1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بلجيكا – مساع نشطة لوقاية الشباب من التطرف

بيرنت ريغرت/ ع.ع١ مارس ٢٠١٦

منذ هجمات باريس لم يعد خافيا أن العديد من الإرهابيين مقيمون في بلجيكا، ولذلك تعمل بعض البلديات جاهدة من أجل الوقاية من التطرف وإبعاد الشباب المسلم عن مسارات التطرف.

Kindersoldaten Syrien IS
صورة من: picture-alliance/AP Photo

بعد يوم واحد من عيد ميلاده الثامن عشر من يونيو عام 2013 سافر الشاب خفية من مدينة أنتفيربن الى سوريا. وهناك انضم إلى مسلحي تنظيم " الدولة الإسلامية" . لا تعرف أمه فاطمة هل هو حي أو ميت. " أبكي كل يوم، لقد أصبحت حياتي عبارة عن فيلم من أفلام الرعب". قبل شهرين وصلت من نجلها الأكبر من بين ثلاثة أبناء آخر رسالة من سوريا. وتضيف قائلة لDW : " لم أشعر في السابق أنه انساق لمسار المتطرفين من بين المسلمين" . بعد بضعة أيام على اختفاء ابنها وجدت رسالة منه يعلن فيها عن سفره لما سماه بالجهاد إلى سوريا. "حينئذ أخبرت أسرتي بذلك وانتابني شعور بأنه قد دفن، حيث اعتبرت أنه مات. إن الأمر صعب بالنسبة لي، فهو ذهب إلى الحرب ولن أراه مرة أخرى".

فاطمة، أم أحد الجهاديين الذين غادروا بلجيكا للحرب في سورياصورة من: DW/B. Riegert

رقم قياسي "للجهاديين"

ويقول معاد البودعتي من بلدة فيلفوردي الصغيرة بالقرب من بروكسيل إن كل شاب متطرف غادر للحرب يثقل كاهل أفراد أسرته ويؤثر بشكل قوي على مسار حياتهم. في بلدة فيلفوردي انضم 28 شابا لتنظيم الدولة الإسلامية. إنه رقم قياسي ليس فقط بالنسبة لبلجيكا، بل حتى على الصعيد الأوروبي. فمن هناك سافر أكثر الشباب المتطرف إلى سوريا مقارنة بأعداد المسلمين هناك.

عام 2014 بدأت بلدية المدينة في التعامل مع الموضوع وفي تطبيق مشروع لمواجهة تطرف الشباب من بين المسلمين. وكانت النتيجة أن تراجع عدد المغادرين إلى سوريا إلى الصفر.

ويشير المشرف الاجتماعي معاد البودعتي الى وجود اهتمام كبير بالشباب حاليا، حيث يتم التوسط لهم للحصول على فرص عمل ولقضاء أوقات فراغهم فيما ينفع. كما يجري الحديث معهم عن المضامين الحقيقية للقرآن، حتى لا يبقى الحديث في هذا الموضوع حصرا على السلفيين، و يعترف القائمون على المسجد بأخطائهم في عدم التعامل سابقا مع هؤلاء الشباب بشكل أفضل.

بلدة فيلفوردي القريبة من بروكسيلصورة من: DW/B. Riegert

وتحقق اليوم تقدم في مجال دروس التعليم الديني ، ويعترف المشرف الاجتماعي في لقائه معDW أنه من خلال الأخطاء يمكن التوصل إلى تصحيح المسارات، مشيرا الى أن صديقا حميما له سافر إلى سوريا قبل بضعة أعوام وقتل فيها. كل شاب في بلدة فيلفوردي يعرف فردا من أفراد العائلات الذين غادروا للحرب في سوريا. وتشكلت بين الناس الآن شبكة قوية للإنذار السريع بين الناس، تشمل أيضا معلمين في المدارس الابتدائية، تتولى إيصال أخبار النشاط الإرهابي إلى الناس.

