بلجيكا- تحقيق في مقتل شخص أثناء مداهمة لأوساط اليمين المتطرف
٢٨ سبتمبر ٢٠٢٢
بعد أيام قليلة من فشل محاولة لاختطاف وزير العدل البلجيكي، قُتل شخص في تبادل لإطلاق النار خلال عملية واسعة النطاق للشرطة ضد المتطرفين اليمينيين في بلجيكا. ولم تتضح بعد ما إذا كانت هناك علاقة بين الواقعتين.
إعلان
قتل شخص اليوم الأربعاء (28 سبتمبر/ أيلول 2022) خلال مداهمة للشرطة في منطقة ميركسيم في مدينة أنتويرب بشمال بلجيكا، كانت تستهدف مخططًا "لاعتداء إرهابي" يدبره مقربون من أوساط اليمين المتطرف. وجاء في بيان للنيابة العامة أن التحقيق برئاسة قاضي التحقيق في أنتويرب يستهدف "أوساطا يشتبه بانتمائها إلى اليمين المتطرف".
وتخلل التحقيق حوالى عشر عمليات دهم صباح الأربعاء في منطقة أنتويرب (انفير) حصل خلالها تبادل لإطلاق النار ما أدى إلى سقوط قتيل. وأكدت النيابة العامة أنه "جرى خلال هذه العمليات تبادل لإطلاق النار بين الشرطة وأحد الموجودين في أحد المباني. توفي هذا الشخص".
وأصيب الرجل البالغ 36 عامًا بجروح قاتلة في منزله في منطقة ميركسيم بمدينة أنتويرب و"توفي متأثرا بجروحه على الفور"، بحسب النيابة.
وأُسند التحقيق في تهمة "القتل العمد" إلى قاضي تحقيق آخر، وفقًا لمكتب النائب العام في أنتويرب. ويتعين عليه تحديد ملابسات إطلاق النار التي أدت إلى مقتل الشخص وما إذا كانت الشرطة قد تصرفت دفاعًا عن النفس.
وقال متحدث باسم النيابة لوكالة فرانس برس "تم تعيين خبراء وينبغي استجواب الأشخاص المعنيين. ما زلنا ننتظر هذه النتائج".
وأشار مكتب النائب العام، المكلف قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة في أنحاء بلجيكا، إلى أن "كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة" ضُبطت خلال عمليات الدهم، و"بعض تلك الأسلحة كانت مسجلة بشكل قانوني".
وعزز جهاز الاستخبارات والنظام القضائي في بلجيكا مراقبة الأوساط اليمينية المتطرفة منذ قضية يورغن كونينغز، العسكري اليميني المتطرف الذي فر من ثكنته في ربيع عام 2021. واعتبر العسكري خطرا منذ أشهر لدى المنظمة البلجيكية لتحليل التهديد الإرهابي، وكان يشتبه في رغبته في مهاجمة مسؤولين بلجيكيين وعالم فيروسات معروف في البلاد. وعُثر عليه ميتا في في متنزه طبيعي في مقاطعة ليمبورغ الفلمنكية (شمال شرق)، بعد مطاردة استمرت أكثر من شهر. وخلص التحقيق إلى أن الجندي أنهى حياته بسلاح ناري.
إحباط عملية لاختطاف وزير العدل البلجيكي
ولم يكن معروفًا في البداية أيضًا ما إذا كانت هناك صلة بين تلك المداهمات وبين محاولة اختطاف وزير العدل البلجيكي فنسنت فان كويكنبورن، التي تم إحباطها في نهاية الأسبوع. فقد صادرت الشرطة أمام منزل وزير العدل سيارة بها بندقية كلاشينكوف وعلبة بها بنزين، واتهم فان كويكنبورن مافيا المخدرات بالوقوف وراء ذلك. وتعتبر مدينة أنتويرب الساحلية البلجيكية، إلى جانب روتردام في هولندا وقبل هامبورغ الألمانية، هي أكبر مركز تجاري للكوكايين والمخدرات الأخرى في أوروبا، بحسب موقع "تاغس شاو" الألماني.
ص.ش/ع.ش (ا ف ب، د ب أ)
تعصب وتطرف أم خوف من الآخر؟ مظاهر العنف في أوروبا
لئن عاشت الأغلبية العظمى في أوروبا من أوروبيين ومن أصول مهاجرة من مختلف الأديان والثقافات في كنف السلام والاحترام، إلا أنها لم تخل أيضا من مظاهر للعنف تحت ذرائع مختلفة: دينية وقومية وغيرها، لكنها مرفوضة من الأغلبية.
صورة من: picture-alliance/dpa/SDMG/Dettenmeyer
مظاهر التطرف والدعوة إلى العنف باسم الدين لم تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل أيضا دول غربية على غرار ألمانيا شهدت بدورها مظاهرات لأقلية سلفية حمل بعض عناصرها الأعلام السوداء ودعا فيها للعنف. الصورة لمظاهرة تعود إلى عام 2012 في مدينة بون الألمانية حيث تظاهر سلفيون ضد يمينيين متطرفين واعتدوا خلالها على رجال شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa
استخدام الدين كذريعة لارتكاب جرائم إرهابية، مثلما حدث خلال الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو مطلع هذا العام وقتل 11 شخصا من طاقمها بدافع الانتقام لصور كاريكاتورية للرسول محمد نشرتها الصحيفة، أثار استهجان الملايين ليس في فرنسا وأوروبا فقط وإنما ايضا في العديد من الدول الإسلامية والعربية.
