1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بغداد: "فينيسيا الشرق المنكوبة"؟ أم عاصمة للثقافة العربية؟

مناف الساعدي ـ بغداد٢ يناير ٢٠١٣

لا تزال مناطق عدة في بغداد تغمرها مياه الأمطار التي هطلت قبل أيام مضت، DW عربية استطلعت آراء شريحة من الشارع البغدادي حول واقع الخدمات في العاصمة قبيل استضافتها لفعاليات (بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013).

Cars are seen along a flooded street after overnight rain in Baghdad December 26, 2012. REUTERS/Saad Shalash (IRAQ - Tags - Tags: ENVIRONMENT DISASTER)
صورة من: Reuters

بعد أمطار غزيرة كانت الأسوأ منذ ثلاثين عاماً فوجئ البغداديون بتحول شوارعهم وأزقتهم وحتى بيوتهم إلى مستنقعات وبرك مختلفة الأعماق عكست كارثية واقع الخدمات الراهن في بغداد، وهي في طريق التتويج إلى منصة عاصمة الثقافة العربية لعام 2013. تداعيات أمطار الثلاثاء الماضي أثارت حفيظة واستياء البغداديين حول أحقية "عاصمة الرشيد" بهذا اللقب.

وشهدت مدينة بغداد يوم الثلاثاء (25 كانون الأول/ ديسمبر 2012)، موجة أمطار غزيرة، أدت إلى غرق أغلب الشوارع الرئيسة والفرعية من العاصمة، الأمر الذي تسبب في صعوبة حركة المواطنين والمركبات.

واختلفت القصص والروايات عن معاناة سكان بغداد مع الأمطار، فمنهم من نجح في بناء سد من الرمل لحماية بيته من الغرق، والآخر تركه مجبراً بعد أن باءت جميع محاولات منع دخول الماء إلى منزله بالفشل، وشخص يحط خطاه في زقاقه بحذر شديد تخوفاً من وجود حفرة تهوي به إلى أعماق المياه الآسنة.

وحكايات أخرى رواها لنا أطفال وجدوا في الماء متعتهم وانشغلوا في صناعة الزوارق الورقية وإطلاقها في عنان الشوارع الغارقة بالمياه، وآخرون رصفوا الطابوق لتخصيص أماكن سير بديلة عن الشوارع والأرصفة الغارقة. لكن رغم مأساوية الوضع فإن روح الدعابة لم تغب عن البعض كصاحب زورق مطاطي، كتب لافتة وهو يجوب الشوارع الغارقة "من ينقذنا من إعصار جاسمية".

فيما وجد البعض ضالته وقوته اليومي في الاسترزاق عن طريق المياه الراكدة، إذ عمد شاب في العشرينيات من عمره إلى نقل المتذمرين من المارة بواسطة عربته الخشبية إلى بر اليابسة، هذه المشاهد وغيرها ليس من صنع الخيال العلمي ولا نتيجة الكوارث الطبيعية وإنما حدثت في عاصمة الثقافة العربية.

شوارع بغداد غارقة في مياه الأمطار منذ عدة ايامصورة من: Munaf Al-saidy

غياب الحلول

"لا تزال بغداد غير مؤهلة لتكون عاصمة للثقافة (...) رغم حضارتنا وتاريخنا العريق"، بكلمات قلائل تحاول الموظفة الحكومية ندى العبودي، أن تلخص أمكانية استضافة بغداد لمشروع (بغداد عاصمة الثقافية العربية 2013)، خاصة بعد أمطار الثلاثاء.

وتقول العبودي (41 عاماً) في حديث مع DW عربية: "على الرغم من مرور عدة أيام على سقوط الأمطار إلا أن العديد من شوارع بغداد لا تزال تغمرها برك المياه الآسنة وسط غياب الحلول الجذرية في انتشال الواقع الخدمي مما هو فيه".

وبينما تنظر العبودي إلى إحدى برك المياه التي خلفتها مياه الأمطار، تضيف بنبرة ساخرة، "بعد تغيير عام 2003 كنا نتطلع بأن تكون مدينتنا بغداد هي برلين الشرق المزدهرة، لكننا استفقنا بعد أمطار الأمس القريب على بغداد فينيسيا الشرق المنكوبة".

واختارت منظمة اليونسكو في العام 2011 بغداد لتكون عاصمة للثقافة العربية لعام 2013. وأعلنت وزارة الثقافة العراقية في (17 أيار/ مايو 2012) أنها قطعت "خطوات مهمة" فيما يتعلق بالجانب الاستثماري والبنى التحتية لمشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013.

