1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بغداد من عاصمة الأدباء إلى مدينة الفقراء

١٦ يوليو ٢٠١٠

على الرغم من مرور سبعة أعوام على سقوط نظام صدام، فإن سكان بغداد ما زالوا يعانون من ظروف العيش الصعبة. سكان المدينة يتحدثون عن معاناتهم واحتياجاتهم وآلامهم وآمالهم ويستذكرون بغداد التي تغير حالها وصعب وضعها.

فقر وعوز وحاجة هو حال الكثير من العائلات العراقيةصورة من: AP

من لم يزر مدينة بغداد منذ مدة، فإنه سيجد صعوبة في التعرف من جديد على هذه المدينة الواقعة على نهر دجلة والضاربة في عمق التاريخ. في ساعات الليل المتأخرة توحي المدينة وكأنها مازالت محافظة على طابعها القديم؛ موسيقى تقليدية تتصاعد نغماتها من شارع أبي نواس، وفي نادي العلوية تعزف مجموعة من كبار السن مقامات موسيقية من التراث العراقي القديم. أما في جنوب المدينة فلهيب النار المنبعث من المنشأة النفطية "الدورة" شاهد على خيرات البلاد النفطية وثرواتها.

وما أن ينقشع ضوء الصباح حتى تظهر بغداد على صورتها الحقيقية التي تحولت إليها. فبعد مرور سبع سنوات على سقوط نظام صدام في العراق أصبحت المدينة التي يبلغ تعداد سكانها سبعة ملايين نسمة عبارة عن مجمع كبير للفقراء: جبال من القمامة تتناثر هنا وهناك، أنقاض الحرب من منازل ومتاجر لم تبارح مكانها.

عملية إعادة الإعمار الحاضر الغائب..

الأطفال العراقيين يجدون أنفسهم في أكثر من مرة مضطرين للدراسة تحت ضوء أنابيب الغاز بسبب الانقطاع المستمر في تيار الكهرباءصورة من: AP

يمكن للمرء أن يتحدث عن كل شيء في بغداد، إلا عن عملية إعادة الاعمار يقول سليم الجيبوري أحد سكان بغداد والذي سبق له أن عاش في ألمانيا بعض السنوات، ويضيف:" لا نحصل على الكهرباء بالشكل الكافي. في أحسن الأحوال نحصل عليها لساعتين ثم نفقدها لساعتين أخريين. سبع سنوات مرت على سقوط بغداد ومازلنا غير قادرين على إنتاج الكهرباء وتوزيعها".

وحتى فيما يتعلق بالماء الصالح للشرب فإن توزيعه حسب الجبوري ليس بأحسن حالا من الكهرباء. في بعض المناطق لا يحصل الناس على مياه الشرب، إلا لساعات محدودة في اليوم. كما أن جمع القمامة لم يعد يتم مثل السابق. فمن يريد التجول في بعض مناطق المدينة عليه سد أنفه لنتانة الرائحة المنبعثة من هذه القمامات، يقول الجيبوري. كما يضيف قائلا: "إنني أخجل كثيرا من الوضع الذي صارت عليه مدينتي اليوم؛ فالشوارع مهدمة والأوساخ والقمامات في كل مكان".

الفساد أغرق العراق في أزمات مختلفة

نساء عراقيات يبحثن في مجمعات النفايات لعلهن يجدن أشياء صالحة لبيعها من أجل الحصول على بعض المالصورة من: picture alliance / dpa

السبب وراء هذا الخراب الذي تعرفه بعض مناطق العاصمة العراقية بغداد يرجعه الجيبوري إلى تفشي الفساد والمحسوبية في البلاد، بدءا من الوزير إلى أصغر موظف في البلاد. وهو ما تؤكده منظمات دولية متخصصة في تصنيف الدول حسب شفافيتها. فحسب هذه المنظمات يعتبر العراق واحدا من أكثر الدول فسادا في العالم. وكمثال على ذلك الملايين من الدولارات التي جناها وزير التجارة العراقي عام 2009 من خلال شراء مواد غذائية منتهية الصلاحية كان يزعم تقديمها في إطار المساعدات المقدمة للفئات المحتاجة في العراق. وهو ما دفع الوزير المذكور لتقديم استقالته بعد أن اكتشف الأمر لاحقا.

ويرى الجيبوري أن توزيع المساعدات الغذائية في السابق كان أفضل حالا مما هو عليه اليوم ويقول: "قبل سبع سنوات كان توزيع المساعدات الغذائية يتم بشكل شهري، وكان الناس يحصلون على الأرز والسكر والزيت والشاي وفي بعض الأحيان كذلك على الفاصولياء ومواد التصبين. أما الآن فلم يعد يحصل المرء إلا على النزر القليل من المساعدات. وعلى الشخص أن ينتظر أشهر ليحصل على كمية قليلة من الأرز".

أزمة الغداء ليست هي الوحيدة التي تعاني منها بغداد حسب الجيبوري، فمهامه كعضو في مجلس حقوق الإنسان جعلته يطّلع على ملفات الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين الذين يتعرضون للمضايقات، بل قد يصل بهم الأمر إلى حد الاختطاف أو الاغتيال. و يسوق الجيبوري كمثال على ذلك مقتل 150 صحفيا لا لذنب اقترفوه سوى أنهم كتبوا أو قالوا أشياء لم تعجب بعض الجهات في البلاد. وهو ما دفع الجيبوري إلى إخفاء اسمه الحقيقي واستخدام اسم مستعار حماية لنفسه.

المطلوب حكومة توحد بين كل العراقيين

المسيحيون في العراق يتعرضون لملاحقة الجماعات الإسلامية المتطرفةصورة من: AP

ورغم صعوبة الحياة في العراق مازالت هناك بعض الجهات تدعو الناس إلى عدم مغادرة البلاد. ومن بين هؤلاء الناشطين القسيس سعد حنا الذي غادر أكثر من ثلثي من سكان منطقته البلاد وتوجهوا إلى الخارج. بالنسبة لحنا وعلى الرغم من اختطافه من داخل كنيسته في عام 2006 على يد إسلاميين متطرفين، وبقائه لأكثر من شهر رهينة عندهم فإن مغادرة البلاد ليس بالحل الأنسب بالنسبة له. صحيح أنه تحت حكم صدام لم تكن هناك ديمقراطية، لكن الواقع الذي نعيشه اليوم ليس بأحسن بكثير من السابق يقول سعد حنا، ويضيف:" في بعض الأحيان أسأل نفسي ما هو الأهم الديمقراطية أم الحياة؟ وأجيب: الحياة أهم من الديمقراطية لأن الديمقراطية ما هي إلا مجرد وسيلة للحصول على حياة إنسانية وعادلة".

وبالنسبة لعدم تمكن العراقيين من تشكيل حكومة جديدة تدير شؤون البلاد على الرغم من مرور أشهر على إجراء الانتخابات في البلاد فإن سعد حنا لا يجد لذلك أي تفسير مقنع لذلك ويقول:" كل ما ينتظره من أي حكومة هو أن تكون قوية وقادرة على التحكم في الأوضاع وعلى فرض القوانين على الجميع دون أي استثناء سواء تعلق الأمر بمسيحيين أو مسلمين أو يهود".

الكاتب:كارين لوكيفيلد /هشام الدريوش

مراجعة: هشام العدم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW