قد تكون الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز غير موجودة في القريب العاجل في هذا البلد، كما الإصابات بالجدري أو شلل الأطفال. ومع ذلك، لا يتشجع علماء الأوبئة فيه على الإعلان عن القضاء على المرض.
إعلان
المكتب الفدرالي السويسري للصحة العامة هو رائد عالمي في مكافحة الأوبئة التي تقتل الملايين. وليس في الوقت الحالي فحسب، بل سابقاً أيضا مع انتشار فيروس نقص المناعة المكتسبة في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، كما ذكرت صحيفة "نيو زيوريشر تسايتونغ" السويسرية.
وعدت الصحيفة المكتب الفدرالي السويسري للصحة العامة بأنه كان يعتبر "ذا رؤية" تجاه الوباء، وذلك عندما وضع حملة إعلامية رائدة وناجحة لمنع انتشار الفيروس. ثم انخفض عدد الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية في سويسرا بعد الحملة، واعتمدت دول أخرى القواعد الجنسية الأكثر أمانًا التي طورها المكتب الفدرالي السويسري للصحة العامة.
وفي عام 2008 وضعت سويسرا حجر أساس رائد وجديد في تاريخ مكافحة الإيدز، عندما أعلنت أن الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والذين عولجوا بالعقاقير المضادة "للفيروسات القهقرية" لم يعودوا معديين ولا يمكن أن يكونوا مصابين بالفيروس، ويمكنهم ممارسة الجنس دون واق ذكري. الكثير من السلطات الصحية في بلدان أخرى اعتبرت هذا التصرف بأنه غير صحيح، لكن أثبتت الأيام صحة الخيار السويسري، حسب الصحيفة.
مرت 40 عامًا بالضبط على أول حالات الإصابة بالإيدز في سويسرا. والآن سيكون لديها فرصة جيدة لأن تكون أول دولة في العالم تهزم تمامًا فيروس نقص المناعة المكتسبة، وتقليل عدد الإصابات الجديدة إلى الصفر. وهذا الهدف ليس بعيد المنال، إذ انخفض عدد الإصابات في عام 2020 في سويسرا إلى 290 حالة فقط، أي أقل بـ 130 عن عام 2019.
استراتيجيات لمواجهة الإيدز
04:30
أدوية "الوقاية قبل التعرض"
وتلعب استراتيجية "الوقاية قبل التعرض" دوراً مهما في منع انتشار الفيروس، وهي استعمال الأدوية لمنع حدوث مرض للأفراد الذين لم يتعرضوا سابقاً للعامل المسبب للمرض. ويتحدث الخبراء عن "عامل تغيير حقيقي لقواعد اللعبة ضد الإيدز".
وهذه الاستراتيجية مخصصة للأشخاص غير المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والذين لديهم مخاطر متزايدة للإصابة بالعدوى أثناء الاتصال الجنسي - وخاصة المثليين - ولا يرغبون في استخدام الواقي الذكري.
وتوفر الحبوب حماية موثوقة للغاية ضد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. قبل بضع سنوات كانت لا تزال تكلف حوالي 900 فرنك شهرياً (نحو 852 يورو)، لكن منذ ربيع عام 2021 أصبحت أرخص بكثير. ويكلف الدواء العام حالياً 60 فرنكاً فقط (نحو 57 يورو)، حسب الصحيفة السويسرية.
وتقبل شركات التأمين العمومية في ألمانيا بتحمل تكاليف هذه الأدوية، أما سويسرا فمازال التأمين العام لا يدفع تكاليفها. وهناك مطالب الآن بتحمل ثمنها أيضا من قبل التأمين العام في سويسرا.
ونقلت صحيفة "نيو زيوريشر تسايتونغ" السويسرية عن يان فيهر وهو نائب رئيس اللجنة الفيدرالية السويسرية للأسئلة المتعلقة بالأمراض المنقولة جنسياً وأخصائي العدوى والأستاذ بجامعة زيورخ، قوله: "لا يستطيع كل شخص يعيش في سويسرا شراء العقار مقابل 60 فرنكًا - أو قد يتخذ قرارًا ضده إذا كانت الأموال شحيحة".
الفقر هو بالفعل عامل خطر للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. "لذلك نتجاهل بالضبط أولئك الذين يحتاجون إلى الدواء الواقي بشكل عاجل".
ورغم البحوث المستمرة والتقدم الكبير في مجال العلاج والوقاية من الفيروس الخطير، إلا أن المكتب الفدرالي السويسري للصحة العامة يشير إلى موعد القضاء النهائي على الإيدز سيكون واقعياً بحلول عام 2030، وهو ما يوافق رؤية منظمة الصحة العالمية.
ويقول المكتب الفدرالي السويسري بهذا الصدد "إذا كانت دولة ما على المسار الصحيح لتحقيق أهداف القضاء على فيروس نقص المناعة البشرية، فهي سويسرا - بغض النظر عن وضع جائحة فيروس كورونا". و
مع ذلك، من الواضح أن القضاء الكامل على الفيروس بشكل أسرع ليس من أولويات المكتب الفيدرالي. وبدلاً من ذلك، يشير إلى أهداف البرنامج الحالي المتمثل في "تقليل عدد الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً، بالإضافة إلى التهاب الكبد B وC المنقولين عن طريق الاتصال الجنسي".