صورة من: Reuters/Platiau
الإرهابيون لم يستهدفوا مقر صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية فقط وإنما أيضا شرطيا مسلما واسمه أحمد وشرطية أخرى كانت تنظم حركة المرور وكذلك أربعة يهود، بينهم يهودي تونسي، كانوا في أحد المتاجر اليهودية بصدد التبضع لإحياء مراسم السبت. العمليات الإرهابية كانت من توقيع تنظيم "الدولة الإسلامية".
صورة من: AFP/Getty Images/K. Tribouillard
وبعد الهجمات الإرهابية التي طالت باريس واسفرت عن سقوط 18 شخصا، ها هو الإرهاب تحت ذريعة الدين يضرب العاصمة الدنماركية كوبنهاغن ويتسبب في مصرع رجل يهودي كان يحرس كنيسا يهوديا وآخر مخرجا سينمائيا، ذنبه أنه كان حاضرا في ندوة حول حرية التعبير.
صورة من: Reuters/S. Bidstrup
ولكن مساجد المسلمين بدورها تعرضت أيضا للاعتداء بالحرق وتهشيم النوافذ وحتى لهجوم بالمتفجرات. ففي فرنسا مثلا ارتفع عدد الأعمال "المعادية للإسلام" بنسبة 70 بالمائة منذ الاعتداءات التي قام بها جهاديون في باريس في كانون الثاني/ يناير، مقارنة بعام 2014، وفقا لجمعية التصدي لمعاداة الإسلام الفرنسية.
صورة من: Reuters/Y. Boudlal
حتى المقابر اليهودية لم تسلم من اعتداءات بعض المتطرفين إما بدافع العنصرية أو بدافع معاداة السامية. على أحد القبور اليهودية في مقاطعة الآلزاس الفرنسية كتب باللغة الألمانية "أرحلوا أيها اليهود" إلى جانب الصليب المعقوف، رمز النازيين الذين أبادوا ستة ملايين من يهود أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
حتى وإن كان هؤلاء لا يمثلون إلا أقلية مطلقة داخل المجتمع الألماني، إلا أن النازيين الجدد، الذين يستلهمون أفكارهم من النازية واليمين المتطرف، يشكلون مصدر قلق في ألمانيا، خاصة وأنهم لا يتوانون عن استخدام العنف ضد الأجانب أو من كان شكله أو مظهره يوحي بأنه ليس ألمانيا. وفي الفترة الأخيرة سجل في عدد من الدول الأوروبية صعود التيارات اليمينية المتطرفة، مستغلة أعمال الإرهابيين للإسلاميين المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
ولازال القضاء الألماني ينظر في قضية خلية تسيفيكاو النازية، والتي سميت نسبة لمدينة تسيفيكاو الواقعة شرقي ألمانيا، في محاكمة تحظى باهتمام دولي الواسع. هذه الخلية متهمة بقتل عشرة أفراد، تسعة أتراك ويوناني في ألمانيا، ذنبهم الوحيد أن أشكالهم توحي بأصولهم الشرقية. في الصورة العضوة الوحيدة المتبقة من الخلية، بعدما انتحر عنصران منها، والتي ترفض الإدلاء بأي تفصيل يساعد في الكشف عن الحقيقة.
صورة من: Reuters/M. Rehle
اليمينيون المتطرفون استغلوا مخاوف البعض في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية من عدم معرفتهم للإسلام والمسلمين وخلطهم بالتطرف الإسلامي، خاصة بعد الجرائم البشعة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" في المناطق التي سيطر عليها في العراق وسوريا، للدعوة إلى مظاهرات مناهضة للإسلام. الصورة مظاهرة مناهضة للإسلام في مدينة هانوفر، شمالي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
وبعد الانتقادات اللاذعة والرفض الشعبي الألماني الواسع للمظاهرات المناهضة للإسلام، أصبحت هذه الاحتجاجات نقتصر على بعض اليمينيين المتطرفين الذين خرجوا للتظاهر ضد قدوم اللاجئين إلى ألمانيا، معللين رفضهم بأن ثقافة هؤلاء تختلف عن ثقافتهم وأنه لا يمكنهم الاندماج في المجتمع الألماني.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
بعض المتطرفين اليمينيين أصبح يعمد بدل الاحتجاج إلى إضرام النيران في البنايات والمقرات التي من شأنها أن تأوي اللاجئين. حتى وإن لم تسفر عمليات إحراق المباني عن أي أضرار بشرية، إلا أن تكرارها في عدد من الولايات والمدن الألمانية أثار قلقا وجدلا واسعا في البلاد.