكبرى وبعد العقوبات المفروضة جعل الحالة الإقتصادية لإيران مُقبلة على عزلة تشمل عدة قطاعات مثل السياحة. فبعد أن دشنت شركات طيران كبرى، مثل الخطوط الجوية البريطانية، رحلات إلى البلد بهدف الترويج له كوجهة سياحية، وفتح سلسلة فنادق عالمية مثل Accor عام 2015، يرى مراقبون أن هذه الصفقات قد يتم التراجع عنها بسب قلة السياح ومحدودية رحلات الطيران القادمة من أوروبا. مريم مرغيش