ز.أ.ب/ أ.ح
حقائق وأرقام مخيفة عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسب
أثرت جائحة كورونا على الجهود الدولية لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة والإيدز وسط مخاوف من ارتفاع عدد المصابين وحالات الوفاة. فما هو هذا المرض؟ وما هي علاجاته حتى الآن؟
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
ما الفرق بين فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز؟
يدل الرمز HIV على فيروس نقص المناعة المكتسب، الذي يدمر خلايا معينة من الجهاز المناعي. بدون علاجه يمكن لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفطريات أو الفيروسات مهاجمة الجسم. فيُصاب بالأمراض المختلفة كالالتهاب الرئوي الحاد. وهنا يصبح الإنسان مريضاً بالإيدز. لا يموت المريض بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لكن بسبب أحد هذه الأمراض التي لم يعد الجسم قادراً على مقاومتها.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/B. Coleman
متى شُخصت الإصابة الأولى؟
رغم الكثير من التكهنات والنظريات عن تاريخ المرض، وبعضها لا يخلو بالتأكيد من نظرية المؤامرة، فقد تم تشخيص أولى حالات الإصابة بالإيدز في الخامس من حزيران/ يونيو 1981 عندما اكتشفت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية عدداً من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية لدى خمسة رجال من المثليين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Goldsmith
هل ما زال المرض قاتلاً؟
في الثمانينات لم يكن هناك أي أدوية لعلاج العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، فقد كانت الإصابة به تعني عملياً الإصابة بالإيدز، وكان تشخيص "فيروس نقص المناعة المكتسب" معادلاً لـ "الحكم بالموت". عمَّ حينها الخوف من وباء حقيقي. وفي منتصف التسعينات ظهرت أولى الأدوية في السوق، وكان بمقدورها أن تبطئ تطور المرض على الأقل رغم آثارها الجانبية الخطيرة.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
ما حجم خطر العدوى؟
الفيروسات هي المسؤولة عن العديد من الأمراض المعدية لدى الإنسان، بعض الفيروسات كفيروسات الأنفلونزا يمكنها أن تنتقل بسرعة كبيرة نسبياً، ويكفي أحياناً التعرض لسعال الآخرين في الباص مثلاً لانتقال العدوى. لكن انتقال فيروس HIV أكثر صعوبة، إذ لا ينتقل بالتقبيل أو السعال أو استخدام المرحاض ذاته مع مصاب.
كيف تحصل العدوى؟
لا يداهم خطر الإصابة بالفيروس إلا عندما تدخل سوائل الجسم المحتوية على كمية كبيرة من الفيروسات إلى جسم شخص آخر. ويحدث ذلك تقريباً في حالات ثلاث: ممارسة الجنس، وبالحقن الملوثة بدم المصابين عند تعاطي المخدرات مثلاً، وأثناء الحمل والولادة أو الرضاعة الطبيعية من الأم الحاملة للفيروس.
صورة من: picture-alliance/dpa
هل يمكن الشفاء منه؟
فيروس نقص المناعة المكتسبة ما يزال غير قابل للشفاء، لكنه قابل للعلاج. هناك أدوية فعالة تحدد من نشاط هذا الفيروس في الجسم وبالتالي تمنع ظهور الإيدز. هذه الأدوية لها أيضاً آثار جانبية أقل من سابقاتها، لذلك يمكن للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة اليوم أن يعيشوا حياة طبيعية بمتوسط العمر المتوقع. لكن يبقى من المهم الكشف عن العدوى والمعالجة بالدواء في الوقت المناسب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Farrell
كيف تؤدي الإصابة إلى الوفاة؟
هنا تكمن المشكلة، إذ ما يزال هناك العديد من الأشخاص المصابين في العالم الذين لا يتلقون أي دواء. وبدون المعالجة يؤدي فيروس نقص المناعة المكتسب في النهاية إلى الوفاة. ما تزال هناك العديد من الإصابات التي لم يتم التعرف عليها بعد، سواء كان ذلك بسبب عدم ذهاب الشخص إلى الطبيب أو بسبب عدم تفسير الأعراض بشكل صحيح أو بسبب عدم وجود طبيب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Tabassum
الحاجة لمزيد من التوعية
... من جانب آخر ما تزال حكومات بعض دول العالم وأنظمتها تقلل من مشكلة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز أو تغلفها بصمت مطبق لأسباب سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو أخلاقية، لتحرم المصابين من فرصة الحصول على العلاج.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
كم عدد المصابين بالفيروس حول العالم؟
كشف برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز أن جائحة كورونا يمكن أن تؤدي إلى رفع عدد المصابين بنحور 293 ألف إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة وما يصل إلى 184 ألف حالة وفاة بين مرضى الإيدز. ووفقاً للإحصائيات الأممية العام الماضي كان هناك نحو 700 ألف حالة وفاة بسبب الإيدز عام 2019 ونحو 1.7 مليون إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
90-90-90
كان من المقرر أن يكون هذا العام علامة فارقة في مكافحة الإيدز من خلال تحقيق أهداف استراتيجية "90-90-90"، أي 90 بالمئة من المتعايشين مع الفيروس، 90 بالمئة من المصابين يتلقون العلاج وانخفاض الحمل الفيروسي لدى 90 بالمئة ممن يتلقون العلاج، لكن المساعي الدولية تأخرت في تحقيق تلك الأهداف، ثم جاءت جائحة كورونا لتهدد بالكثير من المكاسب في مكافحة الإيدز.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Bo Bo
دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف
أعلنت وكالة مراقبة الأمراض التابعة للاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية مؤخراً أن أوروبا الشرقية باتت تشهد ارتفاعاً في حالات فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب غير المشخّصة، وسط دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف عن هذا الفيروس المسبّب للايدز. وتشمل المنطقة التي يغطّيها المكتب الأوروبي 53 بلداً، من بينها روسيا ودول عدّة في آسيا الوسطى حيث سجّل أيضا ارتفاع مقلق.