أسوا مدينة للعيش عالمياً

كريم بحر مثقف عراقي من رواد شارع المتنبيصورة من: Munaf Al-saidy

من جانبه يرى كريم بحر، وهو مثقف عراقي واحد مرتادي شارع المتنبي وسط بغداد، أن افتقار عاصمته إلى الخدمات الأساسية وتصنيفها "كأسوأ مدينة للعيش عالمياً" من قبل مجموعة ميرسر الأمريكية للاستشارات، من أبرز الأسباب التي تحول دون نجاح فعاليات (بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013).

وصنفت مجموعة ميرسر الأمريكية للاستشارات في تقريرها الذي صدر مؤخراً، العاصمة بغداد على أنها أسوء مدينة للعيش في العالم في عام 2011، معللة الأمر إلى الاضطراب السياسي وضعف تطبيق القانون وأمور تتعلق بالسلامة الشخصية بسبب ما عاشته بغداد خلال السنة المذكورة.

ويضيف بحر (48 عاماً) في حوار مع DW عربية: "لا نريد حلولاً على الورق، بل نطالب بحلول جذرية وواقعية لإظهار بغداد كعروس متلألئة"، متسائلاً "لقد غرقت أغلب مناطق بغداد بسبب أمطار استمرت لأقل من نصف يوم، فماذا لو صادفتنا موجات مطر مستمرة؟".

ويوضح بحر، الذي كان وسط مجموعة من معارفه الذين تنحوا عن حديثهم الثقافي على غير عادتهم، وبدؤا يسردون القصص عن معاناة البغداديين مع أمطار الثلاثاء، "مع تردي الواقع الخدمي لبغداد أرى إنه من المخجل أن تظهر حاضنة الثقافة العربية أمام الزائرين بهذا الشكل".

الافتقار إلى المقومات الثقافية

مازن الزيدي صحافي عراقيصورة من: Munaf Al-saidy

وبينما يرى الصحافي العراقي، مازن الزيدي، أن إقامة مثل هذه الفعاليات الثقافية تعد ضرورية "من أجل عودة العراق إلى مكانته الإقليمية والعربية"، يعتبر في الوقت ذاته أن "العراق غير مهيأ الآن لاحتضان هذا المشاريع الثقافية".

ويقول الزيدي (32 عاماً) في حديث مع DW عربية: إن "بغداد تفتقر إلى مقاومات ثقافية كثيرة كالمسارح ودور العرض السينمائية والأوبرا وغيرها مما يجعلنا نشك في أحقية هذا اللقب بأن يناط إلى عاصمتنا"، داعياً أمانة بغداد إلى أن "تكثف جهودها وتوهج منارة بغداد من جديد".

مشاريع قيد الانجاز

من جهته يقول حكيم عبد الزهرة، الناطق باسم أمانة بغداد، وهي الجهة المسؤولة على الاستعدادات اللوجستية والخدمية لإنجاح هذا الحدث الثقافي، إن دائرته تعمل بتنسيق مكثف وتعاون مستمر مع وزارة الثقافة العراقية "لإنجاح هذا الحدث الثقافي".

وعن المهام المناطة بدائرته خلال الفعاليات الثقافية، يضيف عبد الزهرة، في حوار مع DW عربية: "اقتصرت مهمة أمانة بغداد على توفير الجانب الخدمي فقط، كتطوير الشوارع الرئيسية والمرافق السياحية، والنهوض بواقع البنى التحتية ونظافة المدينة وإجراء الصيانة للمواقع التراثية".

وعن الصورة التي ظهرت عليها المدينة خلال موجة أمطار الثلاثاء يبين عبد الزهرة: "لا تزال هنالك العديد من المشاريع المتعلقة بتصريف مياه الأمطار قيد الانجاز وسوف تبصر النور خلال الأشهر المقبلة"، على حد تعبيره.

يذكر أن أمانة بغداد، خصصت في أيلول 2011 مبلغ 120 مليار دينار عراقي لإقامة مركز بغداد الثقافي في شارع الرشيد في إطار الاستعدادات لإقامة فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية. ويتضمن المشروع إنشاء ثلاثة قصور ثقافية في جانبي الكرخ والرصافة ودار للأوبرا، فضلاً عن تنفيذ عدد من النصب والتماثيل وغيرها من الفعاليات الثقافية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW