بعد هجوم دام على سفينة.. واشنطن تتوعد "بمحاسبة" الحوثيين
٦ مارس ٢٠٢٤
دخلت عمليات استهداف الحوثيين لسفن الملاحة في البحر الأحمر طورا جديدا بعد مقتل شخصين. وردا على ذلك توعدت الولايات المتحدة بـ "محاسبة" المتمرّدين الحوثيين في اليمن داعية الدول الأخرى لأن تحذو حذوها.
إعلان
توعّدت الولايات المتحدة الأربعاء (السادس من آذار/مارس 2024) بـ "محاسبة" المتمرّدين الحوثيين في اليمن على ضربة استهدفت ناقلة بضائع أسفرت عن سقوط قتيلين، يرجّح بأنهما أول شخصين تودي هجمات المتمردين على السفن بحياتهما.
وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين: "سنواصل محاسبتهم. ندعو الحكومات حول العالم للقيام بالأمر ذاته".
ويهاجم الحوثيون المدعومون من إيران والذين يسيطرون على أجزاء واسعة من اليمن بما فيها العاصمة صنعاء السفن التجارية في البحر الأحمر نصرة للفلسطينيين في غزة، على حد قولهم.
وقال ميلر إن هجمات الحوثيين على السفن "لم تعطّل التجارة الدولية فحسب، ولم تؤد إلى اضطراب حرية الملاحة في مياه دولية فحسب، ولم تعرّض البحارة إلى الخطر فحسب، بل قتلت الآن عدداً منهم".
ولدى سؤاله عمّا إذا كان الهجوم الأخير يكشف فشل الضربات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين، قال ميلر: "لطالما أوضحنا بأن هذه ستكون عملية طويلة الأمد، لردع هجمات الحوثيين وإضعاف قدرتهم على تنفيذها". كما لفت إلى أن الولايات المتحدة تشجّع بلدانا أخرى على توضيح للحوثيين أن "هذه الهجمات غير مسؤولة".
وكانت وكالة فرانس برس قد نقلت عن "مسؤول عسكري أمريكي" قوله: "اليوم، قتل الحوثيون مدنيين بريئين"، مشيرا إلى أن الطاقم "بلّغ عن قتيلين على الأقل وستة جرحى من أفراد الطاقم وهجر السفينة".
كما ألحق الصاروخ "أضرارا كبيرة" في السفينة "ترو كونفيدنس" المملوكة من ليبيريا والتي ترفع علم باربادوس، وفق المسؤول الذي أضاف أن الصاروخ هو الخامس المضاد للسفن الذي يطلقه المتمردون الحوثيون في غضون يومين.
وأشار إلى أن صاروخين اثنين (بما فيهما الأخير) طالا سفينتين تجاريتين بينما أسقطت مدمرة أميركية ثالثا.
من جهتهم، قال الحوثيون في بيان إن السفينة التي استهدفوها في خليج عدن أميركية و"قد جاءت عملية الاستهداف بعد رفض طاقم السفينة الرسائل التحذيرية".
كما أبلغت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن هجوم الأربعاء، قائلة إن سفينة ترفع علم بربادوس "ضربت وتعرضت لأضرار"، دون تقديم تفاصيل عن الهجوم. وأضافت الهيئة "لقد هجر الطاقم السفينة ولم تعد تحت القيادة".
وكانت شركة الأمن البحري أمبري قالت في وقت سابق إن عملية الإنقاذ جارية وأن أفراد الطاقم كانوا في قوارب نجاة. ونبهت السفن الأخرى للابتعاد عن السفينة التي قالت إنها مملوكة للولايات المتحدة وتطابق "نمط الاستهداف" للحوثيين.
ويأتي الحادث الأخير بعد غرق السفينة "روبيمار" المهجورة التي ترفع علم بيليز وتديرها شركة لبنانية السبت وعلى متنها 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم.
وتسربت المياه إلى السفينة منذ أن أدى هجوم صاروخي نفذه الحوثيون في 18 شباط/فبراير إلى تضرر هيكلها وإجبار طاقمها على الإجلاء إلى جيبوتي.
وتسببت موجة هجمات الحوثيين بتعليق العديد من شركات الشحن الكبرى مرور سفنها عبر البحر الأحمر الذي يمر عبره عادة حوالي 12 بالمئة من التجارة العالمية. وتنفذ القوات الأميركية والبريطانية ضربات ضد مواقع للحوثيين منذ كانون الثاني/يناير ردا على هجماتهم.
وأشار مسؤول عسكري أمريكي إلى أن صاروخين اثنين طالا سفينتين تجاريتين بينما أسقطت مدمرة أمريكية ثالثاً.
وكتبت السفارة البريطانية في بيان على منصة إكس للرد بشكل مباشر على إعلان الحوثيين: "قُتل ما لا يقل عن اثنين من البحارة الأبرياء. كان هذا محزناً، لكنه من التداعيات الحتمية لإطلاق الحوثيين صواريخ بشكل متهور على حركة الشحن العالمية. لا بد أن يتوقفوا". وأضافت السفارة "نرسل أحر تعازينا إلى أسرتي القتيلين وأسر المصابين".
خ.س/أ.ح/ هـ.د (أ ف ب، رويترز)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.