عزل الضحايا غير مفيد

من جهته يعتبر عمدة بلدة ميشيلن الصغيرة الواقعة بين بروكسيل و أنتفيربن أنه كلما كان العمل الاجتماعي قريبا من الشباب ، كانت فرص النجاح اكبر. ويضيف العمدة بارت زومرتس في لقاء معDW :" كان حظنا سعيدا، حيث لم يغادر أي شخص من الشباب المسلم إلى سوريا أو العراق ولم ينضم أحدهم لتنظيم "الدولة الإسلامية". يجب البحث في وقت مبكر عن الذين ينساقون إلى مواقف متطرفة" كما يقول عمدة المدينة مضيفا: " ثم يجب البحث عن أشخاص من محيط هؤلاء الشباب، يتمتعون بثقتهم ويمكن التواصل بينهم وعدم عزل الضحايا عن الأسر، نحن نريد المساعدة على إيجاد روابط بين هؤلاء الشباب وكافة المجتمع."

معاد البودعتي - مشرف إجتماعيصورة من: DW/B. Riegert

وتساهم شرطة ميشيلن بشكل قوي في إستراتيجية الوقاية هذه من خلال تعاون قائم بينها وبين السكان. وتقوم الشرطة بزيارة الشباب المعرضين لمخاطر التطرف أو يتم استضافتهم لحوار. ويصرح رئيس شرطة المنطقة إيف بوغيرتس: " ما ينقصنا هم أفراد شرطة منحدرين من داخل الجاليات المسلمة" . ولذلك فهو يعمل على استقطاب موظفين من خلفية مهاجرة، مشيرا أن الوقاية من التطرف لا تنحصر في التطرف الإسلامي، بل تشمل تطرف الشباب لمواقف النازية الجديدة، كما قول المتحدث.

بارت سومرس - عمدة مدينة ميشيلنصورة من: DW/B. Riegert

ضد الإيديولوجية وليس ضد الدين

عمدة المدينة بارت سومرس يصرح من جهته أنه يجب معرفة الأسباب الحقيقية التي تدفع بأناس ولدوا في بلجيكا وكبروا وتعلموا في نظام ديمقراطي، للتوجه إلى التطرف والمواقف الديكتاتورية. ويلاحظ المتحدث أنه في يومنا هذا يمكن المقارنة بين الفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي والتطرف الاسلاموي أو السلفية ويضيف:" يجب أن نفهم أن الكفاح ليس موجه ضد الدين ولكن ضد إيديولوجية. هناك مخاطر في كل مكان. إنها حرب سياسية بين الإنسانية والديمقراطية من جهة وبين الاستبداد من جهة أخرى. ولذلك يجب العمل على استقطاب عقول وعواطف الشباب". ويؤكد العمدة أن مدينته متعددة الثقافات ويجب الاعتراف بذلك، مشيرا إلى أن الجالية المسلمة تدرك أيضا المخاطر وتتعاون هي الأخرى جيدا في هذا الإطار وقال: " توجد بيننا علاقات متفتحة وثقة، وتعمل المساجد أيضا على منع التطرف، ثم إني لا أتعامل مع الناس فقط على أنهم مسلمون، بل كمواطنين في مدينتي".

الوقاية من التطرف لم تنجح في مدن بلجيكية أخرى كما في ميشيلن.فقد غادر حوالي 500 بلجيكيا بلادهم للحرب في سوريا، وقد رجع عدد منهم إلى البلاد. " إن ذلك يشكل خطرا" كما يقول رئيس شرطة ميشيلن. العديد منهم تجمعوا في مدن كبيرة مثل بروكسيل أو آنتفيربن. بعض البلدات مثل مولنبيك في بروكسيل لم تنتبه الى المخاطر إلا في وقت متأخر.

أما بالنسبة للسيدة فاطمة، أم المقاتل الأجنبي في سوريا فإنها تنشط منذ مغادرة أبنها إلى سوريا قبل سنتين في أحد المشاريع الهادفة إلى مواجهة التطرف. وهي تكتفي برواية قصتها وقصة أسرتها كلما سنحت لها الفرصة بذلك ورغم عدم معرفة مصير أبنها فإنها تسعى إلى توضيح مفاهيم خاطئة، رغم صعوبة موقفها كأم. وهي غاضبة عليه بالكامل. فعندما قالت له مرة خلال اتصال هاتفي أن ما قام به يؤدي بها إلى الموت أجاب قائلا: "لقد فعلت ذلك من أجلك وعند موتي سنلتقي في السماء." فكان جوابها: "سآخذك بنفسي إلى جهنم. ألا تعلم أن الإسلام يوجب احترام الوالدين. لقد أحزنتني بالكامل